أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - أيام مشكلة الدولة ولياليها في المشرق العربي














المزيد.....

أيام مشكلة الدولة ولياليها في المشرق العربي


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ثمة ثلاث مشكلات كبرى تقف المجتمعات العربية عاجزة أمامها: المشكلة الغربية، مشكلة الدولة، ومشكلة الدين. سيتناول هذا المقال مشكلة الدولة، على أن نتناول المشكلتين الأخريين في مقالات مستقلة.
خلال ما نسميه المرحلة القومية من تاريخ المشرق العربي المعاصر، وقد امتدت بين قيام إسرائيل عام 1948 والحرب اللبنانية عام 1975، نظر إلى الدولة كقاطرة للتقدم العربي، تتولى مهام التحرير والتنمية والتوحيد. وتشكل من وحدة الدولة وعقيدة التقدم والتحرير والتوحيد ما قد نسميه بالمركّب القومي العربي.
القطاع الطليعي من المثقفين المشارقة تحدث عن النضال القومي والنضال الاشتراكي، أي مواجهة الاستعمار والامبريالية والتحويل الاجتماعي الداخلي. أما الدولة فلم تبد مشكلة لأحد في ذلك الوقت، وفكرة النضال الديمقراطي كانت منفية إلى مجال اللامفكر فيه. ولم يكن في التجربة العربية وقتها ما يدعو إلى طرح سؤال بشأن الدولة، وقد كانت حديثة، وليس لها تاريخ تقريبا. بالعكس، كان في التجربة العربية شكوى من وهن الدولة وضعفها، وكانت الدولة الواهنة هذه برلمانية، ويؤخذ عليها أنها فاسدة وموالية للغرب. وهذا إما زال استعماره للتو أو هو داعم إسرائيل الأول، أو لا يزال مهيمنا. لذلك لم يكد يعترض أحد على أول انقلاب عسكري في سورية عام 1949 (قام به قائد الجيش حسني الزعيم، ودام أربعة أشهر ونصف فقط) أو على انقلاب الضباط الأحرار المصريين عام 1952. وكان ذلك كما هو معلوم زمن الحرب الباردة وصعود الأفكار الاشتراكية والدولانية والعداء للغرب، ليس فقط كمعسكر دولي بل كذلك كثقافة وفكر.
كانت المرحلة القومية لدينا مختلفة عما قد يفترضه المرء في الفكرة القومية في بلدان أخرى. فقد انشغلت كثيرا بمواجهة الاستعمار والامبريالية وإسرائيل، وقليلا ببناء الدولة كمقر للسلطة العمومية وبصنع الأمة المندمجة. وإذ اعتبرت الدول العربية القائمة كيانات "مصطنعة" فإن المرحلة القومية تصورت أن الأمة بمثابة عودة إلى الطبيعة أو إلى وضعي طبيعي أصلي. فاتها بالنتيجة أن الأمم لا توجد في الطبيعة، وأنها تصنع بل تصطنع. وأنه حتى لو كانت البلاد العربية موحدة أصلا ولم تقسم (وهي لم تكن كذلك..) فإن تشكيلها لأمة مسألة جهد صنعي كبير ومتعدد المستويات: اقتصادي وتعليمي وقانوني وثقافي وعسكري وسياسي. لا بل إن "الأمة العربية" لا يمكنها إلا أن تكون أشد اصطناعا من الكيانات القائمة. كذلك فات قوميينا أن الأمة ليست هوية بل هي أقرب إلى نظام سياسي، أعني أنها لا توجد إلا حيث يوجد مجتمع مندمج ومواطنون متساوون وتمثيل اجتماعي ودولة دستورية.
لقد أخفقت قوميتنا كمرحلة تاريخية وكحركة اجتماعية سياسية وكنظرية لم تنجح في عمليتي صنع الأمة وبناء الدولة، فكان إنجازها من الدمج الاجتماعي متواضعا إن لم نقل متراجعا عما كانته مجتمعاتنا في الحقبة الاستعمارية، وكان ما حققته على صعيد بناء الدولة كنصاب عمومي مستقل عن العصبيات والقوة العسكرية أدنى بعد. ولطالما استغنت بإيديولوجية مواجهة الخارج أو الغرب عن عمليات بناء الداخل، ولطالما ردت "الأمة" المركبة إلى هوية بسيطة (عربية أو إسلامية..)، فكانت عامل تمزيق للدول القائمة دون أن تحقق شيئا يذكر للعرب ككل.
