أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهير كاظم عبود - نظرية الخوف والتخويف في العراق















المزيد.....

نظرية الخوف والتخويف في العراق


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 615 - 2003 / 10 / 8 - 04:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



يخطيء من  يظن أن الأعمال الأرهابية والعمليات الجبانة   ضد أمن وأستقرار شعب  العراق ستنتهي برحيل القوات الأجنبية ، أو بأقرار الدستور وأنتخاب البرلمان وقيام الحكومة الشرعية المنتخبة .
أن مايحدث في العراق هو نتاج الحقن الأجتماعي المدمر لشرذمة  الحياة في العراق  والذي  قامت به وخططت له  السلطة البائدة طيلة الزمن التي تسلطت به على العراق .
أن مايحدث هو النتيجة الطبيعية للتصادم الحضاري بين قوى الخير والشر ، وبين تطلع الناس الى مستقبلهم وبين الحثالة الفكرية والرواسب والشوائب التي تمثلها عقلية سلطة  صدام حسين التي بثها في عقول البعض من الناس ، وزرعها في قلوبهم ووظفهم على اساسها .
خمسة وثلاثين عاماً وصدام يوظف أجهزة الأمن والمخابرات والأستخبارات والأمن الخاص لصالح مسألة أرهاب المواطن العراقي وأذلاله ، ويمعن أولا وقبل كل شيء في سبيل أذلال منتسبي هذه الأجهزة  مهما كانت منزلتهم ودرجة اهميتهم ، فكل عنصر من عناصر هذه الأجهزة مهان وذليل أمام سلطة صدام وعائلة صدام ، وهذا العنصر المهان يعكس أذلاله وأهانته على الناس بموافقة السلطة .
يستطيع أي عنصر من هذه العناصر أن يستدعي من يشاء من الناس دون قضية ، ويستطيع أيضاً أن يقتاد من يشاء دون أمر ، لابل يستطيع أن يوقف ويحجز من يشاء دون تهمة ودون قرار من قاضي ، ويستطيع أن يقوم بتعذيب أي مواطن حتى دون تهمة أو حتى  شبهة.
فالمواطن العراقي مرعوب من أسم الجهاز الأمني  ، مثلما مرعوب من كل شخص يعمل ضمن هذه الأجهزة ، مجرد حالة الرعب تثير الأطمئنان والرضا في عقل صدام وسلطته ، مع أن صدام لايمكن أن يطمئن قطعاً لعناصر هذه الأجهزة مطلقا بل يحتقرها اصلاً  ، وهو يريد نشر الرعب داخل الأجهزة الأمنية وداخل المجتمع العراقي سوية وهذا الأنتشار يحقق له غاية نفسية من الأطمئنان في عملية الترويع المتبادل بين المواطن والجهاز الأمني .
ثمة حقن كثيرة يتم أدخالها في عقول القائمين على هذه الأجهزة وعلى العناصر العاملة فيها ، منها أن المواطن العراقي مرعوب لحد الخرافة من هذه الأجهزة وهو بالتالي يكتفي شرها ويحاول الأبتعاد عن كل مايثيرها أو يستفزها ، ويحسب لها ألف حساب حين يتعلق الأمر بقضية أو معلومة أو أشارة منها تجاه هذا المواطن أو عائلته ، ولذا صار مجرد سؤال الجهاز الأمني عن معلومات تخص مواطن فجيعة كبيرة تعزى فيها عائلته .
كنا نشاهد الغطرسة والغرور والعنجهية التي تطغي على عقول   منتسبي هذه الأجهزة في التعامل اليومي مع المواطن العراقي أو مع الأجهزة الحكومية نفسها  ، ولكن ثمة حقيقة يتم التستر عليها وهي أن منتسبي هذه الأجهزة كانوا منخورين من الداخل ومجوفين وتمت قولبتهم ضمن آلية معدة سلفاً ضمن مفاهيم أجتماعية وأمنية وسياسية ، وكانوا بنفس الوقت الذي  تتلبسهم أفكار الخوف والرعب من السلطة فأنهم مرعوبين كذلك من تفرغ الجماهير العراقية نحوهم والأقتصاص منهم  مثلما كان احدهم يخاف من الآخر ويخشاه .
داخل هذه الأجهزة ثمة تقاليد وضوابط تنخر جسدها الهش ويعيش افرادها القلق الدائم وهاجس الحصول على رضا السلطة وقبولها طريقة التعامل التي يقوم بها العنصر  ، يتم التعمد بالاساءة للناس والتنكيل بهم والبطش بمن تتم السيطرة عليه لشتى الأسباب ، كما يتم استعمال القسوة في الأساليب المعتمدة في التحقيق سواء منها النفسي أو الجسدي ولهذا فأن العديد من الحالات التحقيقية ينتهي بها المتهم موتاً قبل أن تنتهي قضيته .
داخل المجتمع العراقي يتم زرع معلومات تفيد أن لكل عنصر من هذه العناصر سطوة وقوة  وصلاحية وأمكانية في تمكنه من خرق القانون ودون مسائلة من آية جهة كانت ، ولهذا فأن معلومة الخوف والترويع كانت فاعلة ضمن المجتمع ، سيما وأن المجتمع العراقي من المجتمعات الفاعلة والمتفاعلة سياسياً وأجتماعياً ، وأن الاكثرية من الناس وعوائلهم ممن لهم رؤى وأفكار سياسية أن لم تكن مناهضة لفكر البعث وأفكار سلطة صدام ، فانها في كل الأحوال لاتتلائم مع توجهات السلطة وسياستها ، ولهذا فأن كل مواطن عراقي وكل عائلة عراقية هي مشروع أتهام مفتوح أمام هذه الأجهزة التي تعتمد الأخبارية والهمس والتقرير السري والتلصص والتنصت ومعلومات الوكلاء .
ولهذا فقد اعتمدت هذه الأجهزة فتح ملف لكل مواطن عراقي ، كما قامت بأعتماد عملية تقسيم المدن الى قطاعات ومن ثم الى محلات وبعدها الى بلوكات  وشوارع ، ولكل واحدة من هذه مسؤول عن حركة الناس وولادتهم وموتهم ومواقفهم من خلال تقارير تؤدي بمقدمها في حالة الأخبار الخاطيء أو الكاذب الى الموت .
ومن خلال ذلك جندت السلطة جيش من الرجال والنساء ممن أرتبطوا ذهنياً وشخصياً بآلية العمل الأمني   وأصبحوا تحت السيطرة النفسية لهذه الآلية الأمنية ، فهي التي تتحكم بسلوكهم وشخصياتهم ، وهم بغير هذه الألية والأجهزة لايمكن أن يجدوا أنفسهم ، اذ ليس لهم آية قيمة في المجتمع دونها ، فهم لايؤثرون ولايتاثرون وهم اشبه بالمنقطع عن مجتمعه  ، وليس لهم من المواهب السياسية أو الثقافية أو الأجتماعية مايؤهلهم للأندماج داخل مجتمعهم مرة أخرى بعد حالة الفصام الأجتماعي الذي صاروا اليه .
ودون معالجة حالتهم كحالة خاصة جديرة بالأنتباه وألأهتمام  سيكون رد الفعل مستمرا في العمل التخريبي وأرباك الحياة العراقية مستقبلاً .
أن الظروف المتوفرة لهذه العناصر من المال والسلاح والخطوط السرية الممدودة والشبكات العالمية للأرهاب والنية والأندفاع الكامن في نفوسهم ، كل هذا يؤهلهم للأستمرار في العمل على أحداث التخريب وزرع الموت في أوساط العراقيين حتى بعد رحيل القوات الأجنبية وقيام الدستور والبرلمان والحكومة .
أن مخطط العمل الكامن لهذه المجاميع العراقية التي يتم توظيفها بالتعاون والأنسجام مع التنظيمات الارهابية والمتطرفة داخل الساحة العراقية سيربك الحياة العراقية حتماً مستقبلاً  ، كما أن الحياة السياسية ستفقد بعض العناصر والرموز الوطنية نتيجة أفعال الغدر والخسة التي لاتتورع  هذه العناصر عن الأقدام عليها في عمليات الأغتيالات والتفجيرات  وأستغلال الوضع العراقي الفتي والقوة العراقية الجديدة التي تحترم الأنسان كقيمة عليا وتحترم حقوقه .
ويمكن العودة الى جذور الظاهرة الأمنية في العراق ، فهذه العناصر لاينكر عراقيتها ولكن حصرها داخل مناطق معينة من العراق ، جعلها تشعر بالتكتل المناطقي والطائفي والعشائري ، كما جعلها تشعر بالخوف من أكتساح الجماهير لها ، وجعلها كذلك تشعر بالقلق الدائم على حياتها وحياة اهلها من جراء تردي سمعتها الوطنية على مدى زمن ليس بالقصير كانت تشكل الأدوات القمعية للسلطات القمعية  ، ولذا فقد عادت لتلتقي من جديد مستغلة تجمعها وقربها وأرتباطها مع توفر مستلزمات العمل المضاد لحركة المجتمع العراقي كما قلنا آنفاً .
كما ساهم بذلك عدم ألتفات القوات المحتلة أو الحاكم المدني أو السلطات العراقية المؤقتة  الى ضرورة عزل العناصر المبتلية بالجرائم والمطلوبة قانوناً عن غيرها وأمكان تحييد هذه العناصر وأستغلالها ، مما جعلها تتكاتف لصالح آية جهة تؤمن لها ديمومة الحياة وتدفق المال ومنح القوة والسلاح مهما كانت النتائج ولو على حساب شعب العراق .
لم يكن للأجهزة المذكورة أدنى شعور بالمسؤولية الوطنية ، وليس لها مايشير الى حرصها الى وحدة الوطن والشعب ، ولاتقديرها للأنسان في أدنى حالاته ، انما كانت تنسلخ عن كل هذا في عملية الأندماج والأخلاص للسلطة والجهاز الأمني ضمن المسح الفكري والعقلي والوطني الذي تمت ممارسته عليها ، وكمثال على ذلك أن هذه الأجهزة لم تلد عراقياً واحداً يساهم مساهمة سياسية مضادة للسلطة أو يقف موقفاً معارضاً لأي شكل من أشكال المعارضة .
كما لم تشر الأحزاب السياسية العراقية الى وجود أي عنصر من عناصر هذه الأجهزة ضمن مسيرتها السياسية خلال الفترة الكالحة التي عاشتها في العراق ، مما يدلل على أن عناصر هذه الأجهزة كانت تنسلخ عن ذاتها وتتلبس لباس السلطة بالرغم من الرعب والخوف الذي يتلبسها من السلطة وتحاول أن تعكسه على الناس .
ثمة تصور أن هذه العناصر التي تستغلها جهات لاتريد الخير لشعب العراق ولا لمستقبله ستبقى وحتى بعد انتهاء الحجة التي تبرقع بها اعمالها وهي الوجود الأجنبي والأحتلال للعراق ، حيث سيتغير لباسها الى حجة  وجود أحزاب وشخصيات تعاملت مع الأجنبي في أسقاط صدام وحجة المعارضة المشروعة وهي كلمة حق يراد بها باطل .
أن احتواء قسم من هذه العناصر والأستفادة منها في التشخيص والتخطيط لأجهاض وتحديد العمليات الأرهابية بالقدر  الممكن بشرط أن تكون هذه العناصر من غير الملوثة بدماء العراقيين ومن التي يمكن أن يتم أصلاحها وأندماجها في المجتمع ، واستنهاضها لعودة الروح العراقية والحرص على الشعب والوطن والتمعن في المستقبل العراقي ومصلحة أهلهم وأطفالهم لأيقاف بث الرعب بين الناس ، والعمل على شطب الأمتداد الأمني لتلك الحقبة السوداء من تاريخ العراق ، ومحاولة الألتفاف وتطويق بقية العناصر بأيقافها والتحقيق معها وأحالة من تجد المحاكم أن الأدلة كافية علية للأحالة الى المحاكم المختصة ، ومن ثم محاكمته محاكمة عادلة وفق القوانين ، وبهذا نستطيع أن نلم مانستطيع ممن نستطيع أعادتهم الى شعبهم ووطنهم  بالأندماج ، وتقييد حركة الآخرين وأكتفاء شرهم وفعلهم الشرير ضد الأمنيين ، والبدء بصفحة عراقية جديدة تليق بالعراق .
ولم تزل حتى اليوم القوة الأمنية في العراق فاعلة لم تتأثر ولم تمسسها أية جهة ، ولم يتم التحقيق مع عناصرها الخطرة والملوثة بدماء العراقيين ، وبعد أن أطمأنت الى حالها بعد الأختفاء من أنتقام الجماهير في الأشهر الأولى ، وبعد أن وجدت في قوانين وطرق عمل القوات المحتلة مايجميها ويوفر لها الغطاء والحماية ، بادرت ليس للظهور الى العلن ، وأنما بادرت للتظاهر تطالب بحقوقها ، وهي خطوة متقدمة في الجرأة والتحدي ، وستعقبها خطوات أكثر جرأة أمام من ينام ورجليه في الشمس .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الوطني للقوى والأحزاب الوطنية
- الشهيد القاضي محمد رئيس أول جمهورية لكردستان
- قوات البيش مركة
- كفاح وحقوق الأكراد
- القاضي مدحت المحمود أسم جدير بمهمة كبيرة
- متى نبدأ ببناء العراق ؟
- القضاء العراقي والمحاكم الخاصة
- أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة
- شهداء العراق تعالوا
- خيمة صفوان لم تزل تنشر ظلالها على العراق
- ولادة عراقية بعد زمن مرير
- الانتحار طريق للشهادة أم مخالفة لأمر الله
- الوثائق العراقية الدامغة
- سماحة حجة الإسلام والمرجع الأعلى للمسلمين آية الله السيد الس ...
- أعداد مسودة الدستور
- الضمير الغافي في زمن صدام ؟
- احتمالات
- رحيل المناضل والمثقف العراقي باسم الصفار في استراليا
- رداً على الكاتبة أمل الشرقي
- رسالة الى عضوة مجلس الحكم الأنتقالي الدكتورة رجاء الخزاعي


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهير كاظم عبود - نظرية الخوف والتخويف في العراق