أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - زهير كاظم عبود - أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة















المزيد.....


أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 602 - 2003 / 9 / 25 - 03:09
المحور: القضية الكردية
    


 

                                         القسم الأول

 

           يعيش الكرد في العراق  منذ الأزل في منطقة شمال العراق ويتمركزون في مناطق السليمانية واربيل ودهوك وكركوك وينتشرون في مناطق اخرى ، وتشير الدراسات التاريخية الى أن الشعب الكردي من الشعوب الهندو – أوربية ، وقد هاجرت من أوربا الى مناطق الشرق الأوسط مثل العراق وتركيا وسوريا وايران ولبنان منذ زمن سحيق ، لذا فأن استقرارهم في هذه المناطق طيلة هذا الزمن الطويل أثر على سكان المنطقة الأصليين ليختلطوا بهم وينصهروا معهم ليشكلوا مجاميع الشعب الكردي في كردستان .
        يتميز الكرد بقاماتهم الطويلة ومعايشتهم للظروف الجغرافية القاسية والظروف الأقتصادية أيضاً ، وحبهم للعمل وشجاعتهم وأمانتهم وأخلاصهم وكرمهم ، ولغتهم المتميزة مع لباسهم التقليدي .
وعلى أمتداد التاريخ ساهم أكراد العراق مساهمة فعالة في بناء حضارة العراق ىبان العهد الآشوري وماتلاه وحتى قيام الحضارة العربية والأسلامية وتأثيرها على العراق ، وبروز قادة من الكرد ساهموا في توطيد دعائم الأسلام وانتشاره ، اذ دخل الكرد في الدين الأسلامي طوعاً بشكل منقطع النظير مما يدلل على تفهمهم لأسس الحياة وتطور المدارك ليتقبلوا الديانة الاسلامية مع وجود ديانات عريقة وموغلة في القدم في المنطقة من اهمها الديانة الزرادشتية والمسيحية واليهودية والأيزيدية .
          وأنضمت أقاليم الآكراد الى الدولة الأسلامية طواعية معززة بذلك انتشار الديانة الأسلامية وتقوية قدراته القتالية في زمن الفتوحات والأرتداد عن الدين والدولة .
        ومع أن الآكراد بشكل عام والكرد في العراق بشكل خاص يتمتعون بكل مقومات الأستقلال والوعي والنضوج الثقافي والفكري وحقهم في التطلع نحو حياة تليق بهم فقد كانت هنالك أمال وتطلعات تجيش في نفوس شباب الكرد تشكل نزوعاً نحو الأستقلال والحرية وتحقيق بعض الآماني المشروعة للشعب الكردي لما يتمتع به من مقومات اجتماعية ولغة مشتركة وتاريخ مشترك وأرض مشتركة .
       وعلى هذا الأساس فقد كان كل طموح الأكراد في العراق تشكيل أمارات كردية في مناطق السليمانية وراوندوز واربيل ، ولتباعد هذه الأمارات وعدم توحدها فقد ساهمت الدولة العثمانية في تفكيكها ومن ثم انهائها لتمد سيطرتها على كامل منطقة كردستان العراق بعد ان سيطرت على مناطق الكرد في تركيا .
         ولم تهدأ أو تخفت التطلعات القومية  الكردية رغم الأضطهاد والحملات الشرسة التي قامت بها الدولة العثمانية تحت شتى الأعذار والمبررات لقتل الأمل القومي عند الكرد الذين كان المحرك الأساسي للمطالبة بحقوقهم والعمل على تأسيس نواة قومية ، لذا فجميعهم متلهفون للتطلع الى حياة كريمة تليق بالشعب الكردي المسالم اسوة بما يتمتع به اخوتهم العرب ورفع الحيف والظلم والأستبداد والقهر عن شعبهم في تلك الفترات ومايلحقها .
                وقد انبثقت حركات كردية مسلحة في شمال العراق تطالب بضرورة منح الأكراد حق تقرير مصيرهم منذ العام 1880 ، الا أن تلك الحركات تم أجهاضها والقضاء عليها بالقوة ، مما أدى الى ظهور حركات أخرى ساهم فيها رجال الدين والعشائر حتى قيام الحرب العالمية الأولى ، حيث تم تقسيم الشعب الكردي بين عدة دول امعاناً في تفريقه وأضعافه من جهة ومن جهة أخرى أستطاعت بريطانيا ايهام وخداع القادة الأكراد الذين كان جل اهتمامهم مقارعة الظلم والأستبداد ورفع الحيف العثماني الجاثم فوق صدر الشعب الكردي ، وأستطاعت بريطانيا ابداء أهتمام بمشاعر وآمال الأكراد مما أوهم القادة الكرد بصدق وصحة هذا الأهتمام والتأييد أعتقاداً منهم بأن الدولة العظمى تعمل بما تؤمن به من أفكار وقيم تطرحها وتدعي بها وتقولها على لسان مسؤوليها ، وليس بما تخفيه من أهداف ونوايا أستعمارية لتمكينها من فرض سيطرتها على كامل مساحة التراب العراقي ، ومن خلال هذا الأساس قامت معاهدتا مودرس 1918 ومعاهدة سايكس بيكو ومن ثم معاهدة سان ريمو التي قسمت غنائم النفط في المنطقة .
