|
فيورباخ .. سيرة نبي ومجاهد ( الجزء الأول )
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 11:32
المحور:
سيرة ذاتية
من هو فيورباخ ؟؟؟ ولد لودفيج فيورباخ في 28 تموز عام 1804 ، في مدينة ( بافاريا ) الألمانية ، على الرغم من نشأته الكاثوليكية فقد تربى على المذهب البروتستانتي !! أبدى اهتماما بالدين وهو مايزال طالباً في مرحلة الدراسة الإعدادية , في عام 1823 درس في جامعة هايدلبرج العلوم الدينية البروتستانتية لم يتم تعليمه ذلك ، تحول عام 1824 لدراسة الفلسفة في مدينة برلين ، بإشراف أستاذه هيجل (1770-1831). وعلى مدى عامين واظب لودفيج فويرباخ على الاستماع إلى محاضرات هيجل في علم المنطق. وفي عام 1826 أضطر ،إلى العودة إلى مقاطعة بايرون ، لدراسة التأريخ في جامعة أيرلانجن. وبعد سنة دراسية واحدة ، كتب أطروحة جامعية في موضوع علم النبات أسماها( العقل لانهائيته وحدته عموميته ) . وفي حزيران (يونيو) عام 1828 تخرج من الجامعة في اختصاص الفلسفة ، ثم حصل في نهاية العام نفسه على شهادة الدكتوراه. وفي غضون الأسابيع القليلة اللاحقة ، بدأ وظيفة التدريس في جامعة أيرلانجن. وكان كتابه ( خواطر حول الموت والخلود ) باكورة مؤلفاته ، نُشر في عام 1830 بعد الأحداث التي هزت ألمانيا ، نتيجة ثورة تموز الباريسية. وبحجة احتواء الكتاب على أراء ناقدة للدين ، تم حظره بعد نشره مباشرة ! وتعرض الكاتب بسبب ذلك إلى الملاحقة البوليسية. ونتيجة الإحباط توقف فويرباخ عن التدريس في الجامعة ، ابتداء من ربيع عام 1832. كتب فويرباخ في موضوع "تأريخ الفلسفة من بندكت وحتى سبينوزا". وما أن أنتشر صدى تلك الكتابات ، حتى أستدعي فويرباخ من قبل جمعية النقد العلمي الهيجلية ، للمشاركة في تحرير مؤلفها السنوي. وجلب م الأنظار موضوعان مما نشره فويرباخ في الكتاب السنوي ، كونهما يتعرضان بالنقد إلى المدرسة المثالية لهيجل. وألقى فويرباخ للمرة الأخيرة ، محاضرات في الفلسفة في جامعة أيرلانجن ، ضمن الفصل الشتائي للعام الدراسي 1835/36. في عام 1837 تزوج من المالكة الصناعية( برتا لوف ) ، وسكن معها في جناح من المصنع الذي كانت تملكه مما مكنه من التفرغ للتأليف الفلسفي . أهتم بنظريات عالم الرياضيات الألماني لايبنتس ، وتلقى من آرنولد روجر دعوة للعمل معه ، في جمعية الهيجليين الشباب ، وذلك بالمشاركة في إصدار الكتاب السنوي للجمعية عام 1838. وجد فويرباخ في ذلك المطبوع فرصة جيدة ، للتفاعل مع أيديولوجية وأفكار عصر النهضة ، فنشر كتاب ( نقد الفلسفة الوضعية ) في عام 1838 ، وكتاب ( نقد الفلسفة الهيجلية ) عام 1839. وفي عام 1841 صدر كتابه الشهير ( جوهر المسيحية ) الذي طور نقده للدين بشكل كبير . وفي عام 1842 بدأ بكتابة مواضيع معاصرة حول إصلاح الفلسفة ، التي تأخر إصدارها في كتاب بسبب الرقابة حتى خريف عام 1843. وفي هذا الكتاب ، تعرض فويرباخ إلى طرح السؤال التقليدي ، حول كيفية توصل الإنسان إلى فكرة "الأنا" التي كونت الوجود ، ونشوء الفكرة المطلقة ( الحقيقية المطلقة ) . وتعرض فويرباخ إلى ضائقة مالية ،بسبب تراجع الأرباح للمصنع ، العائد إلى زوجته. وفي فرانكفورت أقام علاقة مع كتلة برلمانية متطرفة كانت تعرف بإسم نادي دونرزبرغ (اليساريين الديمقراطيين ) . وأكتشف فويرباخ في وقت مبكر عدم جدوى الجهود البرلمانية ولم يعول عليها كثيراً !!! . وأنتقل في خريف عام 1848 إلى هايدلبرج ، بناء على دعوة طلاب الجامعة هناك ، لإلقاء 30 محاضرة فلسفية مفتوحة عامة ، في موضوع طبيعة الدين ، استمرت لغاية آذار من عام 1849 ، استنادا إلى كتابه جوهر الدين. وتمنى طلابه آنذاك أن ينضم فويرباخ إلى الهيئة التدريسية لجامعة هايدلبرج ، لكن إدارة الجامعة مانعت بشدة في ذلك وآثرت عدم التعاون معه ، بتأثير مباشر من رجال الكنيسة !!!. وقررت عدم السماح له بإلقاء المحاضرات في قاعاتها ، مما أضطره إلى استخدام قاعة البلدية لهذا الغرض. وتنوع زوار محاضراته الذي وصل عددهم 250 مستمعاً ، بين طلبة الجامعة الذين شكلوا نسبة الثلث ، وبين المواطنين من خارج الجامعة الذين كونوا الثلثين. وجمع محاضراته الثلاثين التي ألقاها في هايدلبرج ، في كتاب صدر عام 1851 في ثمانية أجزاء أسماه: "محاضرات حول جوهر الدين. وبعد اندلاع ثورة آذار عام 1848 ، طُلب من فويرباخ الترشيح نائباً في برلمان فرانكفورت. ثم عاد عام 1849 إلى بروكبرج تملأ قلبه المرارة ليراقب انحسار الثورة في عموم القارة الأوربية. ونشر مقالتين ساخرتين كتبهما بأسلوب مفعم بالانتقاد اللاذع لقوى الرجعية المنتصرة ، أشتهر في إحداهما وكانت بعنوان ( درس في المواد الغذائية للمواطن ) ، من خلال قدرته الفائقة على استخدام الألفاظ اللغوية لأغراض النقد ، مثل : ( إن الإنسان هو ما يأكل!) فيما هاجر زملاؤه النشطاء إلى كل مكان خارج ألمانيا هرباً من الملاحقة البوليسية ، قرر فويرباخ الهجرة إلى الولايات المتحدة ، لكنه عدل عن الفكرة ، بسبب عجزه عن الحصول على المال اللازم ، لتغطية تكاليف الرحلة! وفي عام 1859 أفلس مصنع بروكبرجر كلياً. ولم يخسر فويرباخ وزوجته كل مدخراتهما وحسب ، وإنما طردا أيضاً من السكن فيه! وبعد جهود مضنية أستطاع العثور على دار قديمة للسكن ، قرب نويرنبرج وقد ساعده أصدقاؤه من زمن الثورة ، في ترتيب الدار ونقل أثاثه إليها وفي تغطية مصاريف المعيشة ، وذلك من خلال جمع التبرعات. وأنخفض معدل كتاباته كثيراُ ، مقتصراً على المقالات البسيطة ، حول الروحيات والماديات وحرية الاختيار. و هزت الحرب بين بروسيا والنمسا عام 1866 فويرباخ من الأعماق ، فبدأ على غير عادته يهتم بالأوضاع السياسية. لكنه رفض تماماً المشروع الوحدوي لبسمارك ، وعدّه مشروعاً تعسفياُ لا يترك للناس حرية تقرير مصيرهم. وأنكب في تلك الفترة من حياته ، على دراسة الجزء الأول من كتاب "رأس المال" لكارل ماركس. كما وأبدى تضامنه مع حركة التحرر النسوية ، المتصاعدة آنذاك في الولايات المتحدة. وفي عام 1868 بدأ كتابة مؤلفه الجديد ، حول الأخلاق وحرية الاختيار ، ولكنه لم يتمه. ألتحق في عام 1869 بحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي ، استجابة للعلاقة مع صديقيه ليبكنشت وبيبل. وفي نهاية عام 1871 ظهر على صفحات جريدة الحزب نداء يدعو القراء إلى جمع التبرعات للفيلسوف فويرباخ ، الذي أصابه الفقر المدقع. وكررت صحف أخرى نشر النداء ، فاستجاب القراء لذلك النداء ، وتوفر لديه مبلغ من المال ، كاف لضمان معيشته مع زوجته وأبنته حتى رحيله.
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة عن توم وجيري .. مقدمة عن الكآبة .. مقدمة عن الطب النفس
...
-
بأسم حبة مخدر نبتدأ
-
الغزالي في مستفى الأمراض العقلية .. تهافت الكهنة والرعاع
-
تمهيد للماركسية .. حلقة رقم 3
-
تعريف الماركسية .. حلقة رقم 2
-
نحو مفهوم مبسط للماركسية .. حلقة رقم 1
-
تناقضات سجينة بين جدران الكعبة
-
الدرزية .. صفحة غير واقعية في كتاب العروبة الأسود
-
جمال عبد الناصر .. سيرة فرعون مصر في سطور
-
المعتزلة .. اليسار في مواجهة عار اليمين الأسلامي
-
الأخوان المسلمين .. موجز تاريخي لطبخة البنا الشهيرة
-
أعتماد .. قصة قصيرة
-
عندما يحلم الله
-
في المطعم المسيحي
-
آزمة الرومانسية في المجتمع العربي
-
جرذان لكن بشر .. عالم من أنصاف البشر
-
هيفاء وهبي ..أخر القديسين
-
السلفية البابلية .. أزمة الهوية العراقية
-
عمر بن الخطاب .. بداية التاريخ العربي الأسود
-
من وحي ملاك ثمل .. قصائد
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|