|
المغرب..المبني للمجهول
عادل بن حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 2002 - 2007 / 8 / 9 - 06:15
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
- التاريخ يعيد نفسه في صورتين، الأولى في شكل ملهاة والثانية في شكل مأساة- الذين يعرفون تفاصيل الحياة السياسية بالمغرب يدركون أن البلاد يستحيل أن تعود إلى الوراء في مسألة الحرية والديمقراطية، صحيح أن الصحافة الخاصة تتعرض في بعض الأوقات إلى- حركات- تكون مناسبة لتوجيه رسائل مجانية لعدد من الجهات، كما تكون مناسبة لفك الارتباط الذي نشأ بين بعض الأوساط الإعلامية وجهات نافذة في السلطة والمخزن الجديد عند بداية حكومة –التناوب- الأولى ،حيث أمن بعض الإعلام الخاص في تلك الفترة كل وسائل تعرية أحزاب المعارضة السابقة وهي تدخل للحكومة بعد مسلسل طويل من الصراع على عهد الراحل الحسن الثاني ،وتمكنت هذه الآلية من تليين مطالب الأحزاب ودفعها لقبول بعض أنصاف الحلول في قضايا جوهرية مراهنة على الزمن والتراكم الممكن للعملية الديمقراطية ،استمرت هجمة الصحافة الخاصة من خلال تفجير التناقضات الداخلية الثانوية داخل الأحزاب خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية الداخلية فهذه الأحزاب جاءت إلى الحكومة بعد سنوات من الإنهاك المادي والمعنوي سيطرة فيه عقلية المركزية الديمقراطية وفوبيا الاختراق المخزني الذي قد يعصف بها ،في حين أن التناقض المركزي كان أساسا اتجاه جيوب المقاومة من داخل المنظومات المخزنية المتعددة التي كانت لاتنظر بارتياح لتقارب الراحل الحسن الثاني مع أقطاب المعارضة السابقة ،إذ أن هذه الأطراف كانت تعتقد أن أي تحول على مستوى الحريات والديمقراطية سيقضي على مصالحها وسيجرها إلى المحاسبة ككبش فداء لتجربة استمرت زهاء أربعين سنة . لقد أدى ذلك التحالف الموضوعي بين المخزن الجديد وبعض الإعلام الخاص إلى إضعاف بعض أحزاب المعارضة السابقة إذ تم النفخ في صراعاتها الداخلية وتم إبراز زعامات بديلة للمرحلة لاترى أي بديل لأزمة الديمقراطية الداخلية غير إنشاء أحزاب جديدة وفاء للظاهرة الانشقاقية للأحزاب المغربية ،هذا الأسلوب في التعاطي الإعلامي مع أحزاب عاشت طويلا تناضل من أجل حرية التعبير وحقوق الإنسان ولد ردود فعل حزبية متعنتة لا ترى في النقد الموجه إليها غير معاول للهدم والتخريب خدمة لجهات أخرى لم تستطع أن تحقق نفس الأهداف لسنوات طويلة عبر القمع ،ولا ترى في الأصوات الداخلية المعارضة سوى عملاء يجب أن يخرجوا إلى أرض الله الواسعة...في هذه الظروف كان المخزن ينهج سياسة للعلاقات العامة تبرز دوره وتهمش باقي الشركاء في تجربة الانتقال إلى الديمقراطية ،إن طبيعة المرحلة الانتقالية كانت تقتضي منهجيا تحديد التناقضات المركزية والثانوية بدقة وقبول مرور البلاد في مرحلة انتقالية يعني أن بعض رواسب الماضي ستستمر في المرحلة في أفق تجاوزها فما الذي حصل في المغرب؟. o الإعلام الخاص الذي استفاد ووسع هامش الحرية لم يساعد على تطور الديمقراطية الداخلية للأحزاب بل ساهم في التشكيك في جدواها وساعد في تقزيمها من خلال الانشقاقات التي عرفتها العديد من الأحزاب والنقابات. o الأحزاب في غالبيتها صمت أذانها عن النقد العنيف الموجه إليها وحصنت موقعها بالتخلي عن قوتها النقدية اتجاه المخزن والقبول بالعودة إلى إجراءات ومنهجية كان من المفروض أن تسقط من أسلوب العمل بعد حكومة اليوسفي الأولى مما أضعف ممانعتها. o انتقال جهات في السلطة إلى إعادة رسم سقف الحرية في الإعلام بعد الاعتقاد بأنها قد أضعفت جماهيرية الأحزاب ،وذلك من خلال نفض اليد من بعض المنابر الإعلامية وتركها تغرق لأسباب مالية ومن خلال دفع المعلنين إلى توزيع الإشهار بحسب الخط التحريري لكل جريدة ثم الوصول إلى مرحلة المنع الصريح والحجز والمحاكمات وتهديد مدراء المطابع ومحاولة العودة البئيسة إلى الرقابة القبلية بعد أن فشلت الرقابة الذاتية في تحقيق الأهداف المرجوة. o مبادرات خجولة من الأحزاب للدفاع عن الصحفيين فيما يشبه رد –الصرف- ولتجنب الاصطدام مع الدوائر العليا ،وبالتالي أصبحت كل فئة تدخل معاركها في عزلة عن أية مساندة إذ نجحت مقولة فرق تسد مرة أخرى. o انتقال المخزن إلى مرحلة جديدة أكثر جرأة تروم ترتيب البيت بعد انتخابات شتنبر2007 بعد نفض اليد من الإعلام والأحزاب الوطنية ،قد يكون ترشح السيد عالي الهمة إلى الانتخابات المقبلة بداية لسيناريو جديد يمهد الطريق أمام الهمة كوزير أول منتخب بصفته برلمانيا أي وزير سياسي سواء ترشح متحزبا وهذا أمر مستبعد أو مستقلا وهو الراجح وبذلك نكون أمام المنهجية الديمقراطية على الطريقة المغربية. o عودة الممارسة السياسية المغربية إلى كليشهات قديمة يعتبر نموذجي رضى أغديرة وإدريس البصري أبرز وجوهها. إن هذه الخلاصات تجعلنا نضع أكثر من سؤال عن مفهوم الانتقال الديمقراطي في عرف البعض وعن مال هذه النزعة التجريبية المفتونة بعشق السلطة المطلقة وعن تجاوز واقع التهديدات والتحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه المغرب والتي ستكون أكثر حدة في المستقبل خاصة مع دخول عدد من اتفاقيات التبادل الحر إلى حيز التطبيق في مجالات شديدة الخطورة على الأمن الاقتصادي والمالي للمملكة.
#عادل_بن_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما أوسخنا ونكابر
-
جوانب من الشخصية المغربية
-
تفسير البطالة في الاقتصاد السياسي
-
المقدس والسلطة في المغرب
-
أحداث 16 ماي بالمغرب :تأملات هادئة في مسارالانتقال الديموقرا
...
-
هدم تازممارت: سادية اتجاه الماضي الحاضر والمستفبل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|