أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عدنان الظاهر - التلوث والبيئة / الزئبق















المزيد.....



التلوث والبيئة / الزئبق


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2009 - 2007 / 8 / 16 - 10:57
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


لمحة تأريخية

لا أحد يعرف على وجه الدقة تركيب أو نوع المركبات السامة التي إستخدمها البشر في غابر الزمان لقتل الخصوم. لكن وبلا أدنى شك يمكن الجزم أنَّ تلكم السموم كانت نباتية المنشأ، لا حيوانية ولا معدنية حتى عرف الإنسان القديم الزرنيخ والنورة.كانت نباتية المنشأ لأن النباتات كانت قد أُستخدمت منذ الزمن القديم كأدوية وعقاقير شافية أو مهدئة للآلام أو حتى مخدِّرة كنبات الخشخاش وبعضها قاتل كأوراق نبات الدفلى على سبيل المثال. أما سموم الأفاعي والعقارب ( وهي سموم حيوانية ) فلا تقتل إنْ تناولها الإنسان عن طريق الفم. بلى، إنها تصبح قتّالة إذا ما دخلت الدورة الدموية للإنسان عن طريق الجروح. وهذا ما قامت به ملكة مصر القديمة كليوباطرة التي قتلت نفسها منتحرة بلسعة أفعى سامة وليس بتناول هذا السم عن طريق الفم مع طعام أو شراب. وعليه فلا يمكن قتل الخصم بإجباره على تناول كأس شراب أو أكل طبق طعام فيهما سم أفعى. ولا أحدَ على وجه التحديد يدري بمَ كانت تُسقى السيوف والخناجر والسكاكين، أقصد بأي سائل كانت تُنقع وسائل الفتك هذه حتى تستحيل إلى آلات ليست جارحة حسبُ، بل وممُيتة طال الوقت أم قصر.
مع مرِّ الزمن تعرّف الإنسانُ القديمُ على بعض العناصر المعدنية السامة فوظّفها كمواد قاتلة يجري تناولها إما مع الشراب أو الطعام أو كليهما عن طريق الفم فقط إذ ما كانت الغازات السامة معروفة يومذاك. أكثر هذه المعادن شهرة من بين ما كان مُتاحاً منها أو معروفاً هي الزئبق والزرنيخ ( الآرسين ) والرصاص. أُستعمل العنصران الأولان وما زالا على أوسع نطاق كسموم للتخلص من الخصوم. فمركب كلوريد الزئبق المعروف بالسليماني هو سائل قاتل شديد السميّة. والحِلة التي أهداها ملك الروم للملك الضليّل والشاعر إمريء القيس، لمّا راح هذا إلى ذاك يستنجد به لإعانته على أخذ الثأر من قَتَلة أبيه من بني عشيرته،كانت منقوعةً بخليط الزرنيخ والنورة، الأمر الذي تسبب في تهروء جلد الشاعر طالب النَجدَة ومن ثم وفاته. فلا إستردَّ مُلْكَ أبيه ولا سلم بجلده. هذه الخلطة شائعة جدّاً اليوم في بعض الأقطار العربية ولا سيما العراق، كخلطة لإزالة شعر الجسم في الحمامات العامة ولإزالة شعر رؤوس وكراعين الخرفان قبل طهوها وتجهيزها كأكلة
أل ( باجة ) الشهية والشهيرة في بلاد الرافدين. تُستعمل ذات الوسيلة تارةً لإشباع جسد الإنسان بالطعام الشهي وتارةً أخرى للفتك بهذا الجسد ( رُبَّ نافعةٍ ضارّة ).
لقد إستعملت كهنة المعابد الفرعونية هذه الخلطة مع الملح ومع القطران أحياناً في عمليات تحنيط الموتى وبعض الحيوانات كالقطط والتماسيح والطيور. أما الرصاص السام فقصته معروفة على نطاق واسع. إذ يؤكد بعض علماء التأريخ على دور الرصاص في المساهمة في إنهيار الإمبراطورية الرومانية إذ كان الرومان يعتّقون نبيذهم في أوان من رصاص. وبمرور الزمن تسمم هذا النبيذ وإنتقل مفعوله السام إلى أجساد شاربيه. والنتيجة المتوقعة هي تقلص فعالية هذه الأجساد وضعف قدراتها الجسدية وعجزها عن القيام بمهام القتال والدفاع عن النفس وعن الإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف التي تهاوت تحت ضربات الأعداء. أما أول ذكر للزئبق كمادة سامة أُستعملت في جريمة قتل فقد ورد في المسرحية الشهيرة ( هاملت ) التي كتبها شكسبير (1)، حيث قُتِل والد هاملت بصب الزئبق في إحدى أُذنيه حينما كان نائماً في حديقة قصره في ساعة قيلولة الظهيرة كما تُفيد أحداث المسرحية. ما هو الوجه العلمي في هذه الجريمة؟ الجواب قد لا يخلو من بعض الطرافة : إنَّ الزئبق سائل معدني أثقل من الماء بثلاث عشرة مرة ونصف، ومع ذلك فإنه قادر على النفاذ من خلال بعض الأغشية كطبلة الأُذن مثلاً ومن ثم الإستقرار في تجاويف الأذن الداخلية قريباً جداً من الدماغ، مركز الجهاز العصبي كله. كذلك يخترق الزئبق ورق الترشيح العادي المستعمل في المختبرات نافذاً من خلال مساماته تماماً كما يفعل الماء.
يعرف الطب الحديث اليوم مدى خطورة بخار الزئبق على خلايا الأعصاب بالدرجة الأولى. أجل، بخار الزئبق. فالزئبق هذا المعدن الثقيل الذي يشغل المكان الثمانين في الجدول الدوري للعناصر وكتلة ذرته أكبر من كتلة ذرة الحديد بحوالي أربع مراتٍ… هذا العنصر الثقيل دائم التبخّر وبخاره شديد الخطورة. لم يعرف عطّارو الأزمنة الخوالي هذه الحقيقة يوم أنْ كانوا يبيعونه دونما حاجة لترخيص أو إجازة من لدن جهة ذات إختصاص. كماكانت جدّاتنا يتداولن هذا السائل السام ويدخلنه بيوتهن ليجبلن منه مع الحنّاء خلطة لتلوين الشيب وتعفير شعر الرأس بقتل بيوض بعض الحشرات الضارة التي تتخذ من الشعر مكاناً مناسباً لوضع البيوض. فجداتنا كنَّ إذنْ قد إستخدمن الزئبق كمادة معفِّرة ومبيدة للحشرات قبل أن يهتدي علماء البايولوجيا وخبراء البيئة والزراعة إلى ذلك بأمد بعيد.
التأريخ الدقيق لإكتشاف الزئبق غير معروف، لكنه وُجِد حتماً بعد أن إكتشف الإنسانُ
الحديد والنحاس والرصاص. ولم يُولِه الإنسانُ القديمُ أهمية تُذكر لأنه كان بمسيس الحاجة للألات القاطعة والجارحة كسلاح للهجوم والدفاع وحفر الأرض لشق القنوات التي تجلب الماء له ولماشيته. أو لحفر القبور تحت الأرض لدفن موتاه وللتنقيب عن الأشياء الأكثر صلادةً. كذلك لحفر الكهوف والمغارات في الجبال والصخور ملاجيءَ ومساكنَ
له ومقتنياته من الحيوان. وطبيعي أنْ لا ينتبه هذا الإنسانُ الأول للزئبق طالما إنه لا يُضاهي الحديد والنحاس متانةً وقواماً…إنه عنصر سائل.
ورد ذكر الزئبق في مقدمة إبن خلدون (2) (( عاش في القرنين الثامن والتاسع الهجريين)).
كما ورد ذكره في رسائل أوائل من تعاطى صنعة الكيمياء من العرب كجابر بن حيّان الذي عاش في القرن الثاني الهجري.
يروي علم الذرة الحديث قصة طريفةً حول وفاة القائد الفرنسي المغامر والطموح نابليون بونابرت الذي دوّخَ في حروبه أوربا، فقد كشف التحليل التنشيطي بالنيوترونات
Neutron Activation Analysis لإحدى شعرات رأس هذا الرجل إنه قد مات مسموماً بالزرنيخ ولم يمُتْ في سجنه في جزيرة سانت هيلين حتف أنفه (3). حدث ذلك عام 1921 للميلاد. كما كشف تحليل التنشيط النيوتروني هذا لشعر رأس الملك السويدي
إيريك الرابع عشر الذي توفيَ بشكل فجائي عام 1577 الميلادي إثرَ تناوله وجبة حساء
( شوربة ) من البازيلياء، كشف هذا التحليل أنَّ الملك كان قد تناول كمياتٍ قاتلة من كل من الزرنيخ والزئبق (3). غير أنه ما زال سرّاً نوع السم الذي تسرب إلى حبّات العنب التي مات بها الإمامُ الثامن عليٌّ بن موسى الرضا مسموماً في مدينة طوس زمن خلافة المأمون العبّاسي عام 203 الهجري كما يذكر المسعودي (4). ولا نوع المحلول السام الذي تُشبّعُ به أحجار الخواتم الكريمة فتغدو شديدة السُميّة حال أنْ تُلقى في كأس ماء أو شراب آخر. بهذه الطريقة ماتت الملكة جيرترود أم أمير الدنمارك هاملت، كما تسرد أحداث المسرحية (1).

