أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن حمود الفرطوسي - الحملة الايمانية وآلية الانتحار الجماعي















المزيد.....

الحملة الايمانية وآلية الانتحار الجماعي


حسن حمود الفرطوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1971 - 2007 / 7 / 9 - 11:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان غزو الكويت عام 1990 هو المفتاح الحقيقي لسقوط المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي " سابقاً " ولم يكن صدام يدرك مدى تأثير فعلته الحمقاء تلك في تغيير خارطة العالم السياسية وتغيير طبيعة وتوجهات الصراع ، حتى جاء كورباتشوف باطروحته الشهيرة ال " بيروسترويكا " لتكون آخر مسمار يدق في نعش التوازن الدولي أبان الحرب الباردة .
الشئ الوحيد الذي أدركه صدام من خلال تلك المغامرة البائسة هو أن ورقته قد إحترقت وانقضى الأمر وان العراقيين لم تعد لديهم الرغبة بوجوده على رأس السلطة خصوصاً بعد انتفاضة آذار عام 1991 التي أعقبت غزو الكويت وكذلك لم تعد أميركا ودول الغرب راغبة ببقائه لفترة أبعد من ذلك وان مغامرته الطائشة في الكويت سوف لن تمر مرور الكرام كمغامراته السابقة .
لذا فقد اتخذ صدام تدابيره الانتقامية التي قدّر لها أن تصيب هدفها بدقة - كما هي طبيعة المرامي الشريرة دائماً - وأن تستهدف الجميع، فكانت أشبه ما تكون بعملية انتحار جماعي، ربما كانت تلك التدابير هي من نصح بعض المقربين له والذين يدركون بأن التيارات السياسية الدينية هي التي ستكون القطب البديل عن المعسكر الاشتراكي بعد انهياره، في صراع المرحلة المقبلة، أو ربما كانت من بناة افكاره ..
تدابيره الإنتقامية تلك لا تعدو عن كونها تغيير في أقطاب معادلة الصراع، فقوى الاسلام السياسي التي كان قد حاربها من قبل بعنف لا حدود له، أصبحت هي ذاتها سلاحه المدمر الذي هو أكثر خطورة من كل أسلحة الدمار الشامل التي إنشغل بها الغرب وفرق التفتيش الدولية . فكل ما فعله هو اقامة الحملة الايمانية التي استقطبت شرائح واسعة من المجتمع العراقي ومن طبقات مختلفة، لا سيما وانها تزامنت مع ظروف الحصار الاقتصادي الذي أربك نمطية الحياة في كل جوانبها وجعل الطبيب والمهندس والاستاذ الجامعي والفنان والرياضي ينساقون بطريقة عمياء وراء تلك الحملة .
كان الهدف من تلك الحملة هو تهيئة أسوأ نموذج لقوى الاسلام السياسي وهو النموذج المتطرف المتمثل بالمد الوهابي المتعاطف مع القاعدة كنموذج سني ومد التيار الصدري كنموذج شيعي ناقم على مرجعيته الدينية نتيجة الفجوة التي احدثها الحصار الاقتصادي بين المرجعية الشيعية النائمة على كنوز الخمس والزكاة وبين المجتمع الشيعي المتضور جوعاً .
لقد أفرزت الحملة الايمانية نتائجاً أكبر من طموح القائمين عليها الى الدرجة التي لم يكن بوسعهم السيطرة عليها في نهاية المطاف، فكانت هي ذاتها أداة القضاء عليهم كما حدث مع أنور السادات وتجربته مع الاخوان المسلمين في مصر وكما حدث مع امريكا وتجربتهم مع تنظيم القاعدة في فترة الصراع الافغاني الروسي وكما حدث مع الشعب العراقي حين تعاطف مع الاسلاميين وها هو اليوم يجني ثمار ذلك التعاطف على شكل مفخخات واغتيالات وقتل مجاني . وكما هو مصير كل من يضع يده بيد قوى الاسلام السياسي .
وحقيقة الأمر إن الحملة الايمانية لم يكن صدام هو قائدها الأوحد ولم يكن عراقيو الداخل هم ضحاياها فقط وانما شملت عراقيو الخارج أيضاً والذين هم في معظمهم ينتمون الى الطائفة الشيعية وقد بادر اسلاميو الخارج " حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية " بتنفيذ الحملة في الخارج نيابة عن صدام، من خلال مساجدهم وحسينياتهم وجمعياتهم المنتشرة في كل بلدان المهجر . وهذا هو سرّ التشابه في السلوك والرؤى السياسية المعادية للتغيير باتجاه الديمقراطية والليبرالية في العراق بين اسلاميي الخارج واسلاميي الداخل .
