|
أربعة اتجاهات في السياسة الألمانية حول الحصار المفروض على شعبنا
عادل محمد
الحوار المتمدن-العدد: 82 - 2002 / 3 / 6 - 20:44
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
شهد عام 2001 اهتماما ملحوظا لمختلف القوى السياسية الألمانية بمسالة المطالبة برفع الحصار الاقتصادي و يستمر العراق وكيفية التعامل والتفريق بين أل توجهين و تشكل الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب العراقي عامل الضغط الأول لجعل قضية الحصار على بساط البحث سواء في أروقة الأمم المتحدة أو في أوساط الرأي العام العالمي فهول هذا الاهتمام بالتصاعد , و من الطبيعي أن ينعكس التعقيد المتزايد لقضية العراقية جراء التداخل الحاد للمصالح الإقليمية والدولية و انعكاس ذلك على مواقف الأحزاب و المنظمات الألمانية من شعار رفع الحصار عن الشعب العراقي أو عن المأساة في العراق اصبح من الشدة والسعة بحيث لا تستطيع حتى القوى المتغطرسة في الولايات المتحدة تجاوزها أو غض النظر عن مناقشة أشكال إعادة النظر فيها
و بإمكان المتابع أن يرصد أربعة اتجاهات أساسية في التعامل مع مسألة الحصار الاقتصادي المفروض على شعبنا وسنحاول عرضها بشي من الاختصار
الاتجاه الأول :
يدعو أنصار هذا الاتجاه لرفع الحصار الاقتصادي عن الشعب العراقي و استمرار عزل النظام عسكريا ويدينون دكتاتوريته ويعلنون تضامنهم مع المعارضة الديمقراطية العراقية لإنجاز التغيير المنشود و يتطابق تحليلهم للوضع السياسي في العراق و يقترب كثيرا من رؤية الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية الأخرى و أهم ما يميز رؤية هذه القوى هو النظرة الموضوعية لطبيعة الصراع وطبيعة و مصالح الأطراف المشتركة فيه و لذلك لا يجدون صعوبة في فهم طبيعة نظام صدام و عنفه المنفلت ضد الشعب العراقي و الخدمات الجليلة التي قدمها للولايات المتحدة الأمريكية منذ وصوله للسلطة والى يومنا هذا و يفهمون جيدا الهم الأول للنظام المتمثل في الحفاظ على سلطته بعيدا عن مصالح العراق شعبا و وطنا ولهذا فان هذه القوى تفرق و بشكل واضح بين الجلاد والضحية . إن أهم الأحزاب والتجمعات التي تشكل هذا الاتجاه هي:
حزب الاشتراكية الديمقراطية ( PDS ) و الحزب الشيوعي الألماني ( DKP ) و مجموعات ماركسية أخرى كمجموعة الاشتراكيين اليساريين والعديد من الشخصيات و المجموعات النشطة في حركة السلام الألمانية و يعتبر مشروع القرار الذي قدمه حزب الاشتراكية الديمقراطية ( PDS ) و نوقش في البرلمان الألماني في 2512002 آخر أهم الفعاليات لأنصار هذا الاتجاه و قد سبق لهذه القوى أن وقعت على بيانات للتضامن مع الشعب العراقي في نضاله لرفع الحصار وإسقاط الدكتاتورية و نشرت الصحف المركزية أو القريبة من هذه القوى مقابلات و مساهمات القوى الديمقراطية العراقية
الاتجاه الثاني :
يؤكد أنصار هذا الاتجاه على فضح الطابع الإرهابي لنظام صدام حسين و على دعم عمل المعارضة العراقية ولكنهم يدعون لعدم تقديم شعار رفع الحصار عن الشعب العراقي ناهيك عن العراق لا لقناعتهم بشرعية الحصار و إنما ينطلقون من ضرورة التمييز عن مطالبات النظام. برفع الحصار عنه و يعتبرون التطابق مع النظام في عمومية المطالبة برفع الحصار لا تخدم عمل المعارضة تكتيكيا و إعلاميا ويرون في التأكيد على قيام عراق ديمقراطي على إنقاذ الدكتاتورية بديلا عن ذلك و إن العراق الديمقراطي سيكون كفيلا بإزالة العقوبات الدولية و مخلفاتها بالإضافة إلى ذلك يعلنون تخوفهم من إن النظام سيستفيد من عملية رفع الحصار لتقوية مواقفه اكثر و يعمل على الاحتفاظ بالسلطة لفترة أطول وتأتي قناعات ممثلين هذا الاتجاه من عمل مباشر لفترة قصيرة في جنوب العراق وخصوصا في نهاية الأيام التي شهدت قمع. انتفاضة آذار بالاضافه إلى عملهم المستمر في المناطق المحررة في كردستان العراق بعد أن منعهم النظام من تقديم أية معونة إلى جماهير شعبنا في الجنوب وتعتبر منظمة (ميدكو ) ومنظمة ( الوادي ) ومنظمة (الدفاع عن الشعوب المضطهدة) وقد ساهمت هذه المنظمات بدور أساسي في الجهود التي بذلت لإفشال تحرك سفارة النظام وأعوانه في المانيا خلال العام الماضي
الاتجاه الثالث:
يمثل هذا الاتجاه السياسة الرسمية الألمانية ممثلة في التحالف الحاكم و أحزاب المعارضة البرلمانية باستثناء حزب الاشتراكية الديمقراطية ( PDS ) و تقف هذه القوى مع استمرار الحصار الاقتصادي رغم إعلانها أن الحصار أضر بالشعب العراقي و لكنها تؤكد على الطبيعة الدكتاتورية للنظام و تشير إلى جرائمه وخرقه للقانون الدولي و كون الحصار و العقوبات الدولية لم تأتي من الفراغ بل جاءت على أرضية سياسة النظام و إجراءاته العدوانية ومن الجدير بالذكر أن هذه القوى امتنعت طوال فترة الثمانينات عن إدانة النظام العراقي و غضت النظر عن تزويد الشركات الألمانية له بالأسلحة و التكنولوجيا الحديثة بما في ذلك الأسلحة الكيماوية و يمكن في هذا الجانب استثناء حزب الخضر في الفترة التي سبقت دخوله التحالف الحاكم إن حقيقة رفض هذه القوى لرفع الحصار عن الشعب العراقي أو العراق ناتجا ليس عن فهمها الصحيح لطبيعة النظام و إنما مبني بالأساس على مبدأ عدم تخطئة استخدام أسلوب الحصار والعقوبات الدولية كوسائل للضغط السياسي بانفراد الدول الصناعية الكبرى بالأقدام على مثل هذه الإجراءات بالإضافة إلى عجز السياسة الرسمية الأوربية لحد الآن عن التقاطع مع السياسة الأمريكية بالرغم من عدم تبني أوربا لكامل هذه السياسة خوفا من انفراد الولايات المتحدة بالسيطرة على المواقع الستراتيجية في العالم و منها العراق و حرمان الاحتكارات الأوربية من نصيبها عندما يتم توزيع الغنائم بين المنتصرين وبالتحديد حق استثمار حقول النفط أو عقود إعادة البناء في العراق ما بعد صدام حسين.
الاتجاه الرابع:
يدعو أنصار هذا الاتجاه إلى رفع الحصار عن العراق و إدانة سياسة الولايات المتحدة و الأمم المتحدة ولا يحملون نظام صدام حسين أية مسؤلية تذكر و هم حين يتفقون على المطلب الرئيس نراهم يختلفون في طريقة التحليل و في الحجج التي يسوقونها لإثبات صحة رأيهم و هذا يعود لكونهم خليط غريب فكريا وسياسيا ففي يمينهم تقف الأحزاب و الحركات النازية الجديدة التي يعود دعمها العلني لصدام إلي حرب الخليج الثانية و أستمر و تصاعد خلال سنوات الحصار انطلاقا من عدائهم للولايات المتحدة الأمريكية و سعيهم الجاد لاستعادة الدور القوي للدول الأوربية مجتمعة و دور لدولة قومية جديدة على الطراز النازي لألمانيا , كما أنهم يعرفون جيدا أن الحزب الحاكم في العراق قد تبنى منذ تأسيسه الكثير من منطلقاتهم الفكرية ذات الطابع العنصري .
ولقد تعددت أشكال دعمهم لنظام صدام ضمن الزيارات المباشرة لبغداد إلى حملات جمع التبرعات وصولا إلى نشاط أعلامي يهدف إلى إعادة تأهيل النظام العراقي في الساحة الدولية و لتحقيق هذا يمارسون تنسيقا مع القوى النازية في البلدان الأوربية الأخرى و يتلقون دعما مباشرة منها.
و في يسار هذا الاتجاه تقف مجموعات يسارية متطرفة لا هم لها سوى التسبيح ليل نهار بالعداء للإمبريالية و العمل بمبدأ القديم الذي أثبتت الحياة فشله ( عدو عدوي صديقي) هذا إذا سلمنا بعداء صدام للإمبريالية الأمريكية و مشكلة هؤلاء تكمن في تعصبهم لموقفهم الأحادية الجانب وسعيهم لتطويع كل شئ من أجل أن يبرروا لأنفسهم أولا صحة مواقفهم و ينطبق هذا على تعاملهم مع المطالبة برفع الحصار فنراهم يغيبون و عن وعي دور النظام و مسئوليته ويصبون جام غضبهم على الولايات المتحدة و الدول الغربية وعلى المعارضة العراقية و خصوصا الحزب الشيوعي العراقي و يتهمون كل العراقيين الذين يطالبون برفع الحصار عن الشعب و يشيرون إلى جرائم النظام بالعمالة للمخابرات المركزية الأمريكية و بهذا يلتقون في النهاية مع عقلية الرئيس الأمريكي بوش المبنية على مبدأ(من ليس معنا فهو ضدنا) ويعني هذا عراقيا بالنسبة لهم من ليس مع صدام فهو عميل للمخابرات المركزية الأمريكية و من المفيد أن نشير أن حرب الولايات المتحدة ضد أفغانستان و المفهوم الأمريكي المشوه للإرهاب و التهديد بضرب العراق و بلدان أخرى يعمق الجمود الفكري والخلل السياسي لدى هذه الجماعة التي تزعم أنها تعتمد الماركسية في تحليل المستجدات و لكنها في الحقيقة تعيش في عالم غير الذي تحدث فيه هذه المستجدات .
بين هذين القطبين يجلس السيد (von sponick) و حوله بعضا من نشطاء حركة السلام و بمشاركة السيد جمال كرزلي السوري الأصل عضو برلمان (نورد راين ويستفالن) عن حزب الخضر فقد أعلن هؤلاء في 2-12-2001 عن تأسيس لجنة للمطالبة برفع الحصار عن العراق وانتخبت كل من (von sponlck) وكارزلي والسيد كليارد متحدثين لها ويعود نشاط هذه المجموعة إلى بداية العام الماضي حيث أصدرت نداءا يطالب برفع الحصار عن العراق و يتجنب عن قصد الإشارة إلى طبيعة النظام الحاكم و مسئوليته و استمروا بالعمل على تنظيم الفعاليات بالتعاون المباشر مع جمعية المغتربين العراقيين و لأطر النظام الأخرى مثل التجمع الألماني العربي و قاموا بدعوة ممثلي سفارات النظام في النمسا وألمانيا و استضافوا المدعو عبد الرزاق الهاشمي الدبلوماسي السابق للنظام في عدد من الدول الأوربية وساهم بعضهم في رحلات التضامن المزعومة إلى بغداد وخصوصا السيد كارزلي .
