أسامة عطا الله
الحوار المتمدن-العدد: 2001 - 2007 / 8 / 8 - 05:29
المحور:
حقوق الانسان
لا شك ان الماده الثانيه استأثرت بالقدر الاعظم من الجدل المحتدم حول جدوي وجودها كاحدي مواد الدستور المصري من عدمه , الدستور الذي من المفترض ان ينقلنا من ازمنه التحالفات الدينيه والعرقيه والصراعات الطائفيه والجهل والفساد وتدني مساحه الحريات العامه والارهاب الفكري والكثير من مساوئ الحكومات الشموليه الي الاستفاده مما انتجته الانسانيه من مبادئ وقيم جديده تعلي من قيمه ومكانه الفرد كركيزه اساسيه لبنيان الامم المتحضره والتي تسمو في بعض الاحيان عما جاءت به بعض العقائد والاديان . وفي الواقع ينحصر هذا الجدل بين طرفين الا وهما الاقباط ويساندهم البهائيين والمستنيرين من المسلمين والاقليات العرقيه والدينيه الاخري ومنظمات حقوق الانسان من جانب والنظام الحاكم وما يسانده ممثلا في جماعه الاخوان المسلمين والمتشددين من المسلمين من الجانب الاخر , حيث يتمسك الطرف الاول بحق المواطنه كامله وغير منقوصه دون شرط او قيد وازاله كل ماهو عنصري في الدستور الحالي اذا كنا فعلا مهتمين بالانتقال الي الالفيه الثالثه وفي جعبتنا كل ما افرزته الانسانيه من ديموقراطيه وعدل وحريه ومساواه ببساطه لاننا لازلنا نعيش في الالفيه الاولي . اما الطرف الاخر فيري ان وجود الماده الثانيه في الدستور اساسي للتأكيد علي الهويه الاسلاميه لمصر مرتكزا في هذا علي ان الماده الثانيه هي بحد ذاتها ضمان اكيد لحريه العقيده والفكر والمساواه بين البشر . اما انا ففي رأيي الشخصي ان الماده الثانيه اكثر ماده عنصريه في الدستور لانها تميز بين المصريين علي اساس العقيده وتقسمهم الي مسلمين وغير مسلمين مما يهدد بانقسام خطير في الشارع المصري والذي بدأت نتائجه تطفو علي السطح في الاونه الاخيره.. فقد لفت انتباهي وبشده حدثين مهمين يمثلان بدايه صراع ديني علي الساحه كنتيجه لتطبيق الشريعه الاسلاميه وازدواجيتها في التعامل معهما وهذا هو الغرض من هذا المقال .الحدث الاول هو انضمام 88 عضو من جماعه الاخوان المحظوره قانونيا الي عضويه مجلس الشعب برغم استخدامها لشعار ديني عنصري وهو ( الاسلام هو الحل ) في دعايتهم الانتخابيه في محاوله منهم لاستماله التعاطف الديني لبسطاء الشعب المصري للفوز بمقاعد المجلس مما اثار حفيظه الاقليات الدينيه الاخري والمثقفين والمسلمين المستنيرين لما يحتويه هذا الشعار من عنصريه واختزال جميع البرامج السياسيه والاقتصاديه والتنمويه لجماعه الاخوان في شعار ديني مكانه دور العباده فقط وليس في طريق الاصلاح الاقتصادي والسياسي ولانتهاكهم الصريح لبعض مواد الدستور التي تحظر استخدام شعارات دينيه او طائفيه في الدعايه الانتخابيه , وكانت الكارثه عند الاحتكام لمواد الدستور في مدي دستوريه وشرعيه وضع نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب عندما صدر الحكم بدستوريه وضعهم كنواب ودستوريه استخدامهم شعار ديني في دعايتهم الانتخابيه وذلك تطبيقا للماده الثانيه التي تنص علي ان مصر دوله اسلاميه واللغه العربيه هي لغتها الرسميه ومبادئ الشريعه الاسلاميه هي المصدر الرئيسي للتشريع وبناءا عليه لا مانع من استخام شعار ديني في الدعايه الانتخابيه بشرط ان ينطوي علي مبادئ الشريعه الاسلاميه حتي وان كان حاملو هذا الشعار هم جماعه محظوره قانونيا لتاريخم الدموي والارهابي الذي عاني منه المجتمع والنظام طوال سنوات عده .اذا نستنتج من هذا ان الاحتكام الي الماده الثانيه في الدستور ادي الي دستوريه وشرعيه جماعه محظوره قانونيا لطالما عاني منها ومن دمويتها المجتمع المصري فقط لانها تنادي بتطبيق الشريعه الاسلاميه متفقه في ذلك مع نص هذه الماده , فهل ستنصف الماده الثانيه جماعات اخري من الشعب المصري لا تشاطرها نفس الاطار الديني ؟؟؟ هذا ما سنراه في الحدث الثاني وهو ما يسمي بالقضيه البهائيه , فالبهائيه هي عقيده حديثه العهد بدأت علي يد الميرزا حسين علي وكان يطلق عليها ( البابيه ) في ذلك الوقت ثم سميت البهائيه علي يد حسين نوري الذي لقب نفسه ب ( بهاء الله ) والبهائيه موجوده في الكثير من الدول العربيه مثل ايران سوريا لبنان فلسطين ومصر منذ اكثر من قرن .وقد بدأت مشكلات البهائيين في مصرتتفاقم في بدايه الثمانينات عندما امتنعت اداره السجلات المدنيه من استخراج البطاقات السخصيه لهم مما دفعهم للجوء الي المحكمه الاداريه العليا التي اقرت ان امتناع اداره السجلات المدنيه عن ادراج البهائيه في خانه الديانه في اوراقهم الشخصيه هو قرار اداري مخالف للقانون والدستور استنادا الي بعض المواد الدستوريه التي تكفل حريه العباده والاعتقاد في مصر لكن وزاره الداخليه اهدرت تطبيق قرار المحكمه في هذا الشأن فارتضي البهائيين بادراج ( __ ) في خانه الديانه في اوراقهم السخصيه خشيه التصعيد ضدهم واستمر هذا الحال حتي عام 2004 حتي صدر القرار رقم 46 الذي يقصر الديانات المعترف بها في مصر علي الاسلام المسيحيه واليهوديه وبذلك فقد تم حرمان البهائيين من ادراج ديانتهم في اوراقهم الشخصيه رسميا الي انا قام زوجان باستصدار حكم من محكمه القضاء الاداري بالاسكندريه بالزام وزاره الداخليه بالسماح للبهائيين بادراج ديانتهم في اوراقهم الشخصيه وقد اعتبرت المنظمات الاهليه ومنظمات حقوق الانسان هذا الحكم خطوه هامه وانتصار لتطبيق حريه العقيده المنصوص عليها نظريا في بعض مواد الدستور , لكن هذا الحكم ووجه بانتقادات لاذعه من العديد من الهيئات الاسلاميه ومناهضي الديموقراطيه وحريه الاعتقاد وقد قامت وزاره الداخليه باستئناف الحكم . وهنا تمت مذبحه مواد الدستور التي تكفل حريه العقيده عندما صدر الحكم بعدم الاعتراف بالبهائيه كعقيده قائمه بالفعل ولها اتباعها في المجتمع المصري وذلك تطبيقا للماده الثانيه ومبادئ الشريعه الاسلاميه التي لا تعترف الا بوجود ثلاثه دبانات فقط . اليست هذه ازدواجيه واضحه في المعايير في التعامل مع قضايا المجتمع المصري؟؟؟؟؟؟؟ فهنا نري الماده الثانيه تساند جماعه محظوره قانونيا معروف عنها تاريخها الدموي القائم علي عدم المساواه بين البشر طبقا لمرجعياتهم الدينيه حيث تتمتع تلك الجماعه بحمايه الدستور في نشر دعوتها العنصريه في الشارع المصري والجامعات والمؤسسات الحكوميه والخاصه لا لشي الا لاستنادهما الي نفس المرجعيه الدينيه ضاربه عرض الحائط بباقي مواد الدستور التي تنص علي حريه العقيده , بينما تحظر علي البهائيين وهم جزء لا يتجزأ من الكيان المصري ابسط حقوقهم وهو ادراج ديانتهم في اوراقهم الشخصيه ليس لانهم ليسوا مصريين ولكن لمجرد انهم يختلفون معها في المرجعيه الدينيه.. هناك ما يقرب من اربعه الاف بهائي الان في مصر معظمهم لا يملك اي اوراق شخصيه فكيف لهؤلاء الالتحاق بالمدارس والجامعات او حتي فصول محو الاميه اهكذا تحارب الماده الثانيه الجهل والاميه والتخلف العلمي ؟؟؟؟ كيف لاطفال هؤلاء المصريين الحصول علي التطعيمات اللازمه للحفاظ علي حياتهم وحفاظا علي الصحه العامه للمجتمع , اهكذا تحارب الماده الثانيه الامراض والاوبئه ؟؟؟؟؟ كيف يستطيعوا ممارسه حياتهم الطبيعيه كمواطنين مصريين من زواج وتعاملات بنكيه وحق الامتلاك وتحديد معاملتهم العسكريه واثبات نسب اطفالهم اليهم كي لا يتسببوا في احداث فوضي وهرج في المجتمع؟؟؟؟؟ .... اذا فقد تعاملت الماده الثانيه مع قضيتان من قضايا المجتمع في ازدواجيه تامه علي اساس ديني وطائفي خالص مائه بالمائه اليست هذه عنصريه ؟؟؟؟ اذا لا يمكن ان يتهمني احد بالتجني علي المادة الثانية اذا اجزمت بانها ماده مطاطه يمكن استخدامها في جميع الاتجاهات ويمكن تشكيلها في اي وضع يناسب النظام والجماعات الاصوليه المتشدده بما يتناسب مع احتياجاتها واحكام قبضتها علي المجتمع , وليس لها اي اسس واضحه المعالم لتبت في اي من قضايا وهموم المجتمع ومثل هذه المواد غير واضحه المعالم ستمثل عبء كبير علي عاتق المشرع في سن القوانين المنظمه للحياه السياسيه والاجتماعيه والعامه لانها تتعارض وبشكل قاطع مع مواد الدستور الاخري ومواثيق الامم المتحده ومبادئ حقوق الانسان. ولكي نساير الدول المتقدمه لابد ان نتخلص من كل تلك الشوائب التي لا تصلح لادني مستويات المنافسه مع المعايير العالميه التي انتجتها الانسانيه في العالم الغربي من مساواه ,عدل, ديموقراطيه , حريه فكر , حريه عقيده وتقدير مدي اهميه الانسان لكيانه البشري وامكانياته العقليه ومهاراته الشخصيه دون الرجوع الي اي اعتبارات اخري....
بقلم / اسامة عطالله
#أسامة_عطا_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