|
مذبحة وأبادة جماعية في سنجار
عادل حبه
الحوار المتمدن-العدد: 2011 - 2007 / 8 / 18 - 10:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إنحطاط أخلاقي لمرتكبيها، ولمن يدافع عن جرائم لـ "مقاومة" شريرة لوحة لمأساة سنجار
لا يمكن أن نصف المجزرة المروعة في سنجار، التي راح ضحيتها المئات من العراقيين المسالمين الطيبين من أبناء الطائفة الإيزيدية، والتي إرتكبها من فقد كل المعايير الأخلاقية، إلا جريمة من جرائم الإبادة الجماعية وجريمة ضد الإنسانية والمدانة دولياً. إن هذه الجريمة البشعة تذكرنا بجرائم النظام السابق وقبوره الجماعية، بل وتكرار وإستمرار لها، وتستحق المتابعة الجدية والتحقيق من قبل السلطات الرسمية. فعلى الحكومة والرأي العام العراقي وكل من يدين نهج الإبادة الجماعية تعقب مسببيها من العراقيين وفلول النظام السابق والعصابات الإرهابية الدولية، أو من الجهات والدول الإقليمية التي تصر على سياستها في دعم الإرهاب والقتل الموجّه ضد العراقيين وعرقلة إستقرار الوضع في العراق. إن هذه الجريمة المروّعة لتعكس قصور واضح على جميع الأصعدة من قبل الجهات الرسمية العراقية ومن منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية العراقية في التصدي للوضع الخطير في العراق. فالحكومة تتعثر في إستكمال قوامها وتشكيلها. وبذلك فهي لا تتقدم بصورة سريعة وحثيثة على طريق بناء قواتنا المسلحة، أو على طريق الإعمار والبناء. كما أنها تتردد وتخضع للإبتزازات والأسافين التي تضعها أطراف معروفة تشارك في الظاهر في العملية السياسية. وهكذا أضحت الحكومة غير قادرة على الإسراع في إستكمال قوام القوات المسلحة، رغم الجهود النبيلة التي يبذلها أبناء هذه المؤسسة، ولا تتقدم بخطوات سريعة على طريق إعادة بناء البلاد المخربة، رغم جهود الخيرين هنا وهناك. فهذا التعثر يخلق أفضل أرضية لإنتعاش الأشرار والإرهابيين وفلول النظام السابق الذين يجدون في الفئات الهامشية والعاطلة عن العمل وأشباه البروليتاريا والفئات المشوهة إجتماعياً خير أدوات للقيام بكل هذه الأعمال الشررة. أما بعض الأطراف السياسية فليس لها من "إبداع ومهارة" سياسية سوى موضة الإنسحابات من الحكومة أو تعليق مشاركتها فيها، والتي لا تصب الا في خانة تشجيع القتلة وعصابات الجريمة على التمادي في غيهم وتدميرهم للبلاد. إن موضة الإنسحابات التي إقتبسوها من أقرانهم اللبنانيين، لا تجلب لهم أكاليل الغار ولا ترفع من مكانتهم ولا تحقق طموحاتهم السياسية الذاتية، وبالتالي لا تحقق الأمان والإستقرار للعراقيين. ولنا في المثل اللبناني خير دليل على خطل سياسة الإنسحابات التي لم تفرّخ الا "فتح الإسلام وعصابة العبسي". وينبغي على الحكومة إتباع سياسة خارجية نشطة في إتجاه ردع الأرهاب وفضح مموليه أو مناصريه، أو من يدعم ويوفر التسهيلات لكل التيارات العبثية والميليشيات المسلحة وفلول النظام السابق في الدول المجاورة. فلا تفهم هذه الجهات الإقليمية وغير الإقليمية سكوت أو تجاهل الحكومة وحتى بعض الأوساط السياسية العراقية عن هذه الجهات الاّ بمثابة ضعف لدى الحكومة والعراقيين ومصدر قوة لها مما تستخدمه للضغط والإبتزاز. فمن غير المفهموم أن تصمّ الحكومة والأحزاب السياسية آذانها عن تصريحات لبعض المسؤولين في دول إقليمية عن تحويل العراق الى "ملعب رئيسي " لهم، أو تصريح قطب في بلد آخر يقول فيه "أن على أمريكا أن تحل مشاكلها معنا كي تحل مشاكلها في العراق"!!. فما هو ذنب العراقيين في كل هذا التجاذب البائس، ومن يتحمل مسؤولية هذه الضحايا الغالية للعراقيين وبضمنها المجزرة الجماعية الأخيرة في سنجار. ولا يتخذ العراقيون الخطوات الضرورية لفضح الإرهاب ومن يمولهم ومن يدوّن المقالات المملة التي تطغي على شبكات الإنترنت أو على الفضائيات المفلسة أخلاقياً، والتي تتستر على الجرائم البشعة في العراق، وهي بذلك تساهم في ترويج الجريمة. كما لا تبذل جهوداً مناسبة ضد من يصر وفي الصحف وأجهزة الإعلام والأقلام الصفراء على وصف هذه الجرائم بـ"المقاومة المشروعة". فأية مشروعية في إبادة أكثر من 600 شخص دفعة واحدة وبرمشة عين في سنجار وتحويل مساكن أهاليها الطيبين الى أنقاض؟ ولماذا لا تقام دعاوى على من يكتب هذه المقالات، وهم جميعهم يتنعمون بخيرات البلدان الأوربية، التي لها قوانين تعاقب من يروج لهذه الجرائم. أين حكومتنا ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي لديها فروعها في الخارج والحقوقيون العراقيون، الذي يدافع بعضهم في الشتات عن هذه الجرائم، من هذه المآسي ؟ ولماذا لا تقام الدعاوى الحقوقية على هؤلاء من أشباه الكتاب المحرضين على الجريمة و إحالتهم الى القضاء العادل؟. على الحكومة وكل الحركات السياسية وكل الخيرين العراقيين أن يبذلوا كل جهودهم الخيرة في المجال الفكري والسياسي لتبديد فتاوى الشر التي يطلقها أرباب دين الأرهاب وهزيمتهم. وعليهم بالقدر ذاته دحر النزعات الطائفية المذهبية في العمل السياسي والتي تشكل الأرض الخصبة لإنتعاش ميول وطغيان العنف والإرهاب. لتبقى النزعات الطائفية إعتقاداً ذاتياً للفرد وليس واجهات سياسية للأحزاب والحركات السياسية. فالواجهة الطائفية المذهبية السياسية المدمرة الشائعة الآن في العراق لا تتنكر للهوية العراقية الجميلة فحسب، بل وتشكل أفضل أرضية للأرهاب ونزعات التكفير الإجرامية. فالبعض لا ينشر بيانات عن إنقاذ العراقيين الذين يتعرضون جميعاً الى الإبادة، بل يلعلع صوتهم في الدفاع عن أما "السنّة" أو "الشيعة"، ولا يدافع عن كل العراقيين. إن على الأحزاب الطائفية التفكير جدياً بالتخلي عن الهوية الطائفية في نشاطها والتمسك بالهوية العراقية بكل ألوانها الزاهية وتدافع عن كل العراقيين، كي تستطيع تقديم برامج اقتصادية واجتماعية عراقية، لا "سنيّة ولا شيعية"، تعين العراقيين على الخروج من أزمتهم. إن جريمة الإبادة الجماعية لأبنائنا الطيبين في سنجار هو مثل بارز على فشل أرباب "المقاومة" و"الإرهاب" في دفع العراقيين الى نفقهم المظلم. إنه لدليل على إفلاسهم أخلاقياً وسياسياً، وعلى عدم قدرتهم على قهر العراقيين بحيث راحوا يتوسلون بالغدر والجريمة التي لا تحقق مآربهم. اللعنة كل اللعنةعلى القتلة ... والمجد كل المجد لصمود العراقيين الأيزيديين رغم جراحهم وآلامهم، فهم المنتصرون .. وليس مرتكبو القتل والدمار ومثيرو الفتنة. 17/8/2007
#عادل_حبه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوز الفريق العراقي هو الآخر -باطل-!!
-
انتصر الفريق العراقي وإنهارت المحاصصة الطائفية
-
تجمع مشبوه و-لملوم- مصيره الى مزبلة التاريخ
-
كوراث وزراء المحاصصة
-
الإرهاب واحد، والموقف منه ينبغي أن يكون واحداً أيضاً
-
هل -أشرف- مدينة عراقية؟
-
مقاومون أم سفلة وصعاليك؟
-
دراما قراقوشية
-
مناقشة لمسودة ورقة العمل المقدمة الى المؤتمر الوطني الثامن ل
...
-
هل هناك حاجة لأسس جديدة للتشكيلة الوزارية في العراق؟
-
الإرهاب سرطان مدمر ينبغي إجتثاثه
-
رفيقاتي ورفاقي الاحبة مندوبوا المؤتمر الوطني الثامن للحزب ال
...
-
سيبقى تموز وعبد الكريم قاسم يحيان في وجدان العراقيين
-
ما هو سر هذا التوقيت في الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي
-
الصين : التخلي عن نهج حرق المراحل
-
الذكرى الرابعة لإنهيار الديكتاتورية والغزو الأمريكي وحلفائه
...
-
إصابة بداء عمى الالوان، أم تصدع في القيم والضمير والوجدان
-
خامنئي - أحمدي نژاد على خطى صدام حسين
-
العراقيون بيدهم مفتاح الخروج من نفق القتل والدمار - 2
-
العراقيون بيدهم مفتاح الخروج من نفق القتل والدمار
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|