|
سيكولوجيا البحث عن الخلاص ..بزيارة الأئمة والأولياء...القسم الأول
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 11:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
توطئة قد يثير هذا الموضوع حساسية بعض المعممين ، وسيستفز بالتأكيد بعض السياسيين من " الأفندية والمعممين " الذين يستثمرون بساطة الوعي ويوظفون المشاعر والمعتقدات لدى العامة من الناس بدوافع دينية لصالح أهداف سياسية . وبدءا ، أنا اجلّ وأعظّم الأئمة والأولياء من مختلف المذاهب، لأن بينهم من رفع السيف بشجاعة نادرة بوجه الحاكم الظالم وقتل شهيدا" من أجل الحق وإقامة العدل بين الناس ، وبينهم من حارب الحاكم المستبد بالكلمة وفضح أمره أمام الله وخلقه فنال منه ما نال من سجن واضطهاد وظل واقفا" بشموخ ، ومنهم من ترك لنا ذخيرة لا تنضب من الفكر النيّر الذي يدعو إلى الانتصار للحق والخير والتفاني في سبيل المبدأ حيثما كان من أجل الإنسان ، والكل يحني رأسه أمام هذه النخبة الفذّة التي سمت بالقيم الإنسانية وانتصرت للحق والخير والسلام وتقديس قيمة الحياة. تلك توطئة حتى لا تؤول قولي " عمامة " وضعت على رأس من لا يحمل صفاتها أو صاحب " لحية " أطالها بمكر خبيث لغرض أخر غير الدين، فأنا ما زلت ازور أضرحة الأئمة والأولياء واحني رأسي قبل دخول الضريح ، وأنا اجلّ واحترم كلّ " عمامة " عربية أو إسلامية ومن يكرم " لحيته " من الافندية ، الذين ينتصرون للمبادئ الإنسانية السامية ويتقون الله قولا" وعملا" ويحترمون قيمة الحياة ، واقبّل أيادي كلّ عمامة موقّرة ولحية مباركة تجد حلا" لمحنة العراق والعراقيين . مدخل عام يواجه الناس ، في أي مجتمع كان ، مشكلات وضغوطا وأزمات تدفعهم إلى إيجاد حلول لها وأساليب لخفض حدتها أو التخلص منها . ويتشابه البشر في أنهم يبدأون أولا بالبحث عن حلول عملية وواقعية لكنهم يختلفون في الموقف حين يصعب أو يتعذر عليهم إيجاد الحلول ، فينقسمون على قسمين : الأول : مواجهة المشكلات والتفكير بإيجاد بدائل لحلها ، والتعامل مع الضغوط إما بالتخلص منها ( إزالة المصدر ) أو العمل على خفضها بمناورات معرفية . ويعمد إلى استخدام هذا الأسلوب الذين يتعاملون مع قضاياهم الحياتية بعلمية وموضوعية ، ويرون أن ما يصيبهم من خير أو شر ونجاح أو فشل هم الطرف الرئيسي فيه . والثاني : تجنب مواجهة المشكلات والشعور بعدم القدرة على إيجاد حلّ عملي لها ووسيلة ناجحة للتعامل مع الضغوط . ويلجأ إلى استخدام هذا الأسلوب الأشخاص الذين يتصفون بقدر محدود من الوعي والذين يعتقدون أن أمورهم الحياتية تقررها قوى خارجية وأنهم ليسوا مسؤولين عما يصيبهم من خير أو شر ونجاح أو فشل . ملحوظة " الشهادة العليا ليست شرطا لازما لأن تضع صاحبها في الصنف الأول أعلاه . فقد نبّهت صديقا يعمل رئيس جامعة أن يكون حذرا في تنقلاته بعد أن تفاقمت عمليات استهداف أساتذة الجامعة ، فأجابني : لا تخف ، لن يصيبني مكروه إن شاء الله لأنني حين أخرج من البيت أقرا سورة ( يس ) ، ولم أجبه بأن في القرآن الكريم آية تقول :" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ". العراق ..