الزئبق
تنقسمُ مركبات الزئبق إلى قسمين :
1- مركّبات غير عضوية
2- مركبات الزئبق العضوية

1- مركبات الزئبق غير العضوية
يُختصر عادةً إسم هذا الصنف من مركبات الزئبق ليكون مجرد ( الزئبق غير العضوي ).
وتشمل هذه التسمية معدن الزئبق نفسه. يُعتبر الزئبق عنصراً نادراً قياساً إلى غيره من العناصر. وإنه يحتل المرتبة السادسة عشرة من بين العناصر الموجودة في الأرض. أهم ترسباته هي تلك التي أُكتشِفت في إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك والبرازيل وبيرو والصين واليابان والإتحاد السوفياتي السابق والمجر ويوغسلافيا وألمانيا. تُعتبر خامات الزئبق الإسبانية من أغنى الخامات تركيزاً بالزئبق حيث قد تصل نسبته فيها إلى 10 %. وإنَّ في المحيطات كميةً من الزئبق تساوي وفق أحدث تقدير خمسين مليون طن متري. ويوجد هذا العنصر في الهواء بتركيز يتراوح بين 2-5 نانوغرام في كل متر مكعب. ( النانوغرام الواحد يساوي جزءاً بالبليون من الغرام الواحد، أي يساوي الرقم عشرة مرفوعاً للأس ناقص تسعة ). كذلك يوجد الزئبق في الماء وباقي المشروبات اليومية المعتادة بتركيز يتراوح بين 2 –6 جزء بالبليون (5).
عُرِف الزئبق وإستُعمِل في أغراضٍ شتى منذ الزمن القديم كما مرَّ آنفاً. وللزئبق اليوم أكثر من ثلاثة آلاف إستعمال معترف بها سواء للزئبق نفسه أو لمركّباته ومشتقاته العضوية منها وغير العضوية. إنَّ أجمالي إنتاج الزئبق في العالم يتجاوز العشرة آلاف طن في العام. تستهلك الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ثلاثة آلاف طن سنوياً. الإستهلاك الرئيس للزئبق هو في تحضير غاز الكلور والصودا الكاوية بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام. كذلك يُستعمل في تحضير الكيميائيات الزراعية والصيدلانية كعوامل مضادة للبكتريا، وموادَ أخرى لحفظ مستحضرات الزينة وصيانة الشعر. ويدخل في صناعة الورق وصيانة عجينته وفي تركيب الأصباغ. كما يوجد الزئبق في بعض الأجهزة الكهربائية وأجهزة قياس الضغط ودرجات الحرارة. ويدخل في تركيب حشوة الأسنان وفي عالم الكيمياء كعامل مساعد وكأقطاب كهربائية وفي تحضير الملاغم المنوّعة. إنَّ إنتاج غاز الكلور والصودا الكاوية بالتحليل الكهربائي لمحلول الملح المألوف المعروف بملح الطعام يتطلب إستهلاك كميات هائلة من الزئبق كقطب كهربائي غير ثابت. فالمصنع الذي ينتج مائة طن من غاز الكلور في اليوم يستخدم كمية من الزئبق تتراوح بين 75000 – 150000
باوند ( الكيلو غرام = 2.54 باوند ). ووفقاً لبعض التقديرات إنَ مصنعاً كهذا يُسرّب للبيئة ما يقرب من 0.45 باوند من الزئبق مقابل إنتاج طن واحد من غاز الكلور. وهذا يساوي 000 200 1 باوند من الزئبق في العام الواحد. تجد كميات كبيرة من هذا الزئبق طريقها إلى البحيرات ومجاري الأنهار وتنتشر كميات أخرى في الجو عالقة بغاز الهايدروجين بحدود 20 – 30 ميللغرام في كل متر مكعب من الهواء. وتحتفظ الصودا الكاوية، القاعدة المعروفة بإسم هايدروكسيد الصوديوم، المُحضَرة بالطريقة السالفة بنسبة من الزئبق تبلغ خمسة أجزاء بالمليون. كما تم الكشف عن وجود الزئبق في مركبات أخرى مثل كلوريدات الهايدروكاربونات وحامض الخليك ( الخل ) والكلايكولات Glycoles وغاز ثاني أوكسيد الكاربون والأسمدة الكيميائية وحامض الكبريتيك وخامات السلفايد وفي فضلات العوامل المساعدة المستعملة في الصناعة كما في إنتاج كلوريد الفاينل
Vinyl Chloride والأسيت ألدهايد Acetaldehyde . كما أنَّ الزئبق موجود في النفط الخام والفحم الحجري. فإستهلاك خمسمائة مليون طن من هذا الفحم في العام الواحد يؤدي إلى إطلاق أربعمائة وخمسين طناً مترياً من الزئبق إلى البيئة. لا يتضمن هذا الرقمُ الزئبقَ الناتجَ من عمليات تكرير النفط الخام ولا ذاك الناتج من إستهلاك نواتج التكرير التي تحتوي على نسب عالية من الزئبق.
إنَّ أهمَّ مركبات الزئبق غير العضوية هي خلاّت الزئبق وأوكسيد الزئبق الأحمر والأصفر
ثنائي التكافؤ ونترات الزئبق وكلوريده أحادي التكافؤ. تُستعمل هذه المركّبات اليوم في الزراعة كمبيدات للآفات الزراعية ومُطهّرات ومُعفِّرات لمقاومة التعفن وفطريات الحبوب.
كما تُستخدم في الدور والحدائق لأغراض مماثلة. أما معدن الزئبق بشكله الحر فإنه واحد من أشدِّ العناصر سُميّةً في مجال إستخدامه للقضاء على الحشرات الزراعية الضارّة التي تنخر وتتلف الحبوب وبقيّة المحاصيل. هنالك مصادر متفرقة أُخرى تساهم في تلويث البيئة بالزئبق منها :
1- بقايا وحطام بعض الأجهزة كالمحارير وأجهزة قياس الضغط والأنابيب الضوئية ذات التألق الوهّاج Fluorescent Tubes ومصابيح الزئبق والبطاريات المختلفة.
2- فضلات المستشفيات والمختبرات وعيادات طب الأسنان.
3- معالجة وإستعمال بعض المواد الخام الحاوية الحاوية للزئبق كالكاربون والطباشير والفوسفات.
4- إستخدام بعض مركبات الزئبق للحيلولة دون تعفّن الملابس من قِبَل أصحاب محلات غسيل وتنظيف الملابس.
5- صناعة الأصباغ وطلاءات الجدران وبقاياها ومواد إضافية يدخل الزئبق في تركيبها لمنع نمو العَفَن الفطري في هذه الأطلية والأصباغ.
6- أخيراً، تنقية وتقطير الزئبق نفسه.

