أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد جمول - بنت جبيل وذاكرة الأطفال














المزيد.....


بنت جبيل وذاكرة الأطفال


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 1979 - 2007 / 7 / 17 - 04:33
المحور: المجتمع المدني
    


إنها المدينة المتهمة والمدانة بالتمرد والعصيان. بنت جبيل كان يجب أن تدمر أكثر وتزال عن الخارطة ، وتمسح من الذاكرة. فكل من يعرف تاريخ هذه المدينة ويصر على الاحتفاظ بما يعرفه عنها يجب حرق دماغه قبل الدفن للتأكد أن شيئا من هذا لن يتسرب للأجيال المقبلة. فكل المدن التي وقفت في وجه الغزاة ودحرتهم، من عكا و ستالينغراد وبورسعيد وصولا إلى مارون الراس والخيام وعيتا الشعب و قانا و بنت جبيل ، يجب أن تمحى من التاريخ لأن ذكرها قد يحرج سادة العالم الأقوياء المتحضرين. ويجب قتل الأطفال الذين نجوا من القصف والحصار لأنهم سيتحدثون ذات يوم عن وحشية هؤلاء الأقوياء المتحضرين. فلا فائدة من تدمير المدن والقرى بكل ما فيها ما لم تدمر الذاكرة، وأخطر ما في هذا الأمر ذاكرة الأطفال. لذلك لم يكن مستغربا أن توظف إسرائيل أطفالها لكتابة الرسائل على الصواريخ والقنابل التي قصفت بها القرى اللبنانية. فهذا فعل يقصد منه مسح ذاكرة الفطرة وشحنها قسراً بذاكرة الإبادة والقتل والتدمير والإفناء باسم الحضارة وبهدف الإبادة. وكله يأتي ضمن عملية توظيف مساحة يمكن استخدامها وتوظيفها، إما بالشحن أو التفريغ، لخدمة آلة القتل والتدمير. وهنا قد لا يكون مريحا للسادة الكبار المتحضرين ووسائل الإعلام الموضوعية وغير الموضوعية طرح السؤال: ما الذي كان سيقال لو أن دولة عربية أو "غير متحضرة " استخدمت أطفالها لكتابة رسائل على الصواريخ والقنابل؟ ربما كانوا سيقولون لنا إن رسائل المتخلف تظل متخلفة وإرهابية ومعادية للحياة مهما كان موضوعها وأينما كتبت، إلا إذا كانت توجه الشكر والاحترام والولاء للسيد المتحضر. أما رسائل القوي المتحضر فتظل حضارية وفي خدمة الإنسانية حتى ولو كتبها الأطفال على صواريخ وقنابل موجهة لقتل الأطفال.


بنت جبيل فضيحة كان يجب طمرها بأي شكل على الأرض وفي التاريخ والذاكرة. نعم فضيحة. فماذا سيقول فقهاء الهزائم الذين اعتاشوا على تقديسها باعتبارها قدرا علينا قبوله بكل الرضا والامتنان. لقد كشفت عوراتهم وتمادت في تكذيبهم إلى الحد الذي استحقت معه المسح بكل أشكاله. نعم يجب مسح كل المدن العنيدة العاصية و المقاومة لأن وجودها عار وعقبة في وجه تقدم القوى الغازية الحاملة لراية الدمار والقتل, ولكن تحت اسم الحضارة والبناء والتقدم. لقد كان تصرف مدن وقرى مثل بنت جبيل وعيتا الشعب ومارون الراس وغيرها انتكاسة لمشروع الغزاة مهما اختلفت أسماؤهم. فإذا ما انتقلت عدوى هذه المدن العنيدة الرافضة لفتح ذراعيها للغزاة وانتشرت بين مدن العالم الأخرى، سيخسر العالم العيش في نعيم "فوضى الإمبريالية المتوحشة الخلاقة" والديمقراطية الإسرائيلية القائمة على إبادة الآخر أو طرده من بلاده لخلق الدولة ذات الدين الواحد والعرق الواحد.

هذه المدن التي لا تفهم الدبلوماسية المتحضرة وبروتوكولات السياسة تشبه الأولاد الأشقياء الذين لا يتحملون كذب أهلهم أمام الضيوف فيرفعون أصواتهم بقول حقيقة ما يعرفون. لذلك لا بد من إبعادهم أو إشغالهم بشيء ما ريثما يذهب الضيوف كي يكذب هؤلاء الكبار كما يشاؤون ويحافظوا على الصورة التي كونها لهم ما صنعوه من أكاذيب وقصص مختلقة لا يطيقها صدق الأطفال وبراءتهم. لكن المدن البريئة لا تلعب ولا يمكن رشوتها . فما من دواء لها سوى مسحها عن الأرض ومن ذاكرة الأطفال كي لا يظهر عار الكبار وكذب السادة المتحضرين من الغزاة.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت
- بين وحشية النازية ورحمة الغربان
- التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
- بيان ضد الديمقراطية
- رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
- الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
- الصندوق
- نظرية المؤامرة
- أسئلة في زمن الرعب والهذيان


المزيد.....




- الاحتلال يفرض سياسة التطهير العرقي في الضفة الغربية
- اعتقال 3 جنود أمريكيين بتهمة التخطيط لبيع معلومات سرية إلى ا ...
- اعتقال عصابة تسرق من كبار السن في بغداد
- محدث:: مداهمات واعتقالات في نابلس والخليل
- -محظوظ جداً لأنني على قيد الحياة-: عامل إغاثة يروي تجربته في ...
- -رجل الاغتيالات-.. اعتقال رئيس المخابرات السورية السابق
- موريتانيا تفكك شبكات لتهريب المهاجرين إلى أوروبا
- جنبلاط يعلق لأول مرة على اعتقال رجل استخبارات الأسد المتهم ب ...
- أول تعليق لجنبلاط على اعتقال أشهر رجال استخبارات حافظ الأسد ...
- سوريا...اعتقال أبرز رئيس للمخابرات الجوية في عهد حافظ الأسد ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد جمول - بنت جبيل وذاكرة الأطفال