يتفق العاقلون المحبون أن الحرب لا تسوي المشكلات الإنسانية. والمشكلة الفلسطينية تحتاج لشجاعة فائقة من المعنيين بها تؤهلهم لمواجهة عميقة مع الذات ترتكز إلى مفهوم أساسي هو أن طريق الحياة هو الطريق الذي ينبغي على كل فلسطيني ويهودي أن يسلكه. أما الطريق التي لا يزال الشعبان يتوغلان فيها؛ طريق المواجهات الدامية، فهي طريق للموت؛ ولكل منهما.
يقع على عاتق العقلاء المحبين في كلا الشعبين أن ينهضوا ويواجهوا الموت الذي يحيق بالإنسانية في فلسطين.
ومن فلسطين؛ يمكن للتاريخ الإنساني أن ينطلق من مفهوم جديد: مفهوم عقلي روحي، يتحرر من الموروث الإنساني الصراعي الذي ورثته الإنسانية من ماضيها الغابي؛ الذي ظل محكوما بسلطة العنف وظلاميتها.
من فلسطين، نستطيع أن نبدأ تاريخا إنسانيا جديدا..
فلسطين كانت وطنا للنبوات. والنبوات في جوهرها دعوات للانعتاق من هيمنة الظلامية التي تحرسها السلطات القاهرة.
ولكن الظلامية التاريخية حجبت جوهر الديانات كما دعا إليها مؤسسوها العظماء. ثم جاء الأتباع فجعلوا من جوهر الأديان مفاهيم وحركات مغلقة، ترى في الآخر كيانا عدوانيا، ولا ترى فيه شأناً مبايناً وله من حق الوجود ما هو حق مقدس له: حق الحياة الكريمة.
في فلسطين، يتحارب الشعبان من أجل ما يسميه كل طرف منها، حريته.
والحرية مطلب مقدس، وحق مقدس لكل كيان. إن الحرية مادة الله. ونحن خلق الله: نحن خلق الحرية؛ الحرية طبيعتنا.. والحرية روح مقدسة. والأنبياء الذين شهدت الأرض الفلسطينية حركاتهم، مبعوثون بالروح المقدسة، ليبشروا بالحرية المقدسة.
لا يبشر نبي أصيل بالموت. الموت قدر مصمت يقع بقانون طبيعي جفت الروح من كيانه. لكن النبي الأصيل روح يبعث في الحياة إشراقات الأمل في وجود كريم للناس أجمعين.. ولا كرامة للإنسان دون حرية تحترم حرية الجميع.
دعوة الموت الناشطة في أرض فلسطين، دعوة ظلامية تستنهض نبوة جديدة تعيد للأرض المقدسة رسالتها الروحية التاريخية: رسالة الحب والعدل والسلام.. لبناء وطن من النور.. في النور..
وطن في النور.. ومن النور. لا يكون بغير الحرية للإنسان: كل إنسان..
والحرية الحق هي الحرية التي نتحرر بها من إرادة الشيطان التي تدفعنا لسلب الحياة من أي حي..
الحرية لا تكون حرية إذا جعلنا منها حقا لنا وحدنا دون الناس كافة..
الحرية هي أن نتحرر من ظلاميتنا الموروثة..
الحرية هي أن نتحرر من إرادة الموت ومن أدواته..
فلتكن "فلسطين وطناً واحداً.. ومفتوحاً"..
الإنسان ليس للأرض.. ولكن الأرض للإنسان..
جعلت الديانات – (= دعوات الانفتاح) من فلسطين وطنا مفتوحا..
ولينهض كل ذي عقل محب بالدعوة لوطن مفتوح في فلسطين.. وطن واحد يهتدي بقانون الحب.. فيكون وطنا لكل من يعشقه..
فلتكن أرض النبوات وطنا للحب وللإنسان الحر الكريم..
فلتسقط راية الموت.. فلتسقط رايات الظلامية..
فلتنهض رايات النور.. فليبدأ للإنسان – من فلسطين- مجد كريم..
غزة – دير البلح – فلسطين
4/10/03