غداة استقلال تونس 1956، صدرت مجلة [مجموعة قوانين] الأحوال الشخصية، التي حررها أستاذنا الشيخ محمد الفاضل بن عاشور والتي كان لها وقع هزيم الرعد على الوعي الإسلام المتكلس الى درجة أن النساء أنفسهن، ضحية الأمية واستبطانهن لعداء الرجال لهن وتصديقهن لدعاية الرجال ضدها، رفضنها. في الانتخابات البلدية التي تلت صدورها فازت قائمة الحزب الشيوعي في العاصمة بفضل التصويت الاحتجاجي ضد قوانين الأحوال الشخصية لكن قائمة حزب بورقيبة هي التي فازت بالتزوير. وكقائد واثق من مشروعه السياسي الحداثي ومن شرعيته السياسية اعترف بورقيبة غداة الانتخابات في خطاب رسمي بتصويت النساء ضد قائمة حزبه تعبيراً عن رفضهن لقوانين الأحوال الشخصية مذكراً النساء بأن العبيد الذين حررهم إبرهام لينكولن رفضوا "مثلكن" الحرية التي وهبت لهم. لكن لم تكد تمضي بضعة عقود حتى استساغ الوعي الإسلامي التونسي هذه القوانين التي أعادت هيكلة العائلة التونسية التقليدية راديكاليا بإلغائها رخصة تعدد الزوجات المشروطة بشرط قرآني شارط لكن مستحيل التحقيق باعتراف القرآن نفسه: العدل بين الضرائر،ألغت الطلاق التعسفي الذي جعل المرأة رهينة نزوات الرجل الذي حسبه أن يملها _والملل ملازم للحياة الزوجية _ ليرمي بها الى الشارع في أية لحظة ويجد في الفقه الإسلامي السائد، الذي كتبه الرجال للرجال، مبرر لجريمته. كما خرجت المرأة المسلمة , لأول مرة في تاريخها، من سن القصور الأبدي أي حرمانها من أهليتها القانونية ابتداء من حقها في تزويج نفسها الى حقها في تقرير مصيرها في حياتها اليومية. وألغت أيضاً حكم الآية 11 من سورة النساء
" وإن كانت واحدة فلها النصف" والنصف الآخر يرثه أقرب رجل لأبويها فإن لم يوجد مثل هذا الوارث بالصدفة ورثته بيت المال ! وهو ولا شك حكم مناف للعقل ولحس الإنصاف.
تاريخياً حركات التجديد والتحديث بادرت إليها النخب الواثقة من مشروعها وشرعيتها. لأن النخب الحقيقية تقود جمهورها بدلاً من جر أقدامها وراء أوهامه الدينية أو تخييلاته القومية . مثل هذه النخب التي تسبق الوعي الشعبي لتكييفه مع الجديد والحديث المؤلمين دائماً، هي ما افتقده تاريخ العرب المعاصر. قبل مبادرة النخبة التونسية الحداثية بحوالي قرن فعلت النخبة اليابانية الشيء ذاته عندما فرضت على الوعي الجمعي الياباني تبني النظام القضائي الغربي والحال أن الياباني يأنف من الوقوف أمام القضاء. لأمد طويل ضل التجار الغربيون هم الذين يلجأوون الى القضاء. لم يستسغ اليابانيون هذا النظام الغريب عن تراثهم إلا بعد عقود. قبل بورقيبة ب 32 عاماً بادر كمال أتاتورك الى تحديث الوعي الإسلامي العثماني بالعلمانية، ركن الحداثة الركين، في شعب من الفلاحين 96% منه أميون. رغم نكوص عدنان ماندريس طوال السنوات 1950 الى التعليم الديني التقليدي وتشجيعه للإسلام العثماني المتعطش لأخذ الثأر من العلمانية ورغم مواصلة الحركة الأصولية التركية لخط ماندريس فإن القيم العلمانية تغلغلت في الوعي الإسلامي التركي لدرجة أن قطاعاً من قادة الإسلام السياسي تكيف معها عن قناعة أو عن