|
الغزالي في مستفى الأمراض العقلية .. تهافت الكهنة والرعاع
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تلك القضايا الكبرى المفزعة للبشر التي تحكمت كثيرا بعجلة التاريخ ، والتي راح ضحيتها الملايين من بني الإنسان في كل عصر بحثا عن إجابة حقيقية لتلك القضايا ؟؟ وخصوصا القضية الثالثة ( ما هي ماهيتنا ؟؟ ) التي صبغت التاريخ البشري بالدم من أوله وحتى عصرنا بين عقول التنوير وأهواء المنتفعين من كهنة العتمة ( العمائم ) التي أصرت وعملت على تضييع مسار الحقيقة بسيرها نحو الدوماغتية الفكرية المنافقة و المناقضة للعقل والمنطق الإنساني الحر فوصل التردي والانحطاط في المشهد الفكري والسياسي العربي والإسلامي إلى درجة التفكير الأعمى بجعل هؤلاء يطلقون باستمرار نار الجهل والتخلف على المتنورين من المفكرين وأي صاحب رؤية جديدة ويخضعون المجتمعات لمحاكم تفتيش العصور الوسطى الأوروبية بعد أن احتكروا الحقيقة حاكموا الآخر المختلف عنهم بالرأي من منطق حقيقتهم هم ونحتوا ثالوثا مقدسا من الدين والجنس والسياسة ، محرم وممنوع الاقتراب منها بعقل حر أو بقراءة نقدية موضوعية ثلاثية الأبعاد لما هو قائم وسائد لكن المستقبل المتطور سيكون محكوما بالتغيير فحركة التغيير دائمة مستمرة لا محالة في أمكنة كثيرة وأزمنة عديدة اقتحم بعض الفلاسفة والمفكرين والعلماء المعتقدات الجامدة والقيم السائدة والتقاليد الموروثة فانتقدوها وعملوا على تطويرها أو تغييرها فهي في نظرهم ليست أزلية وليست مقدسة فالمقدس لديهم هو الحقيقة ، الحقيقة المطلقة التي عبر عنها ( هيجل ) في فلسفته التي تناولت الفكرة المقدسة ، فكرة التناقض والتضاد وصراع الأضداد، وتلك الفكرة قديمة قدم الوجود نفسه وقدم الحياة نفسها صراع بين النور والضياء والعتمة والظلمة طرفان متناقضان عبر عنهما العديد من الفلاسفة على مر العصور ، قديما عبر عنها زارادشت العظيم في معتقداته ، أما في الربع الأول من الألفية الثانية الميلادية فقد مثل الطرف الأول الفيلسوف ابن رشد ومثل الطرف الثاني الفيلسوف الغزالي الإمام أبو حامد الغزالي الذي ولد في المنطقة الشمالية الشرقية من إيران ( !!! ) وعاش في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين كان منظرا أيديولوجيا للدولة الإسلامية وملتحقا بحاشية الوزير السلجوقي الأعظم ، ومؤسس المدرسة النظامية نظام الملك ، درس الفلسفة في بغداد لمدة ثلاث سنوات فقط ثم تصدى للخطاب الفلسفي العقلاني بصورة دوغماتية همجية متعصبة ضده فقال عنه أنه خطاب متهافت متساقط متناقض لأنه حسب رؤيته عجز عن إثبات حدوث العالم ثم حذر من تعاطي الفلسفة ولقد وصل تزمته إلى حد تحريم دراسة الرياضيات فهي حسب اعتقاده آفة عظيمة لأن المتعاطي بها قد يعجب بمنهجها ودقة براهينها فيحسن اعتقاده بالفلسفة ثم ينقاد إلى الاعتقاد فيما يقرر في الإلهيات ( مبحث الروح كما عند بن سينا ) كما حرم دراسة الطبيعيات وقال أنها آفة أيضا لأنها مبنية على القول بالسببية والنتيجة وفي هذا إنكار للبعث الجسماني يوم القيامة وإبطال معجزات الأنبياء التي أيد الله بها الأنبياء مثل تحويل النار التي ستحرق إبراهيم إلى ماء باردة وتحويل العصا في يد موسى إلى أفعى ، اتجه الغزالي نحو التصوف فالمتصوفون حسب زعمه هم السالكون بطريق الله لأنهم يشاهدون في يقظتهم الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون فيها أصوات ( هلاوس سمعية أو بصرية ) ، حيث يقول الغزالي إن من الواجب إن نقيم إيمانا الديني على أساس ما جاء به الوحي ( !!!! ) أو الكشف الصوفي لأنه يعتقد إن وراء