|
التجربة الأردنية في التحول إلى الديمقراطية
ليث زيدان
الحوار المتمدن-العدد: 1968 - 2007 / 7 / 6 - 03:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
المقدمــة شهد الأردن بعد ثورة الخبز عام 1989 ، مجموعه من التغييرات والتحولات السياسية ، قام بها نظام الحكم الأردني في طريقه نحو الديمقراطية ، وهناك جدل وخلاف حول توصيف الحاله الديمقراطية الحاصله في الأردن ، فمنهم من يصفها بالإنفتاح السياسي أو الليبراليه السياسيه ، ومنهم من يصفها بالتجربه الديمقراطية وهناك من يقول بأنها تحولات ديمقراطيه ، وبعضهم يسميها إنفراجاً ديمقراطياً ، وغيرها من الأوصاف ، ومن هنا تأتي أهميه هذه الدراسة التي تسعى إلى بيان حقيقه ما جرى في الأردن ، من خلال دراسه هذه التغييرات التي حصلت. الاطار النظري وحتى نستطيع توصيف الحاله الأردنيه بشكل حيادي وبدون إتخاذ مواقف مسبقه أو إصدار أحكام عشوائيه ، لا بد من تحديد الإطار النظري لهذه الدراسه قبل الخوض في هذه التغييرات ، فعندما نتحدث عن عمليه تحول ديمقراطي حاصله في الأردن ، لا بد من تحديد ماذا نقصد بالتحول الديمقراطي ، وما هي الآلية التي استخدمت في هذا التحول؟، وحتى نستطيع تحديد المقصود بالتحول إلى الديمقراطية ، علينا تحديد أولاً ماذا نقصد بالديمقراطية ، فهناك جدل كان دائراً حول تعريف الديمقراطية ، بين التعريف الجوهري ( المصدر والغرض ) وبين التعريف الإجرائي ( العمليه الإنتخابية التي تقوم على التنافس والمشاركه )، وكل ما يعنينا توضيحيه هنا ان هذا الجدل انتهى – على الأقل تاريخياً – بإنتصار التعريف الإجرائي الذي يقوم على الإنتخاب ، وبذلك إذا كان الإنتخاب الشعبي هو جوهر العمليه الإنتخابية فإن جوهر عمليه التحول الديمقراطي هو تغيير حكومه لم يتم اختيارها ديمقراطياً ، بأخرى يتم اختيارها في انتخابات حره وعلنيه ونزيهه ، وبالتالي فعمليه التحول الديمقراطي تشمل تغيير النظام غير الديمقراطي واقامة بديل ديمقراطي ثم تدعيمه بؤسس البنية الديمقراطية . واما آليات عملية التحول الديمقراطي أو بمعنى أخر الكيفية التى يتم من خلالها تغير النظام الديمقراطي واقامة بديل ديمقراطي فتتم ، إما من خلال التدخل الخارجي وإما من خلال عملية الاحلال التى تقوم على ازدياد قوة المعارضة وتناقص قوة الحكومة إلى أن تنهار الحكومة أو يتم الإطاحة بها ، وإما من خلال عملية الإستبدال التي تقوم على التفاوض على تغيير النظام نتيجه توازن القوى بين الحكومه والمعارضه فالمعارضه في هذه الحاله تمتلك من القوه ما يعطيها مجالاً للتفاوض مع الحكومه وليس الإطاحة بها ، أما الطريقه الرابعه فهي عمليه الإصلاح والتي تقوم على تبني الديمقراطية من خلال نخبه نظام الحكم نفسه ، فأهل السلطة في النظام غير الديمقراطي هم الذين يلعبون الدور الأساسي في إنهاء ذلك النظام وتحويله إلى نظام ديمقراطي من خلال إجراء الإصلاحات ، وهذه الطريقه الأخير هي التي تعنينا في هذه الدراسه فإذا كان التحول الديمقراطي قد حدث في الأردن بالفعل فقد تم من خلال عمليه الإصلاح ، فنظام الحكم الحالي في الأردن هو نفس النظام الذي كان موجوداً منذ تأسيس هذه الدوله وبالتالي لم يتم تغييره سواء عن طريق تدخل خارجي أو من خلال عمليه الإحلال أو عمليه الإستبدال . وحتى نستطيع توضيح المقصود بعمليه الإصلاح ، لا بد من الإشارة إلى أن هناك نوعان من الإصلاح ،الأول : إصلاح ليبرالي يلجأ اليه نظام الحكم القائم إستجابهً لضغوط المجتمع السياسي المحلي كوسيله لتهدئه المعارضه أو إمتصاص غضب الشارع من خلال القيام ببعض التغييرات مثل التخفيف من القمع وإعادة بعض الحريات المدنيه وتخفيف الرقابه والسماح بقدر من حريه مناقشه القضايا العامه والسماح لمؤسسات المجتمع المدني بقدر أكبر من الحريه في إدارة شؤونهم ، ولكن بدون إدخال نظام إنتخابــي تنافسي يسمح بمشاركه كاملة قد تؤدي إلى إنتهاء نظام الحكم غير الديمقراطي ، فهذا النوع من الإصلاح لا يهدف إلى التحول بإتجاه الديمقراطية بقدر ما يهدف إلى دعم النظام القائم وجعلة مقبولاً لدى شعبه(1) ، فهل هذا ما نعنيه بالإصلاح ؟ ! بالتأكيد لا ، فنحن لا نريد اصلاحاً ليبرالياً - على الرغم من أهمية ما يوفره من حريات – يقوم على إجراء تغييرات سياسية ليبراليه بقصد الإبقاء على نظام الحكم غير الديمقراطي ، لأن المطلوب هو التحول نحو الديمقراطية هذا من جانب ، ومن جانب آخر فهنا النوع من الإصلاح يبقى محكوماً ومسيطراً علية من قبل النظام ، بالإضافة إلى ما قد يثيره هذا الإصلاح من توقعات بقرب حدوث تغييرات أكبر مما قد يؤدي إلى عدم الإستقرار والعنف، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردة فعل عكسيه من قبل النظام بإنهاء هذه التحول الليبرالي و العودة من جديد إلى نظام حكم تسلطي ، أما النوع الثاني من الإصلاح – وهو ما نقصده في هذا الدراسة – فهو الإصلاح الديمقراطي الذي يجب ان يقوم بالأساس على نظام إنتخابي يعتمد على بعدين هما التنافس والمشاركه السياسيه الكامله في صنع القرار والمساءله ، الذي قد يؤدي إلى تغيير مركز السلطة بوسائل ديمقراطيه ، كما يقوم هذا الإصلاح على إنهاء جهود الدوله البيروقراطيه التسلطيه من خلال تغيير جوهري في قوانين وأنظمه وتعليمات مؤسسات الدولة المختلفة ، وتغيير أنصار الحكم غير الديمقراطي بأنصار التحول الديمقراطي بوضعهم في المناصب الرئيسة بالحكومه ، مع ضرورة الإحتفاظ بالمبادرة والسيطرة على عملية التحول الديمقرطي من قبل أنصار الديمقراطية ، كما يشمل الإصلاح تغيير جوهري بالهيكل التسلطي للقانون ، وعلى رأسة الدستور الذي يجب أن يكون ديمقراطياً ويجري التصديق علية في إستفتاء شعبي ، كما يجب أن يتضمن الإصلاح الديمقراطي إقامة التعدديه السياسية وتوفير الحريات العامة وإحترام حقوق الإنسان وقيام المجتمع المدني . هذه هي العناصر الرئيسية للإصلاح الديمقراطي المطلوب لتحقيق التحول إلى الديمقراطية . و بالتالي يمكن تعريف الإصلاح الديمقراطي بأنه العملية المستمرة التي يقوم نظام الحكم من خلالها بإجراء تغييرات في بنية النظام السياسي بهدف تحويلة إلى نظام ديمقراطي وذلك من خلال إقرار نظام إنتخابي يعتمد على التنافس والمشاركة وإقرار دستور ديمقراطي ينص على التعدديه السياسيه ويوفر الحريات العامه واحترام حقوق الإنسان ، وإجراء تغييرات جوهريه في القوانيين ومؤسسات وأجهزة الدوله المختلفه بما يتناسب مع تحقيق الديمقراطية وإقامه المجتمع المدني . إشكاليه الدراسة لقد قلنا بأن الأردن شهد العديد من التغييرات والتحولات السياسية – كما سنرى لاحقاً - وتأتى هذه الدراسة لفحص وتقييم هذه التغيرات ، فيما إذا كانت قد أخذت الطابع الإصلاحي الديمقراطي، وفيما إذا كانت تتناسب مع عملية الإصلاح الديمقراطي المطلوبه للتحول نحو الديمقراطية ام لا . فهل اصبح مركز السلطة في الأردن قابلاً للتغيير بوسائل ديمقراطية ؟ وهل إنتهت جهود الدولة الأردنية البيروقراطية التسلطية التي كانت سائده حتى عام 1989 ؟ وما هي فاعلية الأحزاب السياسية الأردنية في عملية صنع القرار ؟ جمله من التساؤلات وغيرها تدفعني إلى طرح السؤال الذي يمثل إشكالية الدراسة وهو :- هل تعتبر التغيرات والتحولات السياسية التي قام بها نظام الحكم الأردني ,اصلاحات ديمقراطية بهدف التحول بإتجاه الديمقراطيه , أم أنها لا تتعدى أن تكون إصلاحات ليبرالية بهدف دعم نظام الحكم القائم وجعله مقبولاً لدى الشعب ؟ منهجية الدراسة سأعتمد في جمع المعلومات و تحليلها في هذه الدراسة ،على منهجيه البحث التاريخي ، من خلال إسترداد الماضي ووصف ما مضى من وقائع وأحداث وظواهر تبعاً لما يتركة من أثار ، وذلك من خلال تحليل هذه الوقائع والأحداث وفقاً لمنهجية علمية قائمة على التحليل المنطقي ، حتى نستطيع التوصل في نهاية الدراسة إلى إستنتاجات يمكن تعميمها . تقسيمات الدراسة حتى نستطيع التوصل إلى إستنتاجات واضحة , لا بد من وضع تقسيمات واضحة ومحدده للدراسة حيث سأتناول فيها :- أولاً : طبيعة النظام السياسي الأردني . فمن خلال دراسة النظام السياسي الأردني ، سأحاول معرفة فيما إذا كان هناك إمكانية لتغيير هذا النظام، وفيما إذا كان ثمه علاقه ما بين طبيعه نظام الحكم الأردني وعمليه الإنتقال إلى الديمقراطيه ، وفيما إذا كانت الآلية المستخدمة في عملية التحول تتناسب مع طبيعة هذا النظام ام لا . ثانياً :- الحالة الأردنية قبل عملية التغييرات التي بدأت عام 1989 فعندما نقول أن هناك تحولاً ديمقراطياً حدث في الأردن ,فهذا يعني بالضرورة ان يكون هناك حكماً تسلطياً كان سائداً قبل هذا التحول ، لذلك وجدت من الأهمية دراسة هذه المرحلة التي مر بها الأردن في الفترة التسلطية ومعرفة خصائصها ، من أجل تقييم التغييرات التي حصلت بعد هذه المرحله بشكل صحيح. ثالثاً :- التغييرات والتحولات السياسية الحاصلة بعد عام 1989 . فمن خلال دراسة هذه التغييرات التي حصلت في الأردن ، سأحاول معرفه خصائصها وفيما إذا كانت تتناسب مع عمليه الإصلاح الديمقراطي ، أم أنها تتناسب مع عمليه الإصلاح الليبرالي . وستحتوي هذه الدراسة على خلاصة ، سأقدم فيها أبرز عناصر هذه الدراسة وما توصلت اليه من استنتاجات حول التجربه الأردنيه في التحول إلى الديمقراطيه .
أولاً : طبيعة النظام السياسي الأردني : يرى صامويل هانتنجتون أن الفوارق بين الأنظمه الحاكمه لها أهميتها بالنسبة لإستقرار النظم الديمقراطيه التي تنشأ ، وإن كانت هذه الاهميه ضئيلة بالنسبه للإجراءات المؤديه إلى نشأة هذه النظم(2) فهناك علاقة ما بين طبيعه النظام الشمولي وطبيعه العمليه الإنتقاليه لما للاولى من نتائج على الأخيره ، فما هي خصائص النظام السياسي الأردني من حيث تأثيرها على عملية الإنتقال إلى الديمقراطية ؟. الإجابة على هذا السؤال يتطلب منا تحديد طبيعه النظام السياسي الأردني ، وإن كنت أستطيع بكل بساطة أن أحدد سمات طبيعه النظام السياسي الأردني من خلال توضيح ما احتواه الدستور الأردني فيما يتعلق بطبيعه نظام الحكم ، إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد – إذا ما أردنا توضيح العلاقة بين طبيعه النظام وبين عمليه الإنتقال إلى الديمقراطيه عن طريق الإصلاح الديمقراطي - ، بل يتجاوزه إلى ضروره الحديث عن الإرث التاريخي للأسره الحاكمه ومدى قابليتها لتغيير نظام حكمها ، طالما أنها هي صاحبه المبادره بالتحول إلى الديمقراطيه . حدد الدستور الأردني لعام 1952- الساري المفعول - شكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات العامة و توزيعها وعلاقاتها وحقوق الأفراد وواجباتهم ، فوضح هذا الدستور أن شكل النظام السياسي الأردني هو نيابي ملكي وراثي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث - وإن كان يتضمن المزج بين السلطتين التشريعية والتنفيذية -، السلطة التنفيذية التي يرأسها الملك ويمارس صلاحياته ويتولى السلطة بوساطه مجلس الوزراء ، والسلطة التشريعية التي تتألف من مجلسين ، مجلس النواب والذي يتم إنتخابه من قبل الشعب ، ومجلس الأعيان الذى يتم تعينه من قبل الملك ، السلطة القضائية التي يتولاها القضاه . وبموجب الدستور فإن الملك يتمتع بسلطات و صلاحيات واسعه، فهو رأس الدولة ، ورأس السلطة التنفيذية ، والقائد الاعلى للقو ات المسلحة ، وهو مصان من كل تبعيه ومسؤولية ؛ وهو الذي يعين أعضاء أحد مجلسي البرلمان (مجلس الأعيان ) ،ولا تصدر القوانين إلا باسم الملك وبعد المصادقة عليها من قبله ،وله حق إعاده مشاريع القوانين إلى مجلس الآمة ، كما أن له السلطة في دعوه مجلس الامة للانعقاد في دورته العادية والاستثنائية ، وله سلطة تأجيل انعقادها ويمتلك حق حل البرلمان والدعوه إلى إجراء انتخابات جديده ، هذا بالاضافة الى أن السلطة القضائية تصدر أحكامها باسم الملك وله سلطة إلغاء الأحكام الصادره وخصوصا أحكام الإعدام التي تتطلب مصادقة الملك عليها ، وله الحق في إصدار العفو الخاص والعفو العام الذي يكون على شكل قانون يصدر عن مجلس الأمه (3) فهذه السلطات الواسعه التي أقرها الدستور للملك تجعل منه المتحكم بالنظام السياسي الأردني لدرجه تجعلني أقول بأن الدستور هو ما يقوله الملك ! . ويمكن تفسير منح هذه السلطات الواسعه التي يتمتع بها العرش الملكي، بالدور التاريخي للأسره المالكه في تأسيس المملكه الأردنيه الهاشميه التي أخذت اسمها من الأسره المالكه الهاشميه ، فهذه الأسره حكمت الأردن بشرعيه الثوره العربيه الكبرى – كما سنرى لاحقاً – والالتزام بمبادئها ذات الجذور الدينيه والأيدولوجيه ، وتعززت بشرعيه الإنجاز بما حققه الأردن من مكتسبات إقتصاديه وإجتماعيه وحضاريه بالمقارنه مع الدول العربيه الأخرى وقياساً بحجم الموارد والسكان .
ويمكن توضيح خصائص النظام السياسي الأردني من حيث تأثيرها على عمليه الانتقال إلى الديمقراطية من خلال توضيح العوامل المحدده للمسلك السياسي لرأس الدوله على النحو التالي :- العامل الأول :- الظروف التاريخية لنشأة الدوله الأردنيه ودور الأسرة الهاشميه في تأسيسها :- قاد الشريف حسين بن علي وأولاده الثورة العربية الكبرى من الحجاز في عام 1916 ، فأعلنوا استقلال العرب عن حكم الاتراك وكان ذلك بمساعده البريطانين ، الذين قاموا بتسليح رجال الثوره ،وذلك بعد المحادثات التي أجراها الشريف حسين مع السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر ، الذي وعد باستقلال العرب بعد إنتهاء الحرب ، ومع نهايه الحرب ، العالميه الأولى لم توفي بريطانيا بوعدها الذي قطعته نتيجه الاتفاق السري الذي تم بين بريطانيا وفرنسا في عام 1916 ( إتفاقيه سايكس بيكو ) والذي يقضي بتقسيم المناطق العربيه بين الدولتين ، وكان قد نودي بالأمير فيصل نجل الشريف حسين ملكاً على سوريا الطبيعيه ، كما نودي بأخيه الأمير عبد الله ملكاً على العراق في سنه 1919 ، الا أنه في عام 1920 قام الفرنسييون بأخراج الملك فيصل من سوريا الأمر الذي اتاح الفرصه لاخيه عبد الله ، بالهجوم على الفرنسيين بهدف إعادة فيصل ملكاً على سوريا ، فتدخلت بريطانيا لحل الازمه وعقد اجتماع تشرشل وعبد الله وكان نتيجته ، بأن يؤسس الأمير عبد الله حكومه عربيه على شرق الأردن وأن يعترف بالانتداب البريطاني عليها ، مقابل تخليه عن المطالبه بالعراق وعدم مهاجمه الفرنسيين ، وأن يعين ممثل بريطاني للمندوب السامي في عمان كمستشار لحكومه الامير للمساعده في تأسيس اداره جديده ، فتأسست إماره شرق الأردن في عام 1921 ، وأتخذت الإجراءات لتقويه أسس نظامه مثل قيام حكومه مركزيه تحت سيطره الامير ، وبناء جيش لتقويه نظام حكمه وتعبئه الشعب المتمثل بالعشائر من أجل تقبل وجود الإمارة الجديده (4) ، فتمت السيطره على شرق الاردن من خلال كسب تأييد العشائر بواسطه الدعم المالي وفتح باب مشاركه العشائر في الحكومه من جهه وبإستخدام القوه من جهه أخرى وتم ذلك كله بتأييد ودعم بريطاني . وتطورت الأحداث بعد ذلك ونجحت ألا سره الهاشميه في إقامه المؤسسات السياسيه وتهيئه الظروف لاستقرار الدوله القوميه الجديده بمساعده بريطانيا ، حيث لعبت هذه المؤسسات دوراً أساسياً في تطور وتغيير البنيه الاجتماعيه والاقتصاديه للمجتمع ، وقد لعب النظام الأردني – ممثلاً برأسه – دوراً مهماً في التطور الاقتصادي للأردن من خلال الأموال السعوديه الضخمه التي دفعت للأردن على مدى فتره طويله من الزمن(5) ، مما أعطى النظام الحاكم شرعية الإنجاز بالإضافه إلى ما يملكه من شرعيه الثوره العربيه الكبرى . أدت هذه النشأه التاريخيه للدوله الأردنيه إلى بروز دور مضخم لرأس الدوله ولسلطاته التنفيذيه ، فتميز المسلك السياسي بدور مركزي أبوي للملك ، مع مراعاه وجود سلطه تشريعيه ذات صلاحيات محدوده في مراقبه الحكومه ، وهذا ما يثبته التاريخ حيث نشأ العديد من المجالس النيابيه منذ إنشاء الاماره ، الإ أن معظمها قد حلت بسبب عده عوامل أهمها عدم التعاون ما بين السلطتين التنفيذيه والتشريعيه. (6) العامل الثاني :- المكونات الثقافيه لرأس الدوله :- هناك مصدرين متناقضين يستقي منهما رأس الدوله مكوناته الثقافيه ، حيث لا يستطيع أن يستغني عن أيِ منها : فالمصدر الأول خاص بمبادئ الثوره العربيه الكبرى المستمده من الإسلام والفكر القومي ، فالملك ملتزم بهذه المبادئ التي يستمد منها شرعيته ، فكما وضحنا فنشأة الدوله جاءت كمحصله للثوره العربيه الكبرى ، وأما المصدر الثاني فهو خاص بإيمان الملك الكافي بمدى تفوق الغرب ومحاوله الأخذ بتقاليد ومفاهيم الحضاره الغربيه المعاصره بما في ذلك رموزها ومؤسساتها الديمقراطية ، وعلينا أن لا ننسـى الدور البريطاني الذي ساهم بشكل كبير في نشأة الدوله الأردنيه ومؤسساتها المختلفه ، الأمر الذي تـرك أثره في إرساء تقاليد وممارسات سياسيه ذات جذور ديمقراطيه ، ونتيجهً لهذا التناقض بين المصدرين وعدم امكانيه التخلي عن أي منهما ، كان يجب على رأس النظام إتخاذ مواقف وسطيه تسعى إلى التوفيق بين عناصر متناقضه مثل ممارسه السلطات التنفيذيه بصلاحيات واسعه وإنشاء سلطه تشريعيه ديمقراطيه تشكل مراقبه على هذه السلطات وقيداًً على هذه الصلاحيات ، فجاءت المواقف الوسطيه على شكل – كما يقول هاني الحوراني – " إعتماد فلسفه ذات جذور إسلاميه وقوميه بروح برغماتيه معاصره وواقعيه ، والاستعداد للإصلاح والتغيير دون أن يهدد ذلك السلطات الاستثنائيه للملك "(7) . ولكن السؤال المطروح ، بمدى نجاح مثل هذه المواقف الوسطيه ؟ ويجيب هاتننجتون بعدم النجاح في مثل هذه المواقف ، ويضرب أمثله على ذلك بالإصلاحات الليبراليه التي حصلت في جنوب إفريقيا والإتحاد السوفيتي سابقاً والتي كان يلزم لنجاحها إصلاحات أوسع بحيث تصل إلى إصلاحات ديمقراطيه(8) العامل الثالث :- إعتماد رأس الدوله على فلسفه الحفاظ على الوجود : فتجربه الأسره الهاشميه المالكه في الثوره العربيه الكبرى وما بعدها ، كانت تهدف إلى إقامه دوله عربيه واحده في المشرق العربي ، وهذا واضح من خلال أهداف الثوره التي كانت تقوم على إستقلال الهلال الخصيب وشبه جزيره العرب ونقل الخلافه من العثمانيين إلى الأسره الهاشميه (9) ، إلا أن هذا الطموح تقلص – نتيجه التقسيمات الاستعمارية التي سبق وأن أشرنا إليها – إلى حكم هاشمي على الدولتين العراقيه والأردنيه ، وإقتصر في النهايه إلى حكم على الدوله الأردنيه ، فهذا التسلسل التاريخي يدل على أهمية وضرورة الحفاظ على دور الأسره الهاشميه كأولويه أولى ، الأمر الذي يعني – كما يشير هاني الحوراني – " الانطلاق في اتخاذ القرارات من أولويات محدده هي الحفاظ على دور الأسره الحاكمه ، يليها الحفاظ على الدوله الأردنيه ، ثم يليه الحفاظ على الكيان الأردني ذاته "(10) مما تقدم شرحه من عوامل محدده للمسلك السياسي لرأس الدوله الأردنيه وما يمتلكه من سلطات واسعه منحها له الدستور ، نستطيع أن نخرج بنتيجه مفادها، بأن طبيعه النظام السياسي الأردني لا تسمح بإجراء تغييرات وإصلاحات تمس أو تهدد نظام الحكم أو وجوده ،فآليه الإصلاح الديمقراطي المنشوده في هذه الدراسه تبدو مستحيله المنال في ظل طبيعه هذا النظام – الذي شاهدنا خصائصه سابقاً – فهذه الطبيعه تتناقض مع عمليه إجراء تغييرات في بنيه النظام السياسي الأردني ، وهو ما يعكس اثاراً سلبيه تشكل معوقات أمام عمليه التحول الديمقراطي ، إلا إن إعتماد النظام السياسي الأردني ، على سياسه الاعتدال (مسك العصا من الوسط ) من اجل تقديم وتحسين صوره الأردن أمام الغرب وتقديمه كنموذج يحتذي به عن العالم العربي ، قد تسمح بإجراء تغييرات وإصلاحات ذات طابع ليبرالي إنفتاحي بحيث لا تشكل تهديداً للنظام الملكي الأردني .
ثانياً : الحاله الأردنية قبل عميلة التغييرات التي بدأت عام 1989 : على الرغم من أن قرار حكومة زيد الرفاعي برفع أسعار المحروقات وسلع أساسية أخرى ، بنسب تراوحت بين 11 %-50% بتاريخ 16/ 4 / 1989 ،كان السبب المباشر الذي أدى إلى إندلاع المظاهرات الشعبية في الشارع الأردني ضد غلاء الأسعار والسياسات الاقتصادية للحكومة وتفشي الفساد في أجهزه الدولة ،إلا أن هذا القرار لم يكن اكثر من النقطة التي أفاضت الكأس ، فهذا الكأس الذي يمثل الحالة الأردنية كان مليئاً بالتناقضات السياسية والاقتصادية والإجتماعية الداخلية الناجمة عن التبعية الإقتصادية ومصادرة الحريات وغياب المشاركة الشعبية في عمليات صنع القرار والاحتكام إلى القوانين العرفية والإستثنائية وغيرها ، وحتى نستطيع ان نصف الحالة الأردنية بشكل موضوعي ، لابد من تناولها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. 1-الحالة الأردنية على الصعيد الاقتصادي :- من المعروف أن الإقتصاد الأردني إقتصاد صغير الحجم فهو لايمتلك الموارد التي تؤهلة لأن يكون ذو قاعدة إنتاجية متنوعة وكبيره، وهذا الآمر أدى إلى إرتباط الاقتصاد الأردني بالدول العربية المنتجة للنفط ارتباطاً وثيقاً، فظلت هذه الدول ولمدة طويلة المصدر الرئيسئ للمعونات المالية الخارجية والسوق الرئيسي لصادرات الأردن وللأيدي العاملة الأردنية ، كما اعتمدت الحكومات الأردنية المتعاقبة – في نفس الوقت –في سياساتها الاقتصادية على الاقتراض الإنمائي والتجاري من الخارج بشكل متزايد, ونتيجةً لذلك شهد الاقتصاد الأردني بين أعوام 1974-1984نمواً اقتصادياً سريعاً وإستقراراً مالياً ، نتيجة تدفق المعونات المالية الخارجية ، وتحويلات الأردنيين العاملين في الخارج ,والقروض الكبيرة القادمه من الخارج وهذا الأمر أدى دعم إيرادات الموازنه العامه للدوله الأردنيه (11) ، إلا أن هذا النمو الاقتصادي وهذا الاستقرار المالي لم يصمد طويلاً أمام السياسه الاقتصاديه الحكوميه الردئيه ، فأصيب الاقتصاد الأردني بإنتكاسه كبيره في منتصف الثمانينيات ، بعد انخفاض الدعم والمعونات الماليه العربيه التي كانت مقرره للأردن في قمه بغداد عام 1978(12) ،وانخفاض تدفق تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج ، وتراجع الطلب على السلع والخدمات الأردنيه ، في أسواق بلدان الخليج بسبب الكساد الذي أصاب المنطقه نتيجه انخفاض عائدات النفط في الأسواق العالميه ، وانخفاض نمو الايرادات الأردنيه من صادراتها الرئيسيه للفوسفات والبوتاس والاسمده بسبب انخفاض الأسعار العالميه لهذه المواد ، مما ادى إلى عجز الميزان التجاري الأردني (13) ، كما تراكمت الديون الخارجيه الناتجه عن القروض التي لجأت إليها الحكومه الأردنيه لسد العجز في الموازنه العامه للدوله حيث وصلت هذه الديون إلى ما يقارب عشره مليارات دولار ، وكان السبب الرئيسي في تضخم الديون هو السياسه الاقتصاديه التي كانت تنتهجها الحكومه الأردنيه ، والتي كانت تقوم على الدعم الاستهلاكي بدلاً من الدعم الانتاجي ، فذهب الجزء الاكبر من هذه القروض في مشاريع البنيه التحتيه والقطاعات الخدميه ، في حين لم تحظ القطاعات الانتاجيه الاساسيه سوى بحصه ضئيله ، وعلى الرغم من قيام بعض الخبراء الماليين والاقتصاديين الأردنيين بتوضيح خطوره الوضع الاقتصادي الأردني وخطوره توجهات الحكومه وخطوره التضخم في عجز الميزان التجاري الأردني ، إلا أن الحكومه لم تهتم بهذه التحذيرات واستمرت في سياساتها الاقتصاديه في ظل هيمنه السلطه التنفيذيه – كما سنرى لاحقاً – وغياب الرقابه الديمقراطية البرلمانيه الشعبيه واستفحال الفساد المالي ، فمثلاً أنفقت الحكومه مبالغ طائله على القوات المسلحه وصلت إلى 4763 مليون دولار من سنه 1980وحتى 1989 ، وكذلك قروض شركة الطيران الأردنيه التي وصلت خلال عامي (1987 و 1988 ) إلى 5و463 مليون دولار (14) ، فهذه السياسه الاقتصاديه أدت إلى عجز الحكومه عن توفير المبالغ الازمه لخدمه هذه الديون الضخمه المستحقه ، مما أجبرها على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من اجل جدوله الديون ، وإلى القبول بشروط الصندوق بتخفيف سعر صرف الدينار وخفض العجز في الموازنه العامه للخزينه ورفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الاساسيه كالخبز والارز ورفع أسعار بعض الخدمات مثل الماء والكهرباء ، والتخلي عن القطاع العام لمصلحه القطاع الخاص (15) ، وفي المقابل كانت هذه الشروط بالنسبه للمواطن العادي تعني ، مزيداً من اجراءات التقشف الإقتصاديه ومزيداً من الفقر للطبقات الفقيره أصلاً ، وانهياراً لأوضاع الفئات الوسطى ، ومزيداً من الإثراء للأغنياء ، وتنامياً لمعدلات البطاله ، وانخفاضاً في مستوى الأجور ودخل الفرد . كانت هذه ألازمه الإقتصاديه مفاجئة للمواطن الأردني بسبب سياسات الحكومه التضليليه ، فبدلاً من مصارحه الناس بحقيقه الوضع المالي والاقتصادي الأردني ، بقيت تؤكد لهم حتى آخر لحظه على صلابة وقوة الدينار ونفي وجود أي أزمه إقتصاديه ، والسبب في ذلك يعود إلى محاوله إخفاء فساد الحكومه ، فكيف يمكن لهذه الحكومه أن تفسر انخفاض مخزون العملات الأجنبيه من البنك المركزي ، من بليون دينار عام 1984 إلى 7و18 مليون دولار في عام 1988 ؟! (16). 