|
الصراع الطبقي في سوريا ، ومسؤولية السلطة والدين .
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2002 - 2007 / 8 / 9 - 08:55
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إن المواطنة الحقيقية المبنية على كوننا جميعا أبناء هذا الوطن ، تتحقق في الصيرورة التاريخية . وهذا التاريخ يظهر لنا اليوم ، وله خصائص ، مليئة بالمشاكل والأزمات والاضطرابات . خصائص تحول دون تبيان هذه المواطنة . فإنقسام المجتمع السوري الى مسؤولين امتهنوا التجارة والصناعة والاستثمار ، وتجار امتهنوا السياسة من جهة . ومواطنون مسحوقون ، هو مشكلة من المشكلات العويصة التي نواجهها اليوم --- فهناك أصحاب المليارات والاستثمارات الضخمة وبعض المسؤولين من الذين استفادوا كثيرا من مناصبهم وأصبحوا بين ليلة وضحاها من أصحاب المليارات وليس الملايين وبالدولار وليس بالسوري . وهناك أيضا ، المقهورون والمسلوبون من ثمرة أعمالهم ، والمحرومون من خيرات بلادهم . أي أن هناك طبقات متصارعة المصالح (تحت الرماد ) وبشكل فاضح جدا ---فكيف نعيش قيم المواطنة في مثل هذا الظروف ؟ . وهل الرفيق فلان باشا ، وسيدي علان بك (عودة الألقاب) يتساوى في المواطنة مع فلان المعتر وعلان المسحوق . ؟ كيف يمكن هدم الهوة الكبيرة ، بين هذين العالمين ؟ وعندما نقول عالمين : نعنيها : فعالم الأغنياء والمسؤولين والسلطة عالم قائم بذاته ، هو عالم الآلهة والأبناء والأحفاد والأقارب والمحاسيب . وعالم الفقراء المواطنين المسحوقين ، جماعة الفلافل ، والحفر المنتشرة في كل مكان ، وحاويات القمامة المنتفخة والتي تمتد آثارها على عدة عشرات الأمتار من الشارع . والركض وراء الباص ، والكهرباء المقطوعة ، ومياه الصفيح ، والغلاء الفاحش ، والجريمة ، والزحمة ، والضرورة القومية في افساح المجال لكل من هب ودب . ولا نستطيع أن نقول عن هذا العالم أنه قائم بذاته : بل يصح أن نقول : ميت حي بذاته . ومع العلم أن التوجه الحكومي الغالب ، هو لصالح القائم بذاته ، وليس للميت الحي بذاته . إن المواطنة الحقيقية ، مطلب شعبي مهم ، ولكن الصراع الطبقي يُفرق بين هؤلاء وأولئك ، وبشكل فاضح ومؤلم .
ما هو موقف السلطة والدين من الصراع الطبقي الحاصل اليوم ؟ لا يمكن أن نتجاهل أن موضوع الصراع الطبقي في سوريا اليوم ، يخلق مشكلة كبيرة وحقيقية أمام تطبيق مبدأي المواطنة واحترام الآخر . وحينما نبدأ البحث في هذه المسألة ؛ لا بد لنا من أن ننطلق من ملاحظتين اثنتين أساسيتين : الأولى هي التسليم بأن الصراع الطبقي (واقع قائم ) في مجتمعاتنا المدنية والريفية ، ولم يستطع حزب البعث ، وقد - وقد يكون نجح في البداية - عبر مسيرته الطويلة ، سوى استبدال أسماء بأخرى والحال كما كان عاد . في غياب الحس الإنساني عند الأغنياء الجدد ناهيك عن الحس الوطني ، عبر تهريب أموال الشعب السوري الى الخارج ، عوضا عن اقامة المشاريع الاستثمارية داخل الوطن (الخماسية) وغيرها من المشاريع الحديثة . وعلى العكس تماما ، نرى ، أموالنا المنهوبة ، تتكدس في الخارج ، ونحن نشحذ الاستثمارات الخارجية ، وكأنه لا يكفي أننا بعنا شرفنا وأخلاقنا ، بل يجب أن نبيع أرضنا ، ونجعل من شبابنا عبيدا في هذه الشركات الخارجية .
والثانية هي أن اتخاذ الدين والسلطة موقف الحياد في هذا المقام أمر غير ممكن وغير صحيح ، ولا يساعد أبدا . يجب الاعتراف إذا بأن الصراع الطبقي هو جزء من واقعنا الاقتصادي والسياسي والديني ، أي الإنساني ، بمجمل الكلام ، كما أن تطور هذا الصراع ، وازدياد الهوة ، سيؤدي على المدى البعيد ، الى استحالة تطبيق قيم المواطنة كما نرغب . ورغم ادعاء البعض بأن (الصراع الطبقي ) شيء مصطنع ، لا بل قالوا إنه لا وجود له في سوريا ، لأن طبيعته تتنافى مع أبسط القواعد التي تسود العلاقات في المجتمع السوري . فاعتبروا هذا الصراع من صنع الشيوعيين والحاقدين والمغرضين . وعلى الرغم من ارتفاع اصوات الذين يعتنقون هذه الطريقة في التفكير ، فإن هناك شيئا أكيدا تطرحه هذه النظرة الى الأمور ، وهو أن الأستبداد والسلب وما يترتب عليهما من تجربة الصراع الطبقي ، لا يشعر بهما ولا يدركهما إلا من عانى هذه التجربة المريرة . وحلم ، بالمنزل الصحي ، والطعام الكافي ، والماء النظيف ، والهواء الغير ملوث . هؤلاء هم طبقة (المهمشين) وقد فقدوا القدرة على رفع أصواتهم في داخل الوطن وخارجه . وإن كانت الأوساط الشعبية المهمشة هي أول من يدرك حقيقة هذا الصراع ، فهذا لا يعني أن هذا الصراع غير موجود بين الطبقات المسيطرة بشكل من الأشكال . كما أن الذين يعتبرون أن الصراع الطبقي ما هو إلا إنتاج بعض العقول المعارضة المتهورة . سيعترفون يوما بوجوده ، وآثاره المدمرة . يتبع دمشق 8-8-2007
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاقم التواجد العراقي في سوريا والحلول المقترحة
-
c est trop يا وطن
-
كل الحكاية عيون بهية
-
الشاحنات السورية وتهريب الأسلحة action
-
ابن لادن وجورج بوش وجهان لعملة واحدة
-
بين الكرامة والسفاهة رد على صحيفة النهار اللبنانية
-
معذرة سيدنا اجراس بكركي لن تقرع
-
اعاصير دمشق4 الانقلاب الثالث نهاية الحناوي واستلام الشيشكلي
-
العائلة التي دمرت لبنان
-
اعاصير دمشق 3 بوادر الانقلاب الثالث
-
اعاصير دمشق-انفلابات سوريا- 2-مقتل الزعيم والبرازي
-
اعاصير دمشق قصة الانقلابات السورية بقلم شاهد عيان 1
-
انفختت الطبلة وتفرق العشاق
-
انسحاب معارض شرس والنظام يترنح في سوريا
-
واحبيبي نبيل واحبيبي صفاء
-
لاهوت التحرير الأفريقي 4 في اطار التحليل الماركسي
-
لاهوت التحرير--3--لاهوت التحرير في أفريقيا
-
لاهوت التحرير 2- الألم الذي يعانيه الانسان الأسود
-
قراءة في فكر ديزموند توتو -1--لاهوت التحرير---لاهوت السود
-
طبول المنافقين تغطي على همس المتآمرين
المزيد.....
-
مصطفى البرغوثي: الأحزاب الاشتراكية في أوروبا تدعم ما تقوم به
...
-
الخزانة البريطانية تحذر: خطة حزب العمال للضرائب قد ترتد سلبا
...
-
بيان رقم 7 لثلاثة أحزاب شيوعية-عمالية في المنطقة
-
اليسار الأمريكي – رقابة علنية مرعبة وتقييد صارخ لحرية التعبي
...
-
اعتقال متظاهرين بذريعة منع نتنياهو من التوجه إلى الجمعية الع
...
-
الشرطة تطلق الرصاص والقنابل الغازية على أهالي جزيرة الوراق
-
سبع سنوات من الحبس الانفرادي.. عبد المنعم أبو الفتوح يرفض ال
...
-
29 سبتمبر.. لا بديل عن الحرية لعلاء عبد الفتاح
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي 22 شتنبر 2
...
-
الإعلان عن تأسيس الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الف
...
المزيد.....
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
-
تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|