أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - عواقب الجريمة الأكثر بشاعة التي ارتكبها صام حسين بحق الشعب العراقي!















المزيد.....

عواقب الجريمة الأكثر بشاعة التي ارتكبها صام حسين بحق الشعب العراقي!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 608 - 2003 / 10 / 1 - 05:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

خلال عمر النظام الاستبدادي المطلق في العراق ارتكب صدام حسين ونظامه أبشع الجرائم بحق الشعب العراقي التي ستبقى ذكراها دامية في أذهان الشعب العراقي عقوداً طويلة.
فهو الذي صادر الحريات الديمقراطية وداس على كرامة الإنسان العراقي وحرمه نعمة الحرية والعيش الكريم في وطنه. وهو الذي صادر كامل حقوق الإنسان لأكثر من 24 مليون إنسان وحول العراق إلى سجن كبير يصعب التنفس فيه. وهو الذي تسبب في موت أكثر من مليون إنسان في الحروب الدامية التي خاضها دون مبرر, إذ ليست هناك أي حرب مبررة على الإطلاق. وهو الذي قتل أكثر من 350 ألف إنسان من الأكراد والأكراد الفيلية وعرب الوسط والجنوب ومن بنات وأبناء بقية القوميات الذين نجد عظامهم وبقايا ملابسهم اليوم في المقابر الجماعية, حيث تجاوز فيها سلوك كل الدكتاتوريين الذين برزوا في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وهو الذي صفى تحت شعار "تطهير السجون العراقية" عدة ألاف من السجناء السياسيين من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والأفكار والآراء السياسية ومن مختلف مناطق ومدن وقرى العراق. وهو الذي شرد قسراً الملايين من العراقيات والعراقيين في أنحاء المعمورة. وهو الذي ساهم في موت ما يزيد على 600 ألف طفل عراقي نتيجة الحصار الدولي الذي فرض على العراق بعد غزو الكويت وحرب الخليج الثانية, وما يزال هناك ما يقرب من مليون طفل عراقي يعانون من سوء التغذية وشتى الأمراض التي يمكن أن يختطفهم الموت في كل لحظة. وهو الذي قتل المئات من مواطني الدول العربية بمن فيهم أكثر من 600 مواطن كويتي اقتيدوا إلى العراق وغيبوا فيه باسم العروبة والوحدة العربية.
وصدام حسين هو الذي نشر الرعب في صفوف الناس ودس جواسيسه ومخبريه في كل بيت وعائلة ومعمل ومدرسة وجامع وحقل ومحلة, التي تسببت بدورها في اعتقال وتعذيب وقتل المزيد من البشر.
وهو الذي نصب نفسه رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة ورئيساً لمجلس التخطيط ورئيساً أعلى لأجهزة الأمن والأمين العام للقيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق والعالم العربي, وله من الأسماء ما فاقت أسماء الله الحسنى بعشرات المرات.
وهو الذي شارك بفعالية كبيرة بنشر الرشوة والفساد في صفوف كبار المسؤولين من قادة عسكريين وموظفين مدنيين وصحفيين وعلماء وشعراء وأدباء وسياسيين ورجال دين في العراق والعالم العربي وعلى الصعيد الدولي. وهو الذي فرط بأموال النفط العراقي والثروة الوطنية سعياً وراء تنفيذ مخططاته العسكرية العدوانية وحروبه التوسعية الداخلية منها والإقليمية, وبنى القصور المرفهة والباذخة في وقت كان الشعب يئن تحت وطأة الجوع والحرمان والمرض والموت بسبب نقص الغذاء والأدوية والرعاية الطبية.
لقد قام صدام حسين ونظامه الدموي بكل ذلك وأكثر من ذلك وهي جرائم بشعة. ولكن صدام حسين قام بارتكاب أبشع من كل تلك الجرائم المخزية في العراق حين أعاد عجلة التاريخ إلى الوراء, حين نفذ مخطط الردة الحضارية في المجتمع, حين أعاد العشائرية التي بدأت تحتضر في أعقاب ثورة تموز عام 1958, وأعاد الطائفية التي بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة بفعل القيم التي أطلقتها تلك الثورة التي أجهضت في عامها الأول. وهو الذي بدأ بتنفيذ سياسة عنصرية فاقت تصور كل الشوفينيين الذين سبقوه في حكم البلاد على امتداد تاريخ العراق الحديث في التعامل مع الشعب الكردي, بمن فيهم الأكراد الفيلية, والأقليات القومية وعرب الوسط والجنوب بدعوى أنهم من تبعية فارسية. وهو الذي أصدر التشريعات التي داست من جديد على كرامة النساء "الماجدات" وسلبت الحقوق التي استطعن انتزاعها قبل وبعد ثورة تموز. وهو الذي دفع الناس من جديد إلى الغوص العميق في الغيبيات وأعمال السحر والشعوذة والاستخارة وارتداء العباءة وغطاء الوجه من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. وهو الذي دفع بكثرة من الناس إلى الجهل الشديد بنتاج الحضارة الحديثة وثورة الانفوميديا الأكثر حداثة. لقد كان صدام حسين الطاعون الذي غزا العراق في النصف الثاني من القرن العشرين وبداية القرن الجديد وحول المجتمع إلى فترة القرن التاسع عشر في جملة من المظاهر والظواهر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعادات والتقاليد السارية. لقد نشر الأمراض والعلل الاجتماعية القديمة وأخرى جديدة, كما سمح لجمهرة من رجال الدين, وليس من علماء الدين الأخيار, أن يلعبوا الدور المخزي في المجتمع, الدور الطائفي البغيض, ونشط العشائرية الضيقة ورابطة الدم والعنصرية الأكثر عدوانية.