وبعد كارثة 1967 وإخفاق 1973 تفكك المركب القومي إلى فكرة قومية عزلاء لم تلبث أن ارتدت إلى هوية (شاغل الهوية برز في الفكر العربي في السبعينات، وكان كثيف الحضور في الثمانينات)، وإلى سلطة جهازية قمعية ورعناء هي التي ستستحضر في مواجهتها الفكرة والدعوة الديمقراطية بدءا من النصف الثاني من سبعينات القرن العشرين. نريد القول إن مشكلة الدولة من شظايا المركب القومي، ومثلها كذلك مشكلة الهوية. وإذ لم يكن للدولة من دستور وأساس للشرعية غير "المشروع القومي" فإن تلقي المشروع ضربات قاصمة عام 1967 وما بعد أفضى إلى تداعي شرعية الدولة ذاتها، ولم تلبث هذه أن انفلتت غولا متوحشا لا ضابط له. فإذا بدأنا التفكير بالدولة كمسألة نظرية فلأنها أخذت تبدو لنا مشكلة عملية خطيرة.
مقابل تغول الدولة برزت فكرة الديمقراطية. لكن لم يجر انتقال ديمقراطي مستوف لمقوماته في أي من الدول العربية. وإذا كانت بعضها حققت خطوات لا بأس بها في مجال الحريات ومأسسة السلطة، فإنها لا تزال خطوات فوقية، غير راسخة اجتماعيا وثقافيا.
لكن بعد قرابة ثلاثة عقود من بروز مشكلة الدولة أسقط النظام العراقي الذي كان مثال للدولة الغول عل يد الأميركيين وتحت راية الديمقراطية. لو أن كارثة طبيعية أصابت العراق لكان تأثيرها أقل من الاحتلال الأميركي "الديمقراطي". وتطورات السنوات المنقضية على الاحتلال كانت كارثة أيضا على الديمقراطيين العرب. فقد برزت مشكلة مختلفة تماما، تتصل ببروز تشكيلات ما دون الدولة ومخاطر تفكك الدول ككيانات وليس فقط كمؤسسات حكم. وفجأة أخذت الدول، على علاتها، تبدو حلولا أو على ألقل لم تعد تبدو مشكلات فحسب. وبالمقارنة مع التشكيلات الجهادية أو مع الطوائف والعشائر أخذت الدول تبدو تجسيدا للعقلانية والحداثة.
المشكلة أن أكثر الدول مريضة فعلا في منطقتنا، وأنها ليس تجسيدا العقلانية والحداثة. إنها فقط أقل سوءا من "القاعدة" وأخواتها، ومن الطوائف وأخواتها.
أيا يكن، يبدو أن مشكلة الدولة دخلت في طور جديد. فدون أن تكف عن كونها سلطة جهازية وفئوية في الغالب فإنها مهددة بقوى غير عقلانية، لا تعد بغير خراب عظيم ومديد. أمسى هذان إحداثيان محتومان للتفكير في الدولة. أما الاقتصار على أي منهما فخاطئ فكريا وضار عمليا.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أمة وسط- في المشرق؟!
- هل العلمانية ممكنة في بلد واحد؟
- تراجع السياسة الوطنية وصعود السياسة الأهلية
- تحقيب تاريخي بلا تاريخ: تعقيب على تعقيب بكر صدقي
- في شأن مشكلات العرب الواقعية ومشكلتهم الثقافية
- الإصلاح السياسي وإعادة بناء الهوية الوطنية في سورية
- بصدد بعض الأصول الأخلاقية لعنفنا..
- نظرات أولى في أطوار التاريخ السياسي الإيديولوجي المشرقي المع ...
- أية أكثرية جديدة لحل المشكلات الطائفية؟
- حين تكون المذابح أداة سياسية.. السياسة تموت!
- في نقد العلمانية والديمقراطية أو مشكلتا الدين والدولة
- في عقلانية الدول وغبائها المرشح، في أغلب الظن، أن يستمر طويل ...
- أية دولة تقتضي العلمانية فصلها عن الدين؟
- هزيمة حزيران: من حدث تاريخي إلى شرط ثقافي
- في شأن الطائفية والدولة والمثقف: تعقيب على موريس عايق
- في اندماج الاقتصاد والسياسة وتحولات اللوحة الاجتماعية السوري ...
- تأملات في السلطة الدينية والسلطة السياسة ومعنى العلمنة في عا ...
- بحثا عن معنى ثقافي لتحولات سياسية عجماء
- ضمائر الحداثة المنفصلة والمتصلة و...المعاقة
- ملحوظات أولية في شأن اللغة والطائفية


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - أيام مشكلة الدولة ولياليها في المشرق العربي