       وبالرغم من كون بريطانيا نادت بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره وحقه أيضاً في تشكيل حكومة كردية مستقلة ، وأوعزت الى الحكومة العراقية لتبني مثل هذه الآمال ، الا أن واقع الحال لم يكن يسير بألأتجاه الصحيح ، وكانت تجري الترتيبات والخطط لذوبان منطقة كردستان ضمن سيطرة الحكم الوطني في العراق دون أية حقوق تكفل للأكراد حقهم في حياة مستقلة أو شبه مستقلة على الأقل .
        وعلى آثر هذه الخديعة والتنكر لوعود بريطانيا للشعب الكردي ، قام الشيخ محمود الحفيد بتشكيل حكومة كردية في مدينة السليمانية مما دفع بريطانيا الى الجنون ، كما جن من كان يعمل تحت أمرتها ، فقامت بريطانيا بشن حملات عسكرية شرسة وأقترفت مجازر رهيبة سكت عنها التاريخ للأسف وصمتت عنها الأقلام ، أذ تم احتلال مدينة السليمانية يوم 19/7/1924 ، وخاض الجيش الحكومي بقيادة الأنكليز حرباً ضروساً غير متكافئة تسانده قوات السلاح الجوي البريطاني لقصف القرى الأمنة والسكان المدنيين ، لتتمكن من الأنتصار على الشعب الكردي الأعزل المطالب بحقوقه المشروعة في الحياة  ، مما أوقع القوى الأستعمارية في وهم موت كل آمال الاكراد في العراق وأرغامهم على الأذعان للأنضواء تحت سلطة الحكومة في بغداد ، ولكن الحقيقة أنها كانت ناراُ تحت الرماد ، بالرغم مما حققته بريطانيا من نجاح في قمع الصوت الكردي فبدت منطقة كردستان تشتعل وتتحرك فيها الحركة والحس الوطني أذ تمخض ذلك ببزوغ أحزاب وطنية وقومية رغم مارافق هذا النشوء من عنف وأرهاب للقضاء عليه ، ثم قيام ثورة برزان ومنثم قيام ( حمهورية مهاباد ) التي قادها ورأسها القاضي محمد ، وتعاونت كل القوى الأستعمارية وعملاء المنطقة من اجل القضاء على هذه الجمهورية الفتية فتم القضاء عليها في العام 1946 حتى لاتكون بذرة وعي وصحوة لكل كردي في المنطقة . 
وكنتيجة طبيعية أن يندمج الأكراد ضمن المجتمع العراقي ويتفاعل معه وتتوالد قواسم مشتركة في العمل السياسي نتيجة هذا التعايش والانسجام أهمها العمل ضد الأستعمار والتطلع نحو حرية العراق ، وطن الجميع ، وأستطاعت الحركة الوطنية الكردية أن تنجب رجالاً ساهموا مساهمة فعالة ومؤثرة ليس في تاريخ الحركة الكردية العراقية فحسب بل وفي تاريخ الحركة الوطنية العراقية بشكل عام ، اضافة الى تأكيد الشراكة الوطنية فعلاً لا قولا  .
          ساهم الأكراد في بناء المؤسسات الوطنية والأجتماعية والثقافية ورفدوا الجيش العراقي بخيرة الكوادر الشابة والممتلئة وطنية وأخلاصاً للعراق وللوطن العربي ، وبالتالي مساهمتهم الفعالة في قيام ثورة 14 تموز 1958 وأسقاط النظام الملكي وقيام الجمهورية ، حيث أنتظر الأكراد بارقة الأمل التي تحقق لهم الحد الأدنى من طموحاتهم الا ان المساركان يمضي بغير ذلك رغم مطالبهم الملحة المشروعة مما حدا بهم الى رفع السلاح بوجه السلطة في بغداد عام ذ961 في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم ، والذي لم يستطع أن يستوعب حقهم ومطالبهم فتم زج الجيش العراقي النظامي في قتالهم ، وأستمر القتال بالرغم من سقوط سلطة عبد الكريم قاسم عام 1963 ومن ثم قيام سلطة عبد السلام عارف وشقيقه عبد الرحمن عارف والى حدوث أنقلاب عام 1968 .
