أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أكرم خميس - سدوا أمامه كل المنافذ فاختار الموت مأساة شاب مصري قتلته حكومة أولاد الذوات!!














المزيد.....

سدوا أمامه كل المنافذ فاختار الموت مأساة شاب مصري قتلته حكومة أولاد الذوات!!


أكرم خميس

الحوار المتمدن-العدد: 603 - 2003 / 9 / 26 - 01:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في زمن غير الزمن، كان هناك عيد للعلم تحتفي فيه الدولة بنوابغها من مختلف الأعمار وكان الطالب المتفوق يجد مكانه في أرفع المؤسسات دون بحث عن وسيط أو انتظار أمام باب مسئول. كان العمل حينئذ شرفا وعبادة يحصل من خلاله البشر علي حقوقهم في الحياة بطريقة تليق بهم كمواطنين بكل معني الكلمة. اليوم انقلب الوضع تماما وصار احترام العلم شيئا من مخلفات العصر الشمولي . اما العمل، أو قل البحث عنه، فبات دليلا علي تواضع الإنسان وعدم جدارته بالالتحاق بالوظائف المرموقة التي تحتكرها طبقة الهاي لايف. ومع ان مثل هذا الانقلاب يبدو مفهوما لكل من تابع تطور الحياة في مصر منذ ربع قرن، فإن شابا مصريا طيبا ينتمي إلي قرية ميت الفرماوي بمحافظة الدقهلية يدعي عبدالحميد علي شتا خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 2000 صدق ما يقال في الاعلام الحكومي عن المساواة، ورعاية المواهب فتقدم قبل عدة اشهر للعمل بقطاع التمثيل التجاري التابع لوزارة الاقتصاد، واجتاز كل الاختبارات حتي جاء موعد اعلان النتيجة ففوجئ بأنه الوحيد من بين 42 متقدما الذي استبعد، اما السبب فكان بنص ما جاء في القرار... غير لائق اجتماعيا!!!! أي انه ابن لرجل فقير!!
لم يكن هذا الشاب كالملايين الذين ينتمون لنفس الطبقة يحلم بأكثر من مسكن متواضع ولقمة خبز وعمل شريف يساعده علي مواصلة رحلته العلمية. التي توقع لها المقربون ان تكون ناجحة قياسا إلي الجوائز التي حصل عليها ومن جائزة من وزارة الخارجية علي دراسة أعدها وهو طالب، لكن المسئولين في وزارة الاقتصاد بخلوا عليه بتلك الأماني المحدودة، وطعنوه بخنجر الفقر فكانت النتيجة ان فقد ثقته بنفسه وعالمه، وقرر ان ينتقم من الاثنين معا... انتحر: نعم انتحر ورحل عن عالمنا بعد أن أدرك ان الزمن الجديد لا مكان فيه للفقراء ولأبنائهم. القي بنفسه في النيل منذ نحو عشرة أيام وتحول بسرعة البرق الي جثة هامدة. حادث الانتحار بات موضوعا لمناقشات لا تنتهي في العديد من الأوساط العلمية والثقافية في مصر. حتي ان استاذا جامعيا مرموقا غلبته الدموع حين عرف بها، في حين ان اساتذة اخرين باشروا حملة تضامن واسعة مع أسرة الشاب الضحية، وهذه التفاصيل بدأت عندما أعلنت وزارة الاقتصاد انها بحاجة إلي تعيين عدد من الخريجين في وظائف خالية بسلك التمثيل التجاري التابع لقطاع التجارة الخارجية. وفي الاختبارات الأولية جرت تصفية المتقدمين بحيث لم يتبق سوي 42 شابا تم اخضاعهم لامتحانات قاسية في اللغة والاقتصاد والقانون الدولي، وفيها جميعا أظهر الشاب عبدالحميد علي شتا تفوقا لافتا حتي ان بعضا ممن امتحنوه هنأوه مقدما بالنجاح، في حين قام هو بنقل البشري إلي أصدقائه.
والواقع ان هذا التفوق لم يكن غير ثمرة لموهبة هذا الشاب من جهة، وللجهد الكبير الذي بذله لتحسين وضعه في اللغتين الانجليزية والفرنسية باعتبارهما القشة التي تقصم ظهر الفقراء في مثل هذه المناسبات. وعلي ما يؤكد اصدقاؤه فان هذا الشاب انفق كل مليم حصله من بعض الأعمال البحثية التي أنجزها ووجهت بالكامل الي دراسة اللغات، حتي تمكن من الوصول الي المستوي الذي مكنه من النجاح في الامتحانين الشفوي والتحرير.
وفي يوم اعلان النتيجة استيقظ الشاب الطيب مبكرا واتجه علي الفور الي الوزارة، حيث وجد العبارة القميئة مكتوبة امام اسمه خلافا لكل زملائه. وبطبيعة الحال لم يكن بحاجة لمن يوضح له المقصود بتلك العبارة فوالده بالفعل فقير لكنه ليس لصا، وأسرته تسكن في منزل ريفي متواضع لكنه من عرق الجبين وليس من أموال البنوك المنهوبة، أو عمليات النصب المنظم. كان بحاجة لمن يريحه من عشرات الأسئلة التي حاصرته في كل الجهات، عن سنوات العلم التي كلفت أهله الكثير دون ان تجد من يقدرها، عن أبيه الذي شقي وعرق حتي يعلم أولاده من حلال، فكان ذلك في تقدير اولي الأمر جرما يستحق العقاب!!! عن معني ان تكون انسانا في بلد تسيطر فيه المادة علي كل شيء فيتحدد علي اساسها الوضيع، والرفيع.. ضاقت عليه الدنيا، ضاق به الزمان، فكان ان اتخذ قراره الأخير، وودع الدنيا غير آسف عليها!
والذي يلفت الانتباه ان هذا الشاب كان يتصف بالتدين الواضح، كما ان شخصيته كانت تتسم بالاتزان الفكري والنفسي بما يعني ان فكرة الانتحار قد اقتحمت عليه حياته، في اللحظة التي عرف فيها قرار الاستبعاد.
الحادثة المؤسفة اثارت حزنا عميقا لدي كل من سمع بها، وخصوصا اولئك الذين عرفوا ضحيتها، غير ان الغضب كان أكبر علي الذي قرر حرمانه من حقه في الوظيفة، وكذلك من صاغ القرار بتلك الطريقة المتوحشة التي تنم عن عنصرية متوطنة داخل بعض مؤسسات الدولة المصرية. ففي كلية الاقتصاد التي تخرج فيها، وكان علي وشك الحصول علي الماجستير فيها، كان الحادث صدمة عنيفة للجميع، خصوصا أولئك الذين عرفوا كفاءاته العلمية، وفي مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، حيث كان المجني عليه يعمل بشكل مؤقت، نزل الخبر علي زملائه كالصاعقة، وحتي الآن مازالت التساؤلات تتردد عما يمكن لهذه الواقعة ان تحدثه في نفوس كل من يطمع في التقدم لمثل هذه الوظيفة. أما أهله فمازالوا يتذكرون الاتصال الأخير الذي اجراه المجني عليه، وأوصاهم من خلاله بشقيقه الأصغر الذي يخوض امتحانات السنة النهائية في كلية مرموقة.
بقي القول ان والد المجني عليه البالغ من العمر 60 عاما يعمل مزارعا بسيطا، ومع ذلك نجح في تعليم كل ابنائه حتي انه اصبح مضرب المثل في القرية التي يقيم بها. أما بعد الحادث فقد بات الرجل غير قادر حتي علي حمل فأسه ومواصلة كفاحه الذي تحول بفرمان ارعن من موظف متوحش إلي سبة وعار يطارد ابناءه اينما ذهبوا ومهما تعلموا؟؟



#أكرم_خميس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أكرم خميس - سدوا أمامه كل المنافذ فاختار الموت مأساة شاب مصري قتلته حكومة أولاد الذوات!!