حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 03:56
المحور:
حقوق الانسان
لقي ثلاثةُ مواطنين مصرعَهم علي طريقِ الساحلِ الشمالي، توقفَ المرورُ علي طريقٍ سريعٍ ليمرُ موكبُ وزيرٍ، ضحايا أبرياءٌ وأدَ حياتَهم موكبُ أحدِ خدامِهم، وزيرٌ. من هو؟ ليس مسئولاً عن الكارثةِ، لكنه نظامٌ استهترَ بحياةِ مواطنيه، حمايةً لمن لم يقدموا ما ينفعُ، أصيبوا بتضخمِ الذاتِ من فرطِ المواكبِ، نسوا أن المواطنَ لا يعرفُهم، ولا يحترمُهم، وأنهم مجردُ كباشِ فداءٍ سيُضحي بهم في أقربِ مناسبةٍ.
مشاهدٌ التشريفةِ والمواكبِ تتكررُ، كثيراً، أصبحت من بلايا الحياة ونكباتِها، الخروجُ إلي الشارعِ محفوفٌ بها، في أي وقت، لا اِعتبارَ لحياةٍ بشريةٍ قد تُفقد، لطلبةٍ سيتخطاهُم وقتُ امتحانٍ، لطائرةٍ قد تطيرُ في موعدِها، لحريقٍ نهمٍ، لأطفالٍ قد يتوهون من أهاليهم.
تُوقَفُ الحياةُ، بشرٌ مسجونون، في الشوارعِ، وقوفاً أو داخل مركباتِهم، ممنوعٌ تَحَرُكُهم، عبورُهم من رصيفٍ لآخرٍ، الطريقُ مختنقٌ، مُجَمَدٌ، حارٌ، خُنِقَ الأملُ؛ الشوارعُ العامةُ أصبحت مُلكاً خاصاً، البلدُ كلُها. الانفصالُ كارثيٌ بين من يحكمُ والشعبُ، التشريفةُ والمواكبُ تؤكدُه، تُزيدُه اِتساعاً، لم يعد ممكناً تقريبُ المسافاتِ. مفهومُ حقوق الإنسان لا وجودَ له، ولا حقَ الشعبِ واحترامَه، ولا الوقتَ من ذهبٍ، ولا العملَ، ولا العلمَ، ولا الحياةَ الإنسانيةَ ذاتَها.
الآلافُ ساخطون في سجن التشريفةِ والمواكبِ، مُنعزلون عن العالم، لا يعرفون لمحنتِهم نهايةً، ولا متي يصلون لبرِ الأمانِ، هم وخسائرُهم خارجَ الحسابِ. منذ سنواتٍ اِنفجرَ رحِمُ امرأةٍ في إحدي التشريفاتِ، دُمرت حياتُها، بلا ذنبٍ، ليست وحدَها، إنه شعبٌ بأكمله.
التشريفةُ والمواكبُ رموزٌ لأسلوبٍ، دليلٌ عليه، الإطالةُ مُرةٌ، من القاتلُ يا تري؟
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