أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - المعجزات التنموية ودور الدولة















المزيد.....

المعجزات التنموية ودور الدولة


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 603 - 2003 / 9 / 26 - 02:09
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الرباط في 11 أبريل 2000

تعالت أصوات دعاة الليبرالية في بلادنا منذ بداية عقد الثمانينات بمطالبة الدولة بالكف عن ولوج المجالات الاستثمارية التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها، كمشروعات الصناعات التحويلية مثلا، وأن ينحصر دور الاستثمار العام فقط في المجالات المتعلقة ببناء شبكة البنيات الأساسية التي يقدر، ولا يرغب القطاع الخاص في الاستثمار فيها. بل حتى في مجالات مشروعات البنيات الأساسية يوصي أنصار الليبرالية بأن يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار فيها، مثل المطارات والموانئ والاتصالات والبريد والمصارف والأمن والطرق السريعة ... الخ. وذلك ما شرعت فيه بلادنا تدريجيا مع انطلاق عمليات الخوصصة ومحاولات جذب الاستثمارات الأجنبية الخاصة. لكن التساؤل الذي لا زال يطرح دائما هو عن الحجم الأمثل للدولة وعن المجالات التي يجدر الاحتفاظ بها ضمن القطاع العمومي؟

بالرجوع إلى تجربة البلاد الرأسمالية المتقدمة التي تقدم لنا كنموذج يجب الاحتذاء به سنجد أن هذه البلاد وإن كانت قد اعتمدت على الليبرالية الاقتصادية وآليات السوق كإطار عام، ولعب فيها القطاع الخاص المنتج دورا فاعلا، إلا أن الدولة كان لها دور استراتيجي لا يستهان به. فبالعودة إلى مرحلة نشأة هذه الدول سنكتشف مدى خداع فكرة حياد الدولة في الاقتصاد الرأسمالي، حيث كان الفكر الاقتصادي والمالي شيء والواقع شيء آخر.

 فعلى مستوى الفكر الاقتصادي الذي جسدته آنذاك أعمال المدرسة الكلاسيكية، والتي عبر عنها آدم سميث ودافيد ريكاردو، كان هناك اتجاه راسخ يرى ضرورة تحجيم دور الدولة الاقتصادي مطالبين بأبعادها عن مجالات الإنتاج والتجارة وعدم تدخلها في آليات السوق. كما طالبوا  بأن ينحصر دورها في مجال حماية الأمن الداخلي والأمن الخارجي ومراعاة تطبيق القوانين والقيام ببعض الأشغال العامة التي يقوم بها القطاع الخاص. وهذه الوظائف، المحددة والمحدودة، للدولة هي التي عرفت تحت مصطلح "الدولة الحارسة". ونادى الاقتصاديون الكلاسيك بالحرية الاقتصادية وبأهمية المنافسة الكاملة وبإنهاء كافة أشكال التدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي والممارسات الاحتكارية التي كانت قائمة في مرحلة الرأسمالية التجارية.

وقد بلور الاقتصاديون الكلاسيك أفكارهم حول الحرية الاقتصادية في ذلك الشعار الشهير "دعه يعمل ودعه يمر". وكانوا يعتقدون أن هناك توافقا بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، وأن الفرد حينما يسعى لتحقيق مصلحته الخاصة فإنه يحقق، ودون أن يدري، مصلحة الجماعة. حيث أن هناك يد خفية -كما قال آدم سميث- تحقق هذا التوافق. وكان إيمانهم مطلقا بكفاءة السوق وفاعليته في أن يحقق التخصيص الأمثل للموارد، وتحقيق التوازن الاقتصادي العام، والوصول دوما إلى وضع الاستخدام الكامل. ولم يكن من الوارد لديهم أن تحدث أزمات اقتصادية (كساد عام أو بطالة على نطاق واسع) لأن السوق فاعل قوي في تصحيح أية اختلالات أو أوضاع خاطئة. فالبطالة الجزئية أو الركود الذي يصيب صناعة ما سوف يتلاشى تدريجيا، وبصورة تلقائية، حينما تترك آليات العرض والطلب لكي تعمل بحرية تامة. وكما كان يقول جان باتيست ساي، إن كل عرض يخلق الطلب المساوي له، وبالتالي فالعرض الكلي يتساوى دائما مع الطلب الكلي، ولا مجال ولا ضرورة للتدخل الحكومي لتحقيق التوازن الاقتصادي العام أو للوصول لحالة التوظف الكامل ... فتلك أمور تتحقق من تلقاء نفسها من خلال احترام مبادئ الحرية الاقتصادية والمنافسة الكاملة.

وكان من رأى الاقتصاديين الكلاسيك، أنه لا جدوى من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وأن المالية العامة يجب أن تكون "محايدة"، أي لا تهدف للتأثير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أو لتغيير المراكز النسبية للأفراد والطبقات في المجتمع. وليس هناك أي دور لها في تحقيق التوازن الاقتصادي العام، أو في التخصيص الأمثل للموارد، أو تحقيق الاستخدام الكامل. فالسوق وحده كفيل بتحقيق تلك الأهداف العزيزة. وبناء على هذه المنظومة الفكرية المتكاملة ، كان الاقتصاديون الكلاسيك يعتقدون، أن الإيرادات العامة التي تجنيها الدولة من الضرائب، يجب أن تستهدف تغطية النفقات العامة فحسب، وهي النفقات التي يجب أن تكون في أضيق الحدود، لأن التوسع في النفقات، ومن ثم التوسع في فرض الضرائب، من شأنه أن يؤدي إلى إنقاص الادخار والإضرار بحوافز العمل والإنتاج.

لكن بالعودة إلى الواقع والشواهد التاريخية الثابتة، سنجد أن الدولة لعبت أدوارا خطيرة لا يستهان بها في دعم وتقوية المجتمع الجديد للرأسمالية الصناعية، لعبت فيه المالية العامة أدوارا مهمة تتعدى مجرد وظائف الدولة الحارسة. وقد استخدمت الطبقة الرأسمالية الصاعدة جهاز الدولة في صراعها ضد قوانين ومؤسسات وروابط المجتمع الإقطاعي والقضاء على بقايا الامتيازات الاحتكارية ومختلف ألوان التدخل الحكومي التي كانت موجودة في مرحلة الرأسمالية التجارية، وعلى النحو الذي يدعم ويحمي مصالحها الاقتصادية. وفي هذا الخصوص تنهض أمامنا عدة حقائق. أولاها  أن نجاح الثورة الصناعية في بريطانيا (وفي دول أخرى في مرحلة لاحقة) لم يكن ممكنا دون سياسة الحماية التي طبقتها الدولة لدعم الصناعات الناشئة من المنافسة الأجنبية.

وثاني هذه الحقائق، هو الدور الذي لعبته الحكومات في توفير الطعام الرخيص للعمال حتى تنخفض الأجور وتزيد أرباح الرأسماليين وقدرتهم على التراكم. وكان ذلك من خلال السماح باستيراد المواد الغذائية بدون رسوم جمركية، وهو الأمر الذي تجلى في إسقاط قوانين الغلال في بريطانيا عام 1815. كما تدخلت الدولة من خلال القوانين واللوائح لدعم وترسيخ العلاقات الاجتماعية الجديدة التي خلقها النظام الرأسمالي، مثل حرية التعاقد وحرية العمل وحرية الإنتاج وحرية التجارة، وعدم التدخل في العلاقة التي تنشأ بين صاحب العمل والعامل من حيث تحديد وقت العمل ومقدار الأجر؛ ومنع العمال من الاحتجاج أو الإضراب أو التنظيم للدفاع عن مصالحهم. (وإن كان ذلك قد تغير بعد ذلك بعد أن خاض العمال معارك طويلة وبذلوا تضحيات لا يستهان بها).

كذلك لعبت الدولة دورا مهما في هذه المرحلة لتأمين الحصول على المواد الخام والمواد الغذائية من الخارج وفتح الأسواق الأجنبية بالقوة، وتأمين مجالات الاستثمار المربح عبر البحار من خلال الجيوش الغازية وفرض السيطرة الاستعمارية على كثير من البلاد الواقعة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. بل أنه ما إن حل عام 1900 حتى كانت الدول الرأسمالية الاستعمارية قد احتلت ما نسبته 90 % من مساحة إفريقيا، و99 % من الهند الغربية، وحوالي 56 % من آسيا.

ولا شك في أن الإنفاق العسكري قد لعب في هذه الفترة دورا خطيرا في تكوين وتأمين هذه المستعمرات. وقد اعتمدت الدول الاستعمارية على القهر والعنف في إخضاع شعوب تلك المستعمرات واستغلالهم لخدمة المراكز الرأسمالية الصناعية. وليس خافيا كيف لعبت الأرباح والفوائض الاقتصادية المنزوحة من هذه المستعمرات دورا لا يستهان به في التخفيف من تناقضات النظام الرأسمالي في تلك الفترة. كما قامت الدولة بدور كبير في تأمين قواعد لعبة نظام الذهب لتحقيق الاستقرار النقدي وتثبيت أسعار الصرف وتأمين تسوية علاقات المديونية والدائنية في المعاملات الخارجية على أسس يقينية وشبه ثابتة، وهو ما كان وثيق الصلة بنمو التجارة الدولية آنذاك.

فهل يمكن بعد كل هذه الحقائق الوثوق بالأسطورة التي طالما روجها الفكر الاقتصادي، وهي أن دور الدولة كان هامشيا في مرحلة رأسمالية المنافسة الحرة، وأن وظائفها لم تتعد مجرد واجبات "الحراسة" ؛ أو أن نصدق أن المالية العامة في تلك المرحلة كانت "محايدة"؟ بل أن اندلاع الحرب العالمية الأولى التي كانت صراعا ضاريا بين الدول الرأسمالية الكبرى لإعادة تقسيم المستعمرات ومناطق النفوذ والأسواق الخارجية كان في حد ذاته تأكيدا واضحا على عدم حياد المالية العامة وعلى ضخامة حجم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. وتجب الإشارة في هذا السياق إلى الاستعدادات الضخمة لهذه الحرب وما تطلبته من إنفاق عن طريق زيادة الضرائب، وعقد القروض العامة الداخلية.  غير أن هذه الوسائل سرعان ما استنفدت إمكاناتها في تعبئة الموارد المحلية، ولم يبق أمام الدولة إلا أن تلجأ إلى التمويل التضخمي وخصوصا حينما اندلعت الحرب وأن تتعايش مع تجربة التمويل بالعجز وعدم توازن الميزانية العامة للدولة.

وفي عصرنا الراهن أصبحت دول في المراكز الرأسمالية العالمية تبني تفوقها وتحكمها على كافة أرجاء المعمور في إطار إيديولوجية العولمة على احتكار مختلف وسائل للتأثير والقوة والهيمنة، بكل ما يتطلبه ذلك من مداخل وموارد هائلة. فهي تحتكر التكنولوجيات الحديثة، من خلال قدرتها على الإنفاق بدون حساب، بحيث لا تقوى عليه سوى الدول الغنية العملاقة. كما تحتكر الدوائر المالية العالمية المتحكمة في تدفقات رؤوس الأموال. وتحتكر عبر شركاتها متعددة الجنسية إدارة واستخدام الموارد الطبيعية على الصعيد الكوني.  كما تحتكر  وسائل الإعلام والاتصال وقدرتها في التأثير على السياسات الوطنية لمختلف الدول. وتحتكر أسلحة التدمير الشامل النووية وغير النووية، وهذا الاحتكار الأخير  أصبح مطلقا لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. كما تحتكر عبر سلطتها المادية والمعنوية سلطة القرار داخل المؤسسات المالية الدولية وهي كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE التي تقوم بدور نشيط في تكييف الاقتصاديات العالمية بما يخدم المراكز الرأسمالية الكبرى.

يحاول  الليبراليون الجدد إيهامنا بأن المعجزات الاقتصادية التي حققتها دول جنوب شرق آسيا (النمور الآسيوية)، سواء منها تلك التي برزت منذ خمسة عقود سابقة مثل كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وسنغافورة أو تلك التي برزت منذ بداية عقد الثمانينات كاندنوسيا والفليبين وتايلاند وماليزيا،  قد تمت في ظل أنظمة رأسمالية ليبرالية وبحد أدنى من تدخل الدولة، لكن واقع الحال لا يؤكد على صدق هذه الأطروحة بل يؤكد على عكسها تماما حينما تأكد أن بداية تخلي دول النمور الآسيوية عن دورها النشيط في توجيه الاقتصاد هو الذي كان وراء نكستها الاقتصادية سنة 1997 والتي لا زالت آثارها سارية لحد الآن.

فإذا ما استثنينا العوامل الخارجية التي لا يمكن أبدا التقليل من شأنها في هذا النجاح وبحثنا فقط في العوامل الداخلية التي تم استغلالها بذكاء لضمان نجاح هذه الدول. فسنجد أن هذه الأخيرة كانت في بداية انطلاقتها تتسم بندرة واضحة في مواردها الطبيعية، حيث لم تكن تتوفر على مواد خام أو مواد الطاقة يعتد بها. كما كان القطاع الزراعي هزيلا. وكان اعتماد هذه الدول على الخارج يكاد يكون كاملا في تدبير المواد الغذائية والمواد الخام الزراعية. وفي ضوء هذه الندرة الشديدة في الموارد الطبيعية تم الاعتماد على استراتيجية إنمائية محددة، تقوم على الاعتماد على مجموعة معينة من الصناعات التصديرية التي تقوم على استيراد المواد الخام من الخارج وتصنيعها في الداخل معتمدة في ذلك على الوفرة النسبية لعنصر العمل الرخيص، ثم إعادة تصديرها بعد ذلك.

ورغم ظهور العجز في الموازين التجارية لهذه الدول في المراحل الأولى لاعتماد هذه الاستراتيجية. إلا أن حكومات هذه الدول أخذت تعمل على  بلوغ مرحلة تسبق فيها معدلات نمو الصادرات معدلات نمو الواردات  حتى لا يداهمها خطر نمو  العجز وتتفادى ما يسببه من حصار وتهديد للتجربة برمتها. وحتى لا تقع في ورطة أزمات النقد الأجنبي والديون الخارجية. وبالفعل استطاعت تجاوز هذه المرحلة منذ عقد السبعينات حينما أصبحت صادراتها تغزو مختلف أسواق العالم خاصة بعد التحول عن التركيز على صناعة بدائل الواردات، إلى التركيز على صناعات التصدير.

عملت هذه الدول على استثمار مواردها البشرية غير الكفأة وذات الأجر الرخيص، نظرا لحالة التخلف والركود والفقر التي كانت سائدة في هذه الدول. لكن عبر تدريب بسيط أمكن استخدام هذا النوع من العمالة بشكل واسع.

وتعترف تقارير المؤسسات المالية الدولية بأن الدولة لعبت دورا بالغ الأهمية في نجاح تجربة النمور الآسيوية، على الرغم من أن الإطار العام لهذه التجربة كان هو الليبرالية الاقتصادية وحرية السوق. وقد أدى تراجع دور الدولة في الحياة الاقتصادية منذ أواسط عقد التسعينات إلى انهيار هذه التجربة لكونها أصبحت تفتقد للمناعة اللازمة التي كان يوفرها جهاز الدولة. فأصبحت عرضة لمضاربات مالية هائلة تقوم بها الشركات المتعددة الجنسية ورأس المال المالي الدولي مما حول اقتصادها من اقتصاد منتج إلى اقتصاد للمضاربات.

لقد شمل دور الدولة في بلدان النمور الآسيوية قبل أزمة 1997 مجال بناء شبكة البنيات التحتية على مستوى عال من التقدم والكفاءة كما شمل مجال التنمية البشرية من خلال زيادة نسب الإنفاق على ميادين التعليم والصحة والإسكان والبحث العلمي والتكنولوجي. فتراجعت بذلك معدلات الأمية والبطالة وتحسنت معدلات نمو إنتاجية العمل الإنساني والقدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة المستوردة وملاءمتها مع الحاجيات المحلية  وبالتالي تطوير تكنولوجيات وطنية.

كما لعبت الدولة دورا بارزا في محاربة شبح التضخم من خلال اختيار سياسات نقدية ومالية ملائمة. ولعبت الدولة  كذلك في مجال التجارة الخارجية دورا محوريا عبر منح الأولوية لقطاع الصادرات نظرا لمكانته الارتكازية في تجارب هذه الدول. كما تمكنت من تجنب الوقوع في فخ المديونية الخارجية قبل الأزمة الأخيرة بحيث استطاعت أن تقلل باستمرار من فجوة الموارد (أي الفجوة بين معدل الاستثمار ومعدل الادخار) وذلك عبر تشجيع المدخرات المحلية والعمل على الارتقاء بها باستمرار وتنويع أجهزة تعبئة المدخرات المحلية وإحاطتها بمختلف أشكال العناية الحكومية وتطوير سوق الأوراق المالية. كما عملت الدولة على تكوين قدر كبير من الاحتياطات الدولية من الذهب والعملات الأجنبية وحقوق السحب الخاصة وإمكانات السحب غير المشروط من صندوق النقد الدولي. أما بالنسبة للاستثمارات الأجنبية الخاصة فقد عملت هذه الدول على تشجيع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتهيئة المناخ المناسب لها كي تحقق معدلات مرتفعة للربح تغريها على المجيء. وبذلك أصبح لمعظم الشركات الهامة متعددة الجنسيات فروع لها في هذه الدول.

إن استقراء تجربة النمور الآسيوية تؤكد على أن  النتائج الباهرة التي حققتها في مجال التصنيع والتصدير لم يستند على توفر موارد طبيعية أو معدنية أو طاقية بقدر ما كان يستند بالدرجة الأولى على عاملين أساسيين هما أولا  استقلالية هذه الدول في اختيار السياسات الاقتصادية والاجتماعية المناسبة والمدعمة بدور واسع بجهاز الدولة ثم ثانيا الاهتمام الكبير الذي أولته هذه الدول لمجال التنمية البشرية. وقد رأينا كيف أن تراجع هذين العنصرين أفقد هذه النمور مناعتها وحولها منذ سنة 1997 إلى نمور من ورق تأتمر بتعاليم المؤسسات المالية الدولية وتعبث باقتصادياتها الشركات متعددة الجنسية وتتعرض للعديد من الهزات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العنيفة.

في ضوء ما سبق نتساءل عن الدور الحالي والمستقبلي للدولة في مجال تحقيق التنمية المستديمة ببلادنا؟ وعن الدور المفروض أن تلعبه في مجال تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي؟  وعن الإجراءات المفروض اتخاذها في مجال التنمية البشرية حيث  صنفت بلادنا مؤخرا في المرتبة 125 عالميا؟ وعن كيفية التقليص من المعدلات المرتفعة من الأمية والفقر والبطالة وعودة الأمراض الفتاكة وضعف القدرة الشرائية وتراجع مستويات التعليم والتطبيب والسكن  غير اللائق؟

تلك هي الأسئلة الأساسية التي يجب أن يطرحها المواطن المغربي وهو يلج عالم القرن الواحد والعشرين الذي زادت سرعة فوارقه الطبقية ليس بين مواطني البلد الواحد فقط وإنما بين مختلف شعوب العالم. إنها قضيته الأولى التي يجب أن يفتتح باب النضال الفعال من أجلها.

 



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجرة الى الفردوس الاقتصادي
- التقسيم الدولي الجديد للعمل
- تناقضات العولمة الليبرالية
- نقطة نظام الانقلاب التكنولوجي
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- أزمة المالية العامة في المغرب
- خوصصة المرافق العمومية أداة تنمية أم أداة نهب للمواطنين
- التجارة الخارجية في زمن العولمة الليبرالية
- البعد المالي في إتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب والاتحاد ...
- مــــأزق البطالــــــة
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب - ...
- الاستعمار الأمريكي واستراتيجية المقاومة
- خلفيات الحرب الإمبريالية الأمريكية على العراق
- الاستثمارات الأجنبية الخاصة عامل تنمية أم استعمار جديد؟
- الشراكة الأورومتوسطية بين واقع الهيمنة وأحلام التنمية
- المديونية الخارجية والعولمة
- مقاومة العولمة الليبرالية
- فخ المؤسسات المالية الدولية
- أبعاد التنمية المستدامة


المزيد.....




- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - المعجزات التنموية ودور الدولة