لقد تمكن الاسلاميون وعلى مدى أربع سنوات من عرقلة مشروع التغيير من خلال إنشطارهم الى مستويات متعددة ومتفاوتة في تبني العنف " المقدس " كوسيلة مثلى لإنتزاع السلطة، بدءً من الأعنف وهو تنظيم القاعدة ثم الى الأقل عنفاً وصولاً الى اقلّهم عنفاً وهو حزب الدعوة الذي تصدّر الحكم معلناً إيمانه في العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ولكنه في ذات الوقت يعتمد اعتماداً كلياً في إستراتيجيته على الكيانات الاسلامية المسلحة والتي لا تؤمن الا بالعنف للوصول الى السلطة التي هي بذاتها هدف " مقدس " بالنسبة لهم وليست وسيلة لإدارة حياة شعوبهم .
الإسلاميون بشقيهم الشيعي والسني لا يؤمنون بالديمقراطية ولا يؤمنون بكل المفاهيم التي يأتي بها الغرب " الكافر " ولكنهم يعتبرون أنفسهم في ظل واقع موضوعي يحتم عليهم المراوغة والمماطلة وإنهم في إنتظار الفرصة الملائمة لتحقيق حلمهم " المقدس " في إقامة دولتهم الإسلامية وهذا الحلم ليس حلماً خفياً ولا يجدون حرجاً في الاعلان عنه في ندواتهم وتجمعاتهم المحلية وقد يصل بهم الأمر أحياناً الى إعلان ذلك الحلم حتى الى وسائل الاعلام، كما جاء على لسان رئيس جبهة التوافق، المحسوبة على الحركات الاسلامية السنية، عدنان الدليمي في لقاء له مع جريدة ( الجريدة ) الكويتية الصادرة في الخامس من تموز 2007 أثناء زيارته الى دولة الكويت حيث قال " بحسرة " في ردّه على سؤال الصحافية إيمان حسين، الآتي والذي سأورده تماما كما جاء في الجريدة (( انا لا أتوقع للعراق أن تقوم على أرضه حكومة دينية على الأقل خلال الأعوام القليلة القادمة، ولا يوجد في الاسلام حكم ديني بل هو حكم مذهبي، ومقولة الفصل ما بين الدين والسياسة هي مقولة مغلوطة وخاطئة، الاسلام يجب أن يسيطر على كل شئ في البلاد )) هذه هي المماطلة والازدواجية في المعايير وكل ذلك على حساب أمن وإستقرار ودماء هذا الشعب المستباح .
وبمثل هذا المنطق نراهم يرفعون راية الديمقراطية وحقوق الانسان أمام الأمريكان بينما عمليات الإرهاب والتهجير والتصفيات الجسدية التي تطال الوطنيين الليبراليين والكفاءات العراقية والمثقفين قائمة على قدم وساق . بل إن هناك أساليب غير مباشرة في التصفيات الجسدية التي تطال حتى جنود وشرطة الحكومة نفسها من خلال زجهم بامكانيات تسليحية ضعيفة في معارك خاسرة مع مليشيات وتنظيمات مدربة تدريباً جيداً وتمتلك أعتدة وأسلحة أكثر تطوراً من أسلحتهم وبذلك تكون الكفة الراجحة والوجود القوي في الشارع العراقي لصالح تلك التنظيمات وقد وصل الاستخفاف بارواح اولائك الجنود والشرطة الى الدرجة التي تمتنع فيها المستشفيات عن معالجة الجرحى منهم ليتركونهم ينزفون في العراء حتى الموت كما حدث في قضاء سوق الشيوخ التابع لمحافظة الناصرية في حزيران الماضي !
أخيراً، أقول الى كل الواهمين الذين ما زالوا يظنون بأن قوى الاسلام السياسي ستضع حجر على حجر وتبني شيئاً في هذا البلد أو في أي بلد آخر، اقول لهم إنكم ترتكبوب جرماً بحق أنفسكم وبحق ضمائركم وبحق أهلكم، لأن هذه القوى لا تطيق رؤية النور ولا تطيق أن ترى الشعوب مستقرة وآمنة، إنهم ظلاميون وقد ترسبت الظلمة في أعماق سحيقة من قلوبهم وعقولهم وكل أفكارهم لا تتخطى حدود سراديبهم المظلمة والدبقة .


7-7- 2007





#حسن_حمود_الفرطوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السخرية في زمن الموت الباهت
- لو كان اصبعي اسلامياً لعالجته *
- القديس المشاكس يقيم الصلاة على تخوم مدنه المقدسة
- هوب ، هوب، طسّه .. صولاغ نايم بالقصر، ما ينسمع حسّه
- دعوة مبكرة للتخلّي عن الهيكليات العسكرية الدينية
- الرئيس الطالباني والفنان راسم الجميلي .. ماراثونات علي شيش
- المشعل ... و 14 تموز المجيدة ... وصندوق ابي
- نصل السكّين


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن حمود الفرطوسي - الحملة الايمانية وآلية الانتحار الجماعي