الإنسان والزئبق

الزئبق موجود بشكل طبيعي في أنسجة جسم الإنسان يأتيه مع غذائه اليومي المعتاد. فهنالك نسبة منه تتراوح بين 2 – 4 مايكرو غرام في المائة في الدقيق والخبز والحليب واللحوم المختلفة. وقد تكون نسبته أعلى في بعض أنواع الفواكه، حسب نوع وظروف التربة وما يُضاف إليها من مُخصِّبات وما يُرشُ على الأشجار والنباتات من مبيدات ومُطهِّرات. كما يُشكِل خطراً مباشراً على الإنسان غذاؤه من الأسماك ولحوم الدواجن والطيور التي تتجمع فيها كميات كبيرة من الزئبق وخاصة المركب المعروف بالزئبق المثيلي
Methyl Mercury الذي يأتيها من مصادر شتى لا سيما الماء والهواء والأتربة المتساقطة الملوّثة بدقائق ورُذيذات الزئبق أو بخاره. ولأسماك التُن و ( أبو سيف ) مكان الصدارة في هذا الشأن حيث يتجمع فيهما مقدار من الزئبق يتجاوز الحد المقبول بمقدار يساوي نصف جزء بالمليون حسب تقرير وتصاريح إدارة الدواء والغذاء الأمريكية (6).
يمكن حصر موضوع تحولات الزئبق البايولوجية في البيئة وفي جسم الإنسان بالإمكانيات الأتية :
1- إمكانية تحول الزئبق غير العضوي إلى الزئبق المثيلي ( زئبق عضوي ) بواسطة بعض الأحياء المجهرية الدقيقة في ظروف ينقص أو ينعدم فيها غاز الأوكسجين.
2- تحول مركبّات الزئبق الفنيلي Phenylmercury العضوية إلى مركبات للزئبق غير عضوية تتحول بدورها إلى الزئبق المثيلي.
3- أخيراً، هناك إمكانية مباشرة لتحوّل مركبات الزئبق الفنيلي العضوية في جسم الإنسان إلى الزئبق غير العضوي.

