|
العراق...وصندوق النقد الدولي
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1999 - 2007 / 8 / 6 - 11:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تصنف جميع الاجراءات التي اتخذتها الحكومه العراقيه بعد احتلال البلاد عام 2003 ولحد الان على انها الخطوات الاوليه التي ستأخذ البلاد الى ضفة العالم الرأسمالي وما يسمى بأقتصاد السوق والتجارة الحره وهي تحدث في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حربا طائفيه لا تلوح في الافق نهايه لها كما ان الشعب العراقي لا علم له بطبيعة الاتفاقيات التي توقعها الحكومه ولا بالقوانين التي تتم مناقشتها والسبب واضح وهو وقوعه تحت سطوة الحرب اليوميه وانشغاله بأنعدام الخدمات الأقتصاديه والاجتماعيه والصحيه وفوق ذلك مداواة جراحاته النازفه في هذه الحرب . وبات واضحا للجميع ان الولايات المتحده الامريكيه لم يكن لها هدفا واضحا لما ستفعله بعد الحرب اي بعد اسقاط النظام واحتلال البلاد لهذا راحت تبحث هذه الخيارات بعد 09-04-2003 وفي البدايه قالت ان اعادة البناء والاعمار بحاجه الى استكمال الدستور واجراء اصلاحات سياسيه وشرعت بتنظيم هذا العمل من خلال حاكمها المدني الذي تمتع بجهل لا يحسد عليه فيما يخص تاريخ وجغرافيا العراق , فالاقتصاد العراقي كان منهارا اصلا ولا يمكن اعتبار تلك البنيه التي تتحكم في تجارته اقتصادا فقد كانت الفوضى هي السائده فيه وتميزه عن باقي اقتصاديات المنطقه ومعظم عمليات التجارة كانت تتم في ذلك العهد عن طريق سماسرة يعملون مع النظام ولمصلحته, ورغم ان صندوق النقد الدولي يعتقد ان العراق حقق بعض الاستقرار الاقتصادي وشرع بأصلاحات هيكليه في ظل ظروف بالغة الصعوبه واوصى المسؤولين العراقيين بوضع نظام جديد للاجور وتحسين اطار العمل المنظم للبنوك ووضع اطار عمل قانوني يهدف الى الحد من دعم عمليات الارهاب وتبييض الاموال الا انه اعتبر الاقتصاد العراقي اقتصادا هشا ويواجه خطورة كبيرة لم يتطرق الى طبيعتها.. والحقيقه انه لا توجد مؤشرات اقتصاديه تتجه نحو تقويه هذا الاقتصاد وبث الروح فيه وتحويله الى اقتصاد يعتمد فعليا على قوى السوق وان يكون مستندا بصورة حاسمه على انتهاج طريق النمو المستديم للاقتصاد.. ان الدور الذي يضطلع به صندوق النقد الدولي في العراق يجب ان لا يكون غريبا علينا وخافيا لانه يستمد طريقة عمله من التجارب التي خاضها في معظم بلدان العالم وكذلك من اهتمامه المميز بجعل العراق بديلا للبلدان التي ان الاوان لادخالها في مستنقع الركود والازمات الاقتصاديه وقبل البدء بتعريف النقاط الاساسيه التي يعمل صندوق النقد الدولي وفقها في العراق لا بد من ذكر ان الاقتصاد الاشتراكي او الذي يتحلى بصبغة وطنيه حقيقيه هو الاقتصاد الذي يعمل على تأميم الموارد الطبيعيه في البلاد وتسخيرها بالشكل الملائم لتطوير الحاله الاقتصاديه للفرد والتخلص من الديون وفوائدها وجعله يكتسب خطا تصاعديا يصب في خدمة الانسان وصالحه وكذلك في تقدم البلاد الى الامام ان كان المسؤولون عن ادارة هذا الاقتصاد يتحلون بالمنهاج العلمي الصحيح والاخلاص في عملهم في هذا الجانب,وهذا ما اتبعته الكثير من البلدان التي اخذت اقتصادها على الطريق الاشتراكي.. اما الخطوات التي يعمل صندوق النقد جاهدا لتطبيقها في البلدان التي تقع تحت رحمته فهي تبدأ بالتشريع اي القوانين الاقتصاديه التي يفرضها على البلد كما هو حال العراق اليوم وهذا التشريع ينطلق من البرلمان والحكومه التي تعمل وفق اجنده تلائم مطالب صندوق النقد والمؤسسات الرأسماليه الاخرى اي انها لا بد وان تكون خاضعه تماما للرأسماليه العالميه كي تنفذ ما هو مطلوب منها وتبدأ عمليه ادخال البلد بالمنظومه الرأسماليه بتخصيص قطاعات واسعه من اقتصاده وفتح المجال امام الشركات الاحتكاريه لشراء هذه القطاعات وكذلك فتح المجال امام البنوك الاجنبيه لتنتشر في البلاد وتأخذ طريقها للسيطرة على قطاعات اخرى كالاسكان والبناء والاستثمار في المجال الزراعي ولا بد ان تكون هناك مجموعه من المتخصصين في هذا المجال تابعين للصندوق ويعملون مستشارين في مختلف الوزارات لضمان سير الامور بالشكل المطلوب وعمليه القضاء على دعم الاسعار وفرض ضرائب على التجارة وباقي القطاعات وايجاد مصادر اضافيه للميزانيه الحكوميه كي تدعم الخدمات الاجتماعيه الاخرى كلها تصب في خانه ترك الموارد الطبيعيه للشركات الاحتكاريه كي تستفاد منها بشكل كامل ولا يخصص منها من ميزانيه الا في المشاريع التي تسهل عمل الشركات كبناء شبكه عملاقه من الطرق والسكك الحديديه وبناء اسواق اخرى عملاقه كي تقوم بتصريف منتجات الشركات الاخرى المتحالفه معها وكذلك خلق بنيه تحتيه تسهم في ادارة العمليه بالشكل الذي يجعل من البلد جزءا لا يتجزء من المنظومه الرأسماليه وهذا التوجه كما يعتقد البعض ليس سيئا لانه ينقل البلاد من حاله التخلف المستمر الى حاله اخرى اكثر تقدما كما حدث للكثير من البلدان التي اختارت التعامل مع الولايات المتحده والشركات الغربيه على الطريق الاخروالكثير من الاقتصاديين العراقيين يشجعون دخول العراق هذا المعسكر لانه سيجعل من عملية أندماجه بالاسرة الدوليه والاقتصاد العالمي اسهل واعمق لكن الخطر يكمن في السيطرة على كل مفاصل الاقتصاد والحياة في البلاد من قبل الشركات الاحتكاريه وهذا ما يدخل البلاد في نفق لن تتمكن من الخروج منه مالم تبعد سيطرة هذه الشركات عن اقتصادها.. ورغم ان صندوق النقد مؤسسه دوليه الا انه لا يحوي الكثير من الدول التي حققت قفزات اقتصاديه ناجحه او ان الؤسسات التابعه له لاتضم البلدان التي قطعت شوطا كبيرا في الانضمام الى المنظومه الرأسماليه فعدد اعضاء نادي باريس هو تسعة عشر دولة ( الولايات المتحده الامريكيه والمانيا وبريطانيا واليابان واستراليا والنمسا وبلجيكا وكندا والدنمارك وفنلنده وفرنسا وايرلنده وايطاليا وهولنده والنروج وروسيا واسبانيا والسويد وسويسرا ) اي انها لا تضم الكثير من الدول التي حققت نجاحات اقتصاديه عملاقه كالهند والصين وجنوب افريقيا وهذه البلدان باسرها كانت دائما المستفيده من اي عملية خصخصة في البلدان الخارجه للتو من النظام الاقتصادي الاشتراكي او الوطني والولايات المتحده الامريكيه لعبت دورا اساسيا في التأثير على هذه المنظومه لالغاء ديون العراق او الغاء 80%منها على الاقل لانها تدرك عمليا ان الارباح من عمليه ادخال العراق في المنظومه الرأسماليه يفوق بكثير تلك التي تم الغائها او التنازل عنها.. وهذه العمليه على اية حال مرهونه بالدرجه الاساس في مدى التقدم الذي ستحققه الولايات المتحده وجيشها هناك ولا بد لهذه الدول من الاعتراف مسبقا بان نصف الاستثمارات او اغلبها في هذا البلد ستكون امريكيه صرفه وفي حالة الفشل فأن هناك ازمه اقتصاديه عالميه خانقه ستحيط بهذه البلدان ولن تتمكن الولايات المتحده من تجاوزها الا في حاله واحده فقط لاغير وهي اشعال حرب شامله في المنطقه تستطيع من خلالها تعويض الخسائر الماديه في حرب العراق وهي عمليا بدأت تعد العدة لهذا الاحتمال من خلال استعداد اسطولها في الخليج للحرب وتزويده بحاملات طائرات اضافيه وايضا عقد صفقات للاسلحه مع السعوديه ودول الخليج وتزويد اسرائيل والاردن بالسلاح للاستعداد لهذا الخيار اي ان المعادله تم اختصارها بهدفين يأما العراق وثرواته او حرب شامله في المنطقه تعيدها لنقطه الصفر وتدمرها وتفتح المجال للشركات الاحتكاريه بعد الحرب للدخول الى هذه البلدان من اجل اعادة بناءها وشعوبنا بطبيعه الحال غير قادرة على التعامل مع المعطيات التي تفرضها السياسه الامريكيه في المنطقه لانها تعيش حالات صراع مختلفه فيما بينها تعمل الولايات المتحده على تأجيجها في المنطقه لضمان تمرير مخططاتها.. ربما لن يكون سهلا التعامل مع هذا النمط من الاصلاح في العراق في بادئ الامر لكن اقتصاده سيصبح بلا انى شك رهينه لهذه الشركات ودخوله السوق الرأسماليه لا يخلو من الثمن الباهض الذي سيكون على حساب شعبه من خلال تعميق الهوة بين الفقراء والاغنياء والقضاء على الطبقه الوسطى في المجتمع وهذا ما حدث بشكل واضح في الارجنتين التي تم اغراق اقتصادها منذ ثلاثين عاما بالديون الثقيله واذا ما ادرك العراقيون اهميه الاصلاحات التي عليهم سلوكها فأن من الافضل دراسة التجربه في كل من اليابان والمانيا اللتي عملتا على تسديد الديون باسرع ما يمكن كي يتخلصوا من اسر هذا الصندوق وكي يتحولوا الى قطب فيه يمتلكوا القرار حالهم حال بريطانيا والولايات المتحده وهذا ما فعلوه بالتحديد وحذت روسيا فيما بعد حذوهم وسددت اغلب ديونها كي تتحول الى قوة اقتصاديه عالميه وفي حاله بقاء العراق واقتصاده مريضا بهذا الشكل فأن منطقة الشرق الاوسط بأسرها ستعيش حاله من العجز وبالتالي يجعل من الاقتصادي العالمي عرضه للازمات والنمو البطئ الذي لا يلبي الحاجه...
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمال العراق..وفتوى وزير النفط !!
-
شتان ما بين المستطيل الاخضر ..والساحه الخضراء !
-
اتحاد العمال...والعمل النقابي
-
علم يمثل العراقيين..!!
-
تركيا بين العلمانيه والاسلام السياسي..
-
الحد الادنى من مطالب العمال..
-
قانون النفط...ونقابات العمال
-
حرب العراق...والتحولات المرتقبه
-
حكم دكتاتوري عسكري..
-
ألاصوليه العلمانيه...
-
العنف...والمؤسسات التعليميه
-
المواطنه المتفوقه..والدستور العلماني
-
حرب الافكار...والمشروع الامريكي للشرق الاوسط
-
المجتمع المدني..واسس الديمقراطيه
-
الدولة..والطفوله المعذبه
-
علامات انهيار مرتقب....
-
العنصريه...في اوربا المتحضرة
-
العمل الصحفي..والسلطه السياسيه
-
النازحون من جحيم الحرب ..
-
الانذار الاخير ...
المزيد.....
-
كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
-
-كورونا وميسي-.. ليفاندوفسكي حرم من الكرة الذهبية في مناسبتي
...
-
السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت
...
-
وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا
...
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|