أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العامري - الجرح الأيزيدي المُتَّسِع كضفتَي الفرات















المزيد.....

الجرح الأيزيدي المُتَّسِع كضفتَي الفرات


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2012 - 2007 / 8 / 19 - 00:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعالوا معي لنتحدَّثَ قليلاً .
فشلالاتُ الدماء البريئة تستقبلها الأرضُ – الأم – في أحضانها بكلِّ أسفٍ وخجلٍ وحزنٍ .
تعالوا نسأل أنفسنا السؤال المؤلم التالي :
الى أيِّ شيءٍ يفتقر العراقي اليوم ؟ ما هو العنصر الحيوي الذي هو بحاجة ماسة اليه اليوم ؟
لا يختلف إثنان في أننا بحاجة أولاً وقبل كلِّ شيءٍ الى السلام .
كلِّ الأديان تدعو الى السلام ولكن لا توجد ديانة على الأرض – حسب علمي - أعلتْ من قيم السلام أكثر مما أعلتهُ الديانة الأيزيدية . والصلاة الأيزيدية بمجملها سلام .
إننا كمسلمين نتلو آيات القرآن العابقة بالسلام عند الصلاة ولكننا ما أن نفرغ من صلاتنا حتى نفرغ من سلامنا ! , هذه حقيقة أسطعُ مَن جسَّدها بتفانٍ هم أصحاب التيار الإسلاموي التكفيري اللعين , وأقول اللعين رغم أنّ الديانة الأيزيدية لا تجيز اللعن , نعم , إنها لا تجيز اللعن على الأقل من جهة بعض نصوصهم الدينية الضاربة في القدم , فقد تكون أملاً بتوبة الفاسق والفاسد , وأيضاً تصوّرهم أنّ العالم تؤثِّر فيه بشكلٍ فاعلٍ الى جانب قوة الخير قوةُ شرٍ وبما أنها قوة علوية لذا لا يجُاز لعنُها , وفي الإسلام ما هو قريب من هذا إذْ يقول العديد من المجتهدين الإسلاميين بأنَّ الله خلق الخير وخلق الشرَّ أيضاً ! ولديهم ما يعتقدونه الدليل او الحجّة على ذلك فالله خالق كلِّ شيء .
وطبيعيٌّ أنّ أصحاب الديانة الأيزيدية اليوم لم يعودوا يهتمون بهذه الأمور ويعتبرونها أمراً غير جوهري , بل إنّ الكثيرين لا يمارسون طقوس دينهم اليوم غير أنهم كشأن أي إنسان آخر ليس بوسعهم التنكُّر لماضيهم لأنه ببساطة هويتهم , ومَن يرضى بالعيش دون هوية ؟
وصحيحٌ أنّ دينهم ليس كالإسلام من ناحية أنه غير تبشيري – وبالمناسبة هذه النقطة تصبُّ في مصلحة الإسلاميين التقليديين فطالما أقلقتهم البعثاتُ التبشيرية الأوروبية المسيحية الى أفريقيا وأمريكا الجنوبية وغيرهما ! - ولكنَّ الإسلاميين لا يعترفون بهذا الفضل للأيزيديين فهو غير مقصود , والأصل في أيِّ عملٍ هو النيّة !
ومن دعاة الإسلام السلفي هؤلاء هناك ثلُّةٌ من الشيعة كذلك يكفرِّون الشارد والوارد ! إنهم في الغالب لا يفصحون بذلك أمام الإعلام ولكن فليحاولْ أحدُنا الإستماع اليهم داخل حُسينياتهم , بل إنهم يكفِّرون الفرد اذا كان مسلماً سُنيّاً فكيف اذا كان هذا الفرد مسيحيّاً او أيزيديّاً !؟ إنني لا أعرفُ من أعماق أيِّ الكهوف الرطبة المظلمة خرجوا الينا وهل لهذا السبب تجدهم لا يتحدّثون الى الناس بألسنتهم ككل البشر الأسوياء خوفاً من بروز أنيابهم لذا يعمدون الى حوار المفخّخات ؟ او هل هم يعتمرون العمائم لإخفاء قرونهم الطويلة ؟
ومنهم صنفٌ آخر يقف من هذه الناحية على الطرف النقيض فشيخُهم يُطِلُّ من إحدى الفضائيات ليقول متباهياً : أصبح لدينا الآن ثلاثة آلاف من المواقع التي تحمل اسم فاطمة الزهراء . ولا أدري وفقَ أية نظرية حداثوية استطاع المقاربة بين ظلاميَّتهِ وبريق شاشة الحاسوب !
