|
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 8
أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 03:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بعدما يتحقق التحرر من الشكل الاجتماعي الذي يمنح القيمة .. والبحث عن قيمة أكثر قيمة وحضورا وقوة .. يشعرنا هذا وكأننا غادرنا أرض النفاق الى أرض جديدة مليئة بسطور غير مقروءة بعد .. وهي تأتي حيث يصبح الشعور بالتسليم قوة حاضرة .. لأن التسليم ليس بالمعنى السشلبي وإنما هو في مكمنه قوة وتعزيز والتسليم قد لا يكون في البداية كليا او شاملا .. إنما هو بدء الاعتراف الكلي والمطلق بالله تعالى كوكيل او كنصير او كولي ولاية مطلقة وشاملة ومسؤول مسؤولية كاملة عن رعيته ورعاياه بالتمام .. هنا يصبح الشعور بالتحرر أكثر حضوراً في قلب أو داخل المعاين .. ذلك أن سلوك طريق اليقين بالتسليم كنتيجة وكغاية وكوسيلة أيضاً هو المطلب في النهاية .. ولن يتحقق التسليم إلا بالاعتراف المطلق لحضور الله في القلب والعقل .. وهو منتهى غايات الرحلة إلى الله تعالى .. إنما يكون التمرين القاسي بل والأكثر قسوة هو تمليك ما تملك لله تعالى مباشرة دون فرض أي سشلطة من الذات على القلب أو الوجدان أو الشعور بعامة .. فهو حق التقرب او بالمعنى الدقيق هو حق الاعتقاد والإيمان السوي الحقيقي .. ومن ثم يبات هذا يتطلب اول ما يتطلب تكسير او تحطيم الأصنام أو الأفكار او كل ما يقف حائلا بين الله والقلب .. او بين هذه الحرية والتسليم لله وبين ما يطلبه القلب او يهفو اليه .. لذا لابد من تخلية القلب من كل ما يصبح كقدرة واهية تسعل القلب وتعميه عن الصراط المستقيم .. وليس الصراط بالمعنى السلوك فقط ولكن ايضا خاطر القلب وانشغال العقل أو الفكر .. ومن ثم يتحول هذا الخاطر او هذا الفكر إلى سلوك .. لذا لابد قبل تعديل السلوك تعديل للفكرة ورهان القلب والجوارح على ما يقرب بين الإنسان وبين الصراط المستقيم .. ليصبح في نهاية الأمر الفعل لله .. وفعل الله هو الفعل الأساسي وعلى الميقين بالله ان يصل الى الغاية والحكمة من فعل الله هنا يتحقق التسليم ايجابا وليس سلبا بمعنى ان التسليم لله هو تسليم مطلق لفعله المبني او المنطلق من مطلق عمله ومطلق حكمته ايضا .. لذا فالله ولله المثل الأعلى في تصريف الأمور وتصريف الأسباب بما يليق بعمله وحكمته ومن ثم وقبلا بقدرته .. عند هذه اللحظة يكون التسليم لله هو تسليم لما جاز لنا من اجتهاد في تحصيله من احساس بالله ويقين به تعالى وعلا .. حتى يلتصق بالقلب والعقل حضور قوة الله ونوره وأيضا جلاء البصيرة مع الله ومع هذا النور وهذا الحضور .. ومن هنا يصبح المعاين لتجربته أكثر حرية وتحرراً ولكنه أيضا يصبح أكثر عبودية ويقينا .. وتصبح قوته فيما أصبح يمليه عليه يقينه فقط أو ما يمكننا ان نطلق عليه الإيمان الحقيقي .. ومن ثم يصبح قادرا على اكتساب مقدرات الصبر والحكمة والحيلة القوية والنبيلة في تحقيق غاياته .. لأنها تصبح جزءاً من حكمة الله وغايته .. إلى جانب التنزه عن صفات السلب روديا رويدا .. هذا مطلب هو في حد ذاته خطوة أساسها التمهيد للقوى الأكبر التي سوف يملكها المعاين بعد فترات من التمرين والتحول وهي قصيرة / طويلة .. اأو طويلة / قصيرة .. فيها لا يحسب الزمن بالمعادل الموضوعي له إنما ينتهي الزمن والاحساس به عند حدود التجربة كزمن افتراضي هو مرور او اعتبار مراحل وقطعها زمنيا نعم إنما في باطنها هي تفتيت وتركيب أو تحليل وتنسيق .. وما