سلوك الزئبق غير العضوي

يُشكل بخار الزئبق وخليط هذا البخار مع ذرات ودقائق الغبار والعوالق الهوائية الأخرى … تشكل أحد المخاطر الجدية في عالم الصناعة على وجه الخصوص. فهناك دليل على أنَّ هذا البخار يُمتص في الرئتين. تتضمن عملية الإمتصاص هذه تأكسد عنصر الزئبق الحر وظهوره في الدم بالشكل الأيوني ليتجمع أساساً في الكلى. يُشابه سلوك بخار الزئبق هذا تماماً سلوك كلوريد الزئبقيك ثنائي التكافؤ HgCl2 وغير العضوي إثر حقنه في مجرى الدم (5). فلقد وُجِد أنَّ عنصر الزئبق يتأكسد في كُريات الدم الحُمْر وفي باقي الأنسجة
بشكل ثانوي. كما بينت تجارب أخرى أنَّ تجمع الزئبق في أدمغة بعض الحيوانات التي عُرِضتْ لأبخرته هي عملية مشابهة في النتيجة لعملية حقن محلول نترات الزئبقيك في دم هذه الحيوانات (5).
ما الذي يترتب على حقيقة أنَّ عنصر الزئبق إنما يتأكسد في كُريات الدم الحُمْر ؟ الجواب خطير بقدر ما هو بسيط : إستهلاك غاز الأوكسجين في غير وجهه !! الأمر الذي يؤدي بالحتم إلى النقص الحاد في كمية الأوكسجين التي تتطلبها الأفعال الحيوية في جسم الإنسان من تفكير وهظم وتمثيل وحركة العضلات وحرق الفضلات التي يؤدي بقاؤها داخل الخلايا الحية إلى موت هذه الخلايا بالتسمم إختناقاً. ميزة طبيعية أخرى للزئبق المعدني الحر، هي أنه قادر على إختراق جدران الخلايا والنفاذ من خلال أغشيتها الرقيقة بفضل عاملين هما قابليته على الذوبان في الشحوم ثم خلوّه من الشحنات الكهربائية. الأمر الذي يُحصِّنه ضد عوامل التنافر الكهربائية المُعرقلة للحركة الحرة. أما أيون الزئبق ثنائي التكافؤ
( الزئبقيك ) فإنه شديد الميل للإرتباط بزلال ( بروتين ) مصل الدم ( البلازما ) وزلال الكريات الحُمْر ( الهيموغلوبين ) عن طريق الإتصال بمجموعات SH المُسماة
Sulfhydryl Groups التي يدخل الكبريت في تركيبها.
أثبتت التحليلات أنَّ تناول جرعاتٍ كبيرة من أملاح الزئبق غير العضوية يؤدي إلى تجمع مستويات عالية من الزئبق في الكلى وفي الكبد بدرجة أقل. يتساوى في ذلك الإنسان والحيوان. كما بينت تجارب أخرى أنَّ الدماغ والغدة الدرقية وغدد التناسل الذكرية لا تتخلص من الزئبق إلاّ ببطء شديد، الأمر الذي يؤدي إلى تركزه في هذه الأعضاء على مرِّ الزمن.
بالرغم من أنَّ أملاح الزئبق غير العضوية هي أشد سُميّة وأكثر خطراً من الأملاح العضوية للزئبق، فقد بينت بعض التجارب على الفيران أن ملح خلات فنيل الزئبق العضوي Phenylmercury Acetate أشد سُميّة من ملح خلات الزئبق غير العضوي. فُسِر ذلك في ضوء التفاوت الكبير في قابلية الأمعاء على إمتصاص كل من هذين الملحين. لقد وُجِد مثلاً أنَّ قدرة أمعاء الفأر والإنسان على إمتصاص أملاح الزئبق غير العضوية لا تتجاوز 2 % بينما تصل هذه النسبة إلى 90 % أو أكثر في حالة الزئبق المثيلي وهو ملح عضوي كما مرَّ معنا أكثر من مرة Methylmercury . عموماً، وُجِد أنَّ الزئبق يتناقص في أجهزة الإنسان والحيوان إبتداءً من مناطق التركيز الأعلى فالأدنى وفق الترتيب التنازلي الأتي : الكلى ثم الكبد والدم ونخاع العظام والطحال والنسيج المخاطي في الأجزاء العليا من جهاز التنفس، ثم جدران الأمعاء والجلد ثم غدد اللعاب فالقلب والعضلات والدماغ وأخيراُ الرئتين. بينت التجارب العملية أنَّ التصريف الأكبر للزئبق إنما يجري عن طريق الكليتين مطروحاً مع البول. ومن الكبد عن طريق الصفراء. ومن إفرازات الغدد اللعابية مع اللعاب. وكذلك عن طريق الغائط. كما بينت تجارب أخرى ( 66 في المصدر الخامس )
أنَّ التحول البايولوجي لمركب مثيل كلوريد الزئبق المثيلي داخل أعضاء الجسم الحي يلعب دوراً مشهوداً في تيسير عملية طرح الزئبق خارج الجسم والتخلص منه ومن شروره ومخاطره وهي جمّة. فإذا ما تكسّرت الآصرة التي تربط ذرة الزئبق بذرّة الكاربون في المركب آنف الذكر فإنَّ الزئبق غير العضوي المتبقي سوف يجد الطريق أمامه سالكةً للخروج مع فضلات قناة الجهاز الهظمي. كما وُجِد أنَّ التحول البايولوجي
Biotransformation لمركبات الزئبق على الجدران الداخلية للزائدة الدودية ( المصران الأعور ) مسؤول عن وجود الزئبق غير العضوي في فَضَلات بطون البشر.