          ولم يتوقف القتال الا بتحقيق شكلي وجزئي من آمال الكرد بأصدار بيان آذار ( 11 مارس 1970 ) والذي كان خطة لذر الرماد في العيون ، وبالنظر لتنصل السلطة من تحقيق العديد من بنود الأتفاقية ، فقد اندلعت المعارك من جديد وحمل الأكراد السلاح ضد السلطة التي كانت قد تأهبت لقتالهم قتالاً شرساً ، وصمد الأكراد صموداً بطولياً رائعاً بوجه جيش يعد من أقوى جيوش المنطقة ، وتناخت القوى الشريرة والعميلة فيما بينها للقضاء على الثورة الكردية ، فقد اتفقت السلطة الصدامية مع الشاه المقبور عام 1975 للقضاء على الحركة الكردية فأصبحت الثورة بين فكي الكماشة ، وتحركت تركيا أيضاً فبات الوضع شيئاً والحصار فتاكاً لثورة لم تجد من يناصرها ويقف الى جانبها غير الشعب الكردي ، فانهارت الحركة المسلحة مؤقتاً وسلم المقاتلين الأكراد سلاحهم للسلطة الفاشية التي أطربها النصر المزعوم والذي أعطت مقابلة الكثير من سيادة وكرامة العراق ، وسجلت تنازلاً وطنياً خسيساً مقابل أيقاف زخم الأندفاع الكردي في المنطقة .
بعد هذا أتبعت السلطة الصدامية أجراءات ترمي الى قتل كل التطلعات والآمال  في نفوس الكرد في العراق ، وقامت بأخطر صفحة من صفحات أنتهاكات حقوق الأنسان وهي عمليات التهجير القسري للقرى الكردية الحدودية ومسحها من الوجود تحت سمع وبصر العالم المتمدن الذي لم يتحرك بكلمة أستنكار واحدة ، والحقت ذلك بأتباع سياسة التعريب القسري  في المنطقة بغية خلق جيل من الكرد لايعرف اللغة ولاالجغرافيا .
وأوغلت السلطة الفاشية في بيع كرامة العراق من أجل أيقاع اكبر الأذى بالحركة الكردية فأقدمت على تقديم تنازلات سيادية الى تركيا للحد من النشاط الوطني الكردي والحيلولة دون أقامة كيان أو تحقيق استقلال جزئي ،فعمدت الى أستعمال شتى الأساليب غير الإنسانية قابل ذلك بروز تيارات سياسية كردية واعية أستطاعت استقطاب الأكراد وأنتزعت تأييد وأعجاب العرب وتعاطفهم ، واستطاعت هذه التيارات ان توحد صفوفها ضمن حركة التحرر الكردية رغم مارافق مواقفها من تذبذب وعدم انسجام آبان قيام الحرب العراقية – الآيرانية التي سببها صدام للفترة من العام 1980 – 1988 ، وخلال فترة قيام هذه الحرب وأندلاع المعارك العسكرية تحملت منطقة كردستان العراق أعباء ساحات القتال وتحولت المنطقة الى ساحة حرب بكل معنى الكلمة ، مما حدا بالناس الى التشرد والهروب والنزوح الجماعي بحثاً عن ملاذ آمن وسط أهوال الحروب وأنتقام السلطة الفاشية من الناس المدنيين العزل وأرتكاب المجازر البشرية .
ونتيجة للتداخل في العمل السيياسي وسيطرة عقلية الحروب والقتال العسكري فقد تحملت قرى ومدن كردستان – العراق مأسي مروعة ولم يسبق أن سجلها التاريخ الحديث ، المؤسف أن العالم صمت عنها مرة أخرى صمت القبور وكأن الموافقة ضمنية على أبادة هذا الشعب الصامد ، وتمت أسكات مدن وقصبات كردية أبيدت عن بكرة ابيها نتيجة القصف المدغعي والكيمياوي وغاز الأعصاب ، وساهمت الحرب بتقطيع أوصال العوائل وتشردها نحو المجاهل بأتجاه سهول أيران وتركيا وسوريا في القفار الموحشة والطريق التي لم يسلكها قبلهم أحد ، ومات العديد من هذه المجاميع تحت ظل الظروف المناخية القاسية أو تحت وطأة الطبيعة والحيوانات المتوحشة أو جوعاً وعطشاً ، وأستطاع الآخرين من الوصول الى منافي الهجرة الأوربية التي أحتوت أعداد كبيرة منهم لآسباب انسانية .
ومع بدء عمليات حرب الخليج الثانية بعد غزو الكويت ، قامت الحركة الوطنية في كردستان العراق بتأسيس جبهة سياسية تحت أسم ( الجبهة الكردستانية ) وقامت بالسيطرة على الوضع المنهار للسلطة الفاشية والشوفينية وقاتلت وقدمت الشهداء وتمسكت بمنطقتها لتخليصها من سلطة صدام البائد  ، وأكتفت بالسيطرة على بعض المناطق المهمة التي يقطنها الأكراد ، وتم ترتيب أوضاع المنطقة سياسياً وأمنياً وأقتصادياً دون التفكير بمس سيادة العراق وفي أحلك لحظات الضعف التي مرت بها السلطة البائدة ، وبالرغم من التفكك الذي حصل وأنهيار السلطة وثورة المدن العراقية التي حصلت جراء انتفاضة آذار 1991 ، الا أن القيادة والشعب الكردي لم يفكروا بالأنفصال عن العراق .
 