هذا إلا مجرد مسح او تبديد ضبابية القلب والعقل .. وتمكينهما من قوة ملازمة لهما حتى يتمنا من الحياة والمواصلة والتواصل ولكن ضمن شروط جديدة .. هي شروط تحققت بفعل التجربة وبإعادة الإحساس بالله وإعادة صياغة العلاقة به كم جديد ضمن قواعد تفكير ومشاعر لا تعتبر للحواس المباشرة فقط إنما تستحضر قوى الرحمن في نطاق إنسانية أكثر شمولا وأكثر خصوصية وأكثر أمنا وأمانا . فكلما استحضرت الذات فعل الله ونوره امتدت الحواس لأبعد من حدودها .. حتى تضمن الخروج عن قاعدة الالتزام المادي الصرف أو البحت .. وتصبح أكثر نورانية ومن ثم أكثر انطلاقا واستشكافا .. فيزداد التماع الأشياء والشخوص .. حتى تبات في كشف مستمر وحضورا أكثر واقعةي من ذي قبل .. لأن ما كان مهملا وقيد التهميش .. أصبح حاضرا وله فعله وشروط استقباله وارساله أيضاً . قد خرجت الروح من مرحلة التحدي وأيضا من مراوغة الاستسلام لنزوع النفس وأهوائها بعدما تلاشت هذه الأهواء وهذه النوازع .. وباتت الروح أو النفس بعد تقويمها مجهزة بأدوات إحساس جديدة لا تخدع ولا تخدع .. أو هي لا تمارس الخداع ولا يمارس عليها الخداع .. حتى تصبح في مرحلة أكثر استعصاءاً لتقبل وجه تجربة العمق أو الأعاق بأكثر قوة وكثر سيطرة .. لتدخل مناطق أكثر غوراً وعمقاً ولربما أكثر إيلاما وجرحاً .. ليس هو بكسر للطبيعة التي فينا إنما هو تليين أو تحريك الوجهة لما يناسبها ويمنحها سلطة جديدة .. هو تفجير لطاقات غير معلن عنها .. إنما فكرة إدخال الروح او النفس داخل إعصارها الخاص .. يبدد ظلمتها وظلامها .. كم من الطقوس تغيرت وتبددت بفعل التعرية الطبيعية او المفاجئة لنا .. ليتكشف لنا من قلب هذا الاعصار قوى لم نستشعرها من قبل فينا .. فنتوحدها لتصبح بعد ذلك طبيعة فينا .. من هنا تتردد النفس او الروح على مناطق جديدة .. قد يخيفها فكرة الخسارة .. بمعنى انها سوف تخسر أشياء اعتادت عليها أو تعودتها أو استمرأتها بفعل العادة وارتاحت لها واطمأنت لها وفيها .. من هنا كسر العادة أو الخروج من نطاقها محاولة تبقى قيد الحركة والاستمرار طيلة التجربة حتى تستوي النفس والروح اسلوبا مفارقا لما كن لها من قبل .. وتتحقق من ايجابيتها في هذا .. بأنه عكس ما ترغب النفس .. فكلما تخطت الروح غاية النفس وأخذت بيدها .. كان حقا عليها ان تستشعر في هذا منتهى اليقين والأمان والإطلالة من ثم على عالم جديد أكثر رحابة و أكثر حرية .
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمن المخابراتي .. إستراتيجية تخليص البيانات
-
إجراءات تطبيق الشعار إشكالية إجراءات التطبيق .. بين الخصوص و
...
-
كيفية احتواء رجل الشارع من قبل ضابط الأمن 1 الإسناد لقوة الض
...
-
كيفية احتواء رجل الشارع من قبل ضابط الأمن (2)الدعاية والتعلي
...
-
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 7
-
البنية المجتمعية من وجهة نظر بنائية / مفهوم .. وتطبيق 2
-
البنية المجتمعية من وجهة نظر بنائية / مفهوم .. وتطبيق 1
-
غياب ..
-
جدلية التحول والتغيير
-
مكاشفة ..1
-
مكاشفة ..2
-
سبيل ..
-
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 6
-
تغير نوعي أم .. طفرة نوعية .. ؟
-
الإعلام والناسخ والمنسوخ ..3
-
التأويل واستبطان المعنى لقصة - مريم - للكاتب مختار محمود
-
محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 5
-
إلى أسير ..
-
فيما بدا ..
-
ذوق ..
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|