|
حكام تركيا والحقوق القومية للكرد والقوميات الأخرى
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1981 - 2007 / 7 / 19 - 12:45
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
يحلو للقوميين الشوفينين العرب والترك والفرس مناكدة الحقيقة والادعاء بدعوى إلغاء القوميات التي تعيش إلى جانبهم بمسوغات شوفينية و كل منهم يدعي بان الكرد جزء من قوميتهم أو حصراً اعتبارهم ووفق الدين الإسلامي في إيران جزء من الإسلام ولا يُعترف بقوميتهم لا بل هناك قوانين قسرية أو توجيهات سرية في تركيا وإيران تمنعهم من دراسة تاريخهم ولغتهم أو الحديث فيها إلا بشكل محصور جداً أما في العراق فيختلف الحال بعدما نال الكرد بسبب نضالهم ونضال الشعب العراقي بعض الحقوق القومية ومنها الحكم الذاتي في 11 آذار 1970ولكن سرعان ما التف عليها النظام الشمولي وحاول تجيرها لصالحه وصالح أفكاره القومية المتعصبة ونهجه الدكتاتوري وعلى الرغم من أن الحياة أثبتت بما لا يقبل الجدل خطأ تلك الأفكار والتوجهات التي تريد أن تسلب القومية " أية قومية " حقها في تقرير مصيرها ولا تعترف بها ولا بحقوقها فإن البعض مازال يراهن على الوقت والقوة للوصول إلى أهدافه ومن بين هذه الدول دولة تركيا وحكامها الذين يصيبهم العمى والعطل الفكري لمجرد الحديث عن الحقوق القومية للقوميات غير التركية وعن ضرورة فتح حوار شفاف مع الكرد في تركيا لإيجاد حلول حضارية وإنسانية عبر حوار ديمقراطي وحل أكثرية المعضلات التي نشأت أبان الحكم التركي منذ تأسيس تركيا الجديدة . الجميع يعرف ومن بينهم بريطانيا وفرنسا بعد الانتصار في الحرب العالمية الأولى فقد جرى تقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية الملقبة " بالرجل المريض " ووفق معاهدة سايكس ـ بيكو عام 1916 وقد كانت الدول التي وقعت معاهدة لوزان 1923تعرف جيداً أن كردستان تاريخياً تعني الأرض الكردية التي يقطنها الشعب الكردي إلا أن الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى وبدلاً من إحقاق حقوق الشعب الكردي والشروع في إقامة الدولة الكردية على حدودها الجغرافية المعروفة وقعوا المعاهدة المذكورة وقسمت كردستان وشعبها إلى أربعة أقسام وبهذا التقسيم المشؤوم أصبح الكرد شعب بلا وطن موحد واتبعت معهم سياسة اضطهاد وتمييز ومحاولات من قبل حكام القوميات الكبيرة لطمس قضيتهم وهويتهم القومية ولعبت الأنظمة المتتابعة في هذه الدول سياسة الاحتواء بين الإغراء والتهديد وممارسة سياسة قمعية وشوفينية متعصبة لمجرد المطالبة حتى سليماً ببعض الحقوق القومية والثقافية وبما أننا بصدد الكرد في تركيا فقد لا نتطرق إلى الأجزاء الأخرى فتركيا التي يقطن في القسم الكردستاني حوالي ( 20 ) مليون كردي تعتبر من الدول التي تعادي الحقوق القومية للقوميات الأخرى وليس الكرد وحدهم وهي التي تنتهج سياسة التتريك على أساس أن الشعب الكردي هم أتراك ولا يحق لهم المطالبة بالحقوق القومية والسياسية ويجب رضوخهم للقوانين التعسفية المنافية حتى لحقوق الإنسان المنصوص عليها في القوانين الدولية وبسبب هذه السياسة الرجعية وممارسة العنف تجاه أي تحرك أو المطالبة بالطرق السليمة ببعض الحقوق اضطرت بعض الأحزاب إلى حمل السلاح لمجابهة العنف والإرهاب وهو بالنتيجة رداً طبيعياً للدفاع عن النفس وتشخيصاً حقيقياً بأن العنف السلطوي هو الذي خلق العنف المضاد له على الرغم من الفرق الشاسع ما بين القوات المسلحة التركية العضو في حلف الناتو والشرطة والمؤسسات الأمنية الكبيرة والمنتشرة في كل بقعة من تركيا وما تملكه من سلاح متطور وحديث وبهذا دخلت تركيا في إعصار الحرب الطويلة الأمد مع الشعب الكردي مما أدى إلى زيادة الملاحقات البوليسية والأمنية وتشديد الضغوط وتضيق الحريات على الجماهير ليس الكردية فحسب بل على الشعب التركي، وبما أن شرط الانتماء إلى السوق الأوربية والاتحاد الأوربي هو حل المشاكل الداخلية بالطرق السلمية ووفق معايير حقوق الإنسان ومنح الحريات العامة والشخصية فان تركيا بقت عاجزة لا بل مرفوضة من قبل السوق الأوربية والاتحاد الأوربي وهي مطالبة بضرورة اعتماد الطرق الديمقراطية وعدم خرق لحقوق الإنسان وحل القضية الكردية وكذلك منح الأقليات الأخرى الحقوق القومية المتعارف عليها وفي مقدمتهم عرب الاسكندرون ذلك اللواء المغتصب من سوريا. مازال حكام تركيا يصمون آذانهم من الدعوات تلك ويرفضون الأمر الوقع بان الحركة المسلحة وان تضعف لا يمكن القضاء عليها وان تحالف هؤلاء الحكام الطورانيين بشكل تكتيكي مع النظام الإيراني العدو التقليدي الذي يرى الخطر ماثلاً أمامه بوجود حوالي ( 9 ) مليون كردي في إيران محروم بشكل تام من أي حقوق سياسية وقومية وثقافية والمشكلة الأخرى وجود حوالي ( 6 ) مليون كردي عراقي يعيش في حرية نسبية وقد حصل على البعض من حقوقه عبر صراع طويل وهو مثال يحتذى به من قبل أكراد تركيا وإيران وبحجة كركوك والتركمان العراقيين والخوف من انفصال كردستان العراق وتأسيس الدولة الكردية وهو خوف مصطنع ومخادع تقوم إيران بالإضافة إلى ما ترسله من أسلحة وتدخل في الشأن الداخلي العراقي ومساندتها لبعض المليشيات والقوى الإرهابية، نيابة عن تركيا بقصف مناطق كردستانية عراقية محاذية لحدودها بمختلف أنواع الأسلحة بحجة وجود مسلحين من حزب (PKK) التركي ويقوم حكام تركيا على أساس الحجة نفسها بتحشيد ما يقارب ( 200 ) ألف جندي تركي على الحدود وقصف قرى كردية بالمدفعية وتهجير أهاليها وخرق الطائرات الحربية التركية الأجواء العراقية وهو عامل ضغط من قبل الطرفين، إيران الإسلامية وتركيا العلمانية على الشعب الكردي في منطقة كردستان العراق ، أما الحجة الأخيرة التي تسوقها تركيا اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بتسليح مقاتلي حزب ( PKK ) فهي للدعاية والإعلام وإلا كيف يمكن فهم التحالف المعروف ضمن حلف الناتو والمعاهدات السرية والعلنية ووجود قاعدة جوية عسكرية كبيرة على الأرض التركية والتسهيلات الحكومية المقدمة للطائرات الأمريكية، وبهذا يدخلون من خرم الإبرة لكي يبرروا العدوانية المحتملة ضد الإقليم وهم يعرفون نتائج سياستهم المؤدية إلى الحرب التي سيكون ثمنها أغلى بكثير بالنسبة لحكام تركيا لأن أكراد العراق المتمرسين على النضال منذ سنين لن يخسروا الكثير أمام خسائر الجانب التركي واقتصاده الذي لا يحسد عليه وهذا لا يعني أن حكومة الإقليم والشعب الكردي في كردستان يسعون للحرب والقتال بل العكس فان الدعوات والمطالبات بعقد حوار مباشر وشفاف وصريح لحل القضايا المختلف عليها مازال مطروحاً من قبل الجانب العراقي أمام استمرار تعنت الحكام في تركيا وعنجهيتهم وتهديداتهم بالتدخل العسكري الذي لن يثني من عزيمة أكراد العراق في بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد وبضرورة وجود علاقات حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين الجارين. أن الطريق لحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تركيا وفي مقدمتها حقوق الكرد هو طريق الحوار المباشر وتحقيق قدرا واسعاً من الديمقراطية وعدم التجاوز على حقوق الإنسان وهو طريق سهل ولا يكلف كثيراً ولا يؤدي إلى الخراب والدمار وزهق الأرواح البريئة، على حكام تركيا الطورانيين أن لا يستمروا في امتطاء بغلتهم القومية الضيقة ويعرفوا أن الزمن غير ذلك الزمن الذي كانوا يستطيعون فيه تحقيق رغباتهم القومية العنصرية المعادية بالقوة والسلاح والتدخل العسكري وإن ألـ ( 20 ) مليون كردي في تركيا لن تخدعهم بعد ذلك الوعود الكاذبة كما كان في السابق ولا تمنعهم القوة العسكرية والأساليب الإرهابية الدموية من النضال من اجل تثبيت حقوقهم القومية المشروعة بل العكس فطريق الحوار والتفاهم هو الذي سيفضي إلى تحسين العلاقات وحصر العنف المسلح وتوسيع المجال الديمقراطي وبالامكان ازدهار الاقتصادي التركي والتخلص المآزق الكثيرة التي يعيشها ومن هذه النقطة تبرز الحاجة الماسة لحل القضية الكردية بضرورة الاعتراف بحق تقرير المصير عن طريق التفاهم ومنح الحقوق وعدم التعنت وإطلاق التهم الكاذبة التي تنعت مئات الآلاف من كرد تركيا بالإرهابيين مما يزيد الأمور تعقيداً ولا يؤدي إلى السلام الاجتماعي والأمان ونبذ العنف المسلح.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحالفات المطروحة والقضية العراقية
-
الجمود وإاغاء الآخر عقدة الفكر التكفيري السلفي الأصولي
-
الزمن الأغبر
-
مكتبة الخلاني ونازك الملائكة وموروث الفكر الظلامي
-
حكومة الوحدة الوطنية بالمحاصصة الحزبية علامة إستفهام
-
المليشيات الطائفية المسلحة والإرهاب التكفيري علّة العراق وال
...
-
شر البلية ما يضحك.. ليتعرى الشعب العراقي بسبب انقطاع التيار
...
-
الأخوة الأعداء وضياع الحقوق الضائعة
-
الطبقة العاملة العراقية أشرف الطبقات وأنبلها وأكثرها وطنية
-
لا حيادية في الإعلام بل مصداقية وغير مصداقية
-
دفاعاً عن حقوق النساء وضد تصريحات وزير الداخلية الإيراني
-
حرب الإبادة الشاملة ضد الشعب العراقي
-
القضية الفلسطينية ما بين المماطلة والحلول التوفيقة والحل الع
...
-
إحدى وثلاثون عاماً في بغداد والرهان الخاسرما بين الجديد والق
...
-
بعض الملابسات حول إنعقاد المؤتمر التأسيسي للمجلس العراقي للث
...
-
قرار خاطئ أستغل فيه المكان والزمان
-
فاز نيكولا ساركوزي اليميني وماذا بعد؟
-
ماذا في مقال نسرين عز الدين في ايلاف عن نهاية الصراع الطبقي
...
-
أول أيار رمزاً وطنياً وأممياً للتضامن ضد الاستغلال وعدوانية
...
-
قرار وزارة الداخلية المجحف يعد تجاوزاً على حقوق المرأة العرا
...
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|