|
الجامعة العربية ...جثة هامدة ... !
خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 1970 - 2007 / 7 / 8 - 07:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دردشة على فنجان قهوة Arab league is a still cadaver بدأ تشكيل الجامعة العربية في الاربعينات وكان العراق من مؤسسي هذه الجامعة، والجامعة اسماُ تعني جمع العرب .. دولاً وشعوب نحو الصالح ، والكثير من النخب الوطنية اعتقدوا بأن الجامعة العربية كان تأسيسها طبخة من طبخات الاحتلال والاستعمار ، طهاتها السفير الانكليزي في العراق والقاهرة في ذلك الوقت ، ذُرست باتقان في أروقة الخارجية البريطانية سيّما وأن أعلام الداعين لها هم من الأسماء المشهورة بتقديم خدماتهم الى الأسياد صاحبة النفوذ ، منهم نوري السعيد وهو صاحب المدرسة السعيدية التي كانت نشاطاتها عبارة عن مسلسلات من تعاون واضح مع مختار (ذاك الصوب) وهو المؤمن بأن العراق مدين بوجوده الى الحكومة البريطانية، لذا وجب محاربة الداعين الى طرد الوجود البريطاني من العراق باصدار قوانين فضفاضة الكلمات واسعة الأبعاد ، يشمل طيف أثرها كل شيء حولها فوقاً وأسفلاً وعرضاً وطولاً ويشمل كل الأبعاد عندما وضع في القانون لمحاربة الشيوعية بان كل من يروّج لها ويعمل من أجلها أو يقوم بما يؤثر ويزيد في تغلغلها الفكري وما شاكل ذلك . وكان نوري السعيد ومدرسته مجنوناً بحبه للانجليز ، لذا كانت قسوته في محاربة من يعارض وجودهم فعلّق جثث ضباط ثورة 1941 (رشيد عالي الكيلاني) وأبقاهم أمام وزارة الدفاع معلقين اطول مدة حتى يتسنى للوصي على عرش العراق (عبد الاله) أن يراهم عند الصباح. ولا يخفى ما كان عليه الوصي من حقدٍ هائل على من يزعزع عرش الهاشميين. والمثل الآخر الملك فاروق ملك مصر الذي كان قليل الصحوة من سُكْرهِ ، إضافة الى تهتكه الاخلاقي بخطٍ موازٍ لما يقدمه من خدمات للأجنبي ، الخط الذي كان يسير عليه نوري السعيد ، هذه الشخصيات هم أبطال مسرحية المطالبة بتأسيس الجامعة العربية ولكن الواقع أن هؤلاء المشبوهين وطنياً هم الذين تقدموا لتأسيس الجامعة لا بدافع من الاستعمار ولا بطلب منه بل بدافع شعورهم أن وجود رابطة بين الأنظمة العربية وبأي شكل هو مفيد للاستقرار السياسي سواء الاقليمي أو القطري...! وبالتالي يضمنوا بقاء حكوماتهم وسلطتهم. الكل يذكر خاصة الذين استمعوا الى حلقات الصحفي المصري المشهور محمد حسنين هيكل واقتناعه شخصياً ان فكرة تأسيس الجامعة العربية جاءت من داخل الدول العربية ومنها العراق بزعامة نوري السعيد وقادة مصر بزعامة النحاس باشا وتأييد الملك فاروق يقابله تأييد البلاط الملكي العراقي ، هؤلاء جميعاً كانوا السبب الرئيسي في قيام جامعة الدول العربية . إن مسيرة الجامعة العربية كان مساراً متأرجحاً ، يرغب الأقوياء الطامعين في تمشيته حيث كان يأمل الزعماء العرب أن يحققوا البقاء لعروشهم من خلال الجامعة ، لذا نجد أن مصر استفادت كثيراً من كون مقر الجامعة في القاهرة وكون أمينها العام مصري ..! على الدوام . أنا لا أقلل من شأن الدور الذي تلعبه مصر بالنسبة للعرب والعراق سيّما في عهد عبد الناصر ، يوم جاد به التاريخ المعاصر ليرفع اسم العرب عالياً في المحافل الدولية ويصنع لهم سمعة وكيان يتباهون به بين الأمم ، سواء أكان بتأميمه قناة السويس أو بحربه دول العدوان الثلاثي عام 1956 ، وعلى الرغم من قسوة خسارته العسكرية في الحرب والتي كانت انتكاسة كبيرة للمد العروبي الناصري ، ولكن وقفته الشجاعة كرجل واعترافه بالخطأ وقبول تحمله المسؤولية الكاملة مما دفع الشعب المصري بجميع أطيافه وأفكاره أن يندفع كالسيل الهادر والموج المتلاطم على هيئة كتل بشرية زاد تعدادها عن المليون. ثم جاء السادات وجاءت دولة الانحطاط التاريخي للعرب وبالذات القضية الفلسطينية ، ودخلت الأمة العربية في دوامة من الانحطاط والتدهور ، وجرفت معها الجامعة العربية ، مما مكّن صدام حسين بمناوراته السياسية تجميد دور مصر في الجامعة الذي اضطرها الى نقل مقرها من القاهرة الى تونس . مع ذلك نحن لا نختلف مع أحد في وجود مصر بالنسبة للدول العربية من حيث قواها العسكرية الضاربة أو بتقدمها الفكري أو بحضارتها العميقة الجذور أو بأثر مدرسيها في جامعات الدول العربية كافة ، مع كل هذه العوامل فبذهاب مصر اصبحت الجامعة العربية ساكنة الأطراف ميتة الشعور ليس لها الا ما يريد الاستعمار ، تتحرك كالدمية من يدٍ الى يدٍ أخرى مؤديةً غرض ومصالح الدول ذات الاطماع والاغراض الدنيئة. ووقفت الجامعة مشدودة الوثاق بالنسبة للقضية المركزية (الفلسطينية) بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة. هكذا اصبحت الجامعة العربية جثة هامدة لا تستطيع الحراك حتى في أبسط واجباتها والتي منها تحديد اجتماعات الدول العربية في قمتهم الاعتيادية أو الاستثنائية. كل الدول ساهمت في وفاة هذه المؤسسة ، فمنهم من امتنع عن تسديد حصته المالية وآخر تجاوز صلاحيات الرئاسة الزمانية كالذي حدث في تونس في موعد انعقادها الأخير. هكذا ازداد تعثر الجامعة العربية وابتعدت بهذا التعثر عن طموحات الشعوب وأهدافها بشكل واضح ومثير ، وعلى حين غرة وبعد صدود واضح من الجامعة على ما حدث في العراق من احتلال شرس وانتهاك سافر لكل الأعراف والمواثيق الدولية ومنها اتفاقية جنيف والى .. والى .. وهكذا استمرت الجامعة بنظرتها الخجولة وابداء الموافقة عما يجري في العراق ، مما وضع العراق فريسة للتعصب الطائفي ومبدأ المحاصصة العنصرية. العراق فريسة الاحتلال .. نعم وأكثر. العراق منهوب في كل شيء أرضاً وثروة وحتى أعراض نساءه في سجن أبوغريب.. نعم وأكثر. والجامعة تقف بكل جبن وخوف كما تقف المرأة الشريفة بعد اغتصابها !!! إني أعجب ماذا يستطيع د. عمرو موسى الأمين العام للجامعة أن يفعل وهو بالأساس مقره في عاصمة دولة تناصر السياسة الأمريكية ويمثل الحكومات برأيي أشباه رجال وهم أكثر ما يخشوه أن يخدشوا شعور السفير الأمريكي في أي شيء وحول كل شيء فيقدموا تنازلاً يتلوه تنازل ويجبرون الغير الصامد على تقديم التنازل كما يحدث في القضية الفلسطينية ، وكم من مرة كانت الوساطة المصرية مع اسرائيل تصب في مصلحة اسرائيل. بالأمس.. وقبل الأمس.. واليوم.. وغداً يتسابق الساسة العرب الى تقديم التنازلات لامريكا ويتنافسون أيهم يقدم أكثر ؟!! بدأت بوادر صرخات الجريح يوم أعلن الملك عبد الله أن هناك عاصفة طائفية تجتاح العراق تهب من ايران. ثم جاءت صرخة اخرى من وزير الخارجية السعودي بأن العراق الشقيق سيذهب تقسيماً وشرذمةً نتيجة التدخل الفارسي. والايرانيون من دون أي اكتراث يزدادون تدخلاً في العمق محدثين الضرر كل الضرر في البيئة الاجتماعية العراقية ونسيجها ، متوسلين بالنعرة الطائفية وخاصة الشيعة الصفويين. هنا وقف أمين عم الجامعة وقال بصوت خافت .. نحن هنا دعونا نتدخل لاصلاح ذات البين في العراق ، فهاجت عليه ثعابين الطائفية والتقسيم واتهموه بالتدخل في القضايا الوطنية سلماً لسيادة العراق ، وقال الكرد ان هذا التدخل هو عمل عروبي شوفيني ضد الفدرالية، والكل يعرف ان بيادق لعبة الشطرنج العراقية لها لاعب واحد هو السفير الامريكي ، ومن المعلوم أن رغبة هذا اللاعب الوحيد هو أن يعقد هذا المؤتمر ، فحصل توافق وليس اتفاق بين الوضع العراقي المتدهور وحاجة المحتل لفتح باب الانسحاب مع الاحتفاظ بماء الوجه ، خاصةً بعد أن شعر أن جثث قتلاه أخذت تزداد عمّا هو مقبول لدى الشعب الامريكي ، سيّما وأن الحزب الديمقراطي المنافس له اخذ يستغل هذا الموقف. لقد تحركت جنود وبيادق الشطرنج على نغمات موسيقى المصلحة الامريكية الصاخبة، ووجوب الوصول الى حل يحفظ ماء الوجه لعلم الاحتلال أن المقاومة الوطنية أخذت في الازدياد واضطراد الفن القتالي ، وبأن هئه المقاومة تمارس 300 عملية يومياً وهي الاكثر في تاريخ نضال الشعوب. على كل حال مهما كانت عوامل هذه الدعوة وأهدافها فان هنالك اجماع بتأييدها وعلى نوعين ، النوع الاول محرض من قبل الاحتلال متماشياً مع مصلحة وسلامة جنوده ودعماً لنظرية تقوية الجيش العراقي ليستطيع ضبط الأمن. النوع الثاني يرى أن تدخل عمرو موسى مفيداً في الوقت الحاضر ، خاصة وأنه يدعو الى حلول توفيقية بين الأطراف ، وهكذا حدّد يوم انعقاد المؤتمر. برأينا أن هذا الحضور سيؤدي الى تخفيف الإختناق السياسي ويؤدي الى قناعة الامريكان أن الدستور يجب أن يعدّل ليحقق طموحات كافة شرائح المجتمع العراقي ، ولتكون عوامل الانتخابات متعادلة بين كل أطراف الشعب ، واتمنى أن يكون ذلك ويكون الحس الطائفي أقل تواجداً ويكون موقف المرجعية لآية الله السيد السيستاني أكثر انسجاما مع نظرية الدين لله والوطن للجميع ، والابتعاد عن تسييس الدين والتدخل بالتزام قائمة معينة كما حصل لقائمة الائتلاف في تلانتخابات السابقة. نحن اذا أردنا أن نعيد الجاه والحياة للجثة الهامدة ( الجامعة العربية) فعلينا السير في خط المصالحة الوطنية واعطائها الدور المهم في خلق توازن بين مكونات الشعب العراقي ونعطيها الفرصة للوقوف في وجه تدخلات دول الجوار ، والكل يعرف من هؤلاء الخاصة فمنهم الخطر على العراق ومنم يبتعد الاستقرار والأمان عن شعبنا ، وليكن شعارنا أن العراق هو الوطن لكل العراقيين وفوق كل اعتبار حتى تنهض الجثة الهامدة وتسير في مصلحة الحكومات التي تمثلها.
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحتماء وراء الاحتلال منتهى التخلف والانتهازية
-
الزعيم عبد الكريم قاسم ولد زعيما ومات غدرا وهو زعيم خلده الت
...
-
إذا ذهبوا فلا رجعة لهم
-
ازمة العراق ..ازمة اخلاق وازمة فراغ
-
من البعض يقتل البشركما يصطاد الدراج في الربيع
-
لاشك .. ان الهاجس الوطني .. اسبغ على المعادلات الطائفية .. ز
...
-
كتل هائلة .. أقليات عراقية مهاجرة .. تقف أمام مسؤوليتها الوط
...
-
لو رفعت يد الفرقة..من احتلال وطائفية وعنصرية...لزرعنا النخيل
...
-
الاستقرار يستلزم وضع العراق تحت مظلة الامم المتحدة
-
ماذا سيدلي التاريخ عن فترة الاحتلال...!!!
-
ليس للعراقيين خيارا .. سوى الاصرار على طرد الاحتلال
-
عراقنا الذبيح بحاجة الى هذا التجمع القانوني
-
القرارات الانفعالية غير المدروسة ..اثرها في الواقع
-
ايستطيع ان يكون الفرد سفيرا لبلاده...!!!
-
هل يعتبر تطوع المحامون الى جمعيتنا
-
أواجب أم إسقاط بول...!!ا
-
استمرار الاجرام بحق الكنائس
-
لمن يدق جرس التطبيع ولماذا
-
غياب القانون والتمادي في الظلم واهدار الحقوق وخرق الدستور هي
...
-
اهمية التحكيم القانونية من اجل حسم القضايا
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|