سامر عنكاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 11:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعقيب على مقالة رد بِِها صائب خليل بالاسم على مقالة لي لم اورد اسمه فيها
لامني الكثير لعدم ذكر اسم المعني في مقالتي ( وضاع العراق بين الاحتلال وأهل العروة الوثقى ) وهذه إحداها ( السيد سامر .... أليس من المفروض أن تذكر وبصراحة اسم الكاتب الجهبذ الذي تشير إليه ... ليكون القارئ على اطلاع تام على ما يكتبه البعض من المهووسين بنظرية المؤامرة والذين يعيشون في العصور الوسطى مع الشكر ) ولكني لم اذكر الاسم حتى بالبريد الالكتروني الخاص متعللا باني اطرح أفكارا بالإشارة لبعض الأفكار أو العقائد.
صائب خليل وللوهن الكبير الذي يعتريه نتيجة حمله عقائد ثابتة. ولمهمته الجسيمة في ليّ عنق الواقع وصياغته باتجاه العقيدة القبلة, لم يكتف بذكر اسمي بل ذهب إلى تشخيص أفكاري وانتمائي السياسي والقومي والعرقي والديني والطائفي وأنا ممتن لأنه لم يتطرق إلى آبائي وأجدادي " وما جاب حبوباتي بالطاري كما نسمي الجدة في البصرة " , وهذا آخر ما توصل إليه المأزومون العاجزون عن طرح افكار بديلة والمهزومون من داخل النفس قبل خارجها, جاهزون للإقصاء والتهميش, مُدّعون الانفراد بالوطنية والنظرة الصائبة بعد إخراج الآخرين من دائرتها.
لقد غضب صائب خليل الى درجة الغليان لمطالبتي له باستعمال العقل والمنطق, وشوه السخام رده على مقالتي والذي جاء بما يشبه المثل القائل " تمخض الجبل فلم ينجب إلا فارا صغيرا ضعيفا مُنهكاً " عندما قلت ان المشترك في أماكن حدوث الإرهاب بالعالم هو الإسلام السياسي التكفيري وليس الاحتلال فقط, ودليلي ان الكثير من الدول التي فيها إرهاب ليس فيها احتلال, فراح يتخبط ذات اليمين وذات الشمال ويأتي بما في اليمين ويضعه مع ما في اليسار على طريقة مثلنا الشعبي " يجيب من شاتان ويخلي في باتان " ولا علم لي بمعنى شاتان أو باتان.
لست عبدا لأية عقيدة, ولا توجد لدي تحفظات فيما اطرحه من أفكار, والخطوط الحمراء لا تعنيني ولا تخيفني, فهل في طلبي باستعمال ما وهبنا إياه " العقل والمنطق " بدعة أو ضلالة؟
العقل مرجعية العاقل وهو المعمل الذي تتم داخله كل العمليات العقلية على المواد الأولية " الموضوع " من تحليل ومقارنات ومقاربات, واستقراء واستدلال وقياس, ودراسة وتمحيص بعد بحث وتقصّ, واستنباط واستنتاج للوصول إلى منتج جديد هو الموقف من الظواهر في الطبيعة والمجتمع. ونافذة هذا العقل هو اللسان الذي نتحدث بواسطته بالمنطق السليم المعافى.
أما العقائدي " فيختار وينتقي " مواده الأولية من الموضوع ليس كما هو بل كما يراه, وما دام متقاعسا وكسولا فهي لا تدخل المعمل العقلي, هذا إذا كان أصلا هناك معمل من هذا النوع, إذ من الممكن ان يكون قد ضمر من قلة الاستعمال (من الحقائق العلمية في علوم الحياة ان الجزء الغير مستعمل من الجسم يضمر بمرور الزمن ), لامتلاكه عقائد ثابتة مطلقة الصحة يقينية المنشأ والتي غالبا ما تكون فوقية غالبا إلهية لا يتسرب إليها الشك, مع كم هائل من المسبقات والجواهز والنصوص والأحداث التاريخية, وتصريحات متناقضة يأخذ منها ما يؤكد صحة عقيدته, ولا يدرك ويتجاهل بان التصريح المعين والذي يؤكد بأن زيدا هو الفاعل, يقابله عشرات بل مئات التصاريح التي تقول إنّما عمر هو من فعل, ولما كان الإعلام حمال أوجه, والقراءات متعددة لنفس الموضوع, لذا يجب ان تدخل المعلومة إلى المعمل العقلي.
ففي العالم المتحضر, العالم الذي نبذ العنف والاستبداد , وساد السلام والتعايش مجتمعاته بعد ان غادر العقائد إلى الفكر والعلوم والصناعة, يجلس المختلفون بأفكارهم للحوار والارتقاء وإيجاد حلول للمشاكل والمستجدات بعد الأخذ بنظر الاعتبار كل المتغيرات الموضوعية والتطورات الذاتية للعقلية البشرية والمرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع.
أما نحن في الدول العربية والإسلامية فإننا نجلس مع بعضنا بعقائدنا الثابتة المزمنة المتزمتة الملزمة, وبالتالي لا نجلس للحوار وإنما لنُملي على الآخر ونصنع نصراً, نحلّ عقداً ونوازن نفساً تعاني نقصاً, وبالتالي, في لقاءاتنا تتعمق الخلافات وتتفاقم الاختلافات, حتى نصل في بعض الأحيان إلى التكفير والعنف والسلاح, وهنا يبرز دور المحتل الأجنبي الطامع المستعمر في استثمار وتوظيف جهلنا وعقائدنا وإشعال نار فتنة نكون فيها الملامون بالدرجة الأولى, والرابح هو الاحتلال طبعا وجميعنا نكون من الخاسرين.
يتواجد الإسلام السياسي المتطرف في التجمعات (المؤتمرات واللقاءات وغيرها ) فقط ليتكلم, وهل يوجد من يفهم أكثر من الله وأنبيائه وقد قالوا قولتهم الفصل في كل المواضيع, فهو يحضر مع لسانه ليتكلم, ومع أذنيه ليسمع وليس ليستمع, أو ليصحح أو يعدل بعض من قناعاته أو ليبني جسرا مع الآخرين ويمشي إلى منتصفه تعبيرا عن الاعتراف بالأخر والتواصل معه خدمة لمصالح مشتركة والتي هي اكبر بكثير من المصالح الفئوية الضيقة.
نظرية المتطرف التكفيري: أنا امتلك الحقيقة اليقينية المطلقة, منفردا بالحق والفضيلة, فاما أن تستمع لي وتلتزم وتعمل بما أقول, واما أنت خائن للشعب والوطن,عميل للاستعمار والامبريالية, كافر خارج عن الملة لا تستحق الحياة. لا وجود للرأي الآخر بل لا وجود للآخر, السلاح والعنف هو الحل الوحيد مع العملاء والخونة والكفرة المختلفين المخالفين, والعقوبة تكون حسب الشريعة الإسلامية والأصول الإلهية المرعية, وبالسيف البتار الذي ظلّ مسلولا , يقطع الرأس ويتدحرج أو باليد الأخرى يُحمل( بضم الياء ) ليقطر منه الدم يسقي ارض العراق التي لم تشبع من الدماء بعد.
في الأغلب الأعم صائب خليل لا يطرح أفكارا بل تفسيرات لأحداث تحتمل قراءات متعددة, يتشبث فيها بأدلة انتقائية لا قيمة أكيدة لها ليثبت نظريته ذات الاتجاه الواحد دائما وهي الكل مسؤول عن سوء الأحوال من الاحتلال إلى السياسيين إلى المثقفين إلاّ الإسلام السياسي المتطرف المظلوم بنظره. ( تساهل وتعال على نفسك قليلا سيد صائب ولنتفق على ان هناك عقائد وجهات عديدة مسؤولة عن الذي يجري في العراق ).
ليس المقصود صائب خليل أبدا لأنّه صاحبي واعرفه جيدا ولكن من خلال طرحه وانتقائيته ونظرته العقدية للأحداث الغير مفصلية, توصلت وبتقديري إلى فكرة مفادها ان بعض الذين يدعون العلمانية واليسار, لا يقفون مع اليسار إيمانا منهم بأحقية المشروع اليساري في إقامة الدولة الديمقراطية المدنية, دولة العدالة والمساواة والحريات, وإنما لان اليسار يقف بالضد من أعداء الإسلام السياسي المتطرف الذي يريد إقامة دولة الخلافة أو ولاية الفقيه, ومن منطلق عدو عدوي صديقي, وإنّ غدا لناظره قريب.
وهذا الموقف لا يختلف عن موقف ابن لادن الذي مالئ الأمريكان الذين أغدقوا عليه المال والسلاح والدعم العسكري إلى أن تم طرد العدو الأكبر للإسلام " الاتحاد السوفيتي والشيوعية " من بلاد المسلمين " أفغانستان ", ويعمل الآن على أن ينقذ المسلمين من الغرب وأمريكا الشيطان الأكبر وعدوة الله.
ما قلته عن طائفية صائب خليل لم يكن بدعة أو اختراعا أو اكتشاف جديد فقد تم وصمه وقد يكون زورا بالطائفية منذ كتاباته الأولى بل من أول مقال نشر له, ولا اعتقد بأنه يمكن أن يوجد دخان بلا نار, وقد سرت في الهشيم.
اقتطع جزءا من مقالة صائب خليل
إنهم يقرأون المقالة "كمشاهدة حلبة ملاكمة" ولسان حالهم يقول :"لايهمنا من تبرئ مقالتك، اخبرنا ان كانت تلقي التهمة على خصمنا المفضل ام لا؟" ومن الظريف انه رغم ان الجميع يكره الإحتلال, لكن هذا الإحتلال ليس "الخصم المفضل" لأي احد، لذا فالكل على اتم الإستعداد واشد الحماس لرفع الإتهامات عنه لإلقائها على خصومهم المفضلين، وويل لمن يحاول العكس!
واعلق عليها
أولا : من يفكر بالعنف وغير مؤهل للحوار ويستشهد ب " حلبة ملاكمة " يفترض أن يكون العقائدي المتطرف وليس صائب خليل.
ثانيا : من الواضح انه لا علاقة لصائب خليل بالسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع والنفس والعلوم الإنسانية والرياضيات والأحداث والمواقف وعنده خصم مفضل دائما وفي كل الأحوال "الخصم المفضل", وهذا تأكيد على ان الأفكار التي تحولت إلى عقيدة قد تحولت إلى عقدة وهي اخطر المراحل التي يمكن أن يمر بها العقل.
ثالثا :الثبات الذي يسقطه صائب حتى على المستقبل ليخرج بخصم مفضل دائما بالرغم من كل المتغيرات المنفلتة وفي جميع الاتجاهات والتي تُلزم الإنسان بالموضوعية وبالتجديد.
وإذا كان ما يقوله صائب خليل صائبا فيما يخص أسباب مشاكل العراق والتي يختزلها صائب خليل بالاحتلال, اسأل؟ أين كان العراق عندما لم يكن محتلا ولمدة أكثر من ثلاث وأربعين عاما, ولماذا لم يبن صدام عراب الإيمان والحملة الإيمانية دولة مدنية ديمقراطية تطلق الحريات وتعمق الوطنية وحب الوطن؟ ولماذا لم يوفر للشعب حياة تحفظ كرامة الإنسان؟ ولماذا لم تبن بل تمت تصفية أفكار وأحزاب وطنية علمانية وتصفية بعض الأحزاب الدينية في تلك الحقبة الاستبدادية المقيتة؟ ولماذا كان هناك ما يقرب من الأربعة ملايين عراقي في الشتات والمنافي؟ ولماذا كان الشعب " المجتمع العراقي " مقسم إلى عرب وأكراد وشيوعيين وبعثيين وإسلاميين وسنة وشيعة؟ اعلم كما يعلم الجميع بان مشاكلنا قبل الاحتلال كانت كثيرة وكبيرة وازدادت عمقا وتفاقما بعد الاحتلال.
القلم يبصق أدران ما في القلب والعقل عند البعض
وتنثر الروح ورودا ورياحين عند آخرين
حكمة
أن تكتب مقالا يقراه ألف شخص خير لك من أن تكتب ألف مقال لا يقراها شخص واحد
#سامر_عنكاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