أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - تجارة حرب الخليج















المزيد.....

تجارة حرب الخليج


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 1987 - 2007 / 7 / 25 - 06:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 1989 كنت قد شهدت أول تجربة ديمقراطية في الأردن وكانت وما زالت الناس على بساطتها تتعاطف مع تجار الكلمة الذين يشترون ويبيعون بقضية فلسطين بيوتا من حجر وسيارات أمريكية وألمانية وكانت شعارات المرشحين تتركز حول إستعادة فلسطين من المحتل الإسرائيلي.
وكان بعض المرشحين الذين نجحوا في إنتخابات 1989م قد إستبدلوا شعاراتهم السياسية بشعارات شاعرية وجنسية فأقاموا ثورة على زوجاتهم القديمات جدا وإستبدلوهن بزوجات فرفورات وصغيرات جدا وجميلات جدا ونسوا أولوياتهم السياسية وبهذا باعوا قضية فلسطين بنهود مثل حبات الرمان وحبات جوز الهند.

وكنت وأنا صغير في ذلك السن من العمر أخرج مع طلاب المدارس من أجل الهتاف للإسلاميين الذين سيلقون باليهود في البحر الميت ونهر الأردن غير أنهم إستبدلوا قتل اليهود بمقاعد وحقائب وزارية فحملوا أكثر من ست حقائب وزارية مع نساء جدد أصغر من نسائهم وأخف منهن وزنا.

وكانت الحياة النيابية في الأردن تتسم بتسامح الحكومة الأردنية مع الماضي ففتحت باب السجون كي يخرج منها الشيوعيون والإسلاميون والديمقراطيون النادرون جدا بتواجدهم.
علما أن الحكومة نالت ثقتها من الإسلاميين حيث كانت مقاعدهم أكثر من 80%من مقاعد مجلس النواب وكانت تلك الحكومة هي حكومة مضر بدران التي تشكلت كحكومة مؤقتة بعد حكومة زيد الرفاعي الذي إرتفعت الإسعار في عهده وأحدثت ضجة سياسية وإجتماعية في الأردن عرفناها بإسم هبت نيسان أو إنتفاظة الجنوب وقد تدخلت حكومة مضر بدران بإيعاز من جلالة الملك الراحل بالتحضير لحكومة ديمقراطية لذلك كان من المفترض جدا أن تكون حكومة مضر بدران حكومة إنتقالية غير أنها نالت شرعيتها من مقاعد الإسلاميين الذين تخلوا عن قضاياهم بمقاعد من خشب : مكتب وطاولة ومروحه وسلة ورق ونساء جديدات عل ى الموضه أو على آخر طراز أيديولوجي.
وإستمرت الناس ببساطتها تنتظر من الإسلاميين أن يستعيدوا بقوة الإيمان الأراضي العربية المحتلة وكانوا وما زالوا متوهمين من أن الإيمان يغلب الشجاعة والقلة المؤمنة تغلب الكثرة الكافرة والمشركة وضربوا على ذلك مثلا كغزوة حنين وغزوة بدر .

ولم تكن الناس في تلك الفترة تفرق بين حي وميت فالمهم عندهم هو الإيمان بالله والقضية وحين مرت الأعوام الثلاثة على الحياة النيابية بدأت الناس تفقد الثقة بالإسلاميين الذين من المفترظ بهم أن يتعارضوا مع حكومة مضر بدران غير أن حكومة مضر بدران قد مررت جميع قراراتها بسهولة بما بها الخطة الخمسية لمواجهة التظخم الإقتصادي والبطالة المقنعة.

وكنت في تلك الفترة من العمر أعمل في مجال أعمال البناء مع خالي وكنت قد وصلت إلى مرحلة معلم بناء محترف غير أنني كنت لا أفكر بالعمل وجمع المال وكان هاجسي هو العمل الثقافي والسياسي لذلك فكرت بأن أعمل في عمل يوفر لي راحة في العقل والبدن وكنت أذهب إلى نواب محافظة إربد فكانوا يوعدونني وعودا بلا طائل منها وتوالت الأيام والأشهر ودخل العراق في أزمة سياسية مع الكويت سنة 1990-1991م وكان فقر الناس وبساطتهم وفقدان أملهم بالإسلاميين قد حرك المشاعر السياسية نحو صدام حسين وكانت الناس تردد بالشوارع :
يا صدام إضرب كيماوي
خلي شامير إيماوي
وإستمر الشارع السياسي الأردني في فترة إحتظان لجرثومة الحرب الخبيثة وبإنتظار أم المعارك التي وعد بها صدام في الحرب البرية وكانت تصريحات المندوب العراقي في الأمم المتحدة تستحقر العمليات الجوية لدول التحالف والتي كان النظام العراقي يعدها عملا جبانا حسب تصريحاتهم للصحفيين وكانوا يقولون :أم المعارك لم تبدأ بعد والطائرات تقصفنا من إرتفاعات شاهقة ويجب على الطائرات أن تنزل لإرتفاعات محدودة حتى نتواجه معها وجها لوجه .

ولكن نظام الحرب قد تغير وإسلوب القتال قد تغير فأحرق جهل صدام والبعثيين نصف العراق وتركوا الباقي للجوع كي يحرقه والحرب الإلكترونية لا تستطيع أن تهزمها جيوش بني أمية القديمة فالحرب اليوم ليست بالإمكانيات للقوى البشرية وقد إعتمدت دول التحالف على النفس الطويل وبدل أن تضحي بالقوى البشرية ضحت بالفولاذ والحديد وبهذا لم تستطع عشرون ألف مدفع مظاد للطيران في بغداد لوحدها أن تسقط عشر طائرات أمريكية وبهذا ظرب النظام العراقي تل أبيب ب 39 صاروخ بعيد المدى لم يكن حاملا لأي رأس كيماوي أو نووي وكانت جميع الصواريخ ال 39 تحمل رؤسا تقليدية ونصفها إعترظتها صواريخ الباتريوت.

وفي تلك الفتر ة من الحرب كان الشعب الأردني يجلس خلف المذياع للإستماع لخطابات جلالة الملك الحسين الراحل وكان حقيقة الملك حسين بليغا جدا وكلماته كانت مؤثرة في الشعب الأردني أكثر من تأثي ر صواريخ صدام حسين وما زلت أنا كاتب هذه السطور أحفظ شعاراته : الشعب الجيش والجيش والشعب .
وقد خرج الأردن وخرجنا جميعا من الحرب ونحن نشعر بخسارة مشروعنا العربي والقومي فخذلان الإسلاميين لنا كان من جهته مبررا على أن نتعلق بصدام حسين وخسارة صدام في الحرب كانت من جانبها قد أحدثت صدمة سياسية ونفسية وعاطفية للشعب الأردني بالذات وكانت النتائج مروعة لنا .:
فقد عمدت دول الخليج على طرد الأردنيين والفلسطينيين من أعمالهم وأنهت عقودا كانت قد إنتهت فعلا وعقودا لم تنته ضربت بها عرض الحائط ووفد إلى الأردن آلاف من الفلسطينيين والأردنيين وبعض العراقيين المتضررين من حرب الخليج ولم تخرج الحكومة الأردنية برائحة طيبة من أحد وبهذا وقعت حكومة مضر بدران في مأزق جديد فعلا وبدل أن تستمر الخطة الخمسية بمكافحة البطالة فقد إنتشرت البطالة في الأردن وظهرت لأول مرة في الأردن أزمة سكن كأزمات السكن التي كنا نشاهدها في السينما المصرية بسبب توافد الوافدين على الأردن .

وبهذا تدنت أجور العمال وكثرت المضاربات على الشعب الأردني وأخذ الوافدون أولويات الحكومات الأردنية المتتابعة وإستغل المزاودون موقف الشعب الأردني من حرب الحليج بتوجيه لوائح إتهامات مغرظة وهدامة من أجل إلحاق الشعب الأردني بمخلفات حرب الخليج ومن أجل تصفية حسابات قديمةوالتي بدأت جرثومتها الخبيثة تخرج من حيز وفترت الإحتظان لها وبدأت تطفو على سطح الجسم الأردني عوارض مرض حرب الحليج :الدعاية المغرظة بحق الأردنيين في الخليج العربي وإرتفاع نسبة البطالة وتدني مستوى المعيشة وفقدان الأمل بتغيير الخارطة السياسية في المنطقة.