الزئبق العضوي

شهدت عقود السنين الأخيرة إهتماماً مثيراً بموضوع أبعاد خطر الزئبق ومشتقاته العضوية وخاصة الزئبق المثيلي. فلقد ثبُت أنَّ مركبات الزئبق المختلفة التي تُطرح في الجو والبيئة إنما تتحول إلى مركب الزئبق العضوي المثيلي بتأثير بعض الأحياء المجهرية الدقيقة
Microorganisms . لقد تمّت دراسة الآثار الضارة للتلوث بالزئبق بشكل واسع ومُعمّق في الحالات التالية :
1- في منطقة " ميناماتا " اليابانية حيث تمَّ الكشف عن إصابة 111 شخصاً بحالة تخدّر الجهاز العصبي المركزي مات منهم 45 شخصاً ما بين عامي 1953 – 1960.
2- في حادث " نيغاتا " في اليابان أيضاً، حيث عولجت ستاً وعشرين حالة تسمم بالزئبق مات خمسةٌ من بين هؤلاء المصابين.
ففيما يتعلّق بحادث " ميناماتا " …فقد تمَّ إكتشاف تسع عشرة حالة شلل العمود الفقري بين المواليد الجُدُد للأباء المصابين والأمهات المُصابات في ذلك الحادث. لا غرابة في هذا إذا علمنا أنَّ بعضَ الباحثين ( 113 في المصدر الخامس ) قد بيّنَ أنَّ الزئبق المثيلي بالذات قادرٌ على العبور نفاذاً من خلال جدران مشيمة الأمهات الحوامل إلى أجنتهّن أثناء فترة الحمل. كما بينت فحوصات كُريات الدم الحُمْر أنَّ تركيز الزئبق في كريات دم الأجنّة أكبر بمقدار 28 % من تركيزه في كريات دم الأمهات.
قُدِّر العمر النصفي البايولوجي للزئبق المثيلي في جسم الإنسان بحوالي سبعين يوماً
( 73 زائد ناقص 3 ). لكنَّ مشكلة هذا المركب أنه يُقاوم التحول في الطبيعة خارج حدود جسم الإنسان ويبقى سامّاً لمُدد طويلة. هذا الأمر مختلف عن حالة العناصر والمركبات المُشِّعة ذوات الأعمار النصفية القصيرة التي تتحول بسرعة إلى عناصر ومركبات مُستقرة أي ليست مُشِّعة وبالتالي لا تحمل أيَّ خطر للبشر والبيئة على حد سواء.
كانت السويد سبّاقةً في الإهتمام بموضوع تلوّث البيئة بالزئبق. وقدكشف هذا الإهتمام النِقاب عن المصادر الزراعية والصناعية للتلوث بالزئبق. وعلاقة هذا الزئبق بآثاره التي وُجِدتْ في الأسماك وباقي الحيوانات البرية المُدجّنة منها وغير المُدجّنة التي يتخذها الإنسانث غذاءً. كما تمَّ العثور على الزئبق في أطعمة أخرى غير الأسماك في كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا. فقد بينت دراسات أُجريت في هذه البلدان على إثني عشر صنفاً من طعام الإنسان المألوف أنَّ الزئبق موجودٌ فيها ولكنْ بنسبة لا تتجاوز 0.02 جزءاً بالمليون. عِلماً أنَّ متوسط التناول اليومي للزئبق في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال هو بحدود 25 مايكروغراماً تدخل جسم الإنسان بالطرق المألوفة مع الطعام والشراب والهواء بالتنفّس.
رغم أنَّ الزئبق المثيلي قد طغى على ما عداه من مركبات الزئبق العضوي الأخرى، فقد أُجريت دراسات على التأثيرات التناسلية لمركبات الزئبق غير العضوي. وكانت ذبابة دروسوفيلا Drosophila Melanogaster وبذور التفاح من بين المواضيع التي أُختيرت لدراسة التأثيرات الوراثية والتناسلية عليها. كان التركيز الأكثر أهميةً على الطفرات الوراثية والتغيرات الشاذة التي تطرأ على سليقة السلالة أو النوع. كما ركّزت دراسات أخرى على التأثيرات غير التناسلية لمركب هايدروكسيد فنيل الزئبق ونترات فنيل الزئبق
على بعض النباتات المُزهرة.
إذا رجعنا ثانيةً لحادث شواطيء " ميناماتا " اليابانية نجد أنَّ سبب التسمم في الأصل هو كلوريد الزئبق المثيلي Methylmercuric Chloride ( CH3HgCl ) الذي يتكون في الطين والوحول وباقي النفايات التي يطرحها بشكل دوري مصنعٌ يستخدم أوكسيد
الزئبق مع حامض الكبريتيك كعامل مساعد في صناعة مركب الأسيتألدهايد. تُسرِبُ هذه الوحول والفضلات المطروحة في شواطيء " ميناماتا " ما فيها من زئبق عضوي
إلى المياه، ومن المياه يتسرب هذا المركب إلى الأسماك والمحار بتراكيز عالية. كما يسود الإعتقاد اليوم أنَّ مصدراً آخرَ ثانياً للزئبق العضوي موجودٌ في مياه " ميناماتا " ألا وهو كلوريد الزئبقيك HgCl2 الذي يُستخدم كعامل مساعد في إنتاج مركب كلوريد الفاينل Vinyl Chloride . لقد وُجِد أنَّ مرض " ميناماتا " إزداد إنتشاراً مع الزيادة في إنتاج كلوريد الفاينل مما حدا بالسلطات المسؤولة إلى إتخاذ قرار يمنع صيد الأسماك في تلكم السواحل. وكانت تلك السلطات على حق إذ ظهر عام 1960 أنَّ إنتاج عشرين ألف طن من مادة كلوريد الفاينل في مصانع " مينا ماتا " تسبب في تسرب ألف كيلو غراما من الزئبق إلى الوسط المحيط والبيئة.
بات الآن جلياً أنَّه رغم التراكيز الواطئة المستويات للزئبق المثيلي فإنَّ في وسعه أن يتراكمَ تدريجياً وحثيثاً في الأسماك مع مرِّ الزمن. ولعل هذا هو تفسير الظاهرة المُسمّاة بمرض
" ميناماتا " التي تشمل كل الحالات المرضية المُشابهة في أعراضها لإصابات شواطيء
" ميناماتا " اليابانية. أهم أعراضها كما مرَّ معنا سابقاً خدر الجهاز العصبي المركزي وشلل العمود الفقري. فكل إصابة من هذا القبيل يُطلق عليها إسم مرض " ميناماتا "
بصرف النظر عن زمان ومكان وقوعها. أما في الأنهار العَذْبة المياه فيحصل تراكم الزئبق أساساً في الطحالب والأشنات والبلانكتون التي تُعتبر غذاءً ممتازاً لأسماك الأنهار. وبالتالي ينتقل الزئبق من هذه الأسماك إلى الإنسان. فالقاتل يغدو قتيلاً في نهاية المطاف.
ومما يثير التساؤل حقاً وجود آثار من الزئبق المثيلي في أسماك بحار ومناطق جدَّ نائية عن مصادر التلوث بالزئبق كالمحيط الهندي والمحيط الهادي وبحر بيرنغ والساحل الأفريقي. أمكن تفسير هذه الظاهرة بقدرة الأسماك على الهجرة البعيدة المترامية الأطراف إذ تقترب فتمكث في المياه الملوثة ولو لفترات قصيرة من الزمن ثم تواصل هجرتها ثانيةً إلى تلك المياه البعيدة. أو إنها تقترب من مصبّات الأنهار الآسيوية والأفريقية والأوربية الشهيرة التي تنقل تصاريف مياه المعامل والمصانع الكبرى الواقعة على ضفافها. أو أنَّ الزئبق موجود أصلاً في قيعان وصخور وترسبات البحار والمحيطات البعيدة عن مصادر الزئبق المعروفة.
إذا كان الزئبق المثيلي Methylmercury هو الشكل السائد الوجود في الأسماك وجسم الإنسان فذاك بسبب قدرة بعض الأحياء المجهرية على تحويل الأشكال الأخرى للزئبق إلى هذا الشكل العضوي ذي الخصائص المتفردة. إحدى هذه الخصائص قدرته على الإرتباط بأغشية الخلايا العصبية وإختزال محتوى الحامض النووي RNA في هذه الخلايا وخاصةً خلايا المُخيخ وجذور العُقَد العصبية الظهرية. كما وُجِد الزئبق المثيلي في شعر رؤوس ضحايا ظاهرة " ميناماتا " إينما كانوا، وخاصةً في شعر رؤوس صيادي أسماك سواحل البحر الأيض المتوسط من الفرنسيين.
مما يثير الدهشة أنَّ الزئبق المثيلي موجود في شعر رؤوس أُناسٍ لم يتعاملوا قط مع الزئبق. وإنه موجود في شعور رؤوسهم بصرف النظر عن الجنس والعمر والوظيفة. لكنَّ مقاديره أقل من تلك التي وُجِدت في ضحايا مرض " ميناماتا ".
وكما كان متوقعاً، فقد وُجِد مركب الزئبق العضوي فنيل الزئبق Phenylmercury في أوراق نباتات الرز التي رُشّت ببخار هذا المركب في طور من أطوار نموها كقاتل للحشرات. ووثجِد كذلك في حبّات الرز ذاتها.