إن الردة الحضارية التي يعيشها المجتمع العراقي تتجلى في الظواهر السلبية الجديدة التي نشطها صدام حسين في سنوات حكمه الأخيرة, حتى تجرأ رجال الدين الأكثر تخلفاً وعدوانية إزاء المجتمع والمرأة أن يمنعوا الرياضة حتى على الرجال, دع عنك النساء, ومحاولتهم السيطرة على قاعات الرياضة وتحويلها إلى مراكز للعزاء, أو منع الغناء والموسيقى والمرح والفرح, أو متابعة النساء ومنعهن من دخول العتبات المقدسة لهذا السبب أو ذاك وكأنهم حراس الله على الأرض, أو الدعوة الظالمة للحجاب المتشدد وحبس النساء في سجن أضافي يزيد من وضعهن البائس, إن هؤلاء الذي ينصبون أنفسهم وكلاء الله على الأرض يريدون فرض الاستبداد الصدامي مضافاً إليه الاستبداد الديني على الطريقة الإيرانية المتخلفة والبالية والجائرة على النساء والمجتمع في آن واحد.
لقد أعاد صدام حسين نشر بذور التمييز بين أفراد المجتمع لأسباب قومية ومذهبية وعشائرية وإقليمية وفكرية وسياسية وجنسية (المرأة والرجل), وهي المخاطر الجديدة التي تهدد المجتمع ونسيجه الوطني ووحدته. وهي علل اجتماعية إن استمرت وتفاقمت تدفع بالمجتمع إلى الهاوية, إلى مستنقع لا قرار فيه. فهل يا ترى هو ما تريد سلطة التحالف المحتلة دفع البلاد إلى هذه الهاوية المرعبة عندما تمسكت بالتوزيع الطائفي للمسؤولية في مجلس الحكم الانتقالي وفي الحكومة المؤقتة والجيش العراقي الجديد وقوات الشرطة والأمن؟ وهل هذا هو الحل لما كان يعاني منه المجتمع العراقي في فترة حكم صدام حسين أم غوص في مستنقع التعصب القومي والطائفي والعشائري والإقليمي؟ هل تريد الإدارة الأمريكية نقل الصورة السائدة في الولايات المتحدة والخاصة في هيمنة الأوروبيين البيض على السلطة السياسية والقيادات العسكرية والمدنية وفي الاقتصاد والمال في الدولة اليهودية المسيحية, كما عبر عنها وزير الخارجية الأمريكية كولن باول أخيراً, إلى العراق أيضاً باعتباره بلداً مسلماً بأكثرية شيعية؟ وهل تريد نقل الصورة من إسرائيل في صدد التمييز القائم بين مختلف طوائف اليهود وانتماءاتهم الأوروبية والشرقية, إضافة إلى التمييز ضد العرب, باعتبارها دولة عبرية, إلى العراق أيضاً لتكون الأساس لحكم البلاد؟ إن حل الصراع الراهن بين الدول العربية وإسرائيل سيسمح وبسرعة فائقة إلى تعميق الصراع الداخلي في إسرائيل بين مختلف الطوائف اليهودية ومنحدراتهم الغربية والشرقية, واختلاف ألوان بشرتهم وما إلى ذلك, وسنرى الديمقراطية في إسرائيل إلى أين ستدفع بالأمور فيها! أثق بأن العراقيات والعراقيين يرفضون هذه الظواهر وهذه الممارسات السلبية ولا يريدون السقوط في هذا الوحل المرعب. 
إن سلوك سلطة التحالف المحتلة الأمريكية-البريطانية يشير إلى إنها وكأنها تريد تكريس الممارسات الصدامية رسمياً وبأسلوب يوسع انتشار ورسوخ تلك العلل الاجتماعية بدلاً من محاربتها واجتثاث جذورها وتعزيز فكرة المواطنة العراقية والاحترام الكامل للقوميات المختلفة وحقوقها العادلة واحترام الأديان والمذاهب دون التحول إلى عنصريين وطائفيين أوباش. إن العراقيات والعراقيين أمام محنة جديدة ينبغي الانتباه لها فنحن لا نريد أن يتحول العراق إلى جماعات دينية ومذهبية متصارعة أو عشائرية متنازعة قبل أو بعد خروج قوات الاحتلال. لقد زرع المحتلون القدامى الكثير من الألغام في العراق بعد خروجهم منه, وعلينا أن ننتبه الآن لكي لا يزرع المحتلون الجدد, الذي جاءوا محررين كما قالوا وأنقذونا من صدام حسين فعلاً وحقاً, ذات العلل الاجتماعية القديمة تحت واجهات جديدة مرفوضة أصلاً. نحن لا نريد أن يكتب غداً في هوية التعريف الشخصية للمواطن العراقي ما يلي:
- عراقي مسلم, سني حنبلي أو سني شافعي أو سني مالكي أو سني حنفي, أو عراقي, مسلم, شيعي أثنى عشري (جعفري) أو خمس إمامية أو ست إمامية أو زيدي أو علوي أو درزي .. أو كاكائي أو علي اللهية ...,
- عراقي, مسيحي, كاثوليكي, عراقي مسيحي بروتستانتي أو أرثوذكسي شرقي,
- عراقي صابئي أو إيزيدي.
  وعلينا أن نناضل من أجل منع وقوع العراقيات والعراقيين في مثل هذا المستنقع العفن.