لقد قوبلت نشاطاتهم هذه بحركة احتجاجية واسعة ضمت إلى جانب قوى المعارضة العراقية العديد من أصدقاء شعبنا في ألمانيا ونجحت هذه الجهود في إفشال أغلب نشاطاتهم و قد نشرت وسائل إعلام حزبنا الشيوعي تقارير مفصلة عن هذه النشاطات .
ينطلق هؤلاء من ضرورة رفع الحصار عن العراق ويدعون إلى الحوار مع النظام باعتباره الممثل الشرعي للدولة العراقية و يشيرون إلى معانات شعبنا المتصاعدة و لكنهم لا يكتفون بعدم تحميل النظام أية مسؤولية عما يحدث بل يذهبون أبعد من هذا بكثير عندما يبررون . سياسات النظام و إجراءاته القمعية و يتلقفون حججه الديماغوجية و أكاذيبه لإخفاء جرائمه ونسوق هنا جريمة حرق وتجفيف الأهوار كمثال على ذلك ففي واحدة من فعاليا تهم التي جرت في بون يوم 17-12-2001 برر السيد كليارد أحد محدثي لجنتهم عمليات حرق الأهوار بالطريقة الصدامية المعروفة قائلا ( إن ما جرى هناك ليس إلا خططا لتوزيع المياه في المنطقة و تطوير شبكات الري) لم يكتفي المتحدث بتبني أكاذيب النظام بل أتهم المعارضة بالإدعاء الذي لا يستند إلى حقيقة و أكد على ضعفها وارتباطها بالولايات المتحدة دون تمييز.
أما السيد كارزلي فقد وجد مهمته في ذلك المساء الحديث عن زيارته القصيرة والمفاجئة إلى بغداد و رغبته في التعرف على معانات الشعب العراقي مباشرة وكيف انه سعى إلى اللقاء مع المعارضة العراقية منظمات النساء في بغداد و لم تفته الإشادة المبطنة بصدام حسين عندما أدعى أن 80 من العرب يقفون خلف صدام و أعاد إلى الأذهان تبني صدام المفتعل للقضية الفلسطينية و حاول تبرير دكتاتورية النظام من خلال مقارنتها بجرائم الحكومة الإسرائيلية المستمرة في الأراضي المحتلة.
آخر ما قامت به هذه المجموعة هو إصدار تصريح حول المناقشات التي جرت في البرلمان الألماني لمشروع القرار الذي قدمه حزب الاشتراكية الديمقراطية PDS حيث كانوا أكثر و وضوحا في دفاعهم عن صدام منذ سعيهم لتبرير خرق النظام لحقوق الإنسان من خلال مقارنتها بالآثار الكارثية للحصار و بالتالي ليس هناك ضرورة للحديث عن هذه الخروقات كما تطوعوا لنشر أكاذيب النظام حول توزيعه العادل للأغذية والأدوية على أبناء شعبنا مستندين بذلك إلى أقوال السادة von sponick و Haillday التي تؤكد هذه العدالة المزعومة و لم يفوت هؤلاء السادة الدعوة لأطلاق يد صدام حسين بالأموال العراقية المجمدة في الخارج و بدون رقابة الأمم المتحدة بحجة إن ذلك سيساعد على التسريع في بناء القاعدة التحتية للاقتصاد العراقي و آخر ما طالب به السيد فون سبونك هو الحوار المباشر مع صدام حسين لأن ذلك لا يخيف و قد جاء ذلك في مقابلات أجرتها الصحف النمساوية بمناسبة زيارة الزعيم الفاشي النمساوي هايدر إلى بغداد
و مما يؤسف له أن بعض منظمات حركة السلام انجرت إلى مسعى أصدقاء النظام لا دفاعا عن صدام حسين بل سعيا منها للتعريف بمحنة شعبنا العراقي الذي يعتبر الضحية الأولى والأخيرة للعقوبات الدولية
#عادل_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|