حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 11:41
المحور:
المجتمع المدني
بعد ان اسدل الستار على مهزلة الموسم الرياضى فى مصر , وبعد ان حصد النادى الاهلى كافة الالقاب, وبعد ان احتفلت العامة والغوغاء والمثقفين, بالانتصارات المبينة والمدويةللنادى الاوحد فى مصر , وبعد ان تربح اصحاب الملايين المزيد من الاموال الناتجة عن المتاجرة والبيع والاستغلال الناتج عن شعبية كرة القدم المفتعلة فى مصر , فاننا لا ملك ان نتفوه بشىء سوى ان نقول لك الله يا مصر ولكم الله يا جماهير الاندية الاخرى , تلك الجماهير المضطهدة , التعسة, المسكينة, المغلوبة على امرها , ايضا كان الله فى عون الملايين ممن لا يشجعون كرة القدم , ولا يعلمون الفارق بين ابو تريكة او عمرو زكى او سيد ابو دراع, بينما كل الذى يشعرون به ويعلمونه جيدا هو ان حاجتهم وحاجة اولادهم الى العمل والعلاج والملبس والمأكل مستحيل تلبيتها , اذ ان حياتهم وحياة ابنائهم حياة تراجيدية لا تنفع فى علاجها مباراة او فوز او انتصار او انجاز وهمى, هم فقط يتحسرون وهم يسمعون عن ملايين الجنيهات والعملات الحرة التى تنفق على شراء وعلاج اللاعبين المحظوظين, ويشاهدون احدث الموديلات من السيارات التى يركبها ويملكها بعض الجهلة , لا لشىء , سوى انهم يلعبون كرةالقدم فى هذا النادى او ذاك, بينما ابن او اخ يحمل درجة الماجستير لايكاد يجد ما يتقوت به لعدم حصوله على عمل فى زمان الحكومات الاليكترونية
ان الرياضة نشاط مدنى جميل ورائع لا يمكن ان ينكره اى انسان على وجه البسيطة , والا كان بدون لف او دوران متخلف ,والتشجيع والانتماء الرياضى امر حميد يجمع الملايين ويوحدهم على حب رياضة او نادى او نجم ويجعلهم يتنافسون فى سلام ومحبة وسعادة, كما ان الرياضة الحقيقية يمكنها ان تقوى دعائم وروابط العلاقات بين مختلف الشعوب والامم
لكن ان تتحول الرياضة الى تجارة وبيزنس, وان تتحول المنافسة الى مؤامرات وممارسات فاسدة ابعد عن الشرف بمسافات شاسعة, وان تتحول المباريات بين الاندية الى مباريات مبرمجة معلومة النتائج سلفاومطابقة للمباريات الوهمية التى يمكن ممارستها بواسطة العاب الكمبيوتر , فان تلك هى المهزلة
فى بداية الالفية الجديدة كانت هناك منافسات متكافئة, بين الاندية, وكان هناك تحديد لعمليات الانتقال ولاسعار اللاعبين, وكان هناك حد اقصى لعدد اللاعبين فى كل نادى حتى لا يحتكر من يملك المال والنفوذ افضل لاعبى مصر ليمنعهم عن منافسيه, وكانت النتيجة ان نتائج المباريات كانت طبيعية , وكان التنافس حرا وعادلا وكانت البطولات تذهب لمن يستحقها ولكن بشرف ودون تأمر -فاز الاسماعيلى بالدورى -فاز الزمالك بالدورى والكأس-فاز المصرى البورسعيدى بالكأس -ايضا فاز الاهلى فاز بالكأس,وكان الاتحاد المصرى لكرة القدم فى تلك الفترة يديره شخص شريف محايد لا علاقة له بالبيزنس والمجاملات
لكن للاسف الامر لم يعجب من يريدون للكرة فى مصر ان تكون مخدرا للناس مثل البانجو, او ان تكون موردا لملايين الجنيهات للارصدة الخاصة بقلة مسيطرة ,وبدأت الحرب على الاتحاد المحايد , وتم اقالته لسبب مفتعل, وتعيين مجلس معين فقام بتعديل اللوائح والقرارات التى يمكنها ان تستعيد للنادى الدلوعة نادى القيم والمبادىء بطولاته وصولاته الضائعة بسبب المنافسة الشريفة, وبالطبع قد يسأل متسائل لماذا الاهلى تتم التعديلات خصيصا له, الاجابة لانه النادى صاحب الجماهيرية الاكبر فى مصر, فهذه حقيقة, لكن هل معنى ذلك ان تداس العدالة وترجم الكفاءة ؟.
