أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - آزاد أحمد علي - سانحة أدب من ساحة حلب كتاب نادر لمؤلف كردي غير معروف















المزيد.....

سانحة أدب من ساحة حلب كتاب نادر لمؤلف كردي غير معروف


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:31
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في إطار احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2006، تم تحقيق ونشر كتاب "سانحة أدب من ساحة حلب" لمؤلفه محمد خورشيد أفندي الكردي. وقد قام بتحقيق النص من مخطوطة فريدة الأستاذ محمد كمال. تبرز أهمية هذا الكتاب من بين جملة من الكتب التي صدرت بهذه المناسبة لخصوصية مضمونه وعمق انتماءه إلى مجتمع ومناخ مدينة حلب الجغرافي والسياسي.
يتصف الكتاب بالسمات الرئيسية لمؤلفات القرن التاسع عشر، فمن حيث الشكل جاء صياغة هذا النص الأدبي النثري / الحواري إنسجاماً مع أدبيات المرحلة، والتي برزت في أجواء تتسم بضعف النتاج النثري، وبالركود الفكري المخيم على معظم مجتمعات الشرق الخاضعة للإمبراطورية العثمانية ومن ضمنها مجتمع مدينة حلب.
وبذلك ينتمي سانحة أدب من ساحة حلب إلى النصوص الأدبية الانتقالية المنبثقة عضويا من التراث والمتدرجة نحو الأنماط الأدبية المعاصرة، فقد استمد شكله من منظومة المعارف والتقاليد الأدبية لتلك المرحلة، ويعتبر من ناحية الشكل والصياغة صيغة جنينية لكل من الرواية والمسرح معا، وربما يصلح أن يكون أصلاً لكلا الفرعين وأبا للنثر في تلك المرحلة، فقد تداخل على صفحات الكتاب ما هو نثري روائي بما هو نثري حواري.
النص عبارة عن أحاديث وحوارات يتبادلها ثلاث شخصيات، وهم:
الشخصية الأولى، الكاتب / الراوي.
الشخصية الثانية، عارف، الرجل المتنور العاقل الحريص على بلده.
أما الثالث فهو أبو عمر، رمز الجهل والغنى والغباء والتظاهر.
وإن كان النص لم يتخلص من إيقاع النظم وفنون السجع وصناعة البلاغة التي اعتذر الكاتب نفسه عن تواضع مستواها في نهاية المتن، لكن يظل النص في الوقت نفسه مشبعا بالأبيات الشعرية، والتي إن دلت على شيء تدل على طغيان ما هو شعري على ما هو نثري حتى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر في مؤلفات المتنورين والأدباء.
لذلك نجد أن كتاب "سانحة أدب" من المحاولات النثرية التي سعت للفكاك من مدارات النظم والشعر.
مضمون الكتاب غني وطريف، فهو على شكل مشروع تربوي تنويري للتوعية وللدعوة إلى العلم والحداثة ونبذ الخرافات.
ومن الملفت أنه يمدح كثيرا الصحف ودورها في المجتمع، وخاصة صحيفة الجوائب المحلية، كما يدعو بقوة إلى نشر وقراءة جميع الصحف ويعتبرها مدخلا للمعرفة والتنوير، ومعيارا للتمدن والتطور و"سر نهضة الأوربيين ومعدن جواهر المتفننين".
ثمة نزعة إرشادية مسيطرة على مجمل النص تتمحور حول الدعوة لاكتساب العلوم الحديثة، ومهاجمة الطرق الصوفية، وتخليص الإسلام من الشوائب والرياء، والعودة إلى المنابع الأصلية للإسلام، ويستشهد بآيات من القرآن الكريم لدعم مقولاته وأفكاره.
مؤلف الكتاب محمد خورشيد الكردي، شخص استثنائي، وعلى ما يبدو كان واحد من الشخصيات الكردية التي تنتمي إلى تيار الإسلاميين المتنورين الإصلاحيين، لكنه لم يؤتَ حظاً من الشهرة, وربما لخصوصية نشاطه وسلوكه الشخصي، حيث يتبين من النص نفسه أنه كان من الأشخاص المنزويين في مدينة حلب، البعيدين عن العامة والأصدقاء، ومن الغريب أنه ينفرد بموقف شخصي حاد من الصداقة والوفاء: "ومن هذا القبيل أفيدك أمرا غريب، ليكون لأهل الآداب منه نصيب، وهو أني منذ حياتي أبحث عن صديق، يكون عونا لي في الشدة والضيق، فلم أجد سوى من يحتقرني إذا كان في القدر يعلوني، ويحسدني إذا كان في المرتبة دوني، وإذا غبت عنه يغتاب، وإن عاملته ساء ظني فيه وخاب، ومن أجل ذلك رضيت بالإنفراد، واعتمدت في جميع أموري على رب العباد" ص95
فمن الواضح أن الرجل شخص انطوائي ينظر ويكتب بمعزل عن جماعة منظمة، يقضي وقته في الاشتغال بالمعرفة والأدب، والإطلاع على التراث والثقافة والفقه الإسلامي، حتى جاء كتابه في المحصلة ليكون مرآة لأوضاع حلب أواخر القرن التاسع عشر، وتعبير عن هواجس أبناءها المتنورين والإصلاحيين, يتم فيه الكشف عن أزمة المرحلة, وأهم المعضلات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تواجها المجتمعات الإسلامية.
كما يتصف الكتاب بسمة التنظير الشامل لمعضلات المرحلة، وذلك من منظار إسلامي "ويزينها بميزان الشريعة" ص18. لذلك فالمؤلف كشخص يدرج ضمن الدعاة والمنظرين الإسلاميين، وليس من بين الذين واجهوا السلطات العثمانية، وربما لم يكن ضد بقاء السلطة العثمانية كنظام إسلامي من حيث الجوهر.
وإن البحث العميق في هذا النص الأدبي – الإرشادي المشبع بالألم والرفض لواقع مجتمع حلب بوصفه نموذجا وتعبيراً عن المجتمعات المدنية الإسلامية أواخر العهد العثماني, هو بحث وقراءة لأفكار المتنورين والإصلاحيين في مرحلة ما قبل الكواكبي وغيره من رواد عصر النهضة والأنوار العربية.
وما يؤكد على الشحنة السياسية والاحتقان الفكري لتلك المرحلة أن للكاتب محمد خورشيد نص آخر تم تحقيقه ونشره بنفس الكتاب وهو: "القول المبذول في تراجم النغول " وهو نص يؤرخ لقضية سياسية في زمن جميل باشا, الذي كان والياً على حلب من سنة 1879 الى سنة 1885م ن ومن خلاله يتناول حالة النقمة على الحاكم العثماني، ويكشف عن الحراك الاجتماعي والسياسي النهضوي، ويشير إلى دور بعض النشطاء مثل عبد الرحمن ابن أحمد ابن مسعود الكواكبي، وعبد الرحمن آغا كتخدا وغيرهم.
أخيرا يبدو الكاتب من دعاة التفاعل والتماثل مع الحضارة الغربية ومدنيتها، أنه أفندي ليس باللقب وحسب وإنما ثقافة ورؤيا، إذ انه يبالغ في نقد البداوة والتخلف العشائري. وفي الجانب الآخر يبدو شديد التحمس للإمبراطورية البريطانية التي تحكم ثلاثمائة مليون إنسان حسب إحصائيته في تلك الحقبة، ولا يخفي دهشته وإعجابه من حكم امرأة لهذا الإمبراطورية العالمية، ولكنه يستدرك ولا يدعو لاستنساخ تلك التجربة فيخصص جزءا من كتابه لسوء أحوال ومعيشة الأوربيين. كما انه من الملفت أن منظومته الفكرية السياسية كانت تفتقر إلى أي مضامين قومية سواء كانت كردية أم عربية.
في الختام يمكن التأكيد على أن هذا الكتاب وثيقة مهمة لتاريخ المنطقة الاجتماعي والفكري والسياسي وحاضرتها الفاعلة حلب الشهباء، يجد فيها القارئ والباحث جوانب موسوعية هامة مدرجة ضمن نص أدبي متخم بالنزعة النقدية الوعظية والإرشادية، ويتصف بالغيرية والحرص على المجتمع الإسلامي بشكل عام والحلبي على وجه التخصيص.
ـــــــــــــــــ
الكتاب : سانحة أدب من ساحة حلب.
المؤلف: محمد خورشيد أفندي الكردي.
تحقيق : محمد كمال
إصدار : فصلت، حلب ـ 2006
عدد الصفحات: 143



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية عصر البترول وانعكاساتها السياسية في مطلع الألفية الجدي ...
- إشكالية علاقة الأكراد الراهنة بالإسلام
- مناقشة لباتريك سيل في آرائه الكردية والتركية
- الإنسان وتراث العمارة الطينية
- الكورد وتيارات الإسلام السياسي في المنطقة
- الطالباني والقيادة السورية في مرحلة الاحتضان السياسي المتباد ...
- إعلان حلب حول التراث المعماري العربي والمعاصرة
- العمارة في العصر الأموي
- الكرد الفيليون من الاستعراب التاريخي إلى سياسة التعريب المعا ...
- معاهدة سيفر ومشروعية استقلال كردستان
- الديمقراطيات الصعبة العراق أولا
- الديمقراطيات الصعبة- العراق أولاً
- أنثروبولوجيا المنزل البغدادي في مقام الجلوس
- سيرة الرماد اضطراب النص بين السيرة الجماعية والإيديولوجية ال ...
- اغاغوك: رواية عن الأسكيمو
- وجهان لحواء
- من أجل مجتمع أكثر وعياً بقيم التعايش والمواطنة
- جرعة الاتحاد الأوربي كعلاج سريع للجمهورية المريضة
- العمارة الإسلامية بين اشكالية الهوية ومنهجية التصنيف
- رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - آزاد أحمد علي - سانحة أدب من ساحة حلب كتاب نادر لمؤلف كردي غير معروف