هذا ديالكتيك لم أسمع بهِ من قبل !
لهذا المُتَخلِّف الذي لا يخجل ولمن هُم على شاكلتهِ من الذين إستعاضوا عن هَمِّ نشدانِ الخلاص للعراق وتقدِّمهِ ورفعتهِ ببثِّ سموم التفرقة والتربّص بالأبرياء وقتلهم أقول :
كلُّ ما باستطاعتكم فعلهُ هو أن تقتلوا العُزَّلَ من أبناء وطنكم بدمٍ أبردَ من الصقيع
أمّا اذا كان المحتلُّ يقتلُ أيضاً فهو أجنبي وإلاّ فما تأثيرُ أيزيديٍّ بسيط على مجريات سياسة البلد لكي تبيحوا دمَهُ كما كان صدام حسين قد روَّجَ بأنّ الأيزيدي هو أموي !؟
ليؤلِّب الشيعي البسيط ضده .
إنهم يقولون عن الأيزيديين وهم أحد المكوِّنات العريقة للشعب العراقي بأنهم كفرة !
حسناً , لكن دعونا ننظر الى هذه المسألة من جانب أكثر وضوحاً ومليءٍ بالمفارقة والعجبِ في آنٍ واحد وهو أنني مثلاً لو قرأتُ الآن النصَّ التالي على أيِّ مسلمٍ فإني متأكِّد أنه سرعان ما يقول لي : جميلٌ وبليغٌ وشجيٌّ هذا الذي تتلوه , والنص التالي هنا مُوَجَّهٌ الى الله : ( باسم الله المقدس الرحيم الجميل . إلهي لعظمتك ولمقامك ولملوكيتك ، يا رب أنت الكريم الرحيم ، الإله ملك الدنيا , جُملة الأرض والسماء ، ملك العرش العظيم )
ولكني ما أن أُفصِحَ عن طبيعة هذا النصِّ وجذرهِ حتى يبدأ المسلم العادي بالتعوُّذ والإستغفار فيصبح النصُّ هنا بشعاً وركيكاً وثقيلاً !
ألا تلاحظون أنَّ القضية تغدو هنا مزاجية مُشبَّعةً بالأهواء ولا علاقة لها بالمنطق وأنَّ ما كان بليغاً غدا بقدرة قادرٍ ركيكاً ؟ , بلى ! وما هذا إلاّ لأنَّ المسلم الذي استمع الى هذا النصِّ الديني فخفقَ له قلبُهُ في البدء , عرفَ في الختام أنه نصٌّ مُقدَّسٌ يُتلى في صلاة الفجر الأيزيدية اليومية !
وكلُّ الذي فعلتُهُ انا هو أني أزلتُ اسم ( يزدان ) الذي يأتي مباشرة بعد : الله المقدس .
وهُم يعنون بـ ( يزدان ) الله تعالى ويزدان هو النور , وفي القرآن : ( الله نور السموات والأرض )
واذا سمّى الأيزيديون الخالق ( يزدان ) فالتسمية ليست ذات أهمية في هذا المجال فالأيزيدية ديانة توحيدية وليست كما يهذي البعض بالقول أنّ أصحابها يعبدون النار , كما أنَّ اسم ( الله ) معروف في الأديان التوحيدية ويُلفَظ كما هو .
إنَّ الدين - أي دين - جاء دون شكٍّ لخير الناس , فلا موسى ولا عيسى ولا بوذا ولا وماني ولا سواهم من الأنبياء
مجَّدَ الظلم وكرَّمَ الكذّاب وأثنى على الرذيلة , والرسالة الإسلامية أخذتْ من هذه المنابع الحيّة مثلما أخذت من الزرادشتية والأيزيدية والكونفوشيوسية وغيرها تصوُّراتٍ وقيماً وأضافت عليها أضافات مهمة بحكم التلاقح الحضاري التأريخي وكلَّ هذه الحضارات – الديانات الشرقية –
أدّتْ رسالتَها من أجل خير الإنسان , وبفضل متنوِّريها عِبْرَ القرون وَهُمْ كثرٌ ترى الفرد الهندي البوذي اليوم مثلاً عندما يعرف أنك مسلم او يهودي او مسيحي فإنه في الغالب لا ينسى أن يذكر هذه العبارة المألوفة : الله واحد ولكن سُبُل الوصول اليه مختلفة . وما زالت هذه الجملة البسيطة تؤدّي دورها السحري الجميل في نفوس البشر من أغلب الأديان ولكن اذا جئنا الى الإسلام واليهودية اليوم فإننا نرى الهول فما زال ضيق الأفق هو السائد لدى الكثير من معتنقي هاتين الديانتين وهو دون شك ليس من صلب الإسلام ولا اليهودية فأمّا اليهودية