         


أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة
زهير كاظم عبود

القسم الثاني

 

       بعد استقرار الأوضاع في كردستان – العراق رغم مارافق عزل المنطقة سياسياً عن العراق فقد تم اجراء انتخابات لتأسيس برلمان كردي بتاريخ 19 /5/1992 ومن ثم تشكيل الحكومة الأقليمية لمنطقة كردستان العراق .
ورغم كل الذي جرى لم تبرز أخاديد أو شروخ في العلاقة العربية – الكردية ، وبقيت الحركة الكردية تؤام الحركة الوطنية للعرب في العراق وجزء لاينفصل منها ن وقدمت الحركة الكردية الكثير من المواقف المشرفة الأخوية والوطنية للعرب في العراق ،  وقد تركزت أغلب مواقف الأكراد على مطلب أساسي ضمن مسار الوطن الواحد يتحدد في المفهوم القانوني للحكم الذاتي على أساس تطويره الدستوري وبما يكفل تحقيق جزء من حقوق الكرد في العراق وحقهم في الحياة الحرة والكريمة ، وحيث أن السلطات أفرغت هذا المفهوم من محتواه وماعاد فاعلاً وحقيقياً ، انما أستعمل لأغراض الدعاية السياسية وذر الرماد في العيون ، وبقي الحكم الذاتي شكلاً كارتونياً وهشاً صادرته السلطة البعفاشية من ضمن ماصادرت من حريات وحقوق الناس في العراق .
وبالنظر لكون الوضع القانوني للأكراد يتطلب منهم أن يحددوا أطار عملهم الدستوري وأن البقاء في وضعهم السائب يضعهم في أطار عدم الشرعية وحالة اللاقانون ، لذا فقد أجتمعت القوى الكردية وتناخت الأقلام الشريفة وأجتمع البرلمان الكردي المعبر الحقيقي الصادق عن صوت الجماهير الكردية ليقرر أعتماد صيغة الفيدرالية كحل أمثل يحقق طموح الكرد في المرحلة الراهنة ويلبي طموحاتهم ضمن العراق .
والفيدرالية مصطلح قانوني يعني الأتحاد بين القوميات المختلفة ضمن بلد واحد ليصار الى الاتحاد  ضمن دولة مركزية واحدة ، وهذه الفيدرالية تعزز من ثبات الوحدة العراقية وتحقق مطلب جماهيري عراقي عام ينادي به العرب قبل الكرد ، وأن أقرار الأقاليم العربية والكردية ضمن أطار الوطن الواحد هو الحل الأمثل والأنسب في ظل الظرف العراقي الراهن الساعي الى بناء عراق جديد يستند الى دستور يعترف بكل حقوق الأنسان .
وأذا كنا نتفق أن أختيار الأطار الدستوري للأكراد حق من حقوقهم الأنسانية سواء كان بصيغة الحكم الذاتي  بما يكفل لهم حقوقهم كمواطنين حقييين شركاء في هذا الوطن أو ضمن صيغةالفيدرالية .
ومادام الأمر أخذ أبعاده وأتضح بشكل لالبس فيه وضمن أطار قرارات الشرعية البرلمانية التي طالبت بتطبيق الفيدرالية فيعتبر هذا المطلب أطاراً وطنياً ، والفيدرالية لاتعني بأي حال من الأحوال الأنسلاخ أو الأنفصال عن الأرادة الوطنية العراقية ، بالرغم من كون ( الفيدرالية ) لاتلق الترحيب والتأييد من المنغلقين فكرياً و الشوفينيين  ودول الجوار لما يسحبه عليها من حقوق .
وتنطلق بعض الأصوات المحدودة التفكير مبدية تخوفها من الفيدرالية دون ان تعي أن هذا المطلب صيغة دستورية مجربة وجديرة بالدراسة والأهتمام والتطبيق ،  ومما يزيد التطبيق قوة كون الأكراد في العراق يعتزون بوطنهم العراق وقد ضحوا من اجله الكثير، وأن التجارب السلبية في تطبيق الفيدرالية في بعض البلدان بسبب الأنهيار الأقتصادي وغياب الديمقراطية والتباين الحاد في القيمة الأنسانية للفرد من قبل الأنظمة وليس كنظام دستوري ناجح .
كما أن الأنظمة المجاورة للعراق تتبع سياسة التغليب القومي وتضطهد الأكراد في بلدانها مما سيشكل حافز للكرد فيها من أجل المطالبة على الأقل مساواتهم مع العراقيين ، وبالتالي ينبغي الأستفادة من تجارب الفيدراليات القائمة والتي انهارت ومعرفة أسباب أخفاقها لتجاوزها وتمتين أسس هذه الفيدرالية الحقيقية .
لاتوجد مشكلة في وجدان وضمير كل عراقي يعرف التاريخ النضالي للشعب الكردي في العراق من اجل المطالبة بتحقيق نظام دستوري يكفل لهم حقوقهم ويحقق تطلعاتهم المشروعة في حياة ديمقراطية وحقهم في تقرير مصيرهم .
التأخي والشراكة بين العرب والأكراد والتركمان في العراق متجانسة ومتمازجة لدرجة الصعوبة في الفصل ، فالأكراد والتركمان قادة لكثير من الحركات السياسية العراقية والعرب والتركمان  مقاتلون مع الأكراد في اغلب حركاتهم ، وفي كردستان تغيب الطائفية والأنتساب الجغرافي والعشائري وترتفع معالم الوطنية كقائم متفرد يرفرف فوق راس الجميع .
بقي شعار الحركة الوطنية للأكراد لفترة طويلة ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان ) حتى اصبح شعاراً مرحلياً لبعض التيارات السياسية في العراق ، ومع أن الحكم الذاتي لم يكن الصيغة الأمثل التي تلبي تطلعات الكرد وبما يوازي تضحياتهم الجسام وتاريخهم النضالي الطويل الا أنها كانت تلبية لمرحلة من مراحل النضال العراقي .
أن تجارب عالمية سابقة تدلل على نجاح مفهوم الفيدرالية في الحكم ، وأيجاد علاقة متوازنة بين العرب والأكراد وضمان حقوق التركمان والأقليات الأخرى ، اضافة الى نجاح هذه التجارب في دول عديدة لاتتمتع بما يتمتع به العراق من صفات بشرية أو جغرافية أو سايكلوجية أو وطنية مثل ألمانيا أو الهند أو الولايات المتحدة الأمريكية ، كل هذا يجعل رجحان كفة تطبيق الفيدرالية أكثر ثقلاً من تطبيق مفهوم الحكم الذاتي أو الصيغ المبتورة الأخرى .
لقد مرت الدولة الأسلامية أيام الدولة ألموية والعباسية من نظم شبه أستقلالية لبلدان كانت تسمى الولايات العربية الأسلامية وتتمتع بأستقلال ذاتي وترتبط بالدولة المركزية الأم أرتباطات أساسية بدون أن تشعر الدولة باقتطاع جزء منها أو بأنسلاخ جزء من دولتها طيلة الفترات التي سادت تلك المرحلة .
نص الدستور العراقي المؤقت الصادر بعد قيام الجمهورية عام 1958 ونص على أن العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ، وبالرغم من بقاء هذا الدستور مؤقتاً طيلة حقبة زمنية ممتلئة بالأحداث والمتغيرات وتغير الجهات التي تصدره ، الا أن المفهوم العملي لم يكفل هذه الشراكة بمعناها الحقيقي للوطن .
أن مفهوم الشريك أنه يتحمل الواجبات ويتمتع بالحقوق التي يتمتع بها الطرف الآخر ، الذي حصل أن على الكردي واجبالت عليه أن يؤديها وله حق لم تلتزم السلطات بأن يتمتع بها مطلقاً .
ومن هذا المنطلق يشعر الكرد بالكثير من الغبن في هذا الوطن من جراء تعاقب السلطات التي لم تستوعب شراكتهم وحقوقهم المشروعة في الشراكة .