بلد الأئمة والأولياء لا أظن أن بلدا في العالم بحجم العراق وبعدد نفوسه فيه أضرحة للأئمة والأولياء بقدر ما موجود في العراق ، ويعود هذا إلى أربعة أسباب رئيسية هي : أولا : تنوع الحضارات وقدمها في العراق . ثانيا : إن العراق بلد الأنبياء ، فأبو الأنبياء ، إبراهيم الخليل ، مولود في مدينة أور ، ولك أن تذهب إلى مدينة الموصل لتحصي عدد أضرحة الأنبياء فيها . ثالثا : الثراء الفكري والتنوع الفقهي ، يكفي أن نشير إلى أن أشهر ثلاثة مدارس في الثقافة العربية هي مدارس البصرة والكوفة وبغداد ،وأشهر مذهبين في الفقه هما المذهب المذهب الجعفري والمذهب الحنفي ، فضلا عن ثقافات المعتزلة وأخوان الصفا ..... رابعا : ظلم السلطة ، فعلى مدى أكثر من ألف وأربعمائة سنة توالت على حكم العراق سلطات قاسية في ظلمها هي الأموية والعباسية والعثمانية والبعث. إن تفاعل هذه الأسباب فيما بينها أنتج كثرة الأولياء والرجال الصالحين في العراق. غير أنني أضع في المقام الأول " قساوة السلطة وظلمها للعراقيين " بزمن متصل امتد أكثر من ألف وأربعمائة عام . وكحقيقة سيكولوجية فأن الإنسان يرفض الخضوع للسلطة ما لم يكن لديه يقين بشرعيتها وعدالتها ، وكان من بين أبرز الأشخاص وأشجعهم الذين رفضوا طاعة السلطة الظالمة هم من الأئمة والأولياء أو الذين صاروا بعد الوقوف بوجهها من الأولياء . الزيارات في المناسبات الدينية : في زيارة الأمام موسى الكاظم " ع " نهاية الأسبوع الماضي 9 /8 /07 ، أفادت القنوات الفضائية التي واكبت المسيرة بأن عدد الزائرين كان بين مليونين إلى ثلاثة ملايين معظمهم جاء سيرا" على الأقدام برغم شدة الحر في آب اللهاب . ولنا أن نتساءل عن الأسباب وراء هذا العدد المذهل من الزائرين في ظروف الحر الشديد وعلمهم المسبق بأنهم قد يتعرضون إلى الموت بعبوات أو أحزمة ناسفة أو تفجير سيارات مفخخة أو قذائف من مدافع هاون وغيرها من وسائل الموت بما فيها تسميم مياه الشرب : هل فعلا" أن السبب كان دينيا" وأداء شعائر واجبة ، أم أن ورائها أسبابا سياسية وإعلانا" تحذيريا" على لسان طائفة تريد أن تقول للخصوم والأعداء والمحايدين " مهما صار بنا فنحن ها هنا موجودون " ؟ . وإن كان وراء هذا الحشد البشري الضخم " سياسة " .. اعني تعبئة سياسية من أحزاب دينية ـ سياسية فأنني اترك الأمر للمحللين السياسيين ، فما يعنيني هنا هو الأسباب السيكولوجية ليس إلا . لقد تابعت عددا من المقابلات التي أجرتها قنوات فضائية مع زائرين وزائرات ، فوجدت أن لديهم حاجات يأملون تحقيقها من هذه الزيارة حددوها في إجاباتهم على ألسنتهم بالأتي : · نريد الأمان . أولادنا تكتلوا " قتلوا " واحنه عايشين بخوف والى متى نظل اليطلع من بيته ما يدري بروحه يرجع لو يموت . · ونريد الكهرباء .. الله أكبر طكت أرواحنا . · ونريد السياسيين يتصالحون