أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عمر أبو رصاع - الطبقة الطفيلية و اشكالية النهضة















المزيد.....

الطبقة الطفيلية و اشكالية النهضة


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 11:32
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يتصور بعض القراء أننا بمحاولتنا الكشف عن جذور الخلل الحقيقي الذي يعيق النهضة و يكرس التخلف نركز على جوانب و نهمل الأخرى ، الواقع لا يوجد فصل بل هناك تأسيس ؛ بمعنى أن الرؤية التي نطرح جوانبها ليس في هذا المقال حصراً بل في كل ما نكتب تقريباً لا تقلل من أهمية التطور الفكري و العقيدي ....الخ
إلا انها لا تعتبره الأساس الذي تنطلق منه النهضة ، و لا تصلح منطلقاً يبنى عليه من أجل التغيير ، المحرك الحقيقي دائماً في حيوات الشعوب هو جانب الحياة المادي ما يمكن قياسه و ما يستطيع فعلاً ان يفسر لنا كيفية توزيع القوى داخل النسيج الاجتماعي و بالتالي المصالح و ارتباطاتها الحقيقية ، ليس هذا بحال رفضاً لتطوير الرؤى الاعتقادية و الفكرية بل اننا نعتبرها نتاج طبيعي تطوري لنهضة الشعوب يتبعها و يستجيب لها لكن السؤال هنا كيف تكون هناك قوة متنامية اجتماعية صاحبة مصلحة حقيقية في التطور و التغيير و من هي القوى التي تتصدى لاعاقة التطور ؟ تلك هي القضية .
على سبيل المثال لا الحصر نعرف ان المذهب البروتستنتي الذي مثل اصلاحاً دينياً جاء به مارتن لوثر و الذي تبنته ألمانيا مثلاً وشاع في شمال غرب اوربا جاء انسجاماً مع الرغبة المتنامية للدولة القومية الأوربية في الفكاك من هيمنة الكنيسة الكثوليكية ، السؤال هنا لو لم تتوفر الظروف الموضوعبة الحاضنة لهذا المذهب هل كان من الممكن ان يكتب له النجاح و الانتشار؟!
المسألة أن الطرح الفكري و الديني الجديد يأتي استجابة لاحتياجات الجماعات البشرية يحاكي واقعها هي و كذا القانوني و كل مكونات البنية القيمية للمجتمعات ، إن التغيير الذي ترومه و أرومه في مستوى البنيات الفوقية للمجتمع لن يكتب له النجاح أبداً إن لم تتوفر الظروف الموضوعية المادية التي تجعل منه حاجة لا بد منها فالقوى الفاعلة داخل المجتمع البشري لا تتحرك للتغيير ترفاً بل تحت إلحاح الحاجة .

عندما حللنا وضع المجتمع العربي وجدنا أن معضلته الأساسية في بنيته تتمثل في وجود طبقة طفيلية (كمبرادورية) متداخلة في كل بنيات نسيجه الاجتماعي متنفذة بسلطته ، طبقة تهيمن على الجزء الأكبر من هذا الاقتصاد الريعي الذي اساسه النفط و ريع الارض بشكل عام و العلامات و الوكالات التجارية ، تتميز هذه الطبقة اساساً بالتالي (سنختصر ونركز قدر الامكان):

1- الميل الاساسي للتربح من النشاطات غير الانتاجية وهي بشكل رئيس تقوم بدور الوسيط المستغل للشركات العالمية الكبرى (شركة النفط ، شركات السلاح، العلمات التجارية الاجنبية )
2- تكرس النمط الاستهلاكي في المجتمعات العربية للمنتج الأجنبي ( السيارات و الملابس و المطاعم الاجنبية و الكهربائيات .....الخ) و المضاربات على الأصول.
3- ملتحمة بالانظمة السياسية ، إذ يصعب تماماً الفصل بينها و بين النظام السياسي القائم فهي متداخلة فيه عضوياً بل أن معظم نسيج السلطة القائم هو جزء من هذه الطبقة.
4- بحكم سيطرتها على الجزء الأكبر من الدخل فهي صاحبة مصلحة عضوية في استمرار المنظومة القائمة بكل ملامحها سياسياً و قانونياً و دينياً ......الخ لأن أي تغيير في هذه المنظومات القيمية للبنية الفوقية للمجتمعات العربية معناه المساس بمصالحها الحيوية و بالتالي يمثل الحفاظ على ما هو قائم هدف اساسي و استراتيجي لها ، و هي مستعدة لانفاق اموال طائلة للترويج لمنظومة القيم المهيمنة و تكريسها أكثر و أكثر.

