غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1996 - 2007 / 8 / 3 - 10:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
»يلبألك شك الألماس آه يا عيني أخذوك ياحبيب قلبي ياويل ويلي أخذوك ... ياحبيب قلبي ياويل ويلي ..«
ذات جديلة كانت شقراء في ذاك المسلسل الحدث, المسلسل الذي ألهب قلوب السوريين جميعا و(بسمرهم) أمام التلفاز كما يقول السوريون أيضا . مع أسعد الوراق ذاك المسلسل الذي أخرج الهامش المنسي في حوارينا الدمشقية عبر قصة حب لم تشهد مثلها الدراما التلفزيونية السورية, بين أسعد الوراق (الممثل القدير هاني الروماني) وبين منى واصف التي نسيت ما كان اسمها في ذاك المسلسل حيث أذكره ومازلت مراهقا في حواري دمشق . أسعد الوراق يشبه مجنون أية حارة دمشقية ومع ذلك تحبه تلك الوردة الجورية الخرساء ! وتختاره رغم جمالها لإنسانيته وشهامته ثم تختصر المسافات بين الحب وبين الوطن وبين البطولة في صرخة مازالت في رأسي عندما يقتله العسكر . رغم أن أهل الحي يتعاملون معه كمجنون .. ينام في فرن الحارة ..على أنغام تلك الأغنية الدمشقية العريقة تصرخ منى واصف ويخرج صوتها المكتوم من عمق تاريخ القهر للعشق والبسطاء بعد مقتل حبيبها وتغني لها دمشق (يلبئلك شك الألماس ..) .. ثم تتلو آياتها الإبداعية وتتحول إلى أم تريد إرسال ابنها للثأر لأبيه (أنا أمك يازيدان) في مسلسل (الجرح القديم) الذي يتناول عادة الثأر في حوران سورية . لم نكن نصدق نحن الحوارنة أن هنالك امرأة دمشقية يمكن لها أن تتحول إلى أم حورانية بهذه الطريقة الآخاذة . إنه انغماس في المشهد من أجل أن يكون المشهد سوريا .
منى واصف لا أحد في سورية الثمانينات يعرف شكلا آخر لملكة تدمر زنوبيا غير شكل سيدتنا منى واصف . إنها التاريخ الذي يقف بين عواميد تدمر ومأساة إنساننا السوري المعاصر . الذي بات التاريخ له تعويضا عن حاضر تراجيدي . محطات كثيرة تلفزيونية وسينمائية .. إنها هند في فيلم الرسالة الملحمي الذي أخرجه مصطفى العقاد الذي ذهب ضحية الإرهاب الأعمى, ولا أظن هناك مواطنا عربيا لا يعرف هذا الفيلم الذي شاركت في نسخته الإنكليزية الممثلة الرائعة إيرين باباس . ذاكرتنا عن زنوبيا نحن الذين كنا نظن أن التاريخ قادم ولكننا وجدنا السجن يكتب تاريخنا لا نعرف شكلا لزنوبيا سوى شكل منى واصف .
كم لدينا في سورية كمنى واصف وكم منى واصف لدينا ?
لا أعرف لماذا حضرني هذا السؤال أو ربما أعرف ولا أريد أن أكتب عن هذه المعرفة ...
حتى انني لا أجرؤ الآن على التحدث عن تجربتها في المسرح السوري لأن هذا ليس من اختصاصي.
ما تحتاجه سورية الآن هو المعنى الذي كانت ومازالت تعنيه منى واصف لكل السوريين .. والمعنى هو : كم في ذاكرة السوريين رموز توحد وجدانهم الجمعي ?
سيدتي أنت قاسيون قبل العسكر, وقاسيون بعد العسكر.
وأنت من »يلبأ له شك الألماس«
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