تاكتيك. ليس مصادفة ندرة فقهاء الإرهاب بين قادة هذا الإسلام بينما أغلبيتهم هي التي تقود الحركات الدينية المناضلة ضد العقل في العالم العربي رادعين نخبه السياسية، التي أفقدها فسادها أو جبنها كل مصداقية، عن تحقيق الإصلاحات البنيوية الملحة خاصة في التشريع والتعليم والتعليم الديني والديمغرافيا والانفتاح على الحداثة مما جعل جل المجتمعات العربية تغوص كل يوم في التأخر أكثر وعلى قاب قوسين أو أدني من التفكك أو الانفجار من الداخل، وزارعين الرعب في رؤوس شريحة واسعة من النخبة الفكرية المستنيرة، لكن الجبانة، التي باتت تخشى على حياتها إن هي عبرت بصراحة عما تفكر فيه بخصوص إصلاح الإسلام لتكييفه مع الحداثة بعد أن فشل وهم تكييف الحداثة مع الإسلام الذي تعاطته النخب الإسلامية والقومية طوال القرن العشرين. وفي سقوط النموذج الإسلامي الإيراني عبرة لأولي الأبصار:فقد نفّر المسلمين الإيرانيين من الإسلام إذ توقف 75% من الشعب و86% من الطلبة عن الصلاة، عماد الدين، كما يؤكد تقرير بلدية طهران لسنة 2000 . والوقائع التي تذكرها الصحافة الإيرانية هذه الأيام أكثر دلالة: الجوامع التي كانت في عهد الشاه تغص بآلاف المصليين لا يصلي فيها الآن صلاة الصبح إلا عشرة أشخاص وصلاة الظهر عشرون شخصاً !
في الواقع الإشكالية المركزية اللامفكر فيها اليوم هي التالية: هل نواصل، بفصامية سريريه، اللعبة التراجيدية _ الكوميدية التي تعاطيناها منذ القرن التاسع عشر بفشل ذريع: تكييف الحداثة مع الإسلام باختراع "حداثة إسلامية" أي دولة إسلامية، لا تفرق بين الدين والدنيا، وعلوم إنسانية إسلامية، تعترف بثبات تقاليد الأسلاف لا بقانون تطورها، وفلسفة إسلامية تتجند للدفاع عن وجود الله ضداً على الفلسفة المعروفة في العالم، واقتصاد إسلامي لا يتعامل بالربا [الفائدة] بل يقدم القروض لوجه الله كما تفعل المصارف الإسلامية التي تتعاطي المضاربة من بورصات العالم وتستولي على أموال مودعيها التعساء، وحقوق إنسان إسلامية تقدم حقوق الله [العبادات] على حقوق الإنسان وتبرر تطبيق الشريعة إبتداء من جلد شارب كأس بيرة 80 جلدة الى رجم الزانية ودق عنق المرتد وأخيراً لا أخراً "وعلم مستقبلات عربي إسلامي يعطينا الأمل ويحثنا على العمل" ضد علم المستقبليات العالمي الذي ينذرنا بأن مستقبلنا سيكون صورة من حاضرنا كما يقترح محمد عابد الجابري؟ أم نعود الى رشدنا فنقبل بمبدأ الواقع المحبط لكن الذي لا مفر منه أي تكييف الإسلام مع الحداثة ومتطلباتها الضرورية واضعين بذلك حداً ل "الاستثناء العربي الإسلامي" من قوانين التاريخ وحقائق العصر الذي نعيش فيه بأجسادنا ونعيش في عصور خلت بأفكارنا ومعتقداتنا وتشريعاتنا وتعليمنا واقتصادنا وسياستنا وقيمنا التي حولتنا الى أضحوكة طوراً والى بعبع أطواراً في نظر الدبلوماسية الدولية والإعلام العالمي والمجمع المدني العالمي الذي يخص العالم العربي كل سنة بحصة الأسد في انتهاك حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة وغير المسلم وغير العربي ؟
خاصية النخبة التونسية الفكرية والسياسية أنها فكرت بصوت عال في هذا اللامفكر فيه وحسمت خيارها: تكييف الإسلام مع الحداثة لاستحالة تكييف الحداثة مع الإسلام. في 1930 نشر الشيخ الطاهر الحداد، خريج الزيتونة، كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" مطالباً، عبر قراءة تاريخية عبقرية لآيات القرآن، بإلغاء تعدد الزوجات والمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات كافة بما في ذلك المساواة في الإرث. بعد 26 عاماً من صدور كتاب الحداد، صدرت قوانين الأحوال الشخصية متبنية تدريجياً إصلاحات الحداد واحدا واحداً: المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى التي عليها اليوم أن تتبناها لاستكمال خيارها التاريخي: تكييف الإسلام مع الحداثة، في هذه الحالة، مع القيم الإنسانية الكونية ومواثيق حقوق الإنسان التي تفرض المساواة التامة بين الجنسين في الحقوق والواجبات كافة. كيف تدخل الفتاة التونسية الجيش لتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية جنباً الى جنب مع الفتي ومع ذلك لا تكون مساوية له في الميراث؟
في 12/6/1993 صدر قانون ثوري وضع حداً لأول مرة في أرض الإسلام للسلطة البطريقية (الأبوية) العتيقة، التي تعطي للأب، بحكم التقاليد الميتة التي يحكم بها الأسلاف من وراء قبورهم حياة الأخلاف، السلطة في المنزل على الزوجة والأبناء وفي المجتمع للرجال على النساء، جاعلاً الأبوين كليهما شريكين في إدارة الأسرة ل "صالح الأبناء"، لا ينقص إلا قانون المساواة في الإرث لإرسال السلطة البطريقية الباغية الى مثواها الأخير.
المساواة في الإرث ستكون آخر وسام تعلقه النخبة التونسية السياسية على صدرها في مجال تحرير المرأة من رق العصور الخوالي. وستكون خاصة طفرة نوعية في تعزيز إدماج المرأة التونسية في التنمية الذي قطعت فيه شوطاً بعيداً في المجمعين المدني والسياسي: 98% من الفتيات متمدرسات، 25% من القضاء نساء _ في مصر، وطن هدي شعراوي وقاسم أمين، لم تدخل الى القضاء إلا امرأة واحدة وحيدة السنة الماضية !!! _ 34% من الأطباء نساء، 64% من الصيادلة نساء. كما دخلت المرأة التونسية الى صفوف الطبقة العاملة وصفوف أرباب العمل وفي المجالين بكفاءة. بالمثل تبوأت منزلة واعدة في المجتمع السياسي:14% من موظفي الدولة من النساء و16,5% من مقاعد البلديات و25% من اللجنة المركزية للحزب الحاكم من النساء. ووزيرتان في الحكومة.
للذين عقدوا العزم على استلهام النموذج الحداثي التونسي في تحرير المرأة أقول أن دمج المرأة التونسية في التنمية تم بواسطتين التعليم والعمل: تونس الوحيدة في دول الجامعة العربية التي تخصص 19% من ميزانيتها للتعليم في حين تخصص الدول الأخرى 27% من موازنتها لصناعة الموت: الجيوش بالنتائج الكارثية التي نعرف: هزائم دون قتال وعجز مزمن على تحرير شبر واحد من الأراضي المحتلة في سوريا أو في فلسطين. نصف قرن من المساواة في حق التعليم بين الفتي والفتاة فتح سوق العمل أمامهما دون تمييز. لقد مضي ذلك العهد الذي كانت فيه المرأة التونسية ربة منزل فقط لتغدو اليوم ربة مهنة وربة عمل ..
