|
غزة ، والوطن.. بين أنياب الكارثة !!!
طلعت الصفدى
الحوار المتمدن-العدد: 2010 - 2007 / 8 / 17 - 02:51
المحور:
القضية الفلسطينية
غزة لا تهددها الكوارث الطبيعية ولا البيئية .... فرمالها، وسماؤها، وبحرها عيون ساهرة على ناسها وجماهيرها.. وحراس أصيلين على أرضها، وتاريخها، ووجودها.. بحرها يحرسها من الغرب ، من الغرق.. يرفض أن يبتلعها كما حلم البعض .. ولا زالوا يحلمون.. يتجدد حلمهم كلما تصارع الأخوة ، وتناطح أبناء الوطن الواحد.. كلما تنازعوا على تقسيم ميراث السلطة، والجاه الملوث بدم الشهداء والجرحى، وبعذابات المعتقلين ، والمفقودين من الفقراء والمسحوقين ، والعمال والمزارعين والجند .. جبل المنطار هذا الشامخ منذ ما قبل التاريخ في شرقك يا غزة.. يطل عليك كأبي الهول المقدسي . هذا الحصن ، المنيع الذي يشكل عين اليمامة على لصوص التاريخ .. وسارقي عزة الوطن وأمنه .. عربا كانوا أم عجما، ساميون أم أصوليون. يطل عليك يا غزة كعاشق المطر، لسهلها وزيتونها وعنبها وبرتقالها وصبارها، وبخبز الطابون المعجون بعرق الكادحين والكادحات ، من جيل ما قبل النكبة . غزة تهددها كوارث وطنية واجتماعية وديمقراطية.. فهذا الانقلاب العسكري على الوطن والأهل قد جرها إلى مستنقع الدماء والفرقة.. الحياة مشوشة .. والناس حائرون، فهذه التجربة الأولى السوداء في التاريخ الفلسطيني ، المستقبل لا ينتمي له احد!!! القلق والخوف يسيطر على تفكيرهم في ظل هذا الانقسام والتشرذم!!! لقد حرفوا نضاله ، وساهموا في إضاعة بوصلته التي ترشده إلى الدرب ، واجبروه على التفكير فقط بالخبز والأمن.. ومن هذا الذي يوفر له الأمن ، والخبز بإنسانية ؟؟ لا أحد يوفر له مقومات الصمود في وجه المحتل الاسرائيلى ، لا الحكومة المقالة العاجزة على الاستمرار، فالحصار شديد ، والصراع مرير .. ولا حكومة تسيير الأعمال التي تتخبط ، حتى في رواتب الموظفين والمتقاعدين على ملاك منظمة التحرير الفلسطينية ، والجنود ، تدعى أن كمبيوترهم قد اخطأ الهدف ، فانحرف عن مساره ، يتلاعبون بمشاعر وأحاسيس المواطنين الذين ملوا التصريحات المختلفة عن حل مشكلتهم المادية، وما عادوا يثقون أو يصدقون أحدا ، خصوصا عندما يسمعون عن ملايين الدولارات واليوروات التي تتبرع بها دول النفط العربي ، ودول الغرب دون أن يستلموا منها إلا اليسير . الانقسام السياسي والاجتماعي والجغرافي والادارى يتعمق .. لا احد قادر أن يوقف النزيف .. الوطن مقسوم ، والأرض يتم مصادرتها ، والشعب مجزأ ، وبدلا من حكومة مركزية واحدة لدينا حكومتين ، وبدلا من جيش وطني موحد لدينا جيش ومليشيات مسلحة .. والاحتلال في بحبوحة وسعادة .. فما خطط له بوشارون نفذنا نحن بوعي أو بدون وعى فهذا سيان!!! ضاع القرار الفلسطيني المستقل ، الذي ينبع من المصلحة الوطنية والاجتماعية والديمقراطية للشعب الفلسطيني . الإفلاس.. البطالة تتفاقم.. المجاعة على البواب . يقولون ويضحكون على الغلابا والفقراء .. لا احد مات من الجوع !! فهل الحي سأل الميت عن سبب موته ؟؟ ومن لا يصدق فعليه الذهاب لقبره للتأكد من سببه !!! نكبة عام 1948 وقيام الدولة الصهيونية ، قسمت الشعب الفلسطيني سياسيا وجغرافيا إلى وحدات سكانية منفصلة عن بعضها في كل من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وإسرائيل ، عانى الشعب من التفسخ القسرى طيلة تسعة عشرة عاما ، لكنه بقى موحدا فكريا ومعنويا .. وكان العدوان الاسرائيلى عام 1967 ، وحد الشعب بالإكراه ليتعانق جناحا الوطن في غزة والضفة الفلسطينية ، ولتتوحد معاناتهم ،، والهدف المشترك ، وتخلق حالة من التواصل مع الأهل في إسرائيل ، ولتنتعش معها آمال الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال والعودة... وجاء الانقلاب العسكري عام 2007 ليعيد قسمة الوطن والشعب والأرض .. وليعطل ألآمال التي سعى إليها وناضل من أجلها ، وخاض المعارك الوطنية والاجتماعية ،أكثر من قرن من الزمان . تراجع قيام الدولة المستقلة كاملة السيادة ، وعاصمتها القدس ، ويجرى القفز عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم . الواقع الاجتماعي والاقتصادي قد سحق الجماهير .. فالبطالة تحولت إلى بطالة جماهيرية ، وطالت كل شرائح المجتمع الفلسطيني وفى مقدمتهم ، العمال والمزارعين والجنود والنساء والموظفين والمثقفين والتجار ، تحولوا إلى جيش العاطلين عن العمل .. ينتظرون رحمة من يملك المال !!ومن يصدر القرارات التي لا تلبى الحاجات الدنيا الضرورية والمعيشية ،والى متى يعيشون على الصداقات ؟ ما ألعنك أيها الفقر ،وما اقساك يا زمن ، هل يطيعون الحكومة غير الشرعية والمقالة ؟ أم يطيعون حكومة تسيير الأعمال التي لا تملك خطة وطنية واقعية لإعادة غزة لحضن الوطن ، والخروج من مأزق الضياع السياسي والاقتصادي . ماذا تبقى من انجازات الانتخابات الديمقراطية 2006 ؟ وهل لا زلنا نتحدث ونتفاخر عن ديمقراطيتنا التي انقضضنا عليها بالسلاح !! عن ديمقراطية المجلس التشريعي الذي اقسم اليمين للمحافظة على وحدة الوطن والشعب والقضية ، وهو مساهم في تفتيتها ، عن ديمقراطيته التي تعطل اجتماعاته الدورية ،عن إهماله في فرض الرقابة والضبط الحكومي، وتقاعسه في محاسبة الوزراء المهملين والمقصرين لواجباتهم ، أم عن تأييده للانقلاب العسكري على حكومة الوحدة الوطنية ، عن صمته على التعديات والتجاوزات على الشعب ، وعن تبريره للاستدعاءات ، والمداهمات ، والقتل والتعذيب بدم بارد ، عن أدوات القمع الجاهزة وفى حالة استنفار ، عن الخرق الفاضح لحقوق الإنسان الفلسطيني وحقه في التظاهر السلمي ،وإقامة الأفراح والأعراس .. انه في ثلاجة الخراب ،وفي غرفة الإنعاش .. ماذا تبقى لكم لتمارسوه بحق الوطن والمواطن ؟ إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصائب هو الاعتراف بالقرار الخاطئ ، فلتتراجعوا عن انقلابكم العسكري ، ولتمهدوا الطريق لإجراء مصالحة وطنية ، فلن تعود الأوضاع لما كانت عليه فالتاريخ لا يعيد نفسه ، ام تراهنون على إخضاع الشعب في غزة ، وتتوقعون أن تعلن الجماهير الفلسطينية في غزة وقواها الوطنية ومكونات المجتمع عن الاستسلام ، وهذا من المستحيل !!! طلعت الصفدى [email protected]
#طلعت_الصفدى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا هل تعلمنا الديمقراطية.. أم الارهاب ؟؟؟
-
الاعلام الانقلابى بين التزوير ... والحقيقة !!!
-
يا نساء الوطن ... اين كتائبكن المسلحة ؟؟؟
-
واحد زائد اكبر من مئة !!!
-
غزة ستبقى عصية..برغم الارهاب الفكرى والجسدى
-
غزة تسبح بدمها بين أنياب... الخطوة الاضطرارية !!!
-
لن نغفر .. ولن ننسى.. همجيتكم ؟؟؟
-
أنا مين... وهم مين
-
خطط بوشارون .. ونفذ البعض !!!
-
رفح بين أكذوبة السيادة .. والحق الانسانى
-
معبر رفح وشوق الأهل ... الفتوى وتجارة السجائر
-
أيها الفاسدون والانقلابيون... عليكم أولا الاعتذار لشعبكم !!!
-
غزة تتعرى بكفن الفوضى ... والاهمال
-
من الرحيل القسرى ... إلى الموت في الوطن !!!!!
-
ألهاكم التكاثر... فأضعتم بوصلة الوطن .... !!!!
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|