ولهذا تجد أن الكردي يعكس ذلك في عمله السياسي والعسكري ويعبر عن رغبته في تحقيق تطلعاته وحقه في الحياة بديلاً عن حياة الأضطهاد والتشرد والخوف والأجبار على تغيير القومية والتحدث باللغة العربية والتعلم بها من المدرسة الأبتدائية حتى الجامعة والتعليم العالي .
وأن تسأل نفسك لمصلحة من يتم تغييب هذه الحقوق ؟ ولمصلحة من يتم أنكارها ؟ ولمصلحة من يتم تغييبها وترحيل الأكراد عن مناطقهم ويتم سلخهم عن طبيعتهم ومجتمعاتهم ؟ ولمصلحة من يتم التنكر لشراكتهم الحقيقية في العراق ؟ 
وينظر البعض على أن منح الأكراد بعض من حقوقهم أنه يعني سلب من حقوقنا في حين انها تعزيز لحقوقنا السياسية والدستورية المشتركة  في العراق في زمن بدا فيه الأنسان اعلى قيمة وهو الأساس الذي يجب أن يتم بناء الأسس الدستورية و القوانين والأنظمة لتكون غطاء شرعي له وتحمي حقوقه وتحدد واجباته  وتحقق له سعادته وتطلعاته المشروعة .
كما يتوهم البعض بأن منح الأكراد للفيدرالية أو الأساس القانوني الذي يعبر عن مطلبهم المشروع يتعلق بموافقات خارجية ، في حيت ان الأمر يتعلق أولاً بشعب العراق وبالأكراد في العراق ثانياً وهما وحدهما من يقرر شكل الحكم في العراق وفي منطقة كردستان العراق ايضاً .
كان الأكراد وسيبقون في كردستان العراق وهو وطنهم منذ الأزل ،  والعرب والتركمان تؤام روحهم وشراكتهم الأبدية لن يفككها نظام سياسي  سواء مفروض من قبل السلطات أو من غيرها  يتنكر لحقوقهم ، لأن المطالبة ستستمر والحقوق ينبغي أن تقر وتتم الأستجابة لها
أن جيلاً من العراقيين واكبوا تطور حركة العمل السياسي في كردستان العراق ، وحفظ أسماء منهم حفرت لها مكانة في قلوب العراقيين من القاضي محمد والملا مصطفى البارزاني ومسعود البارزاني  وجلال الطالباني وعزيز محمد وجمال الحيدري وغيرهم العديد من الأكراد الذين قدموا للعراق أكثر مما قدموا للحركة الكردية . 
يملك الأكراد تجربة في العمل السياسي عمرها اكثر من نصف قرن ، وتملك قيادة الأحزاب الكردية تجربة عميقة في الأداء والتكتيك والعلاقات الدولية والسياسية  ، وهي من القيادات الجديرة بقيادة العمل السياسي في العراق .
كما أن التلاحم الذي تجسد في أسناد مؤتمرات المعارضة والمشاركة الفعالة فيها و التي ساهمت بشكل فعال في أستعجال أسقاط سلطة الطاغية ، واضافة الى التلاحم والتوحد مع بقية الفصائل العراقية وتشكيل مجلس الحكم الأنتقالي لتجسيد متطلبات القرار الدولي المرقم 1483 من اجل الوصول الى أقامة حكومة مؤقتة تأخذ على عاتقها القيام باستكمال رسم معالم  الدستور لطرحه على الشعب وأنتخاب البرلمان ومن ثم رحيل القوات المحتلة .
أن التجربة الفريدة التي مرت بها منطقة كردستان تدلل على مستوى الوعي السياسي والنضوج الفكري لقيادات المنطقة ، وتطلع الجماهير الكردية الى تطبيق حقوق الأنسان في حياة العراقيين ، وقد نجح الأكراد في تخطيط أقتصاد منطقتهم رغم الأعباء والصعاب ، كما أستطاعوا أن ينالوا أعجاب العراقيين عموماً قبل أن ينالوا أعجاب العالم في أمور تمشية مناطقهم وأعمارها وبناء كردستان عراقية بالرغم من الوضع الأمني والمالي والحصار الذي تفرضه السلطة ويفرضه مجلس الأمن على العراق .