فهي لأسباب تأريخية كانت وما زالت ديانة وقومية لجماعة معينة من البشر , تُشابهُها الأيزيديةُ من ناحية اقتصار الإيمان بها على فئة معينة تربطها رابطةُ الدم ولكن تفترق عنها في كون الأيزيدية ليست قومية وإنما ديانة متسامحة وسلمية وهي دينُ محبة , واذا كنتَ تكره المحبة ! فهذه هي عقيدتهم وهي تقبل بالمعتقدات الأخرى إيماناً وممارسة بل وتدعو الى احترام مقدّسات الأديان الأخرى ولكن الكثير من أرباب اليهودية في هذا العصر جعلوا ديانتهم أقرب الى السياسة منها الى الدين بل أصبحت كثيراً ما تتلوَّن بنزعات عنصرية وما السبب في ذلك سوى تعقيدات الإحتلال غير العادل لفلسطين .
ومن الباحثين الذين أهتموا بالتأريخ الأيزيدي بشكلٍ مُلفتٍ الباحث العراقي رشيد الخيّون الذي أفردَ فصلاً من موسوعتهِ ( الأديان والمذاهب في العراق ) مُنَقِّباً في هذا التأريخ وكذلك المؤرِّخ وعالم الآثار طه باقر وغيرهما
والآن !
وقد حاولتُ قليلاً أنْ أبيّن أنّ الأيزيدي العراقي الفرد لديه قناعة راسخة بأنْ لا خلاص للبشر ولا سبيل للسلام والخير والحق والعدل إلاّ من خلال التسامح نجد هذه النقطة البسيطة جداً ما زالتْ بعيدة كثيراً عن المنهج الإسلامي ( التطبيقي ) خاصةً في عراق اليوم
وحسبكَ أن تلاحظ الأيزيديين الأبرياء في مدينة سنجار حيث راح منهم قبل فترة قصيرة جداً أكثر من 200 فرداً ضحية لتمسكهم بعقيدتهم وما توارثوه عن أجدادهم من قناعات و شعائر هي عراقية أصيلة وما قدِّموا من أجله عبر تأريخهم من دمٍ وقوافلِ نزوحٍ وتهجير تُؤلم قلوبَ المؤمنين بهذا الدين أكثر من سواهم لأنّ تقديس المكان من صلب عقيدتهم .
هذا هو المسلم اليوم , ولم يقف حائلاً او رادعاً لهذا النزيف المحزن أنَّ الطرفين هُما أكرادٌ أي أخوة , والإمام علي الذي له في كلِّ موقفٍ قولٌ أخلاقيٌّ مأثور , يقول قولاً ننساه بالسرعةِ التي ننسى بها أنَّ لنا ضمائر : ( الناس صنفان ، إمّا أخٌ لك في الدين ، أو نظيرٌ لك في الخلق ) ولكن هذا ما تفتَّقتْ عنه أدمغةُ منتسبي القاعدة الفاسدة ودعموا المناصِرين لهُ : القتل والقتل الى يوم يُبعثون !
وأخيراً : الأيزيدية كمفردةٍ تعني الروح الخيِّرة , هذا ما يقوله المتخصِّصون باللغات القديمة وما تمكنوا من قراءتهِ في الألواح السومرية الطينية , ويؤكِّدون كذلك أنَّ الأيزيدية أقدم من الديانة الزرادشتية والمسيحية , أمّا عن نفوس معتَنِقيها فيُقدِّر البعض أنهم اليوم بحدود النصف مليون ويتوزَّعون في العراق وسوريا وتركيا وعلى حدود روسيا .



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواوي تحتَ إبط فاضل العزاوي !
- رِقَّةُ عفريت !
- حديث المواسم
- اليكَ بغداد
- سعدي يوسف والصداع الأمريكي !
- رباعياتٌ مُهاجرة
- واحة الكوابيس !
- لا خَفْقَ للحِدَأة
- إنْ كنتُ أُسيءُ فأنتَ تُضيءُ !
- لها سأقول
- مِن شجون الأسماء وجرائرِها
- دخلتُ حقيبتي كي أستريح !
- قرارُكِ لا قراري
- دار حضانة الأيتام – مقبرةُ أزهارٍ جماعية
- موسيقى وأفكار
- على صهوةِ دَيناصور
- هل انهارَ الإتحاد السوفيتي ؟!
- حوارات فكرية وسياسية واقتصادية مع الدكتور كاظم حبيب
- أبكيكَ كي تزعلْ !
- مباهج انضباط الحارثية


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العامري - الجرح الأيزيدي المُتَّسِع كضفتَي الفرات