أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عائشة التاج - الإفتاء الغوغائي عبر علاقاتنا الاجتماعية















المزيد.....

الإفتاء الغوغائي عبر علاقاتنا الاجتماعية


عائشة التاج

الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 11:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لفتوى ذات الطابع الغوغائي :

قد يبدو من الوهلة الأولى بأن موضوع هذا المقال يعنى بالفتوى ذات الطابع الديني
ليس الأمر كذلك وإن كان هناك ارتباط واضح ما بين الاثنين


ذلك أن الفتوى التي سأتناولها بالتحليل في هذا المقال تعني تلك النصائح التي تتناسل عبر مختلف تفاعلاتنا العلائقية بدون مرتكز معرفي
أو علمي وبدون طلب حتى .

لعل من المسلم به بأن عملية النصح هي سلوك إيجابي يرجى من ورائه تقديم الخبرة لمن هم أقل سنا أو تجربة حتى تكون قرارته أو سلوكاته
قريبة من "الصواب " ومن هذا المنطلق يكون
تطبيق مقولة "الدين النصيحة" سلوك أخلاقي يفضي إلى منافع اجتماعية مؤكدة .

لكن أن تنبعث هذه النصائح من غير ذوي الخبرة ولا المعرفة ولا التجربة فتلك هي الطامة الكبرى

والطامة الأكبر هي أن هذا السيل من النصائح ذات الطابع الغوغائي يقدم لصاحبه بدون طلب
ولا استعداد .حيث قد يتحول إلى نوع من الاقتحام النفسي الذي لا يخلو من تعنيف مبطن قد يصل درجة اختراق خصوصيات الآخر بل حميميته
في بعض الأحيان وكذا حقه في الاختلاف والتميز إن شاء ذلك في أحيان أخرى .

و من المؤكد بأن تفاعلاتنا العلائقية بمختلف أنواعها تتخللها العديد من الفتاوي الغوغائية التي قد تلاحقه في مختلف مجالات الحياة
تماما كما تفعل الفتاوي الدينية التي تجعل
من المسلم إنسانا قاصرا على الدوام وينبري المفتي كوسيط يتحكم في علاقته بالخالق عبر أدق خصوصيات حياته علما أن لا رهبانية في الإسلام وبالتالي فالصلة بالله صلة مباشرة تتم عبر صلواته وعباداته وسلوكاته .
ومادام الله قد حبا الإنسان بعقل يستطيع أن يفكر ويحلل ويفهم....فمن المؤسف جدا أن يتم تعطيل وظيفته والاحتماء بعقول الآخرين عند كل صغيرة وكبيرة .
وكمثال صارخ في هذا الاتجاه : لقد قرأت ذات مرة في" موقع مكتوب " طلبا لفتوى من طرف رجل يستفسر حول شكل المداعبة ... خلال العملية الجنسية،هل هو حرام أو حلال ؟
من هذا المنطلق يدخل المفتي إلى فراش الزوجية كي يلعب دور الحكم والموجه في فعل
جد خاص وحميمي ؟ ماهذا يا ناس ؟ و في نفس الاتجاه ما شأن
عملية الإرضاع بعلاقات الزمالة ؟

ولعل برامجنا عبر العديد من الفضائيات العربية تعبر عن شكل الفتاوي المطلوبة وكذا نوع القضايا التي يتم الترويج لها باعتبارها "دينية" وهي تتمركز عموماضمن الأمور الفردية والبسيطة ذات الطابع الشكلي كي يتم التمويه على القضايا المصيرية والحقيقية لأمة الإسلام كما يقولون .
وحيث أن الكهنوت الديني في ديار الإسلام قد استمد سلطته من الجهل السائد لدى أوسع الفئات أو من غياب روح الجدل والمساءلة
كنتيجة لمختلف الآليات التدجينية السياسية منها والاجتماعية .
فقد عمل على تكريس هذا الجهل ومعه دونية وقصور الإنسان المسلم الذي يحتاج باستمرار لأب
يوجهه في أمور دينه ودنياه .مما ينتج شخصيات مهزوزة وهشة وغير قادرة على تحمل المسئوليات الفردية فما أدراك بالجماعية .
وبالتالي تم تمطيط هذه السلطة خارج مدارات الحقل الديني كي تستوعب مختلف مناحي الحياة حيث يعتبر العالم الديني موسوعة بإمكانه الإفتاء في شؤون المال والقلب والفن والطب والرياضة والجنس
وكأنه بهذا السلوك يقول لا حاجة إلى تخصصات
أخرى في العلوم الأخرى .
. تماما مثل الحاكم العربي
الذي يتميز بريادته المفترضة في كل هذه المجالات .
هذا الانتفاخ الوهمي لمهنة عالم الدين تعبر عنه لغويا كلمة :
"العلامة "وما يحيط بالاسم عادة من كلمات التبجيل والتضخيم التي نادرا ما يعامل بها
حاملو العلوم الحديثة على أهميتهم الاستراتيجية في عالم يشكل العلم بمعناه الواسع أحد محركاته الحاسمة نحو التطور والنماء .
ولقد كان من نتائج هذه السطوة المبالغ فيها
بروز اشكال متعددة من المفتين منهم من هو مؤهل خبرة ومعرفة لإعطاء النصائح والتوجيهات
و يستحق بالتالي كل الشكر والتقدير .
ومنهم من يتطفل على المجال بحثا عن المجد أو المكانة الاجتماعية عبر هذا النوع من السلطة الرمزية غير المستحقة في الغالب .
ولعل التضارب الصارخ ما بين المفتين
وكذا ظهور أشكال من الفتاوي ذات طابع كاريكاتوري تلقفتها وسائل الإعلام وحولتها إلى مواد دعائية ضد الدين الإسلامي الحنيف بأكمله لدليل على انعدام التقنين والضوابط اللازمة.