2- الحاله الأردنيه على الصعيد السياسي : أ. الفتره الاولى (1921 – 1948 ) :- شهدت إمارة شرق الأردن منذ تأسيسها عام 1921 محاولات عديده لإنشاء مجالس نيابيه ، حيث نجحت بإنشاء خمس مجالس تشريعيه منتخبه ما بين اعوام 1929 حتى 1947 ، إلا أن هذه المجالس لم تقم بالدور المطلوب منها في تغيير القانون بسبب المعارضه البريطانيه ، حيث كانت الأردن لا تزال تحت الانتداب البريطاني الذي إعترف بالأردن دوله مستقله عام 1946 وفقاً للمعاهده الأردنيه – البريطانيه (17) ، فإمتازت هذه الفتره بضعف العمل السياسي المنظم ، وشلل الاحزاب السياسيه ، وانعدام التنظيم النقابي ، حيث كان هناك هيمنه للأعراف والتقاليد العشائريه كمنظومه قيميه وقانونيه تضبط حياه الناس الذين كانوا موزعين بين حياة البداوه أو الزراعه . ب- الفتره الثانيه (1948- 1967 ) :- كان لوقوع الحرب العربيه – الإسرائيليه عام 1948 ، وضم الضفه الغربيه للأردن عام 1950 ، أثر كبير بالنسبه للعمل السياسي والتنظيمي حيث شهدت فتره الخمسينيات توجهاً اردنياً رسمياً نحو الديمقراطية والتعدديه ، فتم منح التراخيص للأحزاب ، وأجريت انتخابات نيابيه في الضفتين عام 1950 ، إلا أن هذا التوجه الديمقراطي لم يستمر طويلاً ، فمن جهه حدث تغير في التركيب السكاني للدوله الأردنيه حيث أصبح الفلسطينيون يشكلون الأغلبيه في المملكه نتيجه هجرتهم بعد (حرب 48) ، وضم الضفه الغربيه إلى الأردن ، ومن جهه اخرى تأثير العمل الحزبي بشكل عام وصدامه مع نظام الحكم ، فكانت هذه الأحزاب – التي كان الثقل السكاني الأكبر فيها للفلسطينين – تنظر إلى نظام الحكم على أنه المسؤول عما حل بهم ، وفي 1957 وبعد الصدام الذي وقع بين الحكومه التي كان يرأسها سليمان النابلسي وبين القصر الملكي والذي أدى إلى اعتقال عدد من نواب برلمان 1956 (18) تم تحريم العمل الحزبي والسياسي ومصادره الحريات والقاء القبض على العديد من قيادات الأحزاب وزجهم بالسجون بموجب قانون الدفاع لسنه 1935 ، فدخلت الأردن مرحله من القمع السياسي واهدار للحقوق والحريات السياسيه ، فخلال الفتره ما بين 1947-1967 انتخبت تسعة مجالس نيابيه تم حلها نتيجه عده عوامل ، أهمها عدم التعاون ما بين السلطتين التنفيذيه والتشريعيه . (19) ج-الفتره الثالثه (1967- 1988) :- تعمقت مرحله القمع السياسي بعد الحرب العربيه – الإسرائيليه عام 1967 ، وإحتلال الضفه الغربيه ، بسبب ظهور معارضه منظمه مسلحه في الأردن كانت تدعو إلى إسقاط النظام وإستبداله ، وإلى الحرب لتحرير فلسطين ، ورافق ذلك تشكيل نقابات ومؤسسات فلسطينيه في الأردن مما زاد من تعقيد العمل التنظيمي في الأردن ، حيث كانت هذه القوى جميعها خارج سيطرة الدوله ، مما أدى إلى وقوع الصدام بين قوى المقاومه الفلسطينيه المسلحه ، وبين نظام الحكم ، في أيلول عام 1970 ، حيث إنتهى الصدام بعد إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح في منتصف عام 1971 بعد تدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر(20) ، فزادت مرحلة القمع ، وحكمت البلاد بقانون الطوارئ وبالأحكام العرفيه الصادره عن السلطه التنفيذيه ، حيث كان المجلس النيابي المنتخب عام 1967 قد حل ، وتم تعطيل الانتخابات البرلمانيه بحجه تجنب إجراء الانتخابات في الضفه الشرقيه للأردن من دون الضفه الغربيه لأن هذا يعني اقراراً أردنياً بشرعيه الإحتلال الإسرائيلي للضفه الغربيه(21) ، وهذا الأمر ادى إلى هيمنه السلطه التنفيذيه من خلال هذه الاحكام العرفيه ، على جميع مناحي الحياه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والتشريعيه والقضائيه ، فأستخدمت هذه الاحكام ضد الأحزاب السياسيه التي كانت تعمل بشكل خفي ، وامتدت إلى التدخل في شؤون مختلف منظمات ومؤسسات المجتمع . وأدى احتكار السلطه من قبل فئات معينه – في ظل غياب الرقابه والمساءله النيابيه والشعبيه – إلى انتشار الفساد والاعتداء على المال العام وتفشي الوساطه والمحسوبيه وكثره الرشوه وغياب العداله والمساواه في كثير من القرارات الرسميه ، ونتج عن ذلك ضعف الجهاز الإداري وجموده ، وانعكس ذلك كله على المجتمع الأردني حيث تنامى الشعور بالظلم ورفض الواقع والتطلع إلى التغيير. (22) ونتيجةً للإنتقادات السياسيه الموجهه للاردن بإنعدام المشاركه السياسيه فيه من ناحيه ، والتحركات السياسيه الدوليه لعقد مؤتمر دولي للسلام من ناحيه آخرى ، صدرت الإراده الملكيه في عام 1984 بدعوه مجلس النواب المنتخب قبيل (حرب 67) للإنعقاد ، وإجراء انتخابات تكميليه لملء المقاعد الشاغره في الضفه الشرقيه ، اما المقاعد الشاغره الخاصه بالضفه الغربيه فقد عبئت بانتخابات داخليه بين اعضاء المجلس القائم (23) ، فلم تجري انتخابات عامه لنفس الحجه القديمه التي تبنتها الحكومه الأردنيه ، بعدم جواز إجراء الانتخابات في الضفه الشرقيه بدون الضفه الغربيه لان ذلك يترك فراغاً سياسياً في الضفه الغربيه قد تستغله إسرائيل لتثبيت وجودها ، إلا أن هذه الحجه انكشف زيفها بعد التطور الهام على الصعيد السياسي والمتمثل بقرار الملك حسين بفك ارتباط الأردن بالضفه الغربيه في 31/7/1988 ، فماذا حدث بعد هذا القرار الذي يعتبر إزاحه للعقبه القانونيه – إذا صح التعبير – التي كانت تمنع إجراء الانتخابات ؟ هل عادت الحياه البرلمانيه الإنتخابيه ، وهل أطلقت الحريات العامه ، وهل رفعت الأحكام العرفيه وإنتهى أجل القوانين المؤقته ، وهل تم بناء حياه سياسيه ديمقراطيه ؟. د- فتره قرار فك الإرتباط بالضفه الغربيه (1988 ) وابعاده :- بغض النظر عن الأسباب التي قد تروى هنا أو هناك ، والتي أدت إلى إتخاذ القصر الملكي قراراً بفك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفه الغربيه ، إلا أن المهم هنا هو أبعاد هذا القرار على الوضع الداخلي في الأردن ، فهذا القرار عكس توجهاً اردنياً نحو (أردنه ) الأردن ، التي يشكل فيها الفلسطينيون حوالي نصف عدد السكان ، بهدف إنهاء أي نفوذ لمنظمه التحرير الفلسطينيه على الفلسطينين المقيمين في الأردن ، ووضع حد لإزدواجيه انتماءهم وولاءهم ، وفرض الولاء السياسي للنظام الأردني عليهم ، فكان هذا القرار بمثابه محاوله إجبار للفلسطينين المقيمين في الأردن على التخلي عن هويتهم السياسيه الفلسطينيه مقابل إحتفاظهم بالجنسيه الأردنيه ، التي اصبحت في نظر النظام الأردني منحه ، بعدما كانت حقاً مكتسباً وفقاً لمقررات الرباط عام 1974(24). فهذا الهدف بدا واضحاً من خلال جمله القرارات التي إتخذتها الحكومه الأردنيه قبيل وبعد قرار فك الإرتباط ، حيث قامت الحكومه بإلغاء خطة التنميه الأردنيه للأرض المحتله والتي كانت قد وضعت عام 1986 بميزانيه تقدر بحوالي 3و1 مليار دولار ، كما تم حل مجلس النواب الأردني الذي كان يضم اعضاء يمثلون الضفه الغربيه ، بدون تبليغ النواب أو استشارتهم ، ولم يؤخذ موافقة هذا المجلس الضروريه من الناحيه الدستوريه ، على قرار فك الارتباط ، الذي تبعه قراراً آخر يقضي بإلغاء وزاره شؤون الارض المحتله ، هذا بالإضافه إلى جمله من الإجراءات التي إتخذها مجلس الوزراء ، بإحاله جميع الموظفين الأردنيين في الدوائر والمؤسسات الرسميه الأردنيه في الضفه الغربيه على التقاعد ، وإنهاء خدمات الموظفين الاخرين بحسب سنوات خدمتهم ، كما تم حل اللجنه العليا لمعالجه شوؤن الضفه الغربيه المحتله ، وغيرها من الإجراءات التي كانت تسعى إلى تحديد العلاقه مع الضفه الغربيه ومنظمه التحرير الفلسطينيه (25). كان لهذه الإجراءات والقرارات التي أتخذت بهدف (أردنه ) الأردن ، أثراً كبيراً في تفاقم الوضع الداخلي الأردني :- فمن جهه أولى ، أدى اغلاق قناة الاتصال بين الشعب والحكومه والمتمثله بمجلس النواب ، بدون الإعلان مباشرهً عن الموعد الرسمي لإجراء الانتخابات العامه – على الرغم من عدم فاعليه هذا المجلس – ، إلى خلق فراغ سياسي كبير ، وأظهر استهتاراً حكومياً إتجاه المشاعر والآراء الشعبيه ، خصوصاً بعد زوال الحجه الرسميه – التي شرحت سابقاً – التي تبنتها الحكومات الأردنيه المتعاقبه والتي ادت إلى عدم إجراء الانتخابات فهذه الحجه اصبحت لاغيه بعد قرار فك الارتباط ، وخاصهً بعد إعلان الدوله الفلسطينيه في عام 1988 . ومن جهه ثانيه ، كان للحمله الحكوميه نحو ( أردنه الأردن ) ، ابعادها الواسعه التعسفيه ، من حيث استفحال حالة القمع السياسي وتضييق الخناق على حريه التعبير والحريات السياسيه والعامه ، من خلال استخدام قوانين الدفاع والطوارئ والأحكام العرفيه ، التي ألغت معظم الحقوق الدستوريه للمواطنين ، وأعطت سلطات مطلقه للحكومه ، التي شنت حرباً على الصحافه من خلال حل مجالس إداره الصحف اليوميه الثلاث ، وإستبدالها بلجان حكوميه لإدارتها بما يتفق مع سياسه الحكومه وأهدافها الموجهه ضد منظمه التحرير الفلسطينيه ، وما تبع ذلك من تضييق الخناق على الصحفيين وابتزازهم وحتى فصل الكتاب والصحفيين الذين تجرأوا على نقد السياسه الرسميه ، وامتدت هذه الحمله لتشمل الهجوم على النقابات المهنيه ، بحجة قيامها بأنشطه سياسيه ، فوجهت التهديدات المختلفه للنقابيين النشطاء للإرتداع عن تنظيم النشاطات (26) ، وخاصهً تلك التي تتعلق بالتضامن مع الانتفاضه الفلسطينيه ، ووضعت قيوداً على حريه الاجتماعات ، وتوسعت التدخلات الحكوميه لتشمل التدخل في الانتخابات الداخليه أو الغاء نتائج هذه الانتخابات ، للنقابات