|
حماية المعوّقين في المواثيق الدولية والتشريع الفلسطيني
سامر أحمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 11:48
المحور:
حقوق الانسان
مقدمة : لقد لفت انتباهي لهذا الموضوع أمرين الأول كثرة حالات الإعاقة في مجتمعنا الفلسطيني الذي أصبح يعانى الكثير جراء تعاظم ظاهرة المعاق الفلسطيني ، وفى الغالب يكون سبب الإعاقة هو المحتل الإسرائيلي من خلال إجراءاته التعسفية، إضافة إلى عوامل أخرى لها علاقة بسوء العلاج والرعاية الصحية التي يتلقاها المواطنين في فلسطين ، إما الأمر الثاني اطلاعي على تقرير بعنوان "حـقـوق المعوّقين في المجتمع الفلسطيني" والصادر عن الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن ، والذي سطر الكثير من المعلومات القيمة بلا شك ،لهذا قررت محاولة الكتابة بهذا الموضوع لما لهو من أهمية قصوى في حياة مجتمعنا الفلسطيني على وجه الأخص . لأن مثل هذه الدراسات تساعد وترشد المشرع الفلسطيني لوجود إي قصور في التشريع الوطني الفلسطيني ، لهذا ننصح أصحاب القرار في مجتمعنا الفلسطيني أن يأخذوا بعين الاعتبار كافة المبادئ التي تحملها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بهذا الصدد ، لأنها حتما تحمل الكثير من القواعد التي لو وجدت طريقا إلى التشريع الوطني الفلسطيني فان هذا سيساعد مجتمعنا كثيرا وذلك بتخفيف معاناة هذه الشريحة في مجتمعنا وذلك بإضفاء حماية خاصة لهم. لهذا سوف نتناول هذا المقال في قسمين الأول نتناول فيه المواثيق الدولية الناظمة لحقوق المعوّقين لنرى مدى نجاحها في تامين أفضل حماية خاصة لهذه الفئة؟ ، إما القسم الثاني فنتأول فيه حقوق المعاق في التشريع الوطني الفلسطيني ، وذلك قصد الوقوف مدى انسجام هذا القانون مع الاتفاقيات الدولية ؟ وعلية تعرّف منظمة الصحة العالمية الإعاقة تعريفاً شاملاً بأنها "الضرر الذي يصيب الفرد نتيجة حالة القصور أو العجز، ويحدّ أو يحول دون قيام الفرد الطبيعي بالنسبة لعمره وجنسه في إطار عوامل اجتماعية وثقافية يعيشها الفرد. بينما عرّف قانون العمل الفلسطيني رقم 4 لسنة 2000 المعوّق بأنه: "الشخص الذي يعاني من عجز في بعض قدراته الجسدية أو الحسية أو الذهنية، نتيجة مرض أو حادث أو سبب خلقي أو عامل وراثي، أدّى لعجزه عن العمل أو الاستمرار أو الترقي فيه، أو أضعف قدرته عن القيام بإحدى الوظائف الأساسية الأخرى في الحياة، ويحتاج إلى الرعاية والتأهيل من أجل دمجه أو إعادة دمجه في المجتمع". ويلاحظ هنا أن هذا التعريف يختلف عن تعريف المعوّق الوارد في قانون حقوق المعوّقين الفلسطيني، إذ أنه ينظر إلى المعوّق من زاوية العجز، وليس من زاوية القدرات المتاحة التي يمكن توظيفها لأداء الأعمال المختلفة.
القسم الأول : المواثيق الدولية الناظمة لحقوق المعوّقين. أبدى المجتمع الدولي عناية واضحة بالمعوّقين من خلال الإعلانات والمواثيق الدولية التي منحت أبعاداً عالمية لحماية المعوّقين. وقد اعتبرت الأمم المتحدة عام 1981 عاماً دولياً للمعوّقين، كما سمّت العقد الممتد من عام 1982-1992 عقداً دولياً للمعوّقين. وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الثالث من كانون الأول 2003 سيكون يوماً للذكرى السنوية للمعوّقين في العالم، ليكرسه المجتمع الدولي لتأكيد ضرورة احترام وتعزيز وحماية حقوق المعوّقين في العالم، وهي تلك الحقوق المستندة إلى المبادئ العامة لحقوق الإنسان ومنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي تكرّس تحقيق المساواة التامة بين كافة الأفراد دون أي تمييز قائم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو الأصل الاجتماعي أو أي أساس آخر.
وقد نصّت معظم الإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بالمعوّقين على ضرورة تمتع المعوّقين بكافة الحقوق الإنسانية، ومنها الحصول على الرعاية الطبية والصحية، التعليم، الخدمات والتسهيلات التي تساعدهم في تسيير شؤونهم الخاصة. ومن الصكوك الدولية ذات الصلة والتي اعتمدتها الجمعية العامة؛ الإعلان الخاص بحقوق الأشخاص المتخلفين عقلياً 1971، الإعلان الخاص بحقوق المعوّقين 1975، مبادىء حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية 1991، القواعد الموحدة بشأن تكافؤ الفرص للمعوّقين 1993. وفيما يلي موجز عن هذه الاعلانات وما عالجته من أحكام: الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقلياً الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 كانون الأول 1971: هدف هذا الإعلان إلى أن يصبح أساساً مشتركاً لحماية حقوق المتخلفين عقلياً. وهو يعدّ أول إعلان يصدر عن الأمم المتحدة ويختص بحقوق المعوّقين، وقد نص الإعلان على أن للمتخلف عقلياً إلى أقصى حد ممكن ما لسائر البشر من حقوق، إضافة للحق في الحصول على الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين وعلى قدر من التعليم والتدريب والتأهيل والتوجيه يمكنه من إنماء قدراته وطاقاته إلى أقصى حد ممكن، وحق التمتع بالأمن الاقتصادي وبمستوى معيشة لائق وبالعمل المنتج وأية مهنة أخرى مفيدة. كما وضمن الإعلان حق المتخلف عقلياً في الحماية من الاستغلال والتجاوز ومن المعاملة الحاطة بالكرامة. وعليه، أكد الإعلان على ضرورة مساعدة المتخلفين عقلياً على إنماء قدراتهم لتيسير اندماجهم في الحياة العامة إلى أقصى حد ممكن.
الإعلان الخاص بحقوق المعوّقين والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول 1975: كان الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقلياً قد شكل نواةً لصياغة هذا الإعلان الذي تناول حقوق المعوّقين بغض النظر عن نوع الإعاقة. ودعت الجمعية العامة من خلال هذا الإعلان إلى العمل على الصعيدين القومي والدولي كي يصبح هذا الإعلان أساساً مشتركاً لحماية هذه الحقوق، ومرجعاً موحداً لذلك.
ويؤكد الإعلان على مجموع الحقوق الأساسية التي للمعوّقين الحق في ممارستها دون أدنى تمييز بسبب الإعاقة. حيث يؤكد على حق المعوّق بالتمتع بكامل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتمتع بها سواه من البشر وبلا أي تمييز، والحق في احترام كرامته الإنسانية. كما وأكد على حقه في الحماية من الاستغلال، وحقه في العلاج الطبي والنفسي والوظيفي بما في ذلك الأعضاء الصناعية وأجهزة التقويم، إضافة إلى حقه في التأهيل الطبي والاجتماعي والتعليم وفي التدريب والتأهيل المهنيين وخدمات التوظيف والمساعدة وغيرها من الخدمات التي تنمّي قدراته ومهاراته بالشكل الذي يعجّل بعملية دمجه في المجتمع. كما ينص الإعلان على حق المعوّق في الأمن الاقتصادي والاجتماعي وفي مستوى معيشي لائق وفي الحصول على عمل والانتماء لنقابات العمال.
مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 كانون الأول 1991: وقد نصّت على حق تمتع جميع الأشخاص بحق الحصول على أفضل ما هو متاح من رعاية الصحة العقلية التي تشكل جزءاً من نظام الرعاية الصحية والاجتماعية. كما ونصّت على الحق في الحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي، وعدم جواز التمييز بدعوى المرض العقلي بالشكل الذي يؤدي إلى إضعاف المساواة في التمتع بالحقوق. ونصت على أن لكل شخص مصاب بمرض عقلي الحق في ممارسة جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي الصكوك الأخرى ذات الصلة مثل الإعلان الخاص بحقوق المعوّقين.
القواعد الموحدة بشأن تكافؤ الفرص للمعوّقين الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 كانون الأول 1993. وقد وضعت تلك القواعد بالاستناد إلى التجارب المكتسبة أثناء عقد الأمم المتحدة للمعوّقين (1983- 1992). وتكفل هذه القواعد للأشخاص المعوّقين بصفتهم مواطنين في مجتمعاتهم إمكانية ممارسة ما يمارسه غيرهم من حقوق والتزامات. كما ووضعت شروطاً مسبقة لتحقيق المساواة في المشاركة، ومن أهم هذه القواعد: التوعية: وذلك بأن تتخذ الدول الإجراءات اللازمة لتوعية المجتمع بشأن الأشخاص المعوّقين وحقوقهم واحتياجاتهم وإمكانياتهم ومساهماتهم. الرعاية الطبية: بأن تكفل الدول تزويد المعوّقين بالرعاية الطبية الفعالة، والكشف المبكر عن العاهات وتقييمها ومعالجتها. وضمان حصول المعوّقين خاصة الرضع والأطفال على رعاية طبية من نفس المستوى الذي يحصل عليه سائر أفراد المجتمع. وأن تضمن الدول حصول المعوّقين على أي علاج منتظم أو أدوية قد يحتاجون إليها في الحفاظ على مستوى أدائهم أو تحسينه. إعادة التأهيل: وهي عملية ترمي إلى تمكين الأشخاص المعوّقين من بلوغ وحفظ المستوى الوظيفي الأمثل على الصعيد البدني أو الذهني أو النفسي أو على الصعيد الاجتماعي، بحيث تتوفر لهم الأدوات اللازمة لتغيير حياتهم ورفع مستوى استقلالهم. ويمكن أن تتضمن إعادة التأهيل تدابير ترمي إلى التمكين من أداء الوظائف أو استعادة الوظائف المفقودة، أو إلى التعويض عن فقدانها أو انعدامها أو عن قصور وظيفي. ولا تتضمن عملية إعادة التأهيل الرعاية الطبية الأولية. وهي تتضمن تدابير وأنشطة بالغة التنوع؛ بدءاً بإعادة التأهيل الأساسية والعامة وانتهاء بالأنشطة الموجهة نحو هدف معين، ومن أمثلتها إعادة التأهيل المهني. د) تحقيق تكافؤ الفرص: وهي عملية تكون من خلالها مختلف نظم المجتمع والبيئة، مثل الخدمات والأنشطة والإعلام والتوثيق، متاحة للجميع، ولاسيما المعوّقين. ويعني مبدأ تساوي الحقوق أن لاحتياجات كل أفراد المجتمع نفس القدر من الأهمية، وأن هذه الاحتياجات يجب أن تكون هي الأساس في تخطيط المجتمعات، وأنه يجب استخدام جميع الموارد بحيث تكفل لكل فرد فرصة مشاركة الآخرين على قدم المساواة. فالأشخاص المعوّقين أعضاء في المجتمع، ولهم حق البقاء ضمن المجتمعات المحلية التي ينتمون إليها. وينبغي أن يتلقوا الدعم الذي يلزمهم داخل الهياكل العادية للتعليم والصحة والعمل والخدمات الاجتماعية. وكما أن للأشخاص المعوّقين نفس الحقوق، فإن عليهم أيضاً أداء الالتزامات في حدود ما تسمح به إعاقتهم. ومع إعمال هذه الحقوق، يفترض في المجتمعات أن تعقد المزيد من الآمال على الأشخاص المعوّقين. وينبغي أن تتخذ، في إطار عملية تأمين الفرص المتكافئة، ترتيبات تُيسّر للأشخاص المعوّقين تحمل مسؤولياتهم كاملة بوصفهم أعضاء في المجتمع.
