مهند حبيب السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 09:30
المحور:
الصحافة والاعلام
أنتشرت في السنين الاخيرة على مدى واسع ظاهرة مواقع الانترنيت التي تنشر مقالات لمن يرغب في النشر تحت عنوان صحيفة يحررها كاتبها أو احدى مشتقات معناها ودلالاتها, حيث ان لهذه المواقع الالكترونية المنتشرة بشكل كبير في الشبكة العنكبوتية ستراتيجية معينة وبرنامج ما يلتزم به صاحب الموقع وعلى غراره او طبقاً له ينشر مايريد ان ينشره اذا ما التزم الكاتب بسياسة هذا الموقع الالكتروني.
وربما لا يرى احد بأس في ذلك , فهذا ماتفعله كبريات الصحف العربية التي تمارس عين الأستراتيجية في نشر المقالات مهما زعمت ان صدرها يتسع للرأي والراي الاخر, فالاعلام العربي باشكاله المرئية والمسموعة والمكتوبة مازال_ في الاعم الاغلب_ في مرحلة الدكتاتويرية الثقافية وامبريالية المعنى والاتجاه الواحد, حيث يقبل هذا الاعلام الراي الذي ينسجم مع خط سيره ويرفض ويقصي كل مايقع في الطرف المضاد له الذي يبتعد عن منهجه او سياسته !!!.
ولكن الامر في المواقع الالكترونية على نحو مختلف, اذا أن الرأي الذي يتطابق مع راي الموقع يجد طريق له للنشر سواء كانت جيداً ام سيئاً لايحتوي على الحد ألادنى لمقومات شرعية المقالة التي تسمح لها بان ترى النور في عالم الكتابة والفكر والاثير الالكتروني.
وربما يعترض صاحب الموقع على هذا الطرح الذي كتبته اعلاه, من منطلق أنه لا يدفع ثمناً لكاتب المقال كمقابل للموضوع المكتوب المرسل اليه, وموقعه يحتاج للمقالات لكي يعتبر موقع الكتروني لصحيفة بتمام معنى الكلمة قادر على أيصال الافكار التي يحملها صاحب الموقع الذي اراد نشرها عن طريق انشاء الموقع الالكتروني ( طبعاً هذا اذا افترضنا ن الغرض من انشاء الموقع يعود الى مسألة ايديولوجية وليس شيئاً اخر يختبئ وراء الاكمه).وهو أمر صحيح, لكن أن تبني موقعاً وتجعله يستمر شيء وأن تجعله غارقاً بمقالات سخيفة المضمون, ركيكة المعنى, فضائحية اللغة شيئاً أخر, خصوصاً اذا اصبح المجرور منصوب والمنصوب مرفوع والمرفوع مسحوب وملقى على الارض رغماً عن أنف أبيه !!!
ولهذا أو بسبب هذا رأيت ان اوجه بعض النقاط التالية الى هؤلاء الكتاب عسى ان يقرأون معي مقالي ونستفيد سوية مما ورد فيه من ايجابيات واخطاء على حد سواء , مع العلم انني قد اكون انا واحد منهم دون أن أعلم بذلك حتى لو انني كنت من كتب النقاط التالية التي ساوجهها الى هؤلاء الكتاب:
1. ان وجود اسمك ايها الكاتب الكريم في الموقع الالكتروني لا يعني انك قد اصبحت كاتب مرموقاً يشار له بالبنان, وتسير بذكره الركبان...بل لا تتوهم انك حينما تمشي في الشارع ان الناس سينظرون اليك, أو سوف يطلب توقيعك بعض الجهلة كما يطلبها من مطربيين ومطربات وراقصين وراقصات وممثليين وممثلات وداعر...وداعرا.... هذا الزمن الالكتروني الغريب !!!
2. لا تنخدع أبداً بمن يقنعك بان مقالك الالكتروني سوف يغير خريطة المقالات في عالم الانترنيت وسوف يجعل منك انساناً من جنس اخر يحمل بين جنبيه عبقرية فذة استثنائية نرجسية جبارة خارقة لحدود الزمان والمكان , بل لاتلتفت لمن يقول لك ان مقالك سوف يُحدث قطيعة ابستمولجية_ بلغة باستون باشلار_ عن بقية المقالات التي كتبت قبل ان ينشره مقاله المذكور .
3. لاتفرح كثيراً وتنتفخ على الاخرين حينما ترى مقالك وأسمك موجود في الكثير من المواقع التي ارسلته اليها, والافضل ان تتخذ موقفاً أخر غير السعادة!!! لسببين الاول ان مسؤوليتك قد اصبحت أكبر خصوصاً اذا افترضنا ان هنالك اكثر من شخص سوف يقرأ مقالك وبالتالي سوف يوجه لك أكثر من نقد ومن منطلق اتجاهات متنوعة, الثاني ان وجود الاسم في الكثير من المواقع سوف يؤدي في بعض الاحيان الى الملل والتذمر من صاحب هذا المقال الذي صدّع رؤوسنا بمقالاته الذي نراه كلما فتحنا موقع.
4. ان صاحب الموقع الذي طابقت افكارك افكاره وسارت على نمطيتها يحتاج لك ولمقالك من اجل انجاح موقعه وأمداده بنسغ البقاء وشريان الوجود أكثر من احتياجك اليه ان كنت مكتفياً معنوياً وسايكولوجياً !!!
5. ان احتياج صاحب الموقع الألكتروني اليك يعني ويفترض في بعض الاحايين انه سينشر _على مضض_ مقالك في الموقع حتى لو كان تافه وسطحي وليس له قيمة تذكر في عالم الكتابة !!!
6. انك ايها الكاتب الالكتروني اداة او وسيلة يحقق بها صاحب الموقع مايريده , واذا شئت ألتاكد من ذلك فاكتب مقال لا يناسب افكار صاحب وحينها سوف لن ترى اسمك مرة ثانية في الموقع !!!
7. ان بعض أصحاب المواقع الالكترونية الذي ترسل لهم المقال يضحكون على مقالكم ايها الكاتب الالكتروني سواء كان من ناحية المضمون أو العرض والاسلوب , ولكنهم يتغاضون عن ذلك من باب ان موقعهم يحتاج الى ان يمتلئ في اليوم الفلاني بمقالات معينة !!!
8. ان المقال الذي تكتبه ياصديقنا العزيز _وربما تتعب فيه بصدق_ لا يقراءه احد مطلقاً في بعض الاحايين, بل يقتصر القارىء الذي يفتح الموقع الذي وجد فيه مقاله بالاكتفاء بالعنوان فقط !!!
9. حاول ايها الكاتب الالكتروني ارسال مقالك المنشور في الموقع الى صحيفة مكتوبة تتقيد بالقواعد المهنية لنشر المقال لترى حجم مقالك الحقيقي وقيمته التي يجب ان يوضع فيها على نحو الدقة!!!
10. ان بعض القراء الذي يفتحون المواقع الالكترونية من اجل التصفح لا يقرأون عنواوين المقالات بل يبحثون عن اسماء لكتاب معينين حالما لايجدوها في الموقع فان تحريك (ماوس) الحاسبة في صفحة الموقع على علامة x هو اول شيء سوف يفعله !!!
11. حاول ايها الكاتب العزيز ان تبتعد بقدر المستطاع عن العوامل الذاتية والنزعات الشخصية والأرهاصات الداخلية والانفعالات الغير منضبطة التي تتحكم في كتابات البعض, من اجل ان تقترب نحو مشارف الموضوعية والحياد والعقلانية وأن على نحو نسبي تقريبي ظاهري !!!
12. عليك قبل الدخول الى عالم الكتابة الالكترونية واتحافنا كل يوم بمقال ترى انه سيغير تاريخ الكتابة ويخرج على نمطيتها التقليدية, عليك ان تمارس القراءة بشكل كبير وعلى نحو مستمر ان امتلكت الوقت اللازم لذلك واستطعت ان تسرق ساعة او اكثر من ساعات النهار التي ربما تغرق باعمالك ومشاغلك فيها !!!
13. لا تجعل من كتاباتك سبباً لالحاق الاذى بأهلك وخصوصاً والديك!!! ان كانوا احياء أو اموات وذلك بسبب اللعنات والشتائم التي قد تتطاير من افواه القارئ الذي لا يعجبه ما زرعته في مقالك !!!
14. حرية الكتابة سيدي الكاتب الالكتروني لا تعني عشوائية الموقف وفوضى الفكر بل تعني المسؤولية وقدرتك الواقعية على تحملها مع النتائج التي من الممكن ان تترشح ممما قلته ان كنت واعياً بذلك!!!
15. لا تظن ان الكتابة في عالم الانترنيت شيء سامي مختلف عن بقية النشاطات الانسانية الاخرى, فالكتابة مهنة حالها حال بقية الاعمال الحرفية الاخرى اختص بها امثالك دون البعض الاخر,الذي ربما اختصوا بالتجارة أو البقالة أوالحدادة أوالعمالة أوحمل الاوساخ والقاذورات وتنظيفها من الشوارع .فلو تأخر الاخير_ مثلاً_ عن المجيء الى بيتكم سيادة الكاتب الالكتروني لتوقفت عن الكتابة وهجرت الحاسبة من اجل التخلص من الاشياء التي كان يقوم بها هذا الانسان المُحترم الذي يكدح ليل نهار. وحينها ستعرف انك ومقالاتك الفذة غير قادرين على القيام بعمل المنظف الذي من المؤكد ان الكثير من الكتّاب يستهزأ به وينتقص من عمله وينظر له شزراً باحتقار .
16. لذلك فعلى كتاب الانترنيت ان يحاسبوا انفسهم قبل ان يحاسبوا كما قال الامام جعفر الصادق بالنسبة للانسان بشكل عام الذي يندرج تحت جنسه كاتب المقال الالكتروني
#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