|
الواقع الفلسطيني
أحمد أبو مطر
الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:49
المحور:
القضية الفلسطينية
إمارة حماس في غزة و دويلة فتح في رام الله واقع فلسطيني قائم لسنوات طويلة استقرت الأوضاع الأمنية بشكل واضح وملموس في قطاع غزة لصالح حركة حماس ، بعد نجاح انقلابها العسكري المحكم الذي قادته بشجاعة ودهاء كبيرين ، لم نشهد نسبة بسيطة منها في مواجهتها لجيش الاحتلال الإسرائيلي ، وقد استحق هذا الانقلاب الناجح صفة ( النصر الإلهي ) و ( التحرير الثاني ) للقطاع حسب الناطقين الرسميين باسم الحركة ، حيث أوضحوا لنا نحن الجماهير الغفورة الغفيرة ، أن التحرير الأول للقطاع كان عام 2005 من الاحتلال الإسرائيلي ، والتحرير الثاني من عملاء إسرائيل وخونة حركة فتح والسلطة الفلسطينية وزعيمهم محمد دحلان . أهم المظاهر التي رافقت هذا التحرير الثاني والأخير : أولا: السيطرة الكاملة على كافة المقرات الأمنية والإدارية والتنظيمية للسلطة الفلسطينية وحركة فتح مع تخريب للمقرات وعبث بمحتوياتها ، بما فيها منزلي الرئيسين ياسر عرفات ومحمود عباس ، وكأنها مقرات ومكاتب للاحتلال الإسرائيلي في داخل إسرائيل ، لأنها أساسا لو كانت تابعة للاحتلال في القطاع فلا يجوز تخريبها بعد تحريرها لأنها ستكون ملك للشعب أو للجهة التي أنجزت مهمة التحرير . ثانيا: القتل والإعدام المتعمد لبعض قيادات حركة فتح كما حصل في إعدام سميح المدهون بشكل غير مسبوق وسط فرح عارم في أوساط حماس ما زال يتفاعل هذا الفرح ويعبر عن نفسه في وسائل إعلام الحركة الورقية والإليكترونية والفضائية ، والدليل على ذلك ذكر نموذج واحد من هذا الإعلام ، وهو الخبر الذي نشرته الصفحة الخاصة ب تلفزيون الأقصى على الرابط التالي www.aqsatv.ps.new/news_print.asp?id=1096 فقد جاء الخبر المنشور يوم الرابع عشر من يونيو الماضي تحت عنوان : ( مقتل العميل المجرم سميح المدهون في مدينة غزة والذي أهدر دمه اليوم من قبل رئيس رابطة علماء فلسطين ) ، وهذا العنوان يبشر ببداية الخير الذي سينتشر في إمارة حماس وهو فتاوي التكفير وهدر الدم ، استنساخا دقيقا لتجربتي طالبان في أفعانستان والمحاكم الإسلامية في الصومال . وقد جاء في مطلع البيان الإيماني : ( تمكنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس من قتل وتصفية العميل المجرم سميح المدهون والذي مارس الحراب والفساد وحرق منازل الآمنين ، وذلك بعد أن قامت بمحاصرته في برج مشتهى في حي تل الإسلام بمدينة غزة . وأفادت مصادر خاصة.. على أن كتائب القسام تمكنت أيضا من محاصرة المجرم منصور شلايل في البرج نفسه ، يذكر أن العالم الدكتور مروان أبو دبس رئيس رابطة علماء فلسطين قد أهدر دم المدعو المدهون وذلك في أعقاب ممارسته أعمال الحرابة والسطو على منازل الآمنين ) ، تماما مثل عمل المحاكم الإسلامية في الصومال وسابقا طالبان في أفغانستان . ومن المعروف ووزع بيانات وصورا أنه تم قتل جمال شلايل وقذف جثته من الطابق الثامن عشر في البرج نفسه ، بينما حتى اليوم وبعد ما يزيد على عام مازال الجندي الإسرائيلي المحظوظ المدلل ( جلعاد شاليت ) الذي خطف في الرابع والعشرين من يونيو لعام 2006 حيا يرزق ويعامل باحترام ، ومن حين إلى آخر ترسل كتائب عزالدين القسام الحماسية التأكيدات بأنه حيّ وصحته جيده ويعامل بكرامة وإنسانية ، وأعلن قبل ساعات أن ( جيش الإسلام ) قام بتسليم الجندي جلعاد لحركة حماس ، وهذا ما يبشر بقرب الإفراج عنه ، كما تمّ في مسرحية إطلاق الصحفي البريطاني جونستون الذي قالت حماس أنها حررته من جيش الإسلام ، والإفراج عن جلعاد سيكون رسالة حسن النية الثانية من حماس . تصوروا هذا الزمن الفلسطيني المدهش في روعته من خلال المقارنة بين كيف يعامل الفلسطيني شقيقه وجاره وابن عمه وكيف يعامل جندي جيش الاحتلال ؟ . ثالثا : تقوم حركة فتح في الضفة الغربية أيضا بحملة تطهير ضد أعضاء حركة حماس ، تشمل اعتقالات وطرد وسجن لوزراء وأعضاء مجلس تشريعي وأساتذة جامعات ، وحرق ونهب محلات تجارية تابعة لحماسيين . وقد وصل التصعيد إقالة الرئيس عباس لحكومة حماس برئاسة الشيخ أبو العبد ( إسماعيل هنية ) ، ورفض أبو العبد للقرار مستمرا في مسئولياته في غزة فقط ، إذ أعلن محمود عباس تشكيل حكومة طوارىء برئاسة وزير المالية السابق سلام فياض ، وحسب مفهوم فتح والسلطة الفلسطينية فهي حكومة طوارىء لكل المناطق الفلسطينية في القطاع والضفة ، ولكنها لا تمارس صلاحياتها ( إن وجدت ) إلا في الضفة ، في حين رفضت حماس هذه الحكومة ووصفتها بأنها غير شرعية ، وأصدرت كتائب القسام الحماسية بيانا وصفت فيه سلام فياض بأنه خائن وأهدرت دمه ، وردّت كتائب شهداء الأقصى الفتحاوية محذرة ومهددة الحماسيين من المساس بسلام فياض . وفي مجال الرد على الاتهامات باتهامات مقابلة والشتائم بشتائم أكثر وساخة ، فلسان إعلام فتح ليس أقصر من لسان إعلام حماس ، فاللسانان يستعملان نفس معجون الأسنان ، وكمثال للتسلية فقط ، هذا نموذج مما جاء في ملتقى الشباب الفتحاوي على الرابط التالي : www.fatehnews.net وتحت عنوان ( إنهم قوم عاثوا في الأرض بغيا فاذبحوهم ) ، ورد تقديم قيادات حماس كالتالي: ( مغول العصر قاطعوهم : مشعل الفتنة خالد مشعل ، الفاسق القرعن ( لا أعرف ما معناها ) سعيد صيام ، المجرم محمود الزهار ، الزنديق الأكبر إسماعيل هنية ، الجرد الكبير أسامة حمدان ، الكذاب الأول سامي أبو زهري ). وختمت هذه التوصيفات بدعاء ( الله يحرقهم كلهم وما يخلي ولا حمساوي ). إذن الواقع الفلسطيني : أمام حكومة حماس التي تسيطر بشكل أحادي كامل على قطاع غزة دون وجود لحركة فتح أو السلطة الفلسطينية ، وحكومة طوارىء في الضفة الغربية فقط ولا وجود أو تأثير لها في قطاع غزة ، وكلتا الحكومتان لا يعترفان ببعض ، وحركة فتح والسلطة الفلسطينية ترفضان أي حوار مع حماس إلا إذا أعادت الأمور كما كانت قبل انقلابها واعتذرت عن كافة أعمالها وتم تقديم المسؤولين فيها للمحاكمة ، وكافة الدول العربية والأوربية والأمريكية وإسرائيل لا تعترف صراحة إلا بالسلطة الفلسطينية وحكومة الطوارىء ، وبدأت تقديم المساعدات المالية لها مما سمح لها قبل أيام قليلة بصرف راتب شهر يونيو الماضي لكافة موظفي الضفة الغربية مستثنية أعضاء وكوادر حماس والمتعاطفين معها وحوالي ثلاثين ألف موظف عينتهم حكومة حماس في العام والنصف الماضيين ، ومناشدة إسماعيل هنية للشعب في القطاع بالتظاهر ضد ممارسات فتح والسلطة الفلسطينية . وتترافق هذه الممارسات الانفصالية مع عدم وجود حدود مشتركة بين القطاع والضفة مما يجعل من المستحيل على عسكر فتح والسلطة أن يزحفوا لتدمير حماس وإنهاء انقلابها العسكري ، وإسرائيل لن تسمح بذلك أساسا لأن هذا التشرذم جاء أفضل خدمة لاحتلالها ، لذلك فالنتيجة كما أقرأها حسب المعطيات الفلسطينية السابقة هي ولسنوات طويلة : إمارة حماس في القطاع ودويلة فتح في الضفة الغربية ويا فرحتك يا إسرائيل ويا راحتك ياجيش الاحتلال ، فلا حماس تجرؤ على محاربته وهي ترسل الإشارات الخفية والعلنية بذلك ، وليس في قاموس السلطة سوى المفاوضات السياسية ، وهذا الواقع يعني ( باي ...باي..يا دولة فلسطينية ) . وهو واقع محزن لا أتمناه ولا يتمناه أي فلسطيني ولكن الفلسطينيين أوصلوا أنفسهم لهذا الواقع فلا يعتبوا إلا على أنفسهم و أعمالهم .
#أحمد_أبو_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان للناس
-
أنا وظلامي جاهل في الاتجاه المعاكس
-
قضيلة الشيخة . إذا لم تستح فقل ما شئت
-
أحزاب المعارضة الأردنية: موقف شجاع وجريء
-
لقاء صحفي مع قارىء
-
انقلاب حماس العسكري: طعنة غدر لمصر ودورها
-
ما هذا الجنون الفلسطيني؟
-
مصر أم الدنيا: إلى أين؟
-
ما العيب في نشر غسيلنا الفلسطيني الوسخ؟
-
لماذا السلاح الفلسطيني...؟
-
نكبات الشعب الفلسطيني
-
في ذكرى النكبة ..هدايا فتح وحماس للشعب الفلسطيني
-
في ذكرى الطاغية المقبور
-
توضيح مهم من الشيخ الخراشي
-
الأردن وحق العودة
-
تفاصيل و توضيحات حول مؤتمر الأقليات
-
الطريق إلى أربيل
-
ماذا حدث؟ ماذا تحقق في مؤتمر الأقليات في زيوريخ؟
-
مجنون يحكي و عاقل يسمع
-
من يداوي هذا المريض المدعو أيمن الظواهري؟
المزيد.....
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
-
أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي
...
-
إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
-
المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح
...
-
تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
-
-إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية
-
6 قتلى بسقوط طائرة صغيرة في فيلادليفيا
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|