ويضاف إلى هذه الإعلانات والمواثيق الدولية المتخصصة بالمعوّقين جملة من الإتفاقيات التي تناولت حقوق المعوّقين ضمن موادها؛ كاتفاقية حقوق الطفل 1989، والتي نصت في مادتها الثالثة والعشرين على ضرورة اعتراف الدول الأطراف بوجوب تمتع الطفل المعوّق عقلياً أو جسدياً بحياة كاملة وكريمة في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسّر مشاركته الفعلية في المجتمع. فيما دعا الإعلان العالمي حول التقدم والإنماء الاجتماعي لعام 1969 الدول والحكومات إلى اعتماد تدابير مناسبة لإعادة تأهيل المعوّقين من أجل تمكينهم من المشاركة في عملية الإنتاج والتنمية في مجتمعاتهم حسب إمكانياتهم.
لكن يلاحظ عدم وجود اتفاقية شاملة خاصة بحقوق المعوّقين إلى الآن، كتلك المتعلقة بالطفل أو المرأة، وقد لاحظت الأمم المتحدة هذه النقص بحق أكبر الفئات المهمشة عالمياً، وعدم كفاية الإعلانات والمواثيق القائمة في توفير الحماية للمعوّقين، وفي هذا قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، السيدة لويز أربور، إن "نظام حقوق الإنسان القائم كان يهدف إلى تعزيز وحماية حقوق المعوّقين، ولكن المعايير والآليات القائمة فشلت بالفعل في توفير حماية كافية للحالات الخاصة للمعوّقين. ولقد حان الوقت لأن تقوم الأمم المتحدة بمعالجة هذا العجز".
وفي سبيل تحقيق ذلك، قررت الجمعية العامة، في قرارها رقم (56/168) المؤرخ في 19 كانون الأول 2001، أن تنشئ لجنة مخصصة لوضع اتفاقية دولية شاملة ومتكاملة لحماية وتعزيز حقوق المعوّقين وكرامتهم، وقد عمدت تلك اللجنة فعلاً طيلة الخمس سنوات الماضية إلى وضع مسودة (الإتفاقية الدولية الخاصة بحماية وتعزيز حقوق وكرامة الأشخاص المعوّقين) والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فعلاً بالإجماع بتاريخ 13/12/2006، وتأمل الأمم المتحدة من وراء هذه الاتفاقية أن تتحسن المعاملة التي يلقاها 650 مليون معوّق حول العالم. وتهدف الاتفاقية إلى تشجيع وحماية وكفالة تمتع المعوّقين على قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان. وتضم الإتفاقية (50) مادة تغطّي عدداً من الجوانب الرئيسية لحقوق المعوّقين مثل إمكانية الوصول، والتنقل الشخصي، والصحة والتعليم والتوظيف والتأهيل وإعادة التأهيل، والمشاركة في الحياة السياسية، والمساواة وعدم التمييز. وتشكل الاتفاقية تحولاً في النظرة إلى الإعاقة من كونها شأناً يتعلق بالرعاية الاجتماعية، إلى مسألة من مسائل حقوق الإنسان، وهذا إقرار بأن الحواجز ومشاعر التحامل المجتمعية هي بحد ذاتها من المعيقات الأساسية.