و يمكن القول بان المكانة التاريخية لمؤسسة الإفتاء داخل ديار الإسلام جعلت من فعل الإفتاء
سلوكا بالغ الانتشار طمعا في كسب مكانة اجتماعية و في أضعف الأحوال كنوع من إثبات الذات .
من هنا نجد العديد من الناس ذوي المستويات التعليمية البسيطةأو حتى المنعدمة كالباعة المتجولين وباعة السجائر ..الخ يتطاولون بدورهم على وظيفة الإفتاء ويدلون بدلوهم في شؤون الدين بشكل وثوقي ومتزمت يفضي في أغلب الأحيان إلى كوارث ذات طابع عائلي أو حتى اجتماعي وسياسي كبروز التطرف ومختلف أشكال العنف باسم الدين والدين منها براء .





الإفتاء الاجتماعي


ولقد تجاوز سلوك الإفتاء الغوغائي بدوره مجال الدين ليطال مجالات حياتية أخرى .
من منا لم تقدم له النصائح التطبيبية إثر مرض أو ألم ما في شكل وصفات كاملة ترتكز على استعمالات عشوائية لأساليب العلاج المرتكزة على الأعشاب أو الأدوية حتى ومن هذه النصائح ما قد يفضي بالمريض إلى خطر محقق .

لئلا نتكلم عن التأهب المستمر لإبداء النصائح
من طرف أناس لا علاقة لهم بالمجال المنصوح فيه
وبالإضافة إلى ذلك لم يطلب أحد منهم التفضل بهذه النصيحة المفترضة .
تسيب سلوكي يعبر عن الرغبة اللاشعورية في تقمص دور المفتي الذي يحظى بالاحترام والتبجيل
ويعبر من جهة أخرى على تقمص دور الأب
وممارسة الوصاية على الآخرين الذين يعتبرون قاصرين من خلال التدخل الاقتحامي في شؤونهم واختياراتهم .
وفوق هذا وذاك فإن هذه السلوكات الاقتحامية تدل على سطوة الجماعة على الفرد الذي يضطهد في اختياراته باسم ما هو جماعي أو اجتماعي
وتداس استقلالية قراراته باسم نصيحة تأخذ
طابع فتوى لأنها غير قابلة للنقاش .

ولعل من المؤكد بإن غياب الحدود في التفاعلات الاجتماعية ما بين الأفراد والجماعات
ليعبر عن نقص المجال الحيوي اللازم لنشوء ونماء شخصية متوزانة نفسيا واجتماعيا .
علما أن الحاجة إلى الاستقلالية هو شرط أساسي لشخصية قوية ومتفتحة لا يمكن أن تتحقق بدون
هذا المجال الحيوي المفترض ماديا و رمزيا.
ولعل الشعور بالأمان لن يتحقق لأي فرد يخاف صباح مساء من التدخل الاقتحامي في أدق شؤونه الخاصة باسم نصيحة فضولية ذات طابع تسلطي
أو غوغائي في العديد من الأحيان.
ذلك أن احترام النفس يظهر من خلال احترامنا للآخر ،لكينونته واختياراته واستقلاليته .



#عائشة_التاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحمي المواطن من عنف المؤسسات
- الشباب والقراءة
- بطالة الشباب الجامعي ،إلى أين
- حول آفة الخيانة الزوجية
- لنحصن ثقافة الحياة ضد ثقافة الموت والدمار
- سيدي مومن والوصم الإعلامي
- قراءة في رواية: حب في زمن الشظايا
- إلى روح المناضلة المغربية الأصيلة : حبيبة الزاهي
- الرعونة الملتبسة لشهريار عصري
- رعونة شهريار عصري
- .قراءة في الدلالات الاجتماعية و الثقافية لظاهرة الحجاب
- كذب الصغار،كذب الكبار
- التعهير النسوي : امتداداته الداخلية والخارجية
- لنحمي شمعة الأمل من رياح اليأس .
- رفيق الزمان الهارب
- ثقافة الاستعراض و التفاخر عبر حياتنا
- أحلام نازفة.
- ضحايا الهجرة السرية بالمغرب
- أالمرأة الحديدية ،أي وصف لأية امراة ؟
- الحداثة المؤسساتية ما بين الجوهر والصورة .


المزيد.....




- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عائشة التاج - الإفتاء الغوغائي عبر علاقاتنا الاجتماعية