برلين في 30/9/2003        كاظم حبيب
 
 



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها صحوة موت ولكن, ....!
- المسألة الكركوكية: التطهير العرقي فكراً وممارسة في ظل الاستب ...
- دراسة أولية مكثفة عن أوضاع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ...
- هل للملكية-الإقطاعية حظ من القبول في العراق؟
- نحو معالجة المشكلات الأساسية التي تواجه الشعب في المرحلة الر ...
- هل سيتعلم القطب الأوحد من دروس العراق وأفغانستان؟
- النص الكامل للحوار الصحفي مع الشرق الأوسط
- مرة أخرى مع الدعوة لإقامة الملكية في العراق!
- أحذروا الأعداء: هل يراد تحويل العراق إلى أفغانستان الفترة ا ...
- الصراع الطائفي محاولة مقيتة لتشويه وجهة الصراع الحقيقي في ال ...
- كلما تأخر تشكيل حكومة مؤقتة, اتسعت دائرة العنف والمطالبين با ...
- من أجل أن نترك وراءنا مظاهر الاستبداد والعنف والقسوة في السل ...
- ماذا يجري في العراق, ولمصلحة من, وكيف نواجهه؟
- الأهمية المتنامية لوحدة قوى الشعب في مواجهة تحديات القوى الف ...
- ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي بين سلط ...
- الدروس التي يمكن استخلاصها من الحرب الأخيرة واحتلال العراق
- التركة الثقيلة لنظام صدام حسين الاستبدادي على المرأة العراقي ...
- الجولة الأخيرة واليائسة لصدام حسين وعصابته أو صحوة موت
- لمواجهة نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام - الحلقة الخامسة ...
- أفكار حول الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في العراق


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - عواقب الجريمة الأكثر بشاعة التي ارتكبها صام حسين بحق الشعب العراقي!