أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد الخميسي - معبر إلي وطن














المزيد.....

معبر إلي وطن


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 10:02
المحور: القضية الفلسطينية
    




قررت أن أتجه إلي رفح لأرى بعيني حالة الفلسطينيين العالقين بين شتات الصحراء ووطنهم المحتل . ستة آلاف فلسطيني ما بين طلاب أرادوا زيارة أهلهم في غزة ، ومرضى جاءوا للعلاج ، وتجار ، وعمالة فلسطينية في الخليج ، وقلة كانت تستريح في القاهرة . جميعهم وجدوا المعبر مغلقا أمامهم ، وخلفهم لا شيء ، فمكثوا أكثر من شهرين في الصحراء : ممنوعين من أن يعبروا ليصبحوا مواطنين في وطنهم المحتل ، ممنوعين من الرجوع ليصبحوا شتاتا في العالم ، ممنوعين من التقدم أو التراجع ، ممنوعين من أي شيء سوى الانتظار الطويل مع حقائبهم تحت الشمس ، كأن الشمس وطنهم وهم شعاع من ضوئها في الرمل . وكنت كلما عزمت
على السفر ردني قلق من مواجهة نظرات الأطفال الصغار الذين لم يذوقوا لحظة نوم هانئة على مدى شهرين . يمكن أن تناقش الكبار في السياسة ، وفي الدول التي تتحكم في المعبر ، وفي الاتفاقيات الدولية ، لكن ما الذي يمكن أن تقوله لطفل لم ينم منذ شهرين ؟ لا شيء ، سوى أن تخفض عينيك من الخجل أو العجز أو الارتباك أو الحنان والعذاب .
هبطت من السيارة في العريش ومن هناك ركبت متجها إلي رفح ومنها إلي المعبر فرأيت حائطا عاليا ، وجنودنا على مسافات ، وصمت مطبق كالموت . سألت : أين الفلسطينيين العالقين هنا ؟ . جذبني رجل بدوي إلي الطريق : تفرقوا على كل مدن سيناء ، من له معارف توجه إليهم ، ومن استطاع استأجر مكانا ، ومن لم يستطع استضافه الناس . مات منهم خمسة وثلاثون ، وولد لهم صغار جدد ، ومازالوا ينتظرون .
عدت إلي العريش وقال لي طبيب عجوز : قد تجدهم أمام مبنى إستاد العريش الرياضي حيث تتجمع سيارات السفر الكبيرة لتقل المسموح لهم بالعبور إلي عويجة. كانت الساعة تقترب من العاشرة مساء ، وهواء البحر يهب على المدينة ، وأنا أتجه إلي مبنى الإستاد الرياضي وأفتش في أعماقي عن السبب الذي يقودني بإلحاح إلي رؤيتهم حتى أدركت أنني أريد أن يرسخ يقيني بأن الظلم في هذا العالم لا يعرف حدودا . أمام بوابة الإستاد وجدتهم ، حلقات من العائلات مرشوقة في الأرض تتحرك أطرافها ، أطفال يروحون ويجيئون وهم يفركون أعينهم المحمرة ، رجال افترشوا الإسفلت ومددوا أرجلهم أمامهم ، زجاجات مياه معدنية فارغة متناثرة ، أوراق بسكويت ، ذقون طويلة ، ونظرات تلمع بالهوس والتعب ، وأصوات تسأل : هل تأتي السيارات اليوم حقا ؟ هل يسمحون بالسفر ؟
وقفت أستمع منهم إلي قصص كثيرة إلي أن اقترب مني طفل في الخامسة ورفع عينيه لأعلى يتأملني ، ثم سألني : أنت معنا عمو ؟

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباب المغلق
- معارك نقدية
- غسان كنفاني .. زهور في حدائق جرداء
- الطريق الشاق نحو الكتابة
- جون شتاينبك ومنطق بيلون
- تحرير متبادل بين حماس وفتح
- تعذيب العقل
- أين أنت أيها التنوير ؟
- أهمية أن تكون من كندا
- لينين والقضية الفلسطينية
- عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
- حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
- الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
- رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
- عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
- الناس يصعدون إلي السماء
- بلاغ ضد الشعب
- الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
- د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
- المسلسلات المصرية


المزيد.....




- حارس بيئي للإمارات..مصورة تبرز دور أشجار القرم بمكافحة تغير ...
- مذبح غامض وجثث مدفونة.. من يقف خلف هذا الهيكل المدفون في قلب ...
- ولي نصر لـCNN: إسرائيل تفضل ألا يتفاوض ترامب مع إيران.. ماذا ...
- -متلبسا بالصوت والصورة-.. ضبط مدير جمعية تعاونية بالكويت يطل ...
- مصر تمتلك -إس-400- الصيني.. تقارير إسرائيلية تعبر عن مخاوف م ...
- زيارة سرية لقائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى واشنطن واتفاق حول ...
- بعد رفضها لمطالبها.. إدارة ترامب تجمد 2.2 مليار دولار لجامعة ...
- إدارة ترامب تخطط لخفض ميزانية الخارجية إلى النصف وتقليص البع ...
- مصر تقترب أكثر فأكثر من ترؤس اليونسكو
- الداخلية السعودية تطلق -منصة تصريح- الذكية لإصدار وتنظيم تصا ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد الخميسي - معبر إلي وطن