لقد حاول كل من ناديى الزمالك والاسماعيى وهما من اصحاب الجماهيرية ايضا ولكن بدرجة اقل من الاهلى الذى يسيطر على العاصمة ,حاول الناديان ان يقوما بمنافسة الاهلى والعمل بندية لاستمرار نجاحاتهما التى حصلت فى بداية الالفية وحتى عام الفين واربعة, لكن المال والنفوذ والاعلام والسلطة كانت اقوى, فقد تمت سرقة ابرز لاعبى الاسماعيلى الذين فازوا بالدورى, ولم يكتفى الاهلى بسرقة هؤلاء اللاعبين الاسماعيلاوية, بل وقف ضد قيام الاسماعيلى بتدعيم صفوفه بلاعبين جدد من اندية اخرى, مثال اللاعب احمد جلال الذى وقع للاسماعيلى, فقام الاهلى بخطفه عنوة واخذ توقيعه, ثم اشتكى الاسماعيلى للاتحاد المختص , فقام الاتحاد المبجل بتوقيع عقوبة شكلية مع عودة اللاعب للاهلى بحجة رغبة اللاعب ؟ مثال اخير هو حسنى عبد ربهلاعب الاسماعيلى الذى كان محترفا فى استراسبورج الفرنسى. وتمت عودته للاسماعيلى على سبيل الاعارة لحين انتهاء فترة تجنيده, وعندما علم الاهلى ومسئولوه بالمفاوضات بين الاسماعيلى والنادى الفرنسى لانتقال اللاعب نهائيا للاسماعيلى, قام مسئولوا الاهلى بالتدخل واغراء النادى الفرنسى وزيادة ملايين الصفقة وبالفعل تمت سرقة اللاعب , دون مراعاة عدم المزايدة على نادى شقيق , ودون مراعاة الاقتصاد المصرى الذى هو بحاجة لكل مليم من العملة الصعبة ؟
نفس المشاكل افتعلت مع نادى الزمالك وتمت سرقة واغراء لاعبين العام الماضى , كذلك هذا العام تم وبمخالفة لكل الاعراف واللوائح اغراء اللاعب معتز اينو لاعب الزمالك, وحاول الزمالك الشكوى للاتحاد المختص, الا ان الاتحاد كالعادة وقع عقوبة هزيلة وشرع انتقال اللاعب للاهلى المصرى المحظوظ
ان المسالة لا تتعلق بانتقالات مشروعة او شرعية كما يحدث فى كل دول العالم , لكن المسألة تتعلق بعمليات سطو وتهديد واغراء وسحق للوائح كرة القدم الدولية التى تحرم التنفاوض مع لاعبين موقعين لاندية اخرى, وتعاقب من يخالف ذلك بشدة, كما حدث مع احد اللاعبين فى الدورى الانجليزى وغيره, والاكثر ظلما هو انه اذا حاول احد الاندية الشكوى للفيفا -الاتحاد الدولى لكرة القدم -اذا بتهديدات الاتحاد المصرى الحالى تنهال على النادى المتظلم واذا بالحملات الاعلامية الممنهجة ضد النادى وضد مسئوليه والتى تصل الى التخوين؟
ان الامر لا يقتصر على تلك الامثلة التى ذكرتها ولا يقتصر على نادييى الزمالك والاسماعيلى, بل يشمل السطو والهيمنة والاضطهاد كافة الاندية الاخرى , خذ على سبيل المثال قيام نادى المقاولون العرب بجلب لاعب يدعى احمد صديق من احد الاندية الاخرى وتم الاتفاق والتوقيع من اللاعب وناديه للمقاولون, وفجأة تدخل الاهلى وسرق اللاعب واخذ توقيعه مرة اخرى , وحدثت اتصالات ومساومات لا ندرى مداها, المهم ان اللاعب انتقل بمباركة الاتحاد المصرى الى الاهلى طبعا
بينما اذا حدث العكس وحاول لاعب التمرد على الاهلى والنتقال الى نادى اخر كالزمالك, تتم قطع رقبته والقضاء عليه رسميا ليكون عبرة لغيره مثل اللاعب ابراهيم سعيد الذى انتقل بشكل شرعى وبعد نتهاء عقده الى نادى الزمالك, فكانت الطامة الكبرى , حرب من مافيا الاعلام المصرى ضد اللاعب وضد الزمالك , وشكاوى للاتحاد ادت الى غرامة كبيرة جدا وصلت الى ثلاثة ملايين من الجنيهات وايقاف اكثر من ستة اشهر والتشنيع اليومى على اللاعب فى الصحافة والبرامج التليفزيونية
مما ينفر اى لاعب تحدثه نفسه بالانتقال الى اى نادى اخر لا يرضى عنه النادى الاهلى
حتى مجالس الادارة المنتخبة فى ناديى الزمالك والاسماعيلى تمت اقصائها وتعيين مجالس ادارة اخرى اكثر مرونة واكثر ارتباطا بالمصالح التى تصل الى الملايين نتيجة النشاط الاعلامى والاعلانات والمرتبطة كلها باسم وتحت سيطرة النادى الاوحد
لكن اليس هناك حل لعودة العدالة المفتقدة؟ ان هناك حل واحد لا غير وهو ان تقاطع ملايين الجماهيرمن مشجعى الزمالك والاسماعيلى لمباريات كرة القدم فى الموسم القادم وان تهجر الاستادات مهما كانت حجم المنافسات المفتعلة, قاطعوا شراء الجرائد الرياضية التى تتقوت وتسرق الملايين على حساب العدالة والقيم
قاطعوا البرامج الرياضية التى اصبح اصحابها ومقدميها من ذوى السلطة والنفوذ والسطوة والملايين,ان المقاطعة لمدة موسم واحد, سوف تثبت ان الاهلى وحده لا لزوم له وان جمهور الاهلى وحده لا قيمة له وان هناك من يقدر على مواجهة سحق العدالة مهما كان حجم التواطؤ حتى ولو كان من رموز تنتمى الى الاندية المضطهدة
ان مدرجات خاوية وجرائد ملقاة على الارصفة وبرامج رياضية بلا جمهور ومباريات بلا تنافس وبلا طعم سوف تقضى على الفساد والفاسدين فى الشأن الرياضى,
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