ويديرون بالهم على الشعب مو يظلون يتعاركون على الكراسي والشعب حال الضيم حاله .. يزي عاد تره شبعنا تعب. هذا يعني أن زيارة هذه الملايين لضريح الإمام موسى الكاظم كانت : عرض مظالم وتقديم طلبات لتحقيق حاجات عامة تتصدرها حاجتهم إلى الأمان . ونسأل : إن الذي أرعب الناس وافقدهم الأمان هم : القاعدة وقوات الاحتلال والمليشيات وعصابات الجريمة ، فما الذي يفعله الإمام بقتلة مجرمين نسفوا حتى أضرحة أحفاده من الأئمة الأطهار وقتلوا الآلاف من الناس المسالمين والنساء والأطفال الذين لا علاقة لهم بالسياسة وبالطائفية ؟ ! . ربما سيكون جوابهم : إن للإمام جاها عظيما عند رب العالمين ... وجوابنا : وهل أن الله سبحانه غافل عما يفعلون ؟! وكانت حاجتهم الثانية : " نريد الكهرباء " . ونسأل مرة أخرى: ما شأن الإمام " ع " بتوفير الكهرباء للناس ؟. هل أن وزير الكهرباء " ظام " هذه النعمة عن الناس وان الإمام سيؤنبه ويأمره بتوفيرها إلى عباد الله . وإذا أجاب الوزير بأن قلبه " محترق " على الناس ولكن " ما بيدي حيله " فهل يأمر الإمام الحكومة بشراء المولدات العملاقة ، وأنها ستستجيب لأمره فورا" فتنير العراق من زاخو إلى أم قصر ؟ ! وكان الطلب الثالث للمسيرة المليونية هو " إصلاح حال السياسيين " . ونسأل ثالثة : وهل الإمام " ع " قادر على إصلاحهم ، وهم الراكبون رؤوسهم من أربعة أعوام ، وراح بسبب خلافاتهم مئات الآلاف من الضحايا وستة ملايين بين مهاجر ومهجّر ومئات المليارات من الخسائر المادية ؟ ثم أن الله سبحانه يقول في محكم كتابه الكريم :( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، فهل بعد الذي خبرنا ثمة أمل بأن قادتنا السياسيين قادرون على تغيير ما بأنفسهم؟. سيداتي آنساتي سادتي : ثقوا لو أن موسى الكاظم " عليه السلام " خرج بنفسه ودعا المتخاصمين من السياسيين إلى المصالحة لما أطاعوه . ولو أنه حظر اجتماعا" واحدا" للحكومة لراعه أن يجد بين الذين صارت أمور الناس بأيديهم على هذا المستوى من الجهالة والضلال المبين . يتبع القسم الثاني
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفصام ( الشيزوفرينيا ) ( 3 4 )
-
الفصام ( الشيزوفرينيا )( 2 4 )
-
الفصام ( الشيزوفرينيا )( 1 4 )
-
سيكولوجيا فوز الفريق العراقي
-
المجتمع العراقي.. والكارثة الخفية
-
تصنيف الأكتئاب وعلاجه
-
أنا أنافق ..إذن أنا موجود!
-
التوحّد- القسم الثاني -د
-
التوحّد- القسم الاول
-
لماذا يحصل هذا للعراق والعراقيين ؟!
-
أستاذ ( مجنون ) يحصل على جائزة نوبل !
-
العراقيون ..وسيكولوجية الاحتماء
-
الرهاب ( الخوف المرضي )
-
الاضطرابات النفسية الجسمية ( السيكوسوماتك )
-
لسيكولوجية الفتنه...قوانين !
-
العربي..والهوس بالسلطة
-
العرب .. أكثر المجتمعات تعرضا- للاصابه بالشيزوفرينيا
-
الحول الإدراكي...في العقل العربي
-
أحقا... أننا خير أمّة ؟
-
روح فهمّه للديج!
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|