في 1956 برر أستاذنا العلامة محمد الفاضل بن عاشور عدم إقرار المساواة بين الذكر والأنثى في الإرث عكساً لرغبة بورقيبة بقوله لنا في درس فلسفة التشريع الإسلامي: "قلت له الآن النساء لا يطالبن به والرجال ضده، لكن بعد سنوات ستتطور بالتعليم، العقليات وعندها لكل حادث حديث". وصدقت نبوءة شيخنا في 1994 سألني طالب في السنة أولي حقوق عن تفسير بعض المصطلحات الغامضة في درس الشريعة ك "الاستحسان و الاسطصحاب " ثم سألني :"ألا تري إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين ظلماً" وكانت له أخت ومن أسرة موسرة. سألت زميليه هل تعتبران الأمر ظلماً؟ فأجابا بالإيجاب ولأحدهما أختان. قلت لهما عندما ظهر الإسلام لم يكن ذلك ظلماً بل ربما كان ثورة لسببين: في الجاهلية كانت الأنثى محرومة من الميراث حيث لم يعترف العرب بحق الإرث إلا لمن كان قادراً على القتال أي الذكور البالغين حصراً. السبب الثاني هو العداء العميق للمرأة الذي كان مستشرياً كالوباء بين عرب الجاهلية وورثائهم من فقهاء القرون الوسطي وفقهاء الإرهاب المعاصرين. اتخذ هذا العداء أربعة مظاهر: تشاؤم الآباء من المولودة والوأد والرجم والحرمان من الإرث . أفضل من صور لنا عداء عرب الجاهلية للمرأة هو القرآن نفسه:" وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم"(58 النحل) أي كئيب، في فلسطين اسم (نهاية) شائع جداً بين البنات تعبيراً عن كونهن مولودات غير مرغوب فيهن من آبائهن ! المظهر الثاني لهذا العداء هو الوأد للبنت الوليدة :"وإذا المولودة سئلت بأي ذنب قتلت"(8 التكوير) ولو كان الرجم معروفاً على عهد النبي لنزلت آية مماثلة تقول مثلاً: وإذا المرجومة سئلت بأي ذنب رجمت، الفقهاء سليلو وائدي بناتهم استوردوا الرجم، على ما بين الصادق النيهوم في كتابه "إسلام ضد إسلام" (دار الساقي) من التوراة رغم أنف القرآن الذي استبدله بعقاب آخر أخف للنساء المتزوجات: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت الى أن يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " أي مخرجاً من سجنهن بعفو رجالهن عليهن؛ المظهر الرابع والأخير، هو حرمانهن من الميراث أصلاً في الجاهلية وعدم المساواة بينهن وبين الرجال في الميراث. ولو سواهن القرآن لفاوض الصحابة الرسول كما فعلوا مراراً وبنجاح، على نسخ الآية كما نسخت بطلب منهم آيات قبلها. دليلي على هذه الإمكانية أن معظم العرب خلال أكثر من 14 قرناً لم يطبقوا الآية 11 من سورة النساء وظلت الأنثى خاصة في البوادي محرومة من الميراث . والدتي مثلاً لم ترث أباها إلا بعد الاستقلال أي بعد حوالي 40 عاماً ! كما أن فقهاء الحنفية اخترعوا الوقف لسببين: الإفلات من المصادرة وحرمان الأنثى من حقها في الإرث الذي اعترف لها به القرآن .
المغزى من كل هذا أنه ما كان بإمكان القرآن أن يسوى في الإرث بين الذكر والأنثى ، وعلينا اليوم،اعتماداً على القراءة التاريخية للقرآن والحديث أن نصحح الوضع وننسخ التمييز الذي لم يعد مقبولاً في عصرنا بين الذكر والأنثى في الميراث، أشرت قبل قليل الى طلبة الحقوق الثلاثة الذين اعتبروا التفاوت في الإرث بين الذكر والأنثى (ظلماً) في نفس الفترة (1994) ذهبت لتهنئة زميل الدراسة الشيخ الكفيف أحمد الحمداني وإمام جمعة باريانه بعودته سالماً من الحج. أخبر زواره بأنه قسم ممتلكاته بالتساوي بين أبنه وابنته . لاحظ له قاض في محكمة التعقيب (النقض) بأن ذلك مخالف للنص الآية فأجابه " يا سي الهادي [بالأخضر] ذلك زمان وهذا زمان" ولم يعترض عليه أحد من الحاضرين وكلهم من خريجي جامع الزيتونة المعمور. وهو دليل لمن مازال في حاجة الى دليل على نضج العقلية التونسية ، التي رأي شيخنا محمد الفضل بن عاشور، أول مفتي لتونس المستقلة، أنها الشرط الذي يجعل صدور قانون المساواة في الإرث ممكناً، خاصة وإن تونس السباقة الى التجديد كانت أول من طبق القراءة التاريخية للقرآن أي نسخ أحكام الآيات التي لم تعد متكيفة مع المصلحة العامة كما فعل الشيخ الطاهر الحداد والمشرع التونسي عندما نسخ رخصة تعدد الزوجات وحرمان البنت الوحيدة من إرث كامل ثروة أبويها وتحريم التبني .