وهذه الأمور كانت قد زادت من عملية كرهي للعمل الحر في أعمال النجارة والبناء والتمديدات الصحية ولم يكن للعمال في العمل حديث غير غرامياتهم بصدام حسين الذي بات الحديث عنه أشبه ما يكون بقصة حب بين روميو وجوليت الشعب المقهور من جهته يمثل روميو والنظام الواعد بإعادت الأراضي المحتلة يمثل صورة جولييت غير أن قصة الغرام هذه قد إنتهت بالفشل فحملت حقيبة سفري سنة 1992م للتوجه لمدينة العقبة للعمل في ذلك الثغر الباسم على متن البواخر القادمة من شتى الدول للتجارة مع الأردن لتمرير المساعدات الإنسانية للعراق وللنفط مقابل الغذاء وللرقابة على نوعية الأشياء القادمة للعراق .
ومع ذلك ظلت الناس تؤمن بشعارات صدام المناهظة للإمبريالية وإسرائيل أما الغلابة والمساكين القادمون من الخليج العربي والكويت بالذات فقد عادوا حاقدين على صدام حسين وأجبر الناس على العمل في أعمال شاقة جدا غير معتادين عليها في الخليج العربي وبمقابل ذلك أجبر الأردن حسب إمكانياته الضعيفة على قبول خارطة جديدة للمنطقة علما اننا كأردنيين كنا وما زلنا متضررين من حرب الخليج أكثر من أصحابها الحقيقيين.
أما العمال والشغيلة الذين لم يأتوا متضررين من الخليج فقد كان إتقادهم من أن صدام مازال بحوزته سلاحا نوويا سيهدم به عرش ناطحات السحاب وكانوا يعتبرونه المخلص والمسيح والمهدي وبلغت به السذاجة لكثرة جهلهم أن خلقت بهم تلك السذاجة مرضا نفسيا فصام سياسي ونفسي وعاطفي وكانت حالتهم الشيزفرونية قد جعلتهم يرون صدام حسين في القمر .
وإن الإسطورة رمز كثيف لشعب قد فقد لقمة خبزه من أردنيين وفلسطينيين وأصبحوا في حالة هستيريا تعود بنا الذاكرة معهم إلى زمن معاوية وعلي بن أبي طالب وإحتراق وإختلاق أفكار عن المهدي والمخلص وقد بلغت الجرأة بالدجالين والنصابين أن يبيعوا أفكارا مناهظة للمجتمع المدني وأعلن العشرات كما كنت أسمع من أن صدام هو المهدي النتظر الذي ينتظر أم المعارك ببالغ الصبر علما أن الجيش العراقي كان قد ترك الكويت قبل إشتعال الحرب بشهر على الأقل تاركا وراءه الف الثكلى والأسرى والجرحىوالمرضى والعاطلين عن العمل وجيش كبير من البسطاء الذين كانوا يجلسون على أبواب الدكاكين في الأردن وهم يحللون حرب الخليج وكأنهم جنرالات متقاعدة من الجيش الأمريكي .
لقد أعطى صدام حسين في تلك الفترة للشعب الأردني كثيرا من المآسي العظام وأحرق نصف دولته على حساب بئر نفط وترك الباقي للجوع والألم كي يقتله ووهب لنفسه كثيرا من الصفات وأصابته عدوة سياسية من زمن هارون الرشيد معتقدا أن إسلوب الحرب مازال بكثرة القوى البشرية وأعدم كثيرا من أنصاره ومن أعداء الديكتاتورية وظل كذلك حتى كانت نهاية حسين كامل على يده مع أحفاده هو شخصيا سنة 1994-1995م وكان من الخير الكثي ر أن لا يولد صدام حسين للشعب العربي والعراقي .

من ذكريات عامل في الريف والمدينة



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حب وسموم
- غالي الثمن
- مثقف أردني يتحدث عن نفسه
- الشيوخ يزدادون ثراءا والمثقفون يزدادون جوعا
- الديانات السماوية
- فقدان البكاره موضوع تافه
- إنهم يتآمرون على العمال والشغيله
- إهداء إلى الزميله ماغي خوري
- الإعجاز القرآني
- الانسان يجهل حقيقته
- بدأوا حياتهم بخيانة وإنتهت بخيانة
- الأدب العربي الكاذب
- التمثيل الثقافي
- أدباء أحرقوا كتبهم
- أحب وأكره وأعشق
- المسلمون يكذبون على الله
- الصحافة الكثيرة الأدب
- الشاعر محمد الحيفاوي1
- صحيفة الحوار المتمدن صحيفة قليلة الأدب
- أساتذة الجامعات العرب


المزيد.....




- المغرب - رسو سفينة حربية إسرائيلية في ميناء طنجة: بين غضب شع ...
- سيدة محجبة تحرق علما فرنسيا. ما حقيقة هذه الصورة؟
- سياسي فرنسي: رد روسيا على حظر RT وغيرها في الاتحاد الأوروبي ...
- مسؤول سابق في CIA يشير إلى -نوعية الصفقة- التي عقدت مع أسانج ...
- وقف توسع -بريكس-.. ماذا يعني؟
- الجيش الأردني: مقتل مهرب وإصابة آخرين خلال محاولتهم تهريب مخ ...
- ألمانيا تعتزم تشديد الفحوص الأمنية للموظفين بالمواقع الحساسة ...
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا-
- -واللا-: الجيش الإسرائيلي يستحدث وحدة جديدة للمهام الخاصة بع ...
- -الوطن التركي-: هدف واشنطن إضعاف وتفكيك تركيا وإبعادها عن ال ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - تجارة حرب الخليج