#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء العراق تعالوا
- خيمة صفوان لم تزل تنشر ظلالها على العراق
- ولادة عراقية بعد زمن مرير
- الانتحار طريق للشهادة أم مخالفة لأمر الله
- الوثائق العراقية الدامغة
- سماحة حجة الإسلام والمرجع الأعلى للمسلمين آية الله السيد الس ...
- أعداد مسودة الدستور
- الضمير الغافي في زمن صدام ؟
- احتمالات
- رحيل المناضل والمثقف العراقي باسم الصفار في استراليا
- رداً على الكاتبة أمل الشرقي
- رسالة الى عضوة مجلس الحكم الأنتقالي الدكتورة رجاء الخزاعي
- حرب الصحاف
- من سيمثل العراق ؟
- رسالة أخيرة من مواطن عراقي الى الخائب صدام حسين
- الصهيونية والأرهاب العالمي
- أهل مكة أدرى بشعا بها
- الخط السري بين القناة الفضائية و شبكة الأرهاب
- حقوق الأنسان في التشريع الجزائي العراقي الجديد
- متى يستقر الحال في العراق ؟


المزيد.....




- القيادي في حماس خليل الحية: لماذا يجب علينا إعادة الأسرى في ...
- شاهد.. حصيلة قتلى موظفي الإغاثة بعام 2024 وأغلبهم بغزة
- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...
- أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - زهير كاظم عبود - أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة