أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - شيروان فرات - الجريمة والعقاب















المزيد.....

الجريمة والعقاب


شيروان فرات

الحوار المتمدن-العدد: 602 - 2003 / 9 / 25 - 02:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


      قد يبدو للقارئ أنني سأقدم في هذا المقال قراءة خاصة لرواية الكاتب الروسي المعروف دستويفسكي " الجريمة والعقاب " , أعتذر سلفا من القارئ على هذا الالتباس ، فبواطن الأمور لا تشي بها ظواهرها دائماً, وخصوصاً في مجتمعاتنا . والمتابع يدرك جيداً هذه الازدواجية ، التي أصبحت خاصية ماهوية في بنيتنا الثقافية والسياسية ، فليس كل ما نقوله نعنيه تماماً ، هذا إن لم يكن نقيضه هو المقصود .
      فالمستمع مثلاً لخطابنا السياسي ، يلاحظ الكثافة في حضور مفاهيم الديمقراطية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان, إلى درجة أن المواطن قد مل منها من كثرة تكرارها وازدحامها في الخطب التي يلقيها الزعماء , الكبار منهم والصغار, وأضحت المفاهيم صدئة وخالية من أي معنى, وتحولت إلى ديباجة معروفة يرددها كل مسؤول أياً كان موقعه في سلم السلطة .
      وعلى ذكر الديمقراطية ، سأروي حكاية واقعية جرت وتجرى وقائعها في مدينة حلب ، بل تكاد تكون مسرحية كوميدية ، أبطالها بعض المواطنون , سيناريوهاتها عديدة  ولم يتفق بعد على نص معين بسبب عدم الاتفاق على آلية تسيير الأحداث، وهذا ما كان واضحاً منذ المشهد الأول. على أية حال سنروي لكم فصولها التي قدمت على المسرح, وفصولها الباقية ستسمعونها أو تشاهدونها إن أردتم في الأيام القليلة القادمة . وأما الإخراج فمن مهمة وزارة الإصلاح والديمقراطية ، وعهدت بعمليات الديكور والماكياج إلى المحكمة العسكرية ، مع تذكيرها بضرورة مراعاة التراث  وثقافة الآباء والأجداد ، والخصوصية المحلية في صغائر الأمور وكبائرها .
      واسمحوا لي أن أطلق على ما يجري عنوانا عظيماً هو:  " الجريمة والعقاب  " . وعذراً من الكاتب الكبير على هذا التطاول على مقامه العالي :
منذ فترة اعتقل واحد وعشرون مواطناً في مكتب السيد سمير النشار الناشط السوري المعروف في أوساط المعارضة، حيث كان من المتوقع أن يلقي الأستاذ عبد المجيد منجونة محاضرة عن حالة الطوارئ والأحكام العرفية . وبدلاً من الاستماع إلى المحاضرة تبرعت أجهزة السلطة ، وقدمت درساً عملياً لمضمون المحاضرة، شارك فيه الحضور وغاب المحاضر ، وبالتالي وفرت على السيد منجونة جهداً كان سيبذله لإيصال وجهة نظره إلى الحضور، فكانت المحاضرة مفهومة وواضحة استوعبها الضيوف بتفاصيلها الدقيقة بسبب آليات التوصيل التي اعتمدتها الأجهزة الأمنية . اعتقل بعضهم داخل المكتب والبعض الآخر من الشارع  مباشرة ، وسيقوا إلى مركز الأمن الجنائي، وصحبهم عدد غفير من أفراد وضباط الأجهزة الأمنية والتي أبت إلا أن تؤدي واجبها تجاه الوطن .  بعد إجراءات التحقيق أطلق سراح سبعة في الساعة الواحدة ليلاً في نفس اليوم  ، وهم المحظوظون الذين خدمتهم الصدفة ، واستجاب الإله لدعوات أمهاتهم كونهم كانوا من أوائل من حقق معهم .  أما البقية فقد خذلهم الحظ وأوقفوا في المركز إلى اليوم التالي ، حيث أطلق سراحهم الساعة الحادية عشرة والربع صباحاً.
      الجديد في ملابسات هذه القضية التي تشغل الآن الشارع الحلبي والسوري ، وحسبما نقلته بعض المصادر المطلعة والموثوقة أن المعتقلين الأربعة عشر الذين بقوا في ضيافة الأمن الجنائي لليلة واحدة ، سيحالون إلى القضاء العسكري بتاريخ 22 / 10 / 2003 والتهم الموجهة لهم وحسب نفس المصدر هي :
1 ـ الانتماء إلى جمعية سرية .
2 ـ القيام بأعمال تثير النزاع بين عناصر الأمة .
      المضحك في الأمر والمثير للتساؤل ، أن السبعة الأوائل الذين حقق معهم قبل زملائهم لن يحالوا إلى القضاء ، فقط الأربعة عشرة الذين كانوا في الترتيب الأخير هم الذين سيحالون ، ودائماً حسب نفس المصدر .
      هذا الأمر يعكس تماماً طابع القضية ، ويوضح مدى هيمنة المزاج الشخصي والسلوك الارتجالي في التعامل مع قضايا المواطنين ومصائرهم ، وقضية المواطن الكوردي الذي عذب حتى الموت من قبل بعض أفراد الأمن العسكري ما تزال طرية في ذاكرة المواطن السوري، ويؤكد أيضاً أن سلوك هذه الأجهزة منفلتة من أي ضابط قانوني ، بل أن نصوصا قانونية تصاغ وتفسر بطريقة تضفي الشرعية على سلوك هذه الأجهزة, بينما يفترض العكس تماماً , فإذا أرادت السلطة أن تنسجم مع دعوات التغيير والديمقراطية التي تصدح بها وسائل الإعلام السورية صبحاً ومساءاً ، يجب أن يكون القانون هو المصدر الوحيد لسلوك هذه الأجهزة وتصرفاتها ، لا أن تقدم على انتهاج نهج معين ، ثم تبحث عن مبرر لسلوكها في القانون .
      إذا كان هناك خرق للقانون كما زعمت هذه الأجهزة في البداية ، بحجة عدم وجود الترخيص, فالتجاوز هنا تم من قبل الحضور كلهم  وليس الأربع عشرة فقط ، فلماذا يحال هؤلاء وأولئك لا . ثم إن حجة الترخيص ضعيفة , ذلك أن في هذا المكتب نفسه القي العديد من المحاضرات على مدى أكثر من سنتين,  فأين كان حماة القانون ؟ ثم أن كل الأحزاب السورية بما فيهم حزب البعث أحزاب غير مرخصة ، فلماذا لا يطبق عليهم ما طبق على مكتب سمير النشار؟ يضاف إلى ذلك عدم وجود قانون يرخص للجمعيات والأحزاب في سوريا .
       وبما أن الشيء بالشيء يذكر لا بد من الإشارة إلى أن مكتب السيد سمير النشار قد أغلق بالشمع الأحمر ولأشهر عديدة ، وبأمر من السيد محافظ حلب  ومن دون العودة إلى المحكمة, وبقيت القضية التي كان السيد المحافظ طرفاً فيها معلقة في أروقة المحاكم لفترة , إلى أن كسبها السيد نشار وعاد وفتح المكتب ، أذكر هذه الحادثة لأبين أن للمسألة ذيولاً انتقامية ، بالإضافة إلى أنها تعكس تطورات السلوك اللاديمقراطي للأجهزة الحكومية في تعاملها مع المواطن والمجتمع.
      إن التهم الموجهة إلى هؤلاء المواطنين لا تزيد عن مجرد حجج وهمية من وحي استراتيجية السلطة في صراعها مع المعارضة ، ومحاربة أي توجه سياسياً كان أم اجتماعياً يخرج عن خدمة سياقها المعروف ولا يتطابق مع نهجها المتبع ,  ونوع من الإرهاب والضغط النفسي تمارسه السلطة على المجتمع ، لتبقيه قابعاً في سباته الشتوي الطويل . 




#شيروان_فرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد في إطار الركائز الأساسية للنظام العالمي في المنطقة


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - شيروان فرات - الجريمة والعقاب