العماليه والمنظمات النسائيه وانديه الشباب والروابط والجمعيات الثقافيه ، فتم حل رابطه الكتاب الأردنيين ، كما وتمتعت اجهزه المخابرات والأمن بصلاحيات واسعه بموجب الأحكام العرفيه ، في مناحي عديده مثل التنسيب للوظائف الحكوميه ، وطلب فصل بعض الموظفين، أو منع المواطنين ، من السفر والتنقل وغيرها ، وكانت هذه القرارات محصنه من الطعن بها أمام القضاء. ومن جهه ثالثه، أدت الحمله الحكوميه المذكوره سابقاً ، إلى تأجيج النعره الإقليميه وخلق أجواء التوتر بين الفلسطينيين والأردنيين ، وقد ساهمت أجهزة المخابرات العامه بذلك ، خصوصاً على صعيد الجامعات والمعاهد . ما أردت الوصول إليه من خلال شرحي السابق للحاله الأردنيه ، هو أن هناك خللاً داخلياً متراكماً على الصعيد الاقتصادي وعلى الصعيد السياسي ، أدى إلى تدهور الاوضاع ، وإنفجار ألازمه على الشارع الأردني على شكل انتفاضه الخبز عام 1989، وأقول هنا أن هذه الإنتفاضه هي اردنيه الجذور ، حيث انطلقت من الجنوب الأردني الذي يعد المعقل الرئيسي لمؤيدي الحكم الهاشمي ، فلم تكن هذه الانتفاضه صنيعه فلسطينيه ، وإن كانت نتيجه حتميه لسياسه اردنيه موجهه ضد الفلسطينين ، ادت إلى كشف الكثير من الحقائق التي كانت غائبه عن الأردنيين الاصليين ، وكشف زيف وفساد السياسات الحكوميه الأردنيه ، وامتدت هذه الإنتفاضه لتشمل جميع المناطق في المملكه حتى وصلت إلى العاصمه عمان ، تطالب الحكومه بالإستقالة ، وتطالب بمحاسبه المسؤولين عن الفساد وإختلاس المال العام ، وإلغاء قرارات رفع الأسعار ، وإجراء إنتخابات نيابيه حره ونزيهه ، وإطلاق الحريات العامه ، ودعم جهود الشعب الفلسطيني لإسترداد حقوقه الوطنيه. وعلى ما يبدو لم يكن أمام القصر الملكي ، الذي بدأ يشعر بحساسيه وخطوره الموقف المتأزم في الشارع الأردني ، وما قد يترتب عليه من تأثير على شرعيه نظامه ، هذا النظام الذي يسعى بالدرجه الأولى إلى الحفاظ على حكمه – ، كما شرحنا سابقاً – ، فلم يكن أمامه سوى تهدئه الشارع من خلال جمله من التغييرات ، التي وصفت رسمياً بأنها الخطوة الأولى نحو الديمقراطية ، ولكن يبقى السؤال ، لماذا الديمقراطية الان ؟ هل هي رغبةً من النظام في التحول إلى الديمقراطية ، ام انها نتيجه ضغوط الشارع الأردني ؟، بالتأكيد أنها نتيجه الضغوط التي أفرزتها انتفاضه الخبز ، بدليل أن الفرصه كانت متاحه أمام النظام الحاكم لإجراء عمليه التحول الديمقراطي ، بعد قراره بفك الارتباط مع الضفه الغربيه ، فلماذا لم يحدث هذا التحول؟! ، ولماذا زاد القمع السياسي ومصادره الحريات وانتهاك الحقوق ؟!، وعلى ضوء ذلك ، فالسؤال المطروح الان ، هل هذه التغييرات التي أجبر نظام الحكم على اجراءها ، يهدف منها تحقيق اصلاحات ديمقراطيه بإتجاه دمقرطة الأردن ، أم أنها مجرد سياسه جديده ينتهجها نظام الحكم تقوم على إصلاحات ليبراليه إنفتاحيه ، بهدف الإبقاء على هيمنة نظام الحكم الأردني ؟ الإجابه ستكون من خلال تحليل هذه التغييرات التي حصلت ، ومعرفه فيما اذا كانت تعتبر اصلاحات ديمقراطيه ام لا.
ثالثاً :- التغييرات والتحولات السياسيه الحاصله بعد عام 1989 :- 1- على صعيد الإنتخابات النيابيه :- أ- الإنتخابات النيابيه العامه 1989 :- جاءت هذه الانتخابات في ظل توجه حكومي نحو التحول الديمقراطي – بغض النظر عن أسباب هذا التوجه - ، فلم تستخدم الحكومه البنود الخاصه الموجوده في قانون الانتخاب لسنه 1986 ، والتي تحظر على الاحزاب التي لم تكن تتمتع بالشرعيه القانونيه ، التقدم بمرشحين عنها ، بالاضافه إلى تعطيل الفقره التي تمنع ترشيح من حوكموا بالجرائم السياسيه ، الأمر الذي اضفى الشرعيه على الانتخابات وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة من قبل المرشحين ، لقانون الانتخاب ، وعلى الرغم من قصر مده الحمله الإنتخابيه الرسميه – 25 يوماً - التي تؤثر على مستوى التنافس بين المرشحين ، إلا أن هذه الانتخابات ، جاءت معتمده على التنافس والمشاركه بشكل نزيه وحر ، فقد ترشح للانتخابات (647) مرشحاً يمثلون معظم القوى والفعاليات السياسيه ، حيث بلغ معدل التنافس العام (2و8 ) مرشح لكل مقعد ، وكانت نسبه المشاركه في عمليه الإقتراع قد بلغت 2و63% (27). وقد أفرزت هذه الإنتخابات مجلساً نيابياً فيه مظاهر التعدديه ، التي إشتملت على سائر التيارات السياسيه ، الاسلاميه والقوميه واليساريه والمحافظه ، وقد مارس هذا المجلس دوراً بارزاً في التأكيد على اهميه التحول الديمقراطي ، وتكريس إستقلاليته إزاء السلطه التنفيذيه ، وممارسه الرقابه على الاداء الحكومي من مساءله ومناقشه للسياسات ، والمشاركه في عمليه صنع القرارات وإصدار تشريعات جديده حملت طابعاً ديمقراطياً ، حيث أصدر قانون الاحزاب السياسيه لسنه 1992 ، وقانون المطبوعات والنشر لسنه 1993 ، وقانون الدفاع لسنه 1992 ، وقانون محكمه العدل العليا لسنه 1992 الذي بموجبه ألغي أي تحصين لاي عمل أو قرار حكومي من رقابه القضاء ، كما تم الغاء القوانيين الاستثنائيه وقانون مكافحه الشيوعيه وغيرها ، واستطاع هذا المجلس من خلال ضغط الشارع الذي كان لا يزال يعاني من ازمه شامله في المجالات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه ، أن يجبر الحكومه على اطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، وإعاده المفصوليين السياسيين إلى عملهم ، ورفع الاحكام العرفية ، وإلغاء القيودعلى التنقل و السفر و إعادة جوازات السفر المحجوزه إلى اصحابها ، و الغاء قرار حل رابطة الكتاب الأردنيين ، وإعادة مجالس الإدارة المنتخبة إلى الصحف اليوميه الثلاث(28) ب_ ( الصوت الواحد للناخب الواحد) والانتخابات النيابيه 1993 :- أصيبت العملية الإنتخابية الديمقراطية ، بحالة من التراجع إلى الوراء ، بدلاً من تقدمها إلى الأمام ، وذلك بعد إصدار الحكومه لقانون الإنتخاب المؤقت لسنه 1993، فمن جهة كان هذا القانون التفافاً من الحكومة على المجلس النيابي المنتخب وإستهانة بة (29) ، وقد يقول بعضهم بأن هذا القانون قد تم إصدارة بعد إنتهاء دورات مجلس النواب المنتخب ، وبالتالي يحق للحكومه وفقاً للدستور إصدار قوانين مؤقته لحين إقرارها من مجلس النواب الجديد ، ولكن السؤال المطروح هنا ، إذا كان هناك حاجة فعلاً لإصدار مثل هذا القانون ،فلماذا لم يصدر أثناء انعقاد مجلس النواب المنتخب عام 1989، إذا كانت الحكومة معنيه بالفعل بالعملية الديمقراطية ؟، ومن جهة أخرى فهذا القانون فرض لنظـام الصوت الواحد للناخب الواحد، مع إبقاء الدوائر الإنتخابية كما هي (20دائرة ) ، وبمعنى آخر – كما يقول طالب عوض -" إن نظام الصوت الواحد قد ساوى بين الناس من حيث التصويت ، لكنة لم يساوي بينهم في الوزن الصوتي ، فالثقل الصوتي يختلف من دائرة لأخرى حسب تناسب حصة الدائرة في المقاعد مع كثافتها السكانية" (30) ، فإذا كانت الحكومة تهدف من وراء هذا النظام هو تحقيق المساواة بين الناس أو محاولة نقل تجربة بعض الدول الإنتخابية التي تقوم على نظام الصوت الواحد إلى الأردن ، فلماذا لم ينص القانون على تعديل الدوائر الإنتخابيه بما يتلائم مع هذا النظام ؟ فنظام الصوت الواحد من ناحيه أولى يعني بالضروره أن تكون الدوائر الإنتخابيه متساويه مع عدد مقاعد مجلس النواب (80 دائره إنتخابيه = 80 مقعد برلماني ) ، ومن ناحيه أخرى فان هذا النظام انشأ في الانظمه الديمقراطية التي مرت بها الحياه الحزبيه وإستقرت ، بحيث أن الناخب فيها لا يتقدم لانتخاب أشخاص بل برامج حزبيه ، وهو ما يتنافى مع واقع المجتمع الأردني القائم على العشائريه .وبالتالي فهذا القانون المؤقت لم يعبر إلا عن سياسه حكوميه جديده تهدف إلى تكريس مفهوم العشائريه في بنيه المجتمع على حساب التوجهات السياسيه ، الأمر الذي يعني بروز القوى المحافظه المواليه لنظام الحكم ، فعلى ما يبدو أن تجربه برلمان 1989 الديمقراطية وتجاوزها للخطوط الحمراء ، دفعت الحكومه نحو هذه السياسه الجديده التي تعتمد على تكاتف القوى المحافظه لمنع تكرار تجربه مجلس النواب لعام 1989 ، وبالتالي فالهدف من هذا القانون التحكم بنتائج الإنتخابات من خلال إعاده تقسيم الأردن إلى دوائر انتخابيه جديده بحسب التركيبه العشائريه (31) . فهذا القانون المؤقت بما يحتويه من نظام الصوت الواحد ، ادى إلى تراجع العامل السياسي للحملات الإنتخابيه وبروز العوامل الشخصيه والعشائريه ، مما يعني انتكاسه للمنافسه والمشاركه التي تقوم عليها العمليه الإنتخابيه الديمقراطية ، وهو ما حصل في الانتخابات العامه عام 1993 ، حيث لعب نظام الصوت الواحد دوراً في عزوف بعض المرشحين ، وخصوصاً الذين لا يتمتعون بوزن عشائري كبير ، عن ترشيح انفسهم ، حيث انخفض معدل التنافس إلى (7،6) مرشحاً لكل مقعد ، وقد جاءت نسبه المشاركه في هذه الانتخابات متدنيه حيث بلغت 42%(32) ، وعلى الرغم من مشاركه جميع الاحزاب السياسيه في هذه الانتخابات الا أن نصيبها في مقاعد البرلمان – بسبب نظام الصوت الواحد – مجتمعه لم يتجاوز (32) مقعد من اصل (80) مقعد ، حيث كان التيار التقليدي الموالي للنظام هو صاحب اكبر تكتل نيابي في المجلس المنتخب بنسبه (49) مقعد ، وفي حين ان عدد المرشحات في انتخابات عام 1989 بلغ (12) مرشحه ، كان عدد المرشحات في هذه الانتخابات ثلاثه فقط ، استطاعت واحده فقط ان تصل إلى قبه البرلمان . فهذه التقسيمات في مقاعد مجلس النواب وسيطره التيار المحافظ عليها ادى إلى تراجع وتردي أداء هذا المجلس . ج- الانتخابات النيابيه العامه 1997 :- جرت هذه الانتخابات في جو من الاحتقان السياسي بسبب تراجع مناخ الوفاق الوطني ، وانقطاع الحوار بين الحكومه والمعارضه ، واستمرار أثار الازمه الاقتصاديه وتزايد الفقر والبطاله ، وتدني اداء البرلمان السابق ، مما ترك انطباعاً لدى المواطنين بأن المشاركه الإنتخابيه لن تؤدي إلى نتائج ايجابيه على صعيد حياتهم اليوميه ، وبأن قدره البرلمان على التاثير في سياسات الحكومه أصبحت محدوده ، هذا بالاضافه إلى إستمرار العمل بقانون الصوت الواحد ، وقيام الحكومه بإصدار قانـون مؤقت للمطبوعات والنشر عام 1997 ، ضاربهً بذلك مجلس النواب والرأي العام الأردني بعرض الحائط .(33) فهذه الاسباب والظروف تركت آثارها في مجرى الانتخابات ومستوى المشاركه الجماهيريه التي كانت أقل حماساً عن الانتخابات السابقه بسبب حاله الإحباط العام ، ففي بعض الدوائر وصلت نسبها الإقتراع إلى 11% فقط ، اما الدوائر التي كانت تعتمد عليها القوى المحافظه فوصلت نسبه الإقتراع فيها إلى 6و87 %(34) ، فهذه الأسباب التي ذكرت أدت إلى مقاطعه هذه الإنتخابات من قبل بعض الاحزاب المعارضه وخصوصا جبهة العمل الإسلامي التي كانت تتصدر المرتبة الأولى في انتخابات 1989 و 1993 ، وهذا الامر ادى إلى بروز التيار التقليدي المحافظ مرةً أخرى ، ولكن هذه المره بأغلبيه ساحقه ، حيث بلغ عددهم في المجلس المنتخب (62) عضو من أصل (80) عضو. (35) د- الانتخابات النيابية العامة 2003 (الانتخابات العشائرية) : على الرغم من قيام الحكومة باصدار قانون الانتخاب المؤقت رقم (34) لسنة 2001 ، وما يحتوية من نقاط ايجابية ، من حيث زيادة عدد مقاعد البرلمان من 80 الى 104 وزيادة عدد الدوائر من 21 الى 45 ، وعلى الرغم من اقدام الحكومة على تعديل قانون الانتخاب بقانون معدل رقم (11) لسنة 2003 بتخصيص (6) مقاعد لتتنافس عليها النساء (الكوتا النسائية) ، الى جانب الحق في المنافسة على المقاعد الأخرى كافة ، وبهذا ازداد عدد مقاعد البرلمان من 104 الى 110 ، على الرغم من هذا كله ، الا انه ابقي على نظام " الصوت الواحد " مع تعدد المقاعد في الدوائر الانتخابية . (36) وبسبب هذا النظام جرت انتخابات 2003 – بعد تعطيلها لأكثر من سنتين بقرار ملكي – مرة أخرى على أساس عشائري ، فالتنافس والمشاركة ، جاءت قائمة على أسس عشائرية وليست على أسس برامج حزبية ، حيث أفرزت الانتخابات نواباً ينتمون الى عشائر أردنية أصيلة كبيرة أو صغيرة موالية للنظام الحاكم ، وفي نفس اللحظة كنتيجة ، فشلت الاحزاب السياسية العريقة في ابراز قوتها ما عدا حزب جبهة العمل الاسلامي، الذي استخدم بعض المرشحين في بعض المناطق على أسس عشائرية بحتة لخلق حالة من الاختراق لتلك الشرائح الاجتماعية، والمعروف في المجتمع الاردني أن "الدين" والقيم الدينية لها تأثير كبير في حياة الناس من حيث أنها مصدر للقيم والسلوك الاجتماعي وربما السياسي . وعلى كل حال فإن التمثيل الحزبي في هذا البرلمان وصل الى 25% ، ومن هنا نرى أن نتائج الانتخابات النيابية هذا العام أفرزت نواباً مستقلين بكثرة ينتمون لعشائر موالية للنظام ، وهي وحدات أساسية من البناء الاجتماعي والسياسي للدولة لا يمكن نكرانها أو الانتقاص من قيمتها وبشكل عام فان نسبة التصويت على مستوى المملكة وصلت الى 58% ، ونرى ان النسب المئوية في المناطق العشائرية قد تعدت 80% (37) وهذا يدل على نقطة هامة هي ، الصراع أو التنافس العشائري الشديد، وشدة العصبية اتجاه مرشحي العشائر المتنافسة ، وبتقديري أن هذا الأمر تم الاعداد له من أجل منع الفلسطينيون الذين يعيشون علي حواف عمان في مخيمات اللاجئين، وفي المدن الشمالية من الاردن من السيطرة على البرلمان الاردني. * ما أود التوصل اليه هو أن هذه الانتخابات الأردنيه – بعد مرحله التراجع المتمثله بإقرار نظام الصوت الواحد وما رافقها من ظروف – وما تركته من آثار ، اهمها بروز الدور الكبير للتيار المحافظ في دعمه لنظام الحكم وتأييده لسياسات الحكومه ، لا تعبر إلا عن شئ واحد هو، إنتكاسه الديمقراطية والإنقلاب الحكومي عليها . 2- على صعيد الميثاق الوطني ( الدستور الديمقراطي المفترض ) : لقد قلنا سابقاً بأن الأردن مر بأزمه حقيقيه تمثلت بثورة الخبز ، وما رافقها من تداعيات ادت إلى حدوث شرخ عميق بين الشعب والحكومه الممثله لنظام الحكم ، كادت أن تؤدي إلى المساس بشرعيه النظام الحاكم ، لذلك أصدر الملك حسين توجيهاته بعمل ميثاق يمثل مصالحه وطنيه بين الشعب وقواه السياسيه وبين الحكم ونظامه ، على اساس ترسيخ مبادئ الديمقراطية ، ليكون هذا الميثاق احدى الخطوات العمليه في طريق الإصلاح الديمقراطي ، حيث تشكلت لجنه ملكيه لصياغه هذا الميثاق الوطني تكونت من العديد من الشخصيات الأردنيه التي مثلت جميع الاطياف السياسيه والاجتماعيه (38) ، حيث أقر في مؤتمر وطني عام عقد برئاسه الملك حسين في عام 1991 ، واشتمل على العديد من المرتكزات والمبادئ التي تقوم عليها الدوله الأردنيه ، مثل ترسيخ دعائم دوله القانون وسيادته ، والتأكيد على التعدديه السياسيه والحزبيه والفكريه ، وتحقيق متطلبات العداله الاجتماعيه ، كما اشتمل على الاسس التي تقوم عليها دوله القانون ، وضمانات النهج الديمقراطي ، وقواعد تنظيم الاحزاب السياسيه وضوابطها والمبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الأردني ، وقواعد الثقافه والتربيه والعلوم والاعلام والعلاقه الأردنيه الفلسطينيه ، والعلاقات الأردنيه – العربيه والاسلاميه والدوليه وغيرها(39) . وقد وضح هذا الميثاق في الفصل الاول منه ، الاسباب والاهداف التي قام من اجلها هذا الميثاق ، ومنها ارساء قواعد العمل الوطني العام وزياده المشاركه الشعبيه في بناء مستقبل الوطن وتعميق الثقه بين المواطنين ومؤسسات الدوله ، ووضع نواظم عامه لممارسة التعدديه السياسيه بإعتبارها الركن الآخر للديمقراطيه ، والاستمرار بمسيره التقدم الوطنيه والتحول الديمقراطي في البلاد على اعتبار " أن الخيار الديمقراطي هو انجح السبل واكثرها ملائمه لتلبيه طموحات الشعب الأردني وتطلعاته الوطنيه والقوميه والإنسانيه " (40) . والحقيقه تقال هنا أن هذا الميثاق – كورقه – يضم مبادئ وأسس وقيم وضوابط ، ومنهجاً جيداً لتحقيق الإصلاح الديمقراطي الشامل في جميع الميادين ، بحيث لو تم تطبيق جميع مبادئه ، لكان قد جعل من الأردن نموذجاً يحتذى في النهج الديمقراطي والمجتمع المدني والدوله المؤسسيه ، وبالتالي كاد ان يكون هذا الميثاق انجازاً حضارياً متقدماً ، ومرجعيه مهمه للاصلاح العميق الشامل والبناء في مختلف ميادين الحياه ، وإرساء قواعد العمل الوطني (41) ، الا ان عدم تطبيقه وعدم تحويله إلى دستور مصادق عليه شعبياً ، ادى إلى اهماله من قبل نظام الحكم ومن قبل المعارضه ، والسؤال المطروح هنا ، إذا كان هذا الميثاق هو بمثابة المصالحه الوطنيه بين الحكومه والشعب ، أو كما يسميه البعض ، عقد اجتماعي بين نظام الحكم والشعب ، كيف يمكن تفسير تراجعه عن الساحه الأردنيه ؟، بالتأكيد ان هذا التراجع سببه عدم اعطاء هذا الميثاق الصفه القانونيه الملزمه ، حيث بقيت الزاميته من الناحية الادبية والمعنويه ، فطبيعة هذا الميثاق لا تتمتع بالصفة الالزامية ابتداءً ، فمثلاً كيف يمكن لنا ان نقول ان هناك اتفاقاً ما بين مجموعه من الاشخاص – سواء كانوا طبيعيين ام اعتباريين – اذا لم يكن هذا الاتفاق يتمتع بصفه الالزام ، على الاقل ، بين المتفقين بخصوصه ، وهذا الامر يجرنا إلى طرح سؤال آخر وهو ، لماذا لم يتمتع هذا الميثاق بصفه الالزام القانونيه من خلال استفتاء شعبي عليه لاقراره ، أو على الاقل بإقراره من مجلس الأمه لاعطاءه صفه الوثيقه القانونيه الملزمه ليأخذ طريقه للتنفيذ ؟ (42) ، قد يكون الجواب على هذا السؤال منطقياً اذا قلت ، بأن هذا الميثاق وعلى ما يبدو جاء نتيجه متطلبات آنيه في فتره معينه ، ما ان تم تجاوزها ، حتى انتهت صلاحيته وتم تجميده ، والا فلماذا لم تتم المصادقه عليه !، ففي البدايه لعب هذا الميثاق دوراً مهماً في مرحله التحول الديمقراطي ، حيث عمل على ترسيخ التوجه الديمقراطي ، وكان بمثابه الملهم لمجموعه من القوانين وتعديلاتها ، التي أتاحت مزيداً من الحريه والديمقراطية ، إلا أنه تراجع بعد ذلك ، لعده عوامل أهمها عدم تمتعه بالصفه الالزاميه ، والإنتكاسه التي اصابت الديمقراطية عام 1993 بعد اقرار قانون الانتخاب المؤقت (43) ، وكذلك توقيع معاهده السلام مع إسرائيل ( وادي عربه ) عام 1994 ، حيث ادت إلى التجميد الفعلي لروح المصالحه الوطنيه التي مثلها الميثاق ، واغلاق باب الحوار الوطني ، بعد ظهور العديد من الانتقادات اللاذعه والتحريض والعمل ضد هذه المعاهده . ما اريد التوصل اليه ، ان هذا الميثاق كاد ان يكون بمثابه الدستور الديمقراطي الذي تقوم عليه الدوله الأردنيه في طريقها إلى التحول الديمقراطي ، الا ان نظام الحكم وعلى الرغم من مبادرته بوضع هذا الميثاق ، لم يكمل النصف الآخر من الإصلاح الديمقراطي المطلوب فيما يتعلق بهذا الميثاق ، ألا وهو المصادقه عليه بإستفتاء شعبي أو – كما قلنا – على الاقل بإقراره من المجلس النيابي المنتخب ، وهذا الامر يثير الشكوك حول مصداقيه نظام الحكم فيما يتعلق بعمليه التغيير والإصلاح التي يسعى اليها ، حيث بات واضحاً ان عمليه التغيير التي انتهجها النظام والمتمثله بهذا الميثاق ، لم تكن بغرض تحقيق الإصلاح الديمقراطي ، وانما لاغراض تخفيف حده التوتر والصراع بينه وبين الشعب ولفتره زمنيه معينه فبات هذا الميثاق وكأنه دستور ديمقراطي مفترض لا إلزاميه قانونيه له ، لاي طرف من اطراف المعادله السياسيه الأردنيه . 3- على صعيد حريات الصحافه والتعبير :- اذا كانت الحرية الصحفيه والإعلاميه وحريه الرأي والتعبير ، هي احدى التغييرات الاساسيه في التحول الديمقراطي الأردني ، فهي لم تكن الا نتيجه طبيعيه لقانون المطبوعات والنشر لعام 1993 الصادر عن المجلس النيابي المنتخب عام 1989 ، الذي يعتبر احدى الانجازات الديمقراطية التي قام بها هذا المجلس، وعلى الرغم من أن هذا القانون لم يمثل طموحات العديد من الكتاب والصحفيين والسياسيين ، الا انه يمكن القول بأن هذا القانون جاء " منسجماً مع النهج الديمقراطي وروح الميثاق الوطني الأردني الذي أكد على قيام رسالة الأعلام الأردني على مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية واحترام الحقيقه وقيم الامه العربيه " (44). فهذا القانون يكفل حريه الصحافة والطباعة والرأي لكل مواطن ، ويتيح للمواطنين الاطلاع على الوقائع والأفكار والاتجاهات والمعلومات في جميع المجالات التي تهم المجتمع الأردني على جميع المستويات ، كما يعطي الحق للمواطنين بنشر آرائهم وتحليل الاخبار والمعلومات والتعليق عليها في حدود القانون ، وكذلك حق الأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والنقابات في التعبير عن الرأي والفكر ، كما يعطي الحق لاي شخص بما في ذلك الأحزاب السياسية في تملك المطبوعات الصحفيه وإصدارها وفقاً لاحكامه ، والاهم من ذلك ، ان هذا القانون يعطي القضاء وحده – ولا يعطي السلطة التنفيذية – صلاحية محاسبه ومعاقبة الصحف والصحفيين (45). وعلى أساس هذا القانون ، صدرت عدة صحف يوميه وأسبوعيه جديده بعد حصولها على التراخيص اللازمه ، كما إستفادت الأحزاب السياسية من بنود هذا القانون ، التي أعطت الحزب الحق في إصدار مطبوعة خاصة به ، على أساس انه لا يلزم أن يكون رئيس تحرير الصحيفة الحزبية ، عضواً في نقابة الصحفيين ، ولا يلزمها وجود رأسمال من أجل الصدور ، فصدرت العديد من الصحف الحزبية التي شهدت ثوره كبيره خلال الأعوام 1990 – 1994 .(46). إلا أن الأمر لم يستمر على حاله ، خصوصاً بعد دخول الأردن في معاهده سلام مع إسرائيل عام 1994 التي عززت الإنقسامات الداخلية ، وكرست تراجع مناخ الحوار الوطني ، وظهور المعارضة لهذه المعاهده وما رافقها من انتقادات واسعه ، سواء من الأحزاب السياسيه أو مؤسسات المجتمع المدني المختلفه ، مما دفع بالحكومة إلى التراجع عن القانون المذكور ، من خلال اجراء تعديلات عليه أدت إلى صدور قانون المطبوعات والنشر المؤقت عام 1997 – وهو قانون يتنافى إصداره مع الدستور – ، والذي وضع قيوداً على حريه الصحافه الأردنيه ، ومصادره حريه التفكير ، والحد من حريه التعبير عن الرأي ، بفرض عقوبات شديده على الصحف وكتابها ، ومن خلال فرض قيود إداريه وماليه مثل ، حظر الكتابه في غير المجال المصرح به ، ورفع قيمه رأسمال الصحيفه اليوميه بما لا يقل عن (500) ألف دينار والصحيفة الاسبوعيه عن (100) الف دينار ، مما تسبب بإغلاق 13 صحيفه اسبوعيه دفعه واحده (47) ، كما توقفت اربع صحف إسبوعيه حزبيه عن الصدور بسبب القيود التي فرضها هذا القانون المؤقت ، هذا بالاضافه إلى هيمنه الحكومة على وسائل الأعلام وتجاهلها على الصعيد الرسمي للرأي الآخر والتعتيم عليه ، فالحكومه تملك معظم وسائل الإعلام الرئيسية مثل الاذاعه والتلفزيون ، ووكالة الأنباء الأردنيه ، ولها 60% من اسهم جريده الرأي و 40% من أسهم جريده الدستور ، وبالتالي فهي تستطيع توجيه الرأي العام كما تريد (48). فإذن هذا تراجع آخر لنظام الحكم ، عن ما أجراه من تغييرات فيما يتعلق بحريه الصحافة والتعبير ، بعد قيامه بإقرار قانون مؤقت للمطبوعات والنشر، والذي يمثل ضربهً موجعةً للإصلاح الديمقراطي ، وانقلاباً فاضحاً على حريات الصحافه والتعبيرعن الرأي ، فكيف يمكن لنا أن نقول أن ما جرى من تغيير على صعيد حريه الصحافه والتعبير ، هو من قبيل الإصلاح الديمقراطي !. 4- على صعيد الاحزاب السياسيه :- اذا كان عام 1957 هو تاريخ تحريم العمل الحزبي في الأردن – كما اشرنا سابقاً – ، فإن تاريخ 1992 هو تاريخ السماح بإنشاء وتأسيس الأحزاب السياسيه ، على إعتبار أن هذا هو التغيير الذي قام به نظام الحكم من خلال إقراره في الميثاق الوطني ، بضرورة إقامة التعددية السياسية ، باعتبارها أحد أهم اركان الديمقراطية ، ومن خلال إقراره لقانون الأحزاب السياسيه رقم 32 لسنة1992 ، الصادر عن المجلس النيابي المنتخب عام 1989، فبموجبه تم إنشاء وتأسيس ما يقارب 28حزباً ، مثلت اربعه تيارات رئيسيه هي التيار الإسلامي والتيار القومي والتيار اليساري والتيار الوسطي الليبرالي (49) ، وبالتالي فهذه الأحزاب عبرت عن معظم التوجهات والأفكار والعقائد المختلفه في المجتمع الأردني ، وقد شاركت معظم هذه الأحزاب في عمليه الانتخابات البرلمانيه ، وإن كانت نسبه تمثيل معظمها ضئيله في المجالس النيابيه ، وقد اعطى قانون الأحزاب السياسيه المذكور للأحزاب حقوقاً وضمانات تكفل العمل الحزبي بما يتلائم مع مبادئ الديمقراطية (50). ولكن حتى نستطيع أن نصف ما جرى من تغيير على هذا الصعيد بأنه على سبيل الإصلاح الديمقراطي ، يجب ان تكون هذه الاحزاب متمتعه بدور أساسي في المشاركه والتداول على السلطه ، بحيث تصبح مؤثره في الحياه السياسية ، مما يزيد قناعات الناس بالحاجه إلى الاحزاب ، وبالتالي تضييق نطاق التسييس للعشيرة ، فهل هذا هو بالفعل واقع الاحزاب السياسيه في الأردن ؟! أعتقد بأن الإجابه على هذا التساؤل لن ترهقني كثيراً ، فالأمور واضحه اكثر مما ينبغي ، فهناك ضعف واضح للأحزاب السياسيه في الساحه الأردنيه ، فإستطلاعات الرأي التي اجريت هناك ، تشير إلى ان عدد المنظمين في الأحزاب السياسية اقل من 2% من سكان الأردن (51) ، أي بمعنى أن هذه الأحزاب لم تستطع أن تتحول إلى قوه الفعل الحقيقيه في المجال السياسي ، وفي نفس الوقت زادت الإنتماءات الجهويه