العقل إدراك أسمى منه هو الإدراك الذي يتمثل في وحي الأنبياء وكشف المتصوفة وهو الذي يجب إن تقوم عليه العقائد الدينية .. ( كما نرى هنا فالغزالي ممثل لقمة ما تصل أليه الصوفية من هرطقة ودجل وتناقضات ) كما يدعي ذوو العقلية الرجعية المتخلفة اليوم والتي تؤمن بالسحر والشعوذة والخرافات ويكفرون من لا يؤمن بإيمانهم لقد كفر الغزالي فلاسفة المسلمين ولاسيما ابن سينا في كتابه تهافت الفلاسفة لاعتقادهم بثلاث مسائل وهي قدم العالم وعلم الله بالكليات دون الجزئيات وبالحشر للنفوس دون الأجساد لكن استنكر هذا التكفير بشدة الفيلسوف الأندلسي القرطبي ابن رشد الذي ولد بعد وفاة الغزالي بخمسة عشر عاما رادا عليه في كتابه تهافت التهافت . الغزالي وغيره من ممثلي المؤسسة الدينية هم ضحايا أضطراب عقلي وضيفي أسمه العصاب القهري ، والمشكلة تكمن في اعتقاداتنا الخاطئة حيث كان مرض الصرع يعتبر هبة من الرب لحد أوائل القرن التاسع عشر ، ولكن ماهو العصاب القهري ؟؟؟ في كتابه " خرافة تسمم الله " الصادر في عام 1993 يذكر الطبيب النفسي صامويل بفايفر ( أن علم النفس السريري ينظر لكل الاضطرابات النفسية الجسدية بصورة متعددة العوامل. وطبقاً لذلك تتفاعل على الأغلب تأثيرات خارجية غير مرغوب بها في الطفولة والبلوغ ، والضغط الاجتماعي بالإضافة إلى استعداد عصبي بيولوجي موروث أيضاً مع بعضها البعض لتشكل مرض العصاب القهري . ويتجلى عامل الاستعداد العصبي البيولوجي الموروث في العصاب . وحسب دراسات لأطباء النفس فأن اضطراب العصاب القهري لدى المتدينين أكثر تكراراً منها لدى الأقل تديناً أو غير المتدينين ، وكذلك يمكن للعصاب عند المتدينين أن يدور حول مخاوف دنيوية بالمقدار نفسه الذي يدور فيه حول مخاوف دينية . سيجموند فرويد يذهب إلى أن التدين عبارة عن " عصاب قسر ي عالمي " وعن رغبة نكوصية ( ارتدادية ) نحو حماية أب جبار مفقود واقعيا ويتجلى كثيرا في الجذور الرئيسية لعدم النضج في التربية الطفولية الباكرة ، على هذا نلاحظ بأن التدين غالبا ينشأ في أسر تعاني من حرمان أبوي وتفرد الأم في سلطتها العائلية ، و هذا ما يدعو إليه في سياق أخر مفهوم " العصاب الديني " بالتحديد. غير أنه يضيق النظرة التشخيصية والعلاجية - ولهذا السبب أيضاً لم يتم إدخاله في أية منظومة تصنيف علمية للاضطرابات النفسية وأختتم مقالتي هذه بأن زوجتي أخبرتني حين سألتها عن حالة أخوها المصاب بالشيزوفيرنيا بأنه صائم من شهرين ويبقى حتى الصباح يقرأ القرآن وأن ملاكا يتحدث أليه ويأمره بتلك السلوكيات !!! شكرا ... شكرا لكم
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمهيد للماركسية .. حلقة رقم 3
-
تعريف الماركسية .. حلقة رقم 2
-
نحو مفهوم مبسط للماركسية .. حلقة رقم 1
-
تناقضات سجينة بين جدران الكعبة
-
الدرزية .. صفحة غير واقعية في كتاب العروبة الأسود
-
جمال عبد الناصر .. سيرة فرعون مصر في سطور
-
المعتزلة .. اليسار في مواجهة عار اليمين الأسلامي
-
الأخوان المسلمين .. موجز تاريخي لطبخة البنا الشهيرة
-
أعتماد .. قصة قصيرة
-
عندما يحلم الله
-
في المطعم المسيحي
-
آزمة الرومانسية في المجتمع العربي
-
جرذان لكن بشر .. عالم من أنصاف البشر
-
هيفاء وهبي ..أخر القديسين
-
السلفية البابلية .. أزمة الهوية العراقية
-
عمر بن الخطاب .. بداية التاريخ العربي الأسود
-
من وحي ملاك ثمل .. قصائد
-
النبي إبراهيم .. تحليل نفسي ورؤية جديدة
-
فلسفة نانسي عجرم .. الحتمية تنهض من جديد
-
الشبح ؟؟.. تعريف باراسيكولوجي
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|