|
اللغة العبرانية في عشرية تدبير اللغات الأجنبية بالمغرب (*1)
محمد المدلاوي المنبهي
الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 05:27
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
1. اللغات وسائـل ووسائـط
اللغات أدوات ووسائط، مثلها في ذلك كمثل وسائل الاتصال المادية، بمفهومها الواسع. ولذلك فإن دور التحكم فيها وتدبير شؤونها في إطار مسيرة تطور مجتمع من المجتمعات الحديثة يضاهي دور التحكم في تلك الوسائل والوسائط المادية.
2. أهمية اللغات متحركة في السوق العالمية للغات
لائحة اللغات ذوات أهمية عالمية أو إقليمية، وكذا سُلّمية تلك الأهمية، ليستا مما هو قارّ ومعطى بشكل إطلاقي وإلى الأبد. فالآرامية كانت حاملةً للفكر العلمي والفلسفي من إيران إلى شمال أفريقيا، وذلك دون أن تكون وراء انتشارها قوة عسكرية تغطي كافة تلك الرقعة، على غرار اللاتينية في حين من الدهر، ولا حتى مجرد قوة اقتصادية مركزية؛ وكذلك كان الشأن بالنسبة للإغريقية في شمال أفريقيا حيث انتشرت إلى درجة أن يوبا الثاني ملك موريطانيا الغربية (25 قبل الميلاد إلى 23 بعد الميلاد) قد ألف بها كتبه. والفارسية اليوم، وكذا التركية، أصبحتا متحركتي الأهمية الإقليمية بعد المستجدات الأيديولوجية والجيو-سياسية التي طبعت الربع الأخير من القرن العشرين. وكذلك الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، والألمانية، لم يعد لها نفس الترتيب، من حيث الأهمية والانتشار والامتياز القطاعي (علوم طبيعية ورياضية، أدب وفلسفة، دبلوماسية، اقتصاد)، كذلك الترتيب الذي كان لكل منها في بداية القرن العشرين. ولذلك تصور الميثاقُ الوطني للتربية والتكوين في المملكة المغربية (المادتان 117، 118 من الركيزة التاسعة) تلقينَ اللغات الأجنبية على شكل برامج نظامية، أو مجزوءات (modules) خارج- نظامية (hors-currucula) حاملة لمضامين (علمية أو ثقافية) يتم تحديدُها حسب حاجيات ظرفية معينة، وتخضع لمراجعات دورية تأخذ بعين الاعتبار تطورَ تلك الحركية، وتلك الحاجيات، حسب تطور الظرفيات.
3 بعض مهام وحاجيات الزمن والفضاء المغربيين
حاجيات ومهام الزمن والفضاء المغربيين في في المديين، المتوسط والبعيد متعددة، نذكر منها إجمالا مما له تعلقٌ بسياسة اللغات الأجنبية ما يلي :
3.1 مهمة اللحاق بقافلة النهضة العلمية، وتأسيس بؤر مندمجة لإنتاج ونقل وترويج المعرفة العلمية (المرشح حاليا من اللغات كوسائط ناقلة: انجليزية، فرنسية، ألمانية، الخ)؛
3.2 مهمة إعادة تأهيل الاقتصاد، والديبلوماسية، والإعلام، واكتشاف أسواق جديدة، وآفاق ديبلوماسية جديدة للتلاؤم مع المعطيات الاقتصادية، والجيوسياسية، والأوفاق العالمية والجهوية المستجدة (تضاف هنا: الاسبانية بسعة انتشارها، التركية بنفوذ تطورها السياسي والاقتصادي الجهوي، والعبرية الحديثة ذات نفس الخصائص على المستوى الجهوي، الخ)؛
3.3 مهمة إعادة تجديد وتأهيل الوعي الديني، ومقارنة الأديان على ضوء معطيات العولمة والمستجدات الأيديولوجية التي طبعت العالم منذ انتهاء الحرب الباردة وظهور، ثم تطور، الحركة الأصولية كعنصر فاعل قطريا، وجهويا، عالميا، وما يتطلبه ذلك من تأسيس علوم مقارنةِ الأديان على ضوء تطور العلوم الانسانية (فيلولوجيا الصحف الأولى، تحقيق الكتب المقدسة، الفِرَق والملل والنِحَل، لفائف البحر الميت التي تحتل فيها العبرانية مكانة خاصة؛ وتضاف الفارسية لما أصبح للحركة الخمينية من نفوذ أيديولوجي، ولإيران من نفوذ جيوسياسي جهوي) وذلك قصد إنجاز إصلاح ديني على مستوى الفكر يساهم إلى جانب الفلسفة والعلوم الإنسانية في تأهيل الفكر العام؛