القراءة التاريخية للنص القرآني دشنها القرآن نفسه حيث كانت تنزل آيات جديدة تنسخ الآيات القديمة التي لم تعد متكيفة مع المستجدات. بعد موت النبي واصل الخلفاء الراشدون نسخ الآيات التي باتت متعارضة مع المصلحة العامة. مثلاً يعلمنا الطبري أن أبا بكر نسخ حق المؤلفة قلوبهم في الآية (60 التوبة) بحجة عقلية: "قوي الإسلام لا حاجة لنا فيهم" ولم يعترض عليه أحد من الصحابة. ويعلمنا أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة في كتابه "الخراج" أن المهاجرين والأنصار اجتمعوا للتداول في اقتراح الخليفة عمر بن الخطاب نسخ آية الفيء "وما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول" (41التوبة) وأخيراً بموافقة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل ولم يعترض على النسخ إلا بلال ابن رباح والزبير ابن العوام نسخت بحجة عقلية احتج بها عمر على قادة الجيش ومقاتليه هي مصلحة الأجيال القادمة:" إذا أخذتم هذه الأرض ماذا سيبقي لمن يأتون بعدكم ؟". بعد الخلفاء الراشدين والصحابة نسخ أيضاً الفقهاء آية الدين "وإذا تداينتم بدين الى أجل مسمي فاكتبوه" (182 البقرة)بحجة عقلية أي المصلحة العامة: الأمية منتشرة في الأمصار واشتراط العقد مضيعة لمصالح الناس. نسخ الشيخ المالكي الونشريسي حكم حديث حرمان آل البيت من الزكاة حفظاً لكرامتهم لكن عندما باتوا في القرن التاسع الهجري يتسولون في الطرقات أفتي الشيخ في كتابه الشهير بنسخ الحديث باسم المصلحة العقلية: والوقت قاض بجواز إعطاء / آل الرسول من مال الزكاة قسطاً . لاحظوا "الوقت قاض" هذا الإحساس بمتطلبات التاريخ الذي افتقده اليوم فقهاء الإرهاب الذين يفتون بهدر دماء المسلمين وغير المسلمين المعصومة عقلاً ونقلاً ويجادلون في إقرار المساواة في الإرث .
حسن الأحدوثة أي السمعة الطيبة هي اليوم رأس مال رمزي.سمعة بلد تقاس بالمسافة التي قطعها لدخول الحداثة أو تحديث الحداثة وخاصة حداثة حقوق الإنسان وحقوق المرأة. إقرار المساواة في الإرث سيحدث دوياً إعلامياً إقليمياً وعالمياً إيجابياً وسيكون وساماً آخر تتقلده الخضراء التي غدت منذ الآن قدوة حسنة لمحيطها المغاربي والعربي والإسلامي. الملك محمد السادس أمر بإصدار مدونة الأحوال الشخصية قبل نهاية الشهر الجاري. مشروع المدونة المغربية نسخة طبق الأصل من المجلة التونسية. الرئيس عبد العزيز بو تفليقه فتح ورشة إصدار قوانين شخصية جزائرية تستلهم القوانين التونسية .. وفي إيران يفكر بعض الإصلاحيين في ترجمة مجلة الأحوال الشخصية التونسية الى الفارسية .
وأول الغيث قَطْرٌ ثم ينهمر.
إيلاف خاص