ولا تتطلب الاتفاقية من الدول تطبيق تدابير لا تستطيع تحملها، إلا أنها تطالب بالعمل على وضع تدابير تتيح للأشخاص المعوّقين إمكانية استخدام المواصلات العامة والحصول على التعليم وفرص العلم، ولذا، ويتعيّن على الدول التي توقع على هذه الاتفاقية إصدار القوانين والنظم الخاصة بتحسين وضع حقوق المعوّقين، والتخلص من التشريعات والعادات والممارسات التي تميّز في المعاملة ضدهم. وتقرّ الاتفاقية أن تغيير موقف أكثرية المجتمع من هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع أمر في غاية الأهمية لتحقيق المساواة. كما تُلزم الاتفاقية الدول الموقعة عليها بمحاربة التحيّز والأحكام المسبقة ضد المعوّقين، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع حول قدرات المعوّقين على العطاء ومساهمتهم في المجتمع. وتلتزم الدول الموقعة بضمان حصول المعوّقين على الحق في الحياة أسوة بالأصحاء، وعلى تحسين وسائل المواصلات والأماكن العامة والمباني لتتلاءم واحتياجاتهم. وسيفتتح باب التوقيع والمصادقة على هذه الاتفاقية من قبل الدول في 30/3/2007 وتحتاج إلى مصادقة 20 دولة لكي تدخل حيز التنفيذ.
القسم التاني : التشريع الفلسطيني الناظم لحقوق المعوّقين: أقر المجلس التشريعي الفلسطيني قانون رقم 4 لعام 1999 بشأن حقوق المعوّقين، وهو يُعد الإطار القانوني الأشمل الذي يُلزم السلطة الوطنية والمؤسسات الأهلية والأفراد باحترام وضمان حقوق المعوّقين. وقد شكّل هذا القانون أرضية هامة لتخصيص هذه الفئة من المواطنين بحماية خاصة ولإدراك معاناتها والنهوض بحقوقها، وذلك مواكبة للقواعد الدولية الخاصة بحماية الأشخاص المعوّقين، وقد غطّى القانون عدة مجالات ذات صلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية للمعوّقين الفلسطينيين، فبالإضافة إلى تعريفه للمعوّق نصت المادة الثانية منه على أنه "للمعوّق حق التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم والخدمات المختلفة شأنه شأن غيره من المواطنين له نفس الحقوق وعليه واجبات في حدود ما تسمح به قدراته وإمكاناته، ولا يجوز أن تكون الإعاقة سبباً يحول دون تمكن المعوّق من الحصول على تلك الحقوق".
كما أكدت المادة 3 من القانون المذكور على أن "تتكفل الدولة بحماية حقوق المعوّق وتسهيل حصوله عليها، وتقوم الوزارة - وزارة الشؤون الإجتماعية - بالتنسيق مع الجهات المعنية بإعداد برامج التوعية له ولأسرته ولبيئته المحلية في كل ما يتعلق بتلك الحقوق المنصوص عليها في هذا القانون".
ومن جهة أخرى، نصت المادة 9 على أنه "على الدولة وضع الأنظمة والضوابط التي تضمن للمعوّق الحماية من جميع إشكال العنف والاستغلال والتمييز". وأكدت المادة 10 من ذات القانون على الحقوق الخاصة بالمعوّقين والعمل على رعاية وتأهيل المعوّقين في المجال الاجتماعي، الصحي، التعليمي، التأهيل والتشغيل، الترويح والرياضة، وفي مجال التوعية الجماهيرية. وبالإجمال، نستطيع القول أن قانون حقوق المعوّقين لعام 1999 كفل للمعوّق مجموعة من الحقوق التي تسمح له بالعيش بكرامة وحرية ومساواة مع باقي المواطنين في المجتمع. وعلى الرغم من أن بنود القانون تغطّي احتياجات تربوية وتعليمية هامة للمعوّقين، إلا أنه يؤخذ عليه عدم وضوح النظم واللوائح التنفيذية التي تضمن إمكانية تطبيقه، والجهة التنفيذية المكلّفة بمراقبة مدى التزام المؤسسات الحكومية والأهلية بالقانون وضمان تنفيذه عملياً وبشكل كامل. كما أن هذا القانون وكغيره من القوانين التي وضعتها السلطة الوطنية حديثاً، لم يأخذ بعين الاعتبار التكلفة المالية اللازمة لتنفيذه، ولم يعمل على وضع خطة زمنية معقولة وتتناسب مع قدرات السلطة الوطنية المالية لتطبيقه.
فقد نصت اللائحة التنفيذية لقانون حقوق المعوّقين رقم 40 لسنة 2004 في مادتها الثالثة، على أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بإصدار بطاقة للمعوّق كجزء من الخدمات التي تقدمها الوزارة للمعوّقين. وأشارت المادة المذكورة إلى طبيعة الخدمات التي يمكن أن تشملها البطاقة، ومنها الخدمات الصحية والدمج الاجتماعي والمهني والتعليمي، وإعادة التأهيل وخدمات الدعم وفق نوع الإعاقة ودرجاتها. ولكن إلى الآن، لم تصدر بطاقة المعوّق، وذلك نتيجة لعدم توافر ميزانيات مالية كافية لمنح الحقوق المختلفة الواردة في قانون حقوق المعوّقين الفلسطيني، وما تم تحقيقه حتى الآن اقتصر على إعداد مقترح لمشروع بطاقة المعوّق قُُدّم من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية إلى مجلس الوزراء، وهناك تقديرات بأن عدم قدرة الحكومة الفلسطينية على توفير الموارد اللازمة لتوفير رزمة الحقوق المشمولة في البطاقة سيبقى عقبة أمام إصدارها، كونها تُلقي بعبء مالي كبير على ميزانية السلطة الوطنية. وفي الجانب العملي، فإن الموضوع يحتاج كذلك إلى تنفيذ إحصائيات سكانية لتسجيل المعوّقين، وتحديد نسب وطبيعة إعاقاتهم، مما يساعد في حصر الأشخاص الذين يمكن أن يمنحوا مثل تلك البطاقة التي يمكن أن تصنف المعوّقين إلى عدة فئات حسب نسبة وطبيعة الإعاقة.
ختاما وبعد هذا المرور السريع على جوانب الموضوع فلابد من ضرورة إجراء مراجعة شاملة لمجمل التشريعات الفلسطينية الناظمة لحقوق خاصة بالمعوّقين لإزالة التناقض القانوني الحاصل بينها، ويقف على رأس تلك التشريعات قانون حقوق المعوّقين ولائحته التنفيذية، إضافة إلى المواد الواردة في قانوني العمل والخدمة المدنية، وأيضا لتأكد من انسجام كافة قواعد التشريع الوطني الفلسطيني مع قواعد الاتفاقيات الدولية بهذا الصدد، وضرورة تعديل قانون حقوق المعوّقين، بصورة يتم من خلالها تضمينه مواد تنظّم آليات المساءلة والعقاب على أفراد ومؤسسات القطاع الخاص الذين لا يلتزمون بتطبيق إلزاماتهم المفروضة عليهم قانوناً تجاه المعوّقين، بمعنى تضمين القانون آليات لمعوّقبة من يخالفها، وتشجيع من يلتزم بها من أصحاب القطاع الخاص، وتعزيز آليات التطبيق والرقابة على تنفيذ تلك القوانين.
#سامر_أحمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جان زيغلر: الأمم المتحدة ومكافحة الجوع *** تعليق على المقال
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس
...
-
أوجه الالتقاء والاختلاف بين القانون الدولي الإنساني وحقوق ال
...
-
مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني المحلية في مخيمات لبنان
-
تعريف الإضراب في القطاع العام والخاص وأشكالة
-
التطور التاريخي للإضراب في فلسطين
المزيد.....
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
-
بوليتيكو: -حقا صادم-.. جماعات حقوق الإنسان تنتقد قرار بايدن
...
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|