دورة الزئبق الكيميائية
طالما أنَّ الزئبق المعدني قادر على التبخر بشكل طبيعي في الظروف العادية، فمعنى ذلك أن للزئبق دورة في الوسط المحيط والبيئة. وإنَّ خامات الزئبق وترسباته في الأرض والصخور هي في الحقيقة مصادر ثابتة لهذا البخار الذي يوجد كتحصيل حاصل حيثما وُجِدت تلك الترسبات والخامات سواء في باطن الأرض أو في أعماق البحار.
الزئبق غير العضوي عُرضة للتحول إلى أشكال أخرى عضوية تحت تأثير بعض أنواع البكتريا وباقي الأحياء المجهرية الدقيقة. فمركب غير عضوي لا يذوب في الماء مثل كبريتيد الزئبق HgS يتحول في عملية التأكسد بالبكتريا إلى زئبق ثنائي التكافؤ قابل للذوبان في الماء. كما يختزل بعضُ الإنزيمات البكتريالية هذا الشكل من الزئبق فيتحرر بخار الزئبق المعدني الحر إلى الوسط والبيئة. أما إذا توافق وجود الزئبق المعدني الحر مع الزئبق ثنائي التكافؤ مار الذكر فسيؤدي التفاعل بينهما إلى تكون زئبق أُحادي التكافؤ يوجد عادةً بشكلٍ أيوني ثنائي الذرة ( ذرتان من الزئبق تحملان شحنتين موجبتين ++). هناك طريقٌ ثانٍ لإختفاء الزئبق المعدني بتحوله بالبكتريا إلى شكل آخر خلال عملية تُسمى " الأمثلة " Methylation والناتج هو الزئبق المثيلي أو ثنائي مثيل الزئبق Hg(CH3)2 . أما تفسير ما يحدث فكما يلي :
في فيتامين بي 12 ( B12 ) رابطة كيميائية تربط عنصر الكوبالت Co بمجموعة مثيل
Co-CH3 وإن مجموعة المثيل هذه ( CH3 ) مستعدة للإلتحاق بالزئبق تاركةً الكوبالت ليكون الناتج هو أيون الزئبق المثيلي . في إمكان هذا المركب الأيوني أن يتحول بعملية
الأمثلة مارة الذكر إلى المركب ثنائي مثيل الزئبق Hg(CH3)2 .
ينتشر الزئبق المثيلي الأحادي الأيوني ( Hg ( CH3 مع علامة موجبة واحدة لأن مجموعة المثيل فقدت ألكتروناً واحداً بعد أن تركت الكوبالت المتكون في ترسبات قيعان الأنهار والبحيرات والبحار… ينتشر في مياهها ومن ثم يدخل في دورة الغذاء الكبرى مبتدئاً بالأسماك والطحالب والأشنات والبلانكتون لينتهي في الإنسان نفسه. أما ثنائي مثيل الزئبق Hg(CH3)2 فشأنه شأنٌ آخر : يتطاير في الفضاء الجوي فيتفكك تحت تأثير ضوء الشمس مُعطياً جذور المثيل الحُرّة والزئبق المعدني. وهكذا تكتمل دورة الزئبق بوصوله إلى الغلاف الجوي مرة ثانية بعد رحلة طويلة غير مرئية يلعب الأدوار فيها الحيوان والنبات والبكتريا والإنزيمات بل وحتى بعض الفيتامينات التي تفقد فعاليتها إذا إشتركت في بعض مراحل دورة الزئبق في جسم الإنسان جرّاءَ إنسلاخ مجاميع المثيل منها وإلتحاقها بالزئبق كما مرّض معنا ( المصادر 7 و 8 ).

خلاصة البحث

يُفسر التأثير السام للزئبق بواحد من النظريات الأتية (6) :
1- ميل الزئبق الشديد للتفاعل مع كبريت مجاميع Sulfhydryl Groups الزلالية مؤدياً إلى تعطيل فعالية هذه الإنزيمات.
2- إرتباط الزئبق بمجاميع الفوسفات Phosphate Ligands الأمر الذي يؤدي إلى إضطراب نفاذية أغشية الخلايا الحية.
3- يُعطّل الزئبق قدرة الغدة الدرقية على أخذ وإستيعاب اليود اللازم للجسم.
4- يحول الزئبق دون إستعداد أجسامنا على تمثيل عنصر الخارصين ( الزنك ) الضروري لإدامة فعالية الإنزيمات.
5- يختزل الزئبق قدرة أنظمة الكبد المضادة للسموم، الأمر الذي يتسبب في زيادة الآثار الضارّة لهذه السموم.
أخيراً لا بدَّ من التفاؤل في أنَّ العلم يسعى جادّاً في طريق إستنباط الوسائل المُضادة لمخاطر الزئبق. أكثر هذه الطرق طرافةً (6) هي إستغلال ميل الزئبق المثيلي للتفاعل مع المجاميع الحاوية في تركيبها على عنصر الكبريت أو السيلينيوم. ورغم أنَّ ميكانيكية
( آلية ) فعل السيلينيوم الدفاعي ضد الزئبق لم تزل غير معروفة بشكل نهائي، فإنَّ هنالك بضعة تفسيرات لهذا الفعل منها الحث على تكوين إنزيم معين مثل
Glutathione Peroxidase . وثمة فرض آخر يعزو الأمر إلى تكسّر الآصرة التي تربط الزئبق بذرّة كاربون مجموعة المثيل Hg-C بفعل إنزيمات جسم الإنسان. يرى الفرض الأخير أنَّ السيلينيوم يقوم بمنع الزئبق من الإرتباط بالبروتينات الخطيرة الأهمية تاركاً المجال أمامه للتفاعل وتكوين مركبات مع بروتينات أخرى شديدة الميل له لكنها أقل أهميةً. أي
أنَّ الزئبق يُحال بينه وبين التعامل في نهاية الأمر مع ما هو أكثر أهمية لجسم الإنسان.
المصادر
1- W. Shakespare (( The Tragedy of Hamlet, Prince of Denmark )).
Edited by E. Hubler. Publisher: A signet Classic New American Library 1963 PP. 170- 171 .
2- مقدمة إبن خلدون. دار العودة، بيروت 1981.

3- 3- G.R. Choppin and J. Rydberg (( Nuclear Chemistry, Theory and Applications )). Publisher: Pergamon Press 1980. Chapter 18 PP 413.

4- المسعودي (( مروج الذهب ومعادن الجوهر )) الجزءان الثالث والرابع. دار الأندلس. بيروت 1981.

5-Lawrence Fishbein (( Chromatography of Environmental Hazards )). Publisher: Elsvier Scientific Publishing Company 1973. Chapter 7.
James D. McKinny (( Environmental Health Chemistry )). 6- Publisher: Ann Arber Science 1980 . Chapter 24.
7- R.Baily, H.M. Clarke, J.E. Ferris, S. Krause, and R.L. Strong (( Chemistry of the Environment )). Publiaher: Academic Press 1978 Chapter 14.
8- F.A. Cotton and G.W. Wilkinson (( Advanced Inorganic Chemistry , A Comprehensive Text )) Publisher: John Wiley and Sons. Fourth Edition 1980. Chapter 19.



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليزا والقاص جلال نعيم حسن
- عامر الصافي والمناضل القتيل الحاج بشير
- البايولوجيا الإشعاعية ومخاطر الإشعاع / لمناسبة إسقاط القنبلة ...
- مشاكل ومخاطر محطات توليد الطاقة
- لوركا والبياتي / في ذكرى رحيل الشاعر
- شعراء ثلاثة : أديب وحسين وعبد الهادي
- المتنبي في أمريكا
- المتنبي في موسكو
- وشم عقارب ... ديوان شعر للشاعرة ورود الموسوي
- ألكترا تقتل أباها
- ليس دفاعاً عن سعدي يوسف / سعدي والإحتلال وعزرا باوند
- المتنبي و ( شوكار ) جارية شجرة الدرّ رومانس المتنبي
- بيان إلى المثقفين العراقيين كافة ً ...
- إلى الدكتور قاسم حسين صالح / حول مجلس عمان
- المتنبي وبعض الثائرين / الجزء الثالث
- المتنبي و المغولي بوقا تيمور في الحلة
- رواية المسرات والأوجاع / لفؤاد التكرلي الجزء الأول
- رواية المسرات والأوجاع لفؤاد التكرلي / الجزء الثاني
- برشمان أنيس الرافعي مجموعو قصصية
- البرشمان / أنيس وجحيم دانتي


المزيد.....




- تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س ...
- كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م ...
- أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
- ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو ...
- ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار ...
- بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
- -من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في ...
- مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس- ...
- حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال ...
- فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عدنان الظاهر - التلوث والبيئة / الزئبق