والعشائرية والعائليه والدينيه ، على حساب الأحزاب السياسية وعلى تأثيرها في السياسات الحكوميه ، مما أدى إلى انهيارها واهمالها على المستوى الشعبي والحكومي في أن واحد . وقد يقول بعضهم بأن ضعف الأحزاب السياسيه يرجع إلى عوامل ذاتيه خاصه بها – كما يقول طالب عوض – فهي " لم تعمل تطوير خطابها السياسي وبقيت أسيرة المواقف السابقه ، ولم تستطع أن تصل إلى فئات الشعب وخاصه الشباب والمرأه " (52) ، قد يكون ذلك صحيحاً ، ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه ، هل سمح نظام الحكم لهذه الأحزاب بتطوير خطابها السياسي ، حتى تستطيع الوصول إلى فئات الشعب ؟! ، بالتأكيد أن التوجهات الحكوميه والإجراءات التي قامت بها ، تكفي للاجابه على هذا السؤال بالنفي ، فنظام الصوت الواحد الذي اقرته الحكومه في قوانين الانتخابات المؤقتة المتلاحقة واخرها قانون سنة 2003 ، أدى إلى تفتيت الأحزاب وتقليص مقاعدها في المجلس النيابي ، وتكريس النهج العشائري الذي ادى إلى تضييق الخناق على الانتماء السياسي ، كما ان اقرار الحكومه لقانون المطبوعات والنشر المؤقت ، ساهم بشكل كبير في مصادره حريه التفكير والتعبير عن الرأي (سياسه تكميم الأفواه ) ، هذا بالاضافه إلى تجميد الميثاق الوطني وما كان له من أثر كبير على أداء العمل الحزبي ، وعلينا ان لا ننسى الغياب الطويل للحياه الحزبيه عن الساحه الأردنيه ، وفتره الأحكام العرفيه التي فرضها نظام الحكم ، والتي تعرض خلالها الحزبيون للاضطهاد والتعذيب والملاحقه والنفي ، الأمر الذي أدى إلى إبقاء الخوف مزروعاً بداخل نفوس المواطنين ، من الأجهزه الامنيه (53) ، كما أن الاعلام الرسمي تجاهل دوره المطلوب منه في عمليه التغيير ، بتشجيع المواطنين على الانضمام للأحزاب السياسيه ، هذا الاعلام المملوك بالكامل لنظام الحكم . ما اريد التأكيد عليه ، انه على الرغم من حداثة نشأة الأحزاب السياسيه الأردنيه ، وعدم إستقرار الحياه الحزبيه في االأردن ، إلا أن ذلك لم يكن سبباً كافياً يمكن الإعتماد عليه لتبرير ضعف الاحزاب وعدم تحقيق الإصلاح الديمقراطي المطلوب على هذا الصعيد ، وانما السبب الأهم هو، سياسه وتوجهات وإجراءات الحكومه الممثله لنظام الحكم ، هذا النظام الذي لم يساعد على تهيئة الظروف المناسبه لإستقرار الحياه الحزبيه ، بل على العكس ، قام بما يلزم لتجميد هذه الحياه وشرذمة الاحزاب . 5- على صعيد مؤسسات المجتمع المدني : يتمثل التغيير الأهم الذي حدث على صعيد مؤسسات المجتمع المدني الأردني ، في ذلك النمو العددي الملحوظ لهذه المؤسسات وتنوعها وإنتشارها ، وظهور منظمات مدنيه جديده لم تكن موجوده قبل التغييرات والتحولات السياسيه الحاصله بعد عام 1989 ، مثل منظمات حقوق الإنسان ، وجمعيات ومؤسسات التنميه الديمقراطية ، ومراكز الابحاث والدراسات ، والمنظمات النسائية المتخصصه وغيرها(54). ويمكن تقسيم مؤسسات المجتمع المدني الأردني إلى نوعين ، الأول يضم منظمات ذات طابع تقليدي مثل الروابط والجمعيات الخيريه وغيرها ، والثاني يضم منظمات ذات طابع حديث مثل النقابات العماليه والمهنيه وغيرها ، ويقوم المجتمع المدني الأردني على ما يقارب (13) فئه من التنظيمات التي تعكس بنيه المجتمع المدني ، والتي تضم أكثر من (2000) منظمه ، ويشكل أعضاؤها ما نسبته 17% من اجمالي سكان الأردن (55). وعلى الرغم من أهميه هذا النمو العددي لمؤسسات المجتمع المدني الأردني وتنوعها ، إلا أن الأهم من ذلك هو، مدى قدره هذه المؤسسات على ان تكون قوه ضغط أو قوه تغييريه للسياسات الحكوميه بإتجاه الإصلاح الديمقراطي ، فهل تتمتع هذه المؤسسات بقوى حقيقيه فاعله ؟، إن الإجابه على هذا السؤال يتطلب منا أن نحدد الوسائل والعوامل التي تجعل هذه المؤسسات قوى فاعله ، والبحث فيما إذا كانت هذه العوامل والوسائل موجوده لدى مؤسسات المجتمع المدني الأردني أم لا. من المعروف – على الأقل تاريخياً – بأن فاعليه وقوه مؤسسات المجتمع المدني مستمده من تمتع هذه المؤسسات بالإستقلالية " الفصل بين مؤسسات الدوله والمؤسسات المجتمعيه " (56) ، ومستمده كذلك من تعدد مصادر قوتها الماديه والبشريه ، ومن توافر نظام اجتماعي ديمقراطي حديث تباح فيه حريات التنظيم والنشاط والحمايه القانونيه لعملها ، والسؤال المطروح هنا ، هل تتمتع المؤسسات المجتمعيه في الأردن ، بهذه الإستقلاليه وبهذه الموارد وبهذا النظام الاجتماعي الديمقراطي ؟، قد لا اظلم نظام الحكم الأردني ، إذا قلت بأنه ساهم وبشكل كبير في عدم السماح بتوافر هذه العوامل والوسائل لهذه المؤسسات ، الأمر الذي أدى إلى تعطيل فاعليتها وقوتها في التغيير . ومما يدلل على ذلك ، من الناحيه السياسيه ، أن الدوله الأردنيه ممثلةً بنظامها ومؤسساتها ، منذ تأسيسها ، كانت تشغل الحيز الأكبر من المجال العام – وهو ما كنت قد شرحته في الجزء الاول من هذه الدراسه – الامر الذي أدى إلى إرساء قاعده سياسيه وقانونيه تعمل لصالح الدوله ومؤسساتها على حساب المجتمع ومؤسساته ، ومن الناحيه القانونيه ، تعتبر القوانين التي تحكم عمل مؤسسات المجتمع المدني ، من أهم العوامل التي تحد من قدرة هذه المؤسسات على ممارسه نشاطاتها ، بسبب ما تفرضه من قيود على مواردها الماليه ، وإعطائها الصلاحيات للجهات الحكوميه بالإشراف على مؤسسات المجتمع المدنـي المختلفه ، وحق هذه الجهات في منح أو عدم منح التراخيص لهذه المؤسسات ، أو مراقبه انتخابات مجلس النقابه ، وترأس الوزراء المعنيين للمجالس التأديبيه النقابيه ، كما تتمتع هذه الجهات الحكوميه بصلاحيه حل الجمعيات أو المؤسسات أو مجلس أيٍ من النقابات المهنيه ، لمقتضيات الأمن والسلامه العامه ، وقد اجازت بعض القوانين للجهات الامنيه حق التدخل في العضويه والإجتماعات ، وأي شئ تراه متصلاً بحمايه الامن ، فهذه القيود وهذه الصلاحيات الممنوحه للحكومه والتي نجدها في العديد من القوانين – مثل قانون الجمعيات والهيئات الاجتماعيه رقم 33 لسنه 1966 ، والقوانين التي تنظم عمل النقابات المهنيه ، وقانون العمل رقم 8 لسنه 1996 –، ساعدت بشكل كبير في الحد من قدرة وقوة مؤسسات المجتمع المدني ، ومن الناحيه الإجتماعيه ، شرحنا سابقاً ، كيف إستطاع نظام الحكم أن يقوم بترسيخ النظام الإجتماعي العشائري – العائلي ، من خلال إقراره لنظام الصوت الواحد ، الأمر الذي أدى إلى خلق بيئه اجتماعيه تمتاز بالانقسام في المجتمع حسب الاصول الوطنيه للاردنيين ، مما انعكس بدوره على إداء مؤسسات المجتمع المدني ، هذا بالاضافه إلى تحكم نظام الحكم بعدد من المؤسسات التي تحتاجها لتثبيت استقرار حكمها مثل القوات المسلحه والاعلام المرئي والمسموع ، الأمر الذي ساعد على تعطيل فاعلية مؤسسات المجتمع المدني في الأردن. (57) الخلاصه لقد وضحت في مقدمه هذه الدراسه من خلال الإطار النظري لها ، بأن أي تحول ديمقراطي لا بد أن يتم من خلال إحدى أليات التحول الديمقراطي ، والتي استخدم منها نظام الحكم الأردني آلية الإصلاح ، هذه الآليه التي يجب أن نميز فيها ما بين نوعين من الإصلاح ، الاول : الإصلاح الديمقراطي الذي يهدف إلى التحول الديمقراطي وترسيخ مبادئ الديمقراطية ، والثاني : الإصلاح الليبرالي الذي يهدف إلى دعم شرعيه نظام الحكم القائم ، ومن هنا جاءت إشكاليه هذه الدراسه التي صغتها على شكل السؤال التالي :- هل تعتبر التغييرات والتحولات السياسيه التي قام بها نظام الحكم الأردني ، اصلاحات ديمقراطيه بهدف التحول بإتجاه الديمقراطية ، ام انها لا تتعدى ان تكون اصلاحيات ليبراليه بهدف دعم نظام الحكم القائم وجعله مقبولاً لدى الشعب ؟. لقد بينت من خلال الشواهد التاريخيه والتحليل العلمي المنطقي لها ، في الجزء الاول من هذه الدراسه ، بأن طبيعه هذا النظام الذي يستمد شرعيته من الإرث التاريخي للأسرة الحاكمه ودورها الاساسي في الثورة العربيه الكبرى ، والذي يعتمد على فلسفه الحفاظ على الوجود ، تتناقض – هذه الطبيعه – إبتداءً مع الإصلاح الديمقراطي المطلوب للتحول بإتجاه الديمقراطية ، فهذا النظام لا يسمح بالاساس بإجراء تغييرات في بنيه نظامه السياسي وتحويله إلى نظام ديمقراطي ، إلا أنه قد يسمح بإجراء إصلاحات ليبراليه لا تشكل تهديداً للنظام الملكي الأردني ، وذلك لأسباب داخليه ، تتمثل بإمتصاص نقمه الشارع الأردني على النظام وتجديد شرعيته ، ولإسباب خارجيه تