|
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأمازيغية، أو الدين الإسلامي.....6
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1991 - 2007 / 7 / 29 - 13:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تعدد المذاهب ومأزق الأصولية:
وبعد وقوفنا على واقع الأصولية، وواقع الأمازيغية: الأزمة، والأزمة المضادة، نخصص هذه الفقرة لمناقشة تعدد المذاهب، ومأزق الأصولية، ذلك أنه بعد وفاة الرسول مباشرة، بدأ التصنيف بين المسلمين، والأنصار، ثم إلى شيعة، وخوارج، وآل الزبير، وبني أمية. ولما تطورت معرفة المسلمين، وتوطدت الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، وشرع الرواة في رواية الحديث من أصقاع الجزيرة العربية، ظهر ما صار يعرف بالمذاهب الأربعة: المالكية، والشافعية، والحنفية، والحنبلية، التي اختلفت منطلقاتها، واختلاف تصورها لما يجب أن يكون عليه المسلمون إما إخلاصا للحاكم الذي يقف وراء ذلك، أو سعيا إلى تحقيق مصالح معينة، اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، ليتفرع كل مذهب بعد ذلك إلى مذاهب صغرى، تبعا لفهم الأشخاص الذين اختلف فهمهم عن فهم الآخرين، واستطاعوا، بعد ذلك، أن يخلقوا لهم أتباعا في مذهبهم الفرعية.
وإذا استحضرنا الأصل السياسي في المذاهب، واعتبرنا أن ما أتى بعد ذلك من مذاهب، إنما أنى نتيجة لمبررات سياسية، واستحضرنا أن المجتمع الذي عرف ظهور الدين الإسلامي، هو مجتمع طبقي، وأن مجتمعات المسلمين، بعد ذلك، وفي كل مكان، اعتنق فيه الناس الدين الإسلامي إنما هي مجتمعات طبقية فإننا نسجل أن تعد المذاهب ، والأحزاب القائمة على تأويل النص الديني، يرجع إلى الانقسام الطبقي للمجتمع؛ لأن كل طبقة اجتماعية، ودون وعي منها، تسقط فهمها الخاص للنص الديني، انطلاقا من مصلحتها الطبقية، على الدين نفسه، وهذا الفهم الخاص، المرتبط بالمصلحة الطبقية، هو الذي سميناه أدلجة الدين الإسلامي، والأدلجة بالنسبة إلينا لا تعني إلا تأويل نص معين، انطلاقا من المصلحة الطبقية، حتى يصير ذلك النص في خدمة تلك المصلحة. وهذا التعدد في تكوين المذاهب، والأحزاب، على أساس تأويل النص الديني، هو الذي وقف وراء إنتاج هذا الركام التاريخي الهائل من الكتب المعبرة، فعلا، عن تعدد المذاهب، والأحزاب، مما يخلق لدينا مرجعيات متعددة للمتعاملين مع تراث المسلمين الفكري، والإيديولوجي، والسياسي، حتى لا نقول الديني؛ لأن المرجعية الدينية لا تتجاوز ما جاء به القرآن، غير منسوخ، وما ثبت في الأحاديث، مما ينسجم مع ما جاء في القرآن.
ولذلك نجد أن تاريخ المسلمين، عرف استنبات المزيد من المذاهب، والأحزاب، اعتمادا على تلك المرجعيات المختلفة، مما أدى إلى خلق الوهم بأن الدين الإسلامي ليس واحدا، بقدر ما ما هو مجموعة من الأديان.
فهناك الإسلام الذي جاء به القرآن. وهناك إسلام السنة. وهناك إسلام الشيعة. وفي إطار كل من السنة، والشيعة، هناك مجموعة من الإسلامات،
وهناك الإسلام الرسمي في كل دولة من دول المسلمين، وإسلامات المعارضة، كل حسب مرجعيته.
وهناك إسلام المالكية، وما تفرع عنه من إسلامات حسب المذاهب المالكية الصغرى.
وهناك إسلام الشافعية، وما تفرع عنه من إسلامات المذاهب الشافعية الصغرى.
وهناك إسلام الحنفية، وما تفرع عنه من إسلامات المذاهب الحنفية الصغرى.
وهناك إسلام الحنبلية، وما تفرع عنه من إسلامات المذاهب الحنبلية الصغرى.
وفي إطار الصراع القائم على الإرهاب، ظهرت أشكال أخرى من الإسلام، كإسلام أمريكا، وإسلام القاعدة، وإسلام الطالبان، وهكذا... إلى ما لا نهاية.
وهذه التعددية لا يمكن أن تخلق في صفوف المسلمين إلا التشويش على حقيقة الدين الإسلامي، وتجعل معتقداتهم مضطربة، وغير قادرة على الثبات، ومستعصية على الفهم.
وبانتقال التقديس من الوحدة إلى التعدد، يتحول الدين الإسلامي من دين التوحيد، إلى دين التعدد، نظرا لتعدد الآلهة. وهذا على خلاف ما جاء من أجله الدين الإسلامي. فقد جاء في القرآن الكريم: "لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا". وإذا أضفنا إلى ذلك قبول المسلمين المشوشين بتوظيف الدين الإسلامي في الأمور الإيديولوجية، والسياسية، فإننا نجد، تبعا لذلك، أن كل مذهب كبير، أو فرعي، وأن كل حزب مؤدلج للدين الإسلامي، يسعى إلى السيادة، والحكم. وهو ما يتناقض تناقضا مطلقا مع ما جاء في القرآن: "وأمرهم شورى بينهم"، "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا".
وإذا انطلقنا من أن السلطة السياسية، أو المذهبية، تقتضي تقديس الزعيم السياسي، أو المذهبي، فإن الدين الإسلامي، حسب ما يجرى في كل حزب مؤدلج للدين الإسلامي، وفي كل مذهب، لا يصير دينا للتوحيد، بقدر ما يصير دينا للشرك.
وبناء على ذلك، نجد أنه لا داعي للقول بأن الدين الإسلامي لا زال موحدا، كما كان، بل إن التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، حتى لا تقول المذاهب الفقهية، جعلت من الدين الإسلامي أديانا، ولكل دين مقدساته التي تختلف عن مقدسات دين آخر.
وهذا التعدد في المذاهب، وفي الأحزاب السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، هو المأزق الذي يعيشه مؤدلجو الدين الإسلامي، لأنه يحيلنا، لا على مرجعية واحدة، بل على مرجعيات متعددة، لأنه لكل توجه مرجعيته التي يعتمدها في صياغة تأويله.
فهل يمكن تجاوز هذا المأزق، مع وجود استمرار التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي؟
ومع استمرارها، فهل يمكن العمل على توحيد مرجعيتها؟
إن الشروط الموضوعية المنتجة للتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، والتي استمرت أكثر من أربعة عشر قرنا، ليستفحل أمرها مع بداية القرن الواحد والعشرين، لازالت قائمة، ولا زالت أكثر قبولا لإفراز المزيد من مؤدلجي الدين الإسلامي. وهذه الشروط ليست محلية فقط، وليست وطنية فقط، بقدر ما يتفاعل فيها المحلي، والوطني، والقاري، والأممي، مما يجعل صعوبة مواجهتها، في ظل قيامها، حاضرة في الممارسة اليومية للنخبة الواعية بخطورة أدلجة الدين الإسلامي، وخطورة الشروط الفارزة للمؤدلجين، في نفس الوقت.
ولذلك، فتجاوز مأزق الأصولية لا يتم إلا ب:
1) إعادة النظر في الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، المنضجة لشروط أدلجة الدين الإسلامي.
2) العمل على تغيير الشروط الموضوعية لصالح الجماهير الشعبية الكادحة. 3) تحريم استغلال الدين الإسلامي في الأمور الإيديولوجية، والسياسية.
4) المراقبة الصارمة للمساجد، حتى لا تستغل في غير ما له علاقة بأداء الشعائر الدينية.
5) سحب جميع الكتب، والمطبوعات، والأشرطة المرئية، أو المسموعة، المتضمنة لأدلجة الدين الإسلامي من الأسواق. 6) تكوين الأطر المشرفة على المساجد، تكوينا علميا، وقانونيا صحيحا، حتى يلعبوا دورهم في المحافظة على المساجد من المتطفلين.
7) تكوين جهاز للمراقبة التربوية، يكون مختصا بمراقبة ما يجرى في المساجد، ورفع تقارير، عن ذلك، إلى الوزارة الوصية، من أجل البث فيما يجب البث فيه، لصالح تكريس احترام الدين الإسلامي.
8) العمل على إيجاد حلول سريعة للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية المزمنة، التي يستغلها مؤدلجو الدين الإسلامي في تجييش المسلمين وراءهم، لتحقيق أهدافهم، وتطلعاتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
9) إقرار دستور ديمقراطي متلائم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ويقر سيادة الشعب على نفسه، ويفصل بين السلط: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية.
10) إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثل، فعلا، إرادة الشعب المغربي، تمثيلا حقيقيا، حتى تخدم مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، تشريعيا، وتنفيذيا، وقضائيا، وفي اطار تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
ذلك أنه بالعمل على أجرأة الخطوات المذكورة، يمكننا إيجاد واقع جديد، يتحرر فيه الدين من الأدلجة، ومن التوظيف السياسي، حتى يتبين بالملموس: أن الاعتقاد بالدين الإسلامي، وما يترتب عن ذالك من الالتزام بأداء شعائر معينة، شان فردي، حتى وإن كان يؤدى بشكل جماعي، لتحقيق غايات أخرى، لا علاقة لها بالعبادة، بقدر ما لها علاقة بتحقيق التواصل بين المسلمين، من أجل تبادل الرأي في الأمور الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي لها علاقة بمحيط المسجد كمنطلق لتبادل الرأي فيما يجرى على المستوى الوطني، والقومي، والعالمي.
وتحرر الدين من الأدلجة، شرط لاستعادة الارتباط بالواقع، في تجلياته المختلفة، حتى تتم استعادة الذات الهاربة إلى الانشغال باللا واقع، عن الواقع، ومن أجل أن تسكن تلك الذات في الهموم اليومية للكادحين بالخصوص، وطليعتهم الطبقة العاملة، ليتم بذلك تجاوز مآزق الأصولية، التي تصير حينذاك في ذمة التاريخ، وحينها سيتعامل الناس مع تعدد المذاهب، على أنها مجرد رؤى، وتصورات، لما يجب أن يكون عليه الدين الإسلامي، انطلاقا من اجتهاد أشخاص معينين.
فهل يتم إنضاج الشروط النقيضة للشروط الفارزة للأصولية؟
ومن المسئول عن إنضاج تلك الشروط؟
إن إنضاج الشروط المذكورة، هو مهمة مجتمعية، ومهمة الدولة بمؤسساتها المختلفة، ومهمة الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، والجماهيرية.
ولذلك، فالجميع مسئول عن المهام المذكورة، التي تتلخص في إنضاج الشروط الجديدة، والفاعلة، والمؤثرة، والمتأثرة، والمتفاعلة، في أفق إفراز جديد، نقيض لما ينفرز عن الشروط الموضوعية القائمة.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
مؤدلجو الأمازيغية، أو الدين الإسلامي، وسعار ادعاء حماية الأم
...
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....29
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....28
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....27
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....26
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....25
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....24
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....23
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....22
-
الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....21
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة.....31
-
اشتغال بعض المغربيات مع جهاز الموساد الإسرائيلي نتيجة طبيعية
...
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة.....30
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة.....29
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة.....28
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة.....27
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|