3.4 مهمة تأهيل اللغات الوطنية وتدبير مجالاتها ووظائفها في علاقة ذلك بأوجه القرابة الصنافية (typologique) والتاريخية (génétique) بينها وبين لغة مثل اللغة العبرانية، وعلاقته بالتجربة العلمية والعملية لهذه الأخيرة في ميدان التخطيط اللغوي النهضوي؛
3.5 مهمة إعادة تملك التراث المغربي-الأندلسي في ميادين علوم اللغة والأدب والفنون والفلسفة والطبيعة، المحقـّق منه وما لا يزال مخطوطا (انظر المدلاوي 1997) والذي تحتل فيه العبرانية، لغة وحرفا، أو حرفا فقط مكانة أكبر بكثير مما يخطر على بال متوسط النخبة؛
3.6 مهمة إعادة تملك الأدب والثقافة المغربيين الناطقين بالعبرانية، القديم منهما والمعاصر (من المتصوفَـين، يعقوب بيفرﮔان الروداني، ودافيد حاسين المكناسي، إلى القصّاص جابرييل بن سمحون الصفريوي 1997، 2002، الخ، إلى الباحثة الاثنو-موسيقية، سيـﮔـال عازارياهو 1999، الخ.) مما هو ضروري لإقامة نوع من التوازن المعرفي إزاء جالية مغربية الأصل والميلاد من حوالي ربع مليون من الكفاءات تغيرَ ولاؤُها الوطني ما بين إسرائيل، وفرنسا، وكندا، وغيرها، مع بقائها متمكنة بل وراعية للوسائل اللغوية (عربية فصحي، عربية دارجة، أمازيغية، فرنسية) والثقافية اللازمة لأي نفوذ معرفي إلى صميم المجتمع المغربي؛
3.7 مهمة ملء ثغرات التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والاثنو-ثقافي للمغرب باعتبار أن أوجها هامة من التواريخ القطاعية المغربية مؤلفة باللغة العبرانية أو بالعربية المهودة (judéo-arabe) المدونة بالحرف العبراني ("تاريخ مدينة فاس"، كنانيش، نوازل،الخ، انظر الزعفراني 1987)؛
3.8 مهمة تأصيل تاريخ الفن والموسيقى المغربيين (من المنشد، دافيد حاسين المكناسي، الى المنشد ربّي دافيد بوزاﮔلو الصويري، إلى المسيقار أبي عيلام امزالاﮒ، مؤسس ورئيس الجوق الاسرئيلي للموسيقى الأندلسية، إلى المغني الشبابي، شلومو بار، الذي ما يزال يتغني بذكرى جبال تودغا على الطبوع المغربية، إلى فرق أحواش بالأمازيغية في موشاف أديريت قرب مدينة القدس، وفرق أحيدوس بالأمازيغية المهودة في موشاف شوقيدة ؛ انظر عازارياهو 1999)
4. المهام السابقة وأسس سياسة اللغات في الميثاق
يتعين إذن أخذ ما سبقت الإشارة إليه في فقرات النقطة 3 أعلاه بعين الاعتبار خلال أي تحديد تأويلي ملموس للأوجه الملموسة للاعتبارات العامة التي أسـَّس عليها الميثاقُ الوطني رسمَ تصور تدبير الشأن اللغوي عامة في المغرب، وشأن اللغات الأجنبية فيه خاصة، تلك الاعتبارات التي حددها الميثاق (ص. 50؛ الركيزة 9 ؛ ترجمةً عن النص الفرنسي) فيما يلي:
4.1 تعدد الروافد المساهمة في إخصاب تراث البلاد؛ 4.2 الوضعية الجيو-ستراتيجية للبلاد كملتقى حضارات؛ 4.3 علاقات الجوار في أبعادها المغاربية، والإفرقية، والأوروبية؛ 4.4 متطلبات إدراج البلاد في آفاق الانفتاح والاتصال على الصعيد الدولي؛ 4.5 ضرورة التحكم في ناصية العلوم والتيكنولوجيا المتقدمة؛
5. اللغات الأجنبية لا تُطلب لذاتها
باعتبارها وسائل، ووسائط، وأدوات، اللغاتُ الأجنبية لا تُقصد لذاتها؛ وإنما تُطلب لما تحمله من مضامين مما تدعو الحاجة التنموية إليه في فترة معينة من فترات تطور بلد ما. ولذلك ربط الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالمملكة المغربية تعليم اللغة الأجنبية بمجزوءات ذات مضامين تُمكّن من تحصيل اللغة المعينة في أفق استعمالات وظيفية متصورة سلفا حسب وضعية اللغة المعنية عالميا وجهويا، وبالقياس إلى علاقاتها التاريخية أو الحاضرة بتاريخ المغرب، أو بحاضره، أو بآفاقه المستقبلية. تقول المادة 117 من الركيزة التاسعة للميثاق : "ستعمل الجامعات وسائر مؤسسات التعليم العالي [في إطار عشرية تدبير اللغات الأجنبية] على توفير مجزوءات تكوينية في اللغة العربية وفي اللغات الأجنبية مرتبطة بمضامين علمية أو تكنولوجية أو ثقافية من شأنها أن تجعل التحصيل منفتحا على استعمال وظيفي".
انطلاقا من هذا التصور الجديد لوظائف اللغات الأجنبية ولفلسفة تخطيط تلقينها، أستشهدُ هنا بمجموعة من النصوص المرتبطة بتجربتي الطويلة في التعامل مع مضامين نصوص اللغة العبرانية، وبتجربتي في تدريسها بالجامعة لمدة ست عشرة سنة:
5.1 من ديباجة مقررات مادة اللغة العبرية، كما سطرتُها في شعبتي اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب بوجدة مند منتصف الثمانينات :
"يتوخى هذا البرنامج تمكين الطالب، مع نهاية السنة الثانية من السلك الثاني، من رصيد من المعارف المتعلقة باللغة العبرانية تجعله مقتدرا، بعد ذلك، على التعامل مع نصوص هذه اللغة، قديمها وحديثها في استقلالية بيداغوجية تامة. فمتى تم بلوغ هذا الهدف، من شأن آفاق واسعة أن تنفتح أمام من يرغب في التخصص في اللغة والأدب العبرانيين و/أو في الفكر اليهودي. كما أن من شأن بلوغ ذلك الهدف أن يمكّن باحث الغد من أداة جديدة وفعالة من أدوات البحث ليس فقط في ميادين الآداب والحضارة، ولكن كذلك في ميادين اللسانيات العامة واللغويات الحامية-السامية، أو في ميادين التاريخ أو مقارنة الأديان والملل والنحل."
5.1 من مقدمة كتاب "اللغة العبرانية: أسس الصرف والأصوات" (1988) :
" (...). إن اللغة العبرانية لغة استراتيجية بالنسبة للغة العربية وبالنسبة للناطقين بها. (...). فعلى الصعيد الجيوبوليتيكي، تبقى اللغة العبرانية ضرورية سواء تعلق الأمر بخوض الحرب أم بإبرام السلم. فمن يجهل لغة الآخر يكون بذلك مفتقدا لآلة استراتيجية من آليات العراك في زمن الحرب، كما يكون محروما من أداة فعالة من أدوات إبرام السلم وإتبابه وترسيخه في زمن السلام".
5.2 من ورقة تقنية حول وضعية اللغة العبرانية بالمغرب كنت قد قدمتها لمركز CRJM بالرباط سنة (1997) :
" (...). فإلى حد الساعة، يبقى تكوين الأطر في هذه اللغة على الخصوص [اللغة العبرية] وفي اللغات السامية والشرقية عامة، رهينا بالمزاجيات العصامية لبعض الأفراد ولمبادرات اختياراتهم الشخصية. ولا شيء يضمن، والحال على ما ذكرنا، أن يتم حتى التجديد الجيلي في المستقبل للنواة المتوفرة اليوم من أطر هذه المادة. كل هذا، بالرغم من وجود حقيقي، بالرغم من أنه وجود محجوبٌ ومضمَر، لطلب على هذه اللغة في ميادين أخرى غير ميادين التعليم الجامعي والبحث العلمي في الإنسانيات (لغة، أدب، تاريخ، أركيولوجيا). فبالنسبة للغات الشرقية على وجه العموم، هناك طلبٌ مضمر بالمغرب في عدة قطاعات (الشؤون الثقافية، الشؤون الإسلامية، الصحافة ومعاهدها، الديبلوماسية، الأمن، الساحة، التجارة، الخ.). هذا الطلب المحجوب والمضمر لأسباب ثقافية تتعلق بمدى تطور الذهنيات تجاه قيم المعرفة، لا يحتاج إلا إلى حدّ أدني من المبادرات من طرف الفاعلين في القطاعات المعنية لكي يعبر عن نفسه فينتج قيمة مضافة في عالمي الشغل المعرفة."
6. وجه من أوجه استعمال اللغات الأجنبية كأدوات تنمية: الترجمة ونقل المضامين العلمية والثقافية:
6.1 من بين المحاور التي تصورها الميثاق الوطني للتربية والتكوين في أفق "برنامج طموح يعانق الأبعاد الثقافية والعلمية الحديثة" ما يلي:
• محور "تكوين نخبة من المتخصصين المتمكنين من مختلف فروع علوم العربية ومن كثير من اللغات الأخرى ..." • محور "تشجيع حركة [علمية] للإنتاج والترجمة من المستوى الرفيع قصد العمل على تمثل المنجزات العلمية والتكنولوجية والثقافية في لغة عربية واضحة، ..."، الخ.
إن الترجمة الأكاديمية، الأدبية منها والعلمية، ما تزال متروكة بدورها لمحض أمزجة المبادرات، ولا تتوفر بشأنها خطط مؤسساتية تحدد الحاجيات والأولويات وتتعهد مشاريع الإنجاز والتمويل. وسأختم هذه الاستشهادات بالاستشهادين الآتيين مما له تعلق بالترجمة من اللغة العبرية على الخصوص:
6.2 من مقدمة المدلاوي 1994:
"أيها القارئ الكريم، لا يتسع مجال هذا الكتاب للحديث عن مغزى هذه العملية [عملية ترجمة قصص عبرية]وعن دور الترجمة والنقل عموما في إرساء صروح الحضارات، ولا عن تفاوت الأهميات الاستراتيجية والحضارية للينابيع المنقول عنها من حقبة إلى حقبة حسب تبدل الأحوال التاريخية وتغير موازين العلاقات الحضارية" (المدلاوي 1994: ص1).
6.3 من مقال نشر في أسبوعية Demain (في حُـلتها الأولى) على إثر تخصيصها عددَها الأول (2000) لملف بعنوان "الموساد في المغرب"، يـُفـهَـم من مقدمته أن الأسبوعية كانت قد قامت فعلا بترجمة الجزء الخاص بالمغرب من مذكرات مائير أميت ، الرئيس السابق لمؤسسة الموساد، وهو أمر كنت أشك في صحته فكتبت : " (...). إنّ توفـّر منبر صحفي على مصلحة للتحرير لا تؤمّـن فقط الترجمةَ انطلاقا من اللغات التقليدية الواسعة الانتشار [فرنسية، إنجليزية، الخ]، وإنما تكـُفّ فيها كذلك لغةٌ هي استراتيجية رغم أنها ما تزال غريبة وباطنية بالنسبة لعامة الجمهور، مثل اللغة العبرية، عن أن تبقى من قبيل الهيروغليفيات والجداوليات السحرية، لهو قطعٌ نوعي للصلة بممارسة الهواية في ميدان الصحافة، وانخراطٌ فعلي في المهنية التي تقتحم المصادر ولا ترضى ببضاعة وسطاء الدرجات المتأخرة. الحقيقة أنني طالما آخذت على طلبتي وطالباتي في مادة اللغة العبرية، ممن يعربون ويعربن عن رغبتهم/هنّ في مواصلة المشوار فيما يتعلق بهذه اللغة، ألا يتصوروا وألا يتصورن في الأفق كوجه من أوجه التخصص فيها والتمرس بها إلا وجه تدريس تلك اللغة في الجامعة بدورهم وبدورهن (...)."
ومن النكت ذات الدلالة الثقافية بهذا الصدد أن صاحب هذا العرض، وبعد تجربة كتاب "من الأدب العبري الحديث؛ مجموعة قصصية مترجمة" (1994)، الذي مرّ صدوره وكأنه لم يحصل، مما عدا ورقة إخبارية تعريفية بقلم الزميل الأستاذ عبد السلام بوخزار على أعمدة يومية الشرق الأوسط"، ومما عدا مبادرة "نضالية" للكاتب العام المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي الذي أقدم على نزع صورة غلاف الكتاب المعني من سبورة الإلصاق الإشهاري بالمؤسسة الجامعية التي كان يعمل بها صاحب الترجمة، أقول: بعد هذا، أعاد صاحب العرض الحالي من جديد فتح ورشة الترجمة من العبرية، لا ليترجم هذه المرة من جديد لــ شالوم عاليخيم ولا لــ سميلانسكي ، أو ناحوم ﮔوطمان ، أو أهارون مـيـﮕيـد ، ممن تتراوح فضاءات قصصهم ما بين أوكرانيا القيصرية، وفلسطين العثمانية لنهاية القرن التاسع عشر، وبين فلسطين الجيل الثاني لقيام دولة إسرائيل، ولكن ليترجم هذه المرة لابن مدينة صفرو المغربية، جابرييل بن سمحون، الذي تشكل مدينة صفرو العمق الفضائي والتاريخي والسوسيوثقافي لأعماله، التي ترجمت اليوم إلى الإنجليزية بعنوان "Moroccan Love Stories". قمت بترجمة حوالي اثنتي عشرة قصة قصيرة من مجموعته التي عنوانها "המהלכים על המיים " ( المشاة على الماء ) فبعثت بمجموعة منها إلى إحدى الأسبوعيات المغربية على أمل أن تــُنشر في الصحافة تباعا قبل أن أعمد إلى جمعها في مؤلف جديد. نشرت الأسبوعية واحدة منها، وكانت بعنوان "العائــد" وتتناول التمزق الذي طبع هجرة اليهود المغاربة وذلك من خلال قصة الجزار الصفريوي اليهودي عيوش وزوجته مسعودة، خْضْرتْ لعينين ("خضراء العينين")، وعاشقها، ابن باشا مدينة صفرو. ثم ما لبثت الانتفاضة أن انطلقت، فأوقفت الأسبوعية نشر بقية القصص على التوّ. أما وزير التعليم في حكومة يهود باراك الإسرائيلية فقد قرر في نفس الظروف بالضبط إدراج أعمال محمود درويش، وما أدراك ما درويش، في البرامج الدراسية؛ وتلك مفارقة ليعتبر منها أولو الألباب. 7. خلاصـاتان استطراديتان
7.1 خلاصة استطرادية في التخطيط اللغوي: بناء على ديباجة الركيزة التاسعة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين المشار في النقطة 4 أعلاه، وبناء على مهام وحاجيات الزمن والفضاء المغربيين المشار إليها في النقطة 3 أعلاه، وبقطع النظر عن الإشكال المبدئي المتعلق بمدى صحة اعتبار اللغة العبرية لغةً أجنبية في بلد يحتضن أقلية من المواطنين يرتبطون بها عاطفيا وهوياتيا وملّـيا، كما نبهني إلى ذلك مشكورا، الأستاذ عبد اللطيف زكي، خلال مناقشة ما جاء في هذه المحاضرة، فقد كان يتعين أن تكون اللغة العبرانية من بين اللغات المدرجة والممثلة في أشغال اللجنة المشتركة التي تنكب حاليا [يونيو 2005] على تفاصيل المخطط العشاري للغات، وكذلك في برامج الملتقيات والمنتديات الأكاديمية الموازية لأشغال تلك اللجنة، كالملتقى المنعقد حاليا [09 يونيو 2005] بجوارنا بمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب، وألا يترك أمر تلك اللغة لمجرد العفوية؛ وذلك بدلا من إدراج التخطيط للغة الأمازيغية في أشغال تلك اللجنة وفي برامج تلك الملتقيات الدراسية الموازية. ذلك لأن الإطار المرجعي للجنة المذكورة لا يمكن أن يتمثل إلا في النقطة السادسة من المادة 117 من الركيزة التاسعة للميثاق الوطني للتربية والتكوين التي تنص على أنه "يتعين إعداد مخطط عشري للنهوض باللغات الأجنبية قبل يونيو من سنة 2000". فهو الإطار الوحيد الذي يتحدث عن مخطط عشري للغات، ولكنه مقصور بحكم النص على اللغات الأجنبية. ومن المعلوم أن اللغة الأمازيغية ليست لغة أجنبية في المغرب.
7.1 خلاصة استطرادية في الثقافة والذهنية: إذا عدنا إلى مسألة التعامل مع اللغة العبرية في المغرب من حيث التخطيط، يتعين الانتباه إلى أنه لم يعد الوقت يسمح بالاستمرار في الاستلاب الديماغوجي الذاتي، الفردي والجماعي والمؤسساتي، الذي دأب على تبرير حالة الجهل عن طريق الخصف عليها من ورق الشعارات المنقطعة عن تطور الواقع، وعن طريق خلطٍ في الوظائف يزيّن للبعض ممن يحسب على الدرس والبحث العلمي تقمصَ وظيفة السياسي تستـُّرا على ضعف مزمن في الأهلية المهنية بقطاعه المهني. كما لا يسمح الزمن المغربي، كما ألمحنا أعلاه إلى بعض معالمه، بالاستمرار في الارتهان لأية وصاية خارجية تأبى على المغرب أن تكون له سياسة ثقافية وديبلوماسية سياديتين كما حصل مثلا حين تمّ اتهام الأديب محمد برادة بالوساطة الأدبية مع أطراف إسرائيلية في قضية مشروع ترجمة بعض الآثار الأدبية العربية إلى العبرية، وأُدرج كل ذلك تحت تهمة "الأساليب الملتوية الجهنمية للاختراق والتطبيع". إن المسائل السياسية من قبيل إجراءات المقاطعة السياسية أوالاقتصادية يتعين أن تخضع لقانون صريح وواضح يساهم الجميع في مناقشة أمره ويسري على الجميع أو على الفئة أو الفئات التي قد يرى المشرّع بأن مقاطعتها لطرف من الأطراف في صالح الأمة المغربية.
بعض المراجع المحال عليها:
المدلاوي، محمد (1994) من الأدب العبري الحديث: نماذج قصصية مترجمة. مطبعة SNIP وجدة، المغرب. المدلاوي، محمد (1997) "عن الثراث المتداخل اللغات في الغرب الإسلامي: نماذج للتداخل بين العربية والعبرانية والأمازيغية"؛ أعمال ندوة تحقيق التراث المغربي الأندلسي: حصيلة و آفاق. منشورات كلية الآداب – وجدة رقم 16 ؛ سلسلة ندوات و مناظرات، رقم 4 ؛ ص:213-228. المدلاوي، محمد (2005-أ " تـدريس الأمـازيغية وشـروط الـمعيرة" ينغميسن ن وسيناﮒ؛ نشرة إخبارية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ع:3-4 مارس 2005 ص:25-27 المدلاوي، محمد (2005)-ب "تدريس الأمازيغية: المرتكزات والأهداف والسبل والصعوبات". الصحراء المغربية ع: 5885 (03 مارس 2005) الزعفراني (حاييم) 1987 : ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب: تاريخ، ثقافة، دين. ترجمه عن (Zafrani 1983) أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم، مطبعة دار قرطبة، الدارالبيضاء، المغرب.
عازارياهو، سيـﮔـال 1999 עזריהו , סיגל 1999 תהליכי שימור ושינוי במוסיקה של יהודי האטלס בישראל – טקס האחוואש. (ترجمة: " الثابت والمتحول في موسيقى يهود الأطلس بإسرائيل – طقوس [رقصة وغناء] أحواش") אוניברסיטת תל-אביב . הפקולטה לאמנויות ע"ש יולנדה ודוד כץ . החוג למוסיקולוגיה
بن سمحون، جابرييل 1997 בן שמחון, גבריאל (1997) המהלכים על המיים ("المشاة على الماء") הוצאת הקבוץ המאוחד 1997 / יודעות אחרונות / דפרי חמד بن سمحون، جابرييل 2002 . בן שמחון, גבריאל (2002) הולכת עם כמון, חוזרת עם זעתר. ספורי אהבה מרוקאים ("ا-لغادية بلكامون، ا-لماجية بزّعتر ! مجموعة قصص غرامية مغربية"). הוצאת הקבוץ המאוחד 2002 .
----------------------------------------------------------
(*1) محاضرة ألقيت بالمعهد الجامعي للبحث العلمي- الرباط يوم 09 يونيو 2005 على الساعة الثالثة بعد الزوال بقاعة الاجتماعات، بتنظيم من المنتدى المغربي للمصطلحيات والترجمة، نشر ملخص عنها في شهرية "تاويـزا"؛ عدد 99، يوليوز 2005 ص 12-11.
#محمد_المدلاوي_المنبهي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصيلة الأسئلة المغيَّبة في النقاش حول حرف كتابة الأمازيغية (
...
-
أسئلة حول اللسانيات والبحث العلمي بالمغرب (حوار)
-
هل من تعارض وطني بين إنصاف الأمازيغية وتأهيل العربية؟ (حوار)
-
موقع اللغة الأمازيغية من التعدد اللغوي بالمغرب
-
انطباعاتٌ عن طباع وطبوعٍ وإيقاعاتٍ من بايروت
-
عن اللقاء حول مسألة الديموقراطية في المملكة المغربية
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|