من نتائج هذا الوضع
1- الحؤول دون نمو قطاعات الانتاج الحقيقية المادية و الخدمية بصورة تتسق و مستويات الدخل القومي و هذا ما يفسر نمو الثروات النقدية بمعدلات تفوق بمرحل نمو رأس المال المنتج و تكرس الثروة في نسبة بسيطة و نمو الفارق بين الطبقات الاجتماعية المكونة للنسيج الاجتماعي.
2- فساد مالي هائل في القطاع العام و توجيه الانفاق العام بحجوم لا تتناسب مع الدخل إلى ابرام صفقات أهمها صفقات السلاح دون اي معنى او مبرر إلا تحقيق مصالح الشركات المنتجة و حائزي العمولات من ابناء هذه الطبقات الطفيلية و الأمر ينسحب على انوع مختلفة من الصفقات التي تبرمها الحكومات .
3- حماية النظام السياسي القائم بقوة هذه الطبقة المالية داخل المجتمعات و اعاقة اي تكريس للديموقراطية و الحرية و قيم الحضارة المعاصرة التي تعطي الفرد في السواد الأعظم من ابناء الشعب هامش أكبر لذا فإن ما هو متوقع تطويرها لنظام ديموقراطي تحت سيطرة هذه النخبة الطفيلية يستعصي على دخول نخب أخرى برؤى مختلفة بجعله خاضع ومعبر عن توزيع الثروة و ليس المصالح الاجتماعية.
4- تدمير اي طليعة طبقية من شأنها ان تنافس الطبقة الطفيلية او ابتلاعها داخل نسيجها و تهميش أي خطاب مغايير و لو بالقوة و القانون (نصر حامد ابو زيد نموذجاً ) و هذا التهميش أحد أهم عناصره تغول القوة الاعلامية للطبقة الطفيلية و تمويلها أيضاً للمؤسسة الدينية الرسمية و غير الرسمية معاً.
5- تكريسها لنموذج التدين وفق حاجة و مصالح هذه الطبقة و الجهات الامبريالية العالمية التي تعمل بخدمتها مصلحياً ، مثلاً عندما كان هناك مد يساري و قومي عملت على تغذية و تمويل منظومة دينية جهادية للتصدي لهذا المد كانت أبرز تجلياته الجماعات الدينية في مصر و الجهاد في افغانستان ثم انقلبت عليه بعد ان استنفذ اغراضه فصارت الآلة الاعلامية الدينية تكفر هذا النموذج الذي انتجته و تسمه بالتعصب ، و الآن تعمل على ترويج تدين ذو نزعة صوفية تسليمية منعزلة عن الواقع توظف الاعلام بشكل متنامي و فعال لعل ابرز ملامحه الداعية عمرو خالد ، و بالتهميش و التكفير و احيانا القانون تواجه بكل قوة نماذج تحاول ان تقدم تصورات أخرى للدين.

إن الحديث عن النهضة يتطلب وعياً تاماً لخطورة هذه القسمة و لهيمنة هذه الطبقة بمختلف تجلياتها و استطالتها و يتطلب رؤية عملية برامجية تنطلق من واقع مجتمعاتنا كما سبق و طرحنا في أكثر من مقال ، نحن بحاجة لاستراتيجية تنموية تركز على بناء قطاعات الانتاج و توسيع اطر السوق العربية بفاعلية و نمو التجارة البينية و منظومة أفضل لتوزيع الدخل و الثروة بين مختلف الطبقات الاجتماعية ، وتطوير منظومة التعليم و ربطها بالمؤسسات العالمية الرائدة لضمان كفاءتها و فعاليتها فالعلم هو العنصر الاساس في بناء اي نهضة إن القدرة على انتاج أجيال متعلمة تعليماً منتجاً يعني بالضرورة انتاج جيل مبدع و قادر على حمل أعباء النهضة و إطلاق الحريات العامة في مختلف المستويات وحماية المبدعين و برامج فعالة لتطوير و تكريس الممارسات الديموقراطية في مختلف المستويات ، اننا نتكلم عن ردم الهوة المتنامية بين الطبقات أيضاً لضمان الأمن الاجتماعي مما يعني منظومة أفضل للتأهيل و لتوزيع الدخل و حزمة أوسع للأمان الاجتماعي .
ان ما تحتاجه مجتمعاتنا برامج عملية تجعل الاساس في بنيتها التنمية المجتمعية في مختلف الميادين و المجالات و حل جذور المشكلة و نظام مصرفي موجه لتمويل رأس المال المنتج أساساً و ليس لتمويل النصابين و الاستهلاك التخريبي.



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين بين الدولة والثورة -2
- فلسطين بين الدولة و الثورة - 2
- فلسطين بين الثورة والدولة - 1
- المادية التاريخية : خامس عشر : خامس عشر : ظهور البلدات الإقط ...
- الأمانة بين البحث و الكهانة
- المادية التاريخية : رابع عشر : النمط الإقطاعي
- المادية التاريخية : ثالث عشر :النط الإقطاعي
- مقاربة جديدة لاشكالية التعليم
- المثقف موقف وليس عارض ازياء
- المادية التاريخية : ثاني عشر : النمط العبودي : العبودية والد ...
- طاعون العرب : العرب هم ملوك الأمية في العالم
- حادي عشر : نمط الانتاج الاسيوي
- عاشراً: المادية التاريخية : المشاعة البدائية
- تاسعا : المادية التاريخية :مفهوم التشكيلة الاجتماعية الاقتصا ...
- ثامناً: المادية التاريخية : مقدمة
- سابعا: قانون المادية الجدلية الثالث : نفي النفي
- سادساً: قوانين المادية الجدلية...(2)التراكمات الكمية تؤدي إل ...
- قوانين الجدل المادي .....(1)قانون وحدة وصراع الضداد (5)
- المدخل إلى المادية الجدلية والتاريخية (4) تعريف المادية الجد ...
- المدخل إلى المادية الجدلية والمادية التاريخية (3) لمحة عن تا ...


المزيد.....




- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عمر أبو رصاع - الطبقة الطفيلية و اشكالية النهضة