أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل اندراوس - ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم















المزيد.....

ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم" *
ما يحدث لمجتمعنا العربي من تغيرات وارتدادات رجعية جارفة، إلى جانب وجود أوضاع ومفاهيم وتقاليد جوهرية عدة لا تزال على حالها لم تتبدل، خصوصاً تلك التي تتعلق بالمساواة، والحرية، ودور الفرد في صنع قراره، وحرية المرأة، يدفع البعض إلى الإحباط والابتعاد عن النشاط الجماهيري الشعبي، ويدفع البعض الآخر إلى الاعتقاد على أنه لا يقف على أرض صلبة، وكأن الأرض تحتنا تحولت إلى ماء فأصبح وجودنا بالذات يقتضي أن نجيد السباحة ومعايشة هذه التيارات الجارفة وتقبلها دون ممارسة السباحة الفاعلة والمؤثرة ضد هذه التيارات، من أجل تغيير هذا الواقع، المعاش السيئ والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
لا شك بأن هناك عوامل اجتماعية ثقافية نفسية – أو ما يسمى بالبناء الفوقي للمجتمع تعيق عملية التغير الثوري، أو على الأقل الإصلاحي التراكمي المرحلي، خاصةً وان هذا البناء الفوقي للمجتمع – أي الوعي الجماعي، مرتبط بشكل موضوعي جدلي مع البناء التحتي- التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية للمجتمع العربي- أي البناء الاقتصادي لمجتمعنا الذي ما زال يتخبط بين بناء التشكيلة الاقتصادية الإقطاعية الممزقة، ولم يرتق بعد إلى تشكيلة اقتصادية رأسمالية متطورة. وهذه الفوضى في البناء التحتي- الاقتصادي للمجتمع، ينعكس سلباً على البناء الفوقي أي الوعي الجماعي للمجتمع، ويخلق نوعا من الضياع والفوضى، والاغتراب، واليأس والانكسار على مستوى الفرد والمجتمع.
هذا الواقع السيئ المعاش تعاني منه أيضاً الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل (وإلا كيف يمكن تفسير تصويت أكثر من 50% من المصوتين العرب لأحزاب صهيونية، وتصويت الآلاف أعضاء حزب المعراخ لبراك في انتخابات البرايمرز الأخيرة، والارتداد والتصويت لحركات سلفية دينية). ولكن لكي ندرس هذا الواقع السيئ المعاش علينا أن نطرح القضية كمشكلة عامة يعاني منها العالم العربي من خليجه إلى محيطه، وضمن إطاره العالمي. هناك من يرى الحل من خلال مساعدة الدول المتقدمة فيتحدثون عن "إمكانية وضع برنامج تعاون عالمي في العلم والتكنولوجيا حيث باستطاعة البلدان النامية وغير النامية أن تشترك معاً في حملة لمعالجة مشكلات هامة في البلدان غير النامية".(برنامج هيئة الأمم المتحدة للتطور العلمي والتكنولوجي عام 1971).
ولكن هذا المفهوم وهذا الطرح يرتكز على مفهوم التعاون والانسجام بين البلدان المتطورة والنامية، ولكن ما يجري على أرض الواقع يختلف كلياً حيث تتميز هذه العلاقة بالتصادم والتناقض والصراع بين الدول الفقيرة والدول الغنية والاستغلال والتسلط وهجرة الأدمغة والحروب والاستعمار الخ...، ما يميز عصرنا الحالي عصر تطور الرأسمالية إلى أعلى مراحلها- الامبريالية.
وهناك بعض علماء الاجتماع البرجوازيين وخاصةً في أمريكا أمثال دانيال لبرنر الذي اهتم بقضية التطور والإنماء في الشرق الأوسط ، يروجون لفكرة رفض شعوب البلدان المتخلفة تبني التغيير، ويبني المستحدثات التكنولوجية العلمية، ويفسرون ذلك بطروحات عنصرية شوفينية، مرجعين ذلك إلى عوامل نفسية كفقدان الطموح، وعدم المقدرة من التحرر من السلطة الأبوية، وعدم القدرة على التمثل وعدم الرغبة في النجاح.
هذا المفهوم والطرح السيكولوجي يقول بأن مشكلة التأخر وفشل التحديث حالة عقلية تسيطر على العالم الثالث ترفض التقدم، والتطور وترفض التكيف مع التغيير. هذا الطرح "لعلم" السيكولوجيا البرجوازي الغربي، يتميز بتوجه عنصري وغير موضوعي. كل هذه الطروحات تريد أن تثبت الواقع السيئ المعاش، بدل من طرح سبل وإمكانيات التغيير الثوري للواقع.
مع كل معاناة الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط يميل الإنسان العربي بشكل عام (وأنا لا أتحدث عن نشاطات وأعمال فردية أو منظمات تمارس النشاط الفوضوي هنا وهناك) إلى الرضوخ والاغتراب والانسحاب أكثر مما يميل الى اختيار الثورة.
ومن العوامل التي تساعد الإنسان العربي على قبول هذا الواقع السيئ المعاش بدلا من ممارسة الرفض الجماهيري الشعبي المنظم الثوري هو الدين- المسيحي أو الإسلام- الذي يخلق مناخا اجتماعيا عاما يدعو إلى قبول الواقع والقناعة والرضى والطاعة، وعلى أن هذه المفاهيم فضائل يجب التمسك بها.
هذا لا يعني أن الدين لا يملك قيما روحية تناقض هذه القيم، ولكن الاضطهاد السياسي والاقتصادي والنفسي وممارسة أساليب التهميش لجماهير الشعب الواسعة، تدفع الشعوب المقهورة، أن تهرب من هذا الواقع إلى عالم الخيال، والعودة إلى التراث واستعادة أحداث الماضي بدل دراسة الواقع والنظر إلى المستقبل، لتستمد العزاء والقوة على الاستمرار،ودون العمل على إحداث تغييرات ثورية للمجتمع. بشكل عام وليس مطلق القناعة ، والقبول والرضا فضائل عند العربي المؤمن، مسيحيا كان أم مسلما، وفي الحياة اليومية الكثير من الأمثلة التي تظهر مدى انتشار القدرية مثل "لا تفكر لها مدبر" "والقدر يسير الناس وما على العبد إلا الطاعة والشكر"
وهناك من يردد بعض أقوال الغزالي، أن "الله هو الذي يريد المعاصي، ولو لم يكن يريدها، فلماذا تمتلئ الدنيا بالمعاصي؟".
"وان السكون أمام إبليس طول العمر شيء لا ضرر فيه".
هذه المفاهيم الغيبية البعيدة كل البعد عن الدين الحقيقي تشكل حصناً منيعاً في وجه قيام ثورة حقيقية وتمنع الإنسان العربي من مواجهة عجزه، والكفاح المثابر والمنظم والثوري من اجل تجاوز وتغير هذا الواقع.
ومن الأمور التي تساعد الإنسان العربي على تقبل واقعه السيئ المعاش، أنه يعبر بحرية وعفوية وبشكل غير مدروس، وبغرور عن مواقفه من منطلق ذاتي والتي وغالباً تعالج بغضب أو حقد أو استعمال العنف الكلامي أو الجسدي، أو عن طريق النكتة أو السخرية من الآخر وهذا النوع من "التنفيس والارتياح"، لا يطرح حلولا للمشاكل أو لأسباب الخلاف، أو الطرق والوسائل العملية لتغيير الوضع نحو الأفضل أو الوصول إلى حل ايجابي نوعي لهذه القضية أو تلك.
مع كل هذا فالمجتمع العربي الذي يعيش صراع مرير ضد قوى متعددة منذ أكثر من قرنين، برأي يعيش ويختبر ولادة عسيرة، وحقبة نهوض، خاصة بعد فشل أمريكا في العراق، وفشل إسرائيل في لبنان، وفشل مؤامرات تركيع الشعب العربي الفلسطيني مع كل الألم لما جرى من صراع وسفك دماء، في غزة بين أبناء الشعب الواحد، لأننا نرى في الاحتلال، المجرم الأول ولا أقول الأخير لأنه قد يكون الأخير من بيننا.
لذلك على القوى الثورية التقدمية أن تعمق مفاهيم المواجهة والكفاح والتناقض بدلاً من مفاهيم القبول والانسجام والاستسلام والركود، وهذا الأمر ممكن فقط من خلال اعتماد الحركة الوطنية العربية قاطبة والأقلية القومية الفلسطينية في إسرائيل التحليل الطبقي للواقع الاجتماعي، ومواجهة المسألة القومية كشكل من أشكال النضال المرحلي الثوري الذي يتفاعل بشكل جدلي مع المفهوم والنضال الطبقي لهذا المجتمع أو ذاك، من اجل انجاز التغيير الثوري الاجتماعي ليس فقط في البناء الفوقي للمجتمع أي الوعي الجماعي بل أيضا وهذا هو المهم في البناء التحتي للمجتمع من اجل ردم الهوة الحضارية بين المجتمع العربي والمجتمعات المتقدمة. هذا هو حلمي "وما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم".



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخلة في نقد الخطاب والفكر السلفي
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية .
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية
- ألعلاقة الجدلية بين الدمقراطية والرأسمالية
- أنصار الدولة الكهنوتية الاسلامية
- عملية السلام وبسيخوزا المجتمع الاسرائيلي
- دور اليسار في مكافحة هيمنة رأس المال
- البديل الإنساني الوحيد
- ألصهيونية المسيحية - دين في خدمة العنصرية ورأسمال
- ألثورة العلمية والتناقضات بين العمل والرأسمال
- حول الطائفية والعودة إلى السلفية
- علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
- إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
- بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل اندراوس - ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم