|
نداء شهداء معبر رفح
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1982 - 2007 / 7 / 20 - 10:39
المحور:
القضية الفلسطينية
تتضافر في الظروف التي يكابدها الفلسطينيون " العالقون " منذ أكثر من شهرين على الحدود بين مصر وفلسطين ، المأساة مع السياسة .. صراع الشرعيات الوهمية .. الصلف الصهيوني البربري .. انحطاط النظام العربي الرسمي .. بلادة الضمير العالمي .. نفاق الشرعية الدولية المتأمركة المتصهينة ، لتجعل منها كارثة إنسانية .. مجزرة وحشية بكل المقاييس
ليس هناك جهة واحدة اختطفتهم لتبتز جهة أخرى .. ليس هناك جهة تتحمل لوحدها مسؤولية مأساتهم .. وليس هناك جلاد واحد لقفص الاتهام .. وإنما المسؤولية بلا شرف .. مسؤولية مشتركة .. والعار مشترك .. واللعنة مشتركة
وتتجسد المسؤولية في هذه الجريمة المجزرة ، في الكيان الصهيوني والقيادات الفلسطينية والأنظمة العربية المستسلمة المساومة والقوى الدولية المتأمركة . إذ أن حركة كل الأطراف ذات العلاقة الإسرائيلية والفلسطينية والعربية والدولية في مشهد " العالقين " تؤكد أن الجميع باستخدامهم مسألة " العالقين " يلعبون في الوقت الضائع لعبة تعويم موازين القوى ، بعد جولة من الحروب في لبنان والعراق وفلسطين ، ا ستعداداً لجولة تصعيدية من الحروب والمواجهات لإعادة تقاسم النفوذ والمصالح البترولية والجيو - سياسية في الشرق الأوسط ، وذلك دون أي وازع أخلاقي أو إنساني . فالصهاينة الذين عقدتهم حربهم على لبنان ، يريدون أن يتحكموا بالمعابر لإثبات هيبتهم والانتقام من المقاوة الفلسطينية ، وحكام مصر وخلفهم حكام النظام الرسمي العربي يدعمون أولمرت وعباس في خنق الغزاويين ، الذين صوتوا لمقاومة المشروع الصهيوني وليس للتطبيع معه ، ويقدمون من خلال الضغط على شعب غزة رسائل قمعية إلى شعوبهم كي لاتحتذي حذو الرافضين لمشارعهم " السلمية " مع العدو الصهيوني ، والقوى الدولية تحت القيادة الأميركية في حالة انسجام وقح مع مشروعها الشرق أوسطي الجديد ، وتدعم نفاقاً جهاراً المظالم ، التي يوقعها أولمرت وبقية الأطراف الأخرى بالعالقين على حدود غزة وداخل غزة .. كما في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة
وكلما ازدادت المأساة حدة ووجعاً .. تتكشف أعماق وقسوة ووحشية الجريمة
ذكرت وكالات الأنباء : أن سناء أحمد شنن المريضة العالقة مع العالقين تحت الشمس الحارقة لمدة 38 يوماً ، قالت في آخر اتصال مع زوجها عبر الهاتف وهي تحتضر " أمانة عليك تهد السور وتعبرني أشوف ولادي قبل ما أموت مش قادرة أتحمل " ووصفت ظروف العالقين " أنها لاتصلح للكلاب فكيف للمرضى تحملها " وماتت .. بل استشهدت سناء قبل أن تكمل الثلاثين ربيعاً ، ودون أن يتمكن زوجها من أن يهد السور ، ودون أن يتمكن من أن يأتي لها بمحمد وجمال ورضيعها ابن السستة أ شهر .. وانضمت نقية طاهرة إلى قافلة شهداء المعبر الآخرين الأنقياء الطاهرين الذين استشهدوا تحت الشمس الحارقة بعد أن نفذ ما بحوزتهم من مال وطعام ودواء .. تحت سمع وبصر الأنظمة العربية والقوى الدولية الصماء العمياء عن حق الإنسان الفلسطيني .. والعربي .. بالحياة .. وفي وقت كان رئيس أكبر دولة عربية يستعرض يومياً تقريباً احتفالات تخرج دورات جديدة من ضباط القوات المسلحة المصرية ويستعرض قواته العسكرية والأمنية
كل المسؤولين عن قضية العالقين يريدون أن يبقوا قضية الإنسان الفلسطيني معلقة حتى قبوله الاستسلام العبودي أو الموت " أسوأ من ميتة الكلاب " ويراهنون على زوال إردته أو جسده .. والإنسان الفلسطيني العظيم يأبى الخضوع .. وكلما أوغلوا في ظلمه ودمه .. كلما ازداد صلابة وقوة .. وأملاً
سناء قبل دقائق من الموت طلبت من زوجها أن يهد السور الذي بينها وبينه والأولاد .. وبينها وبين الأرض التي ولدت عليها وحرمها آخر لحظات العمر من العودة إليها .. وفي ثنايا طلبها تقول : السور .. الأسوار التي تحول دون وحدة الصف الفلسطيني يجب أن تهدم .. هكذا هي الوصية في بعدها السياسي
ومهما عتم الإعلام العربي والدولي على معاناة العالقين الفلسطينيين .. وبسّطها وموّه أبعادها .. رغم طابها المأساوي .. فإنها ستبقى لحظة تاريخية مضيئة في النضال الفلسطيني الأسطوري .. من أجل الحق في الأرض والحق في الحياة .. ستبقى وصمة عار في جبين الحكام العرب وطغاة " الشرعية الدولية " وقتلة الإنسان وحقوق الإنسان .. وسيبقى تصميم العالقين على العودة إلى الديار والتمسك بالوطن .. تحت أية شروط كانت .. الحصار .. الجوع .. نيران الأخوة الأعداء .. القتل والقصف الإسرائيلي اليومي .. سيبقى التعبير المعجزة عن أعلى درجات الوطنية وأنقى معايير الثورية المشرفة
وإذا كان نداء سناء وكافة شهداء المعبر على حدود فلسطين ، يتضمن في بعده الإنساني أن يهد الزوج أو الأب أو الأخ السور الذي يحول دون اللقاء .. ودون الوداع .. ودون لم الشمل ووحدة الأهل ، فإنه يتضمن في بعده السياسي .. أن تهب كل كل الحرية وحقوق الإنسان العربية والدولية للوقوف بصدقية وشرف إلى جانب قضية فلسطين .. وشعب فلسطين
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استحقاقات عودة الزمن النقابي
-
صفقات شيطانية
-
هل حقاً أن الشعب قد انتخب وأفتى .. ؟
-
اسقاط جدار العزل السياسي مهمة أولى
-
مأساة الديمقراطية في الشرق الأوسط
-
من أجل ضحايا الاعتقال السياسي .. والحرية
-
الجواب على سؤال الهزيمة
-
السلطة والثروة في الصراع السياسي
-
التجمع اليساري الماركسي ( تيم ) مابين التكامل والتمايز
-
خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة
-
سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟
-
في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
-
أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
-
قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
-
العودة إلى الشعب
-
شعب جدير بالحرية والنصر
-
حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
-
معك ياأم الكون في يومك العالمي
-
في التعذيب .. وضحايا التعذيب
-
دروب الضياع والتدمير الذاتي
المزيد.....
-
-يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة
...
-
ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا
...
-
إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س
...
-
العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
-
أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
-
على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
-
ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
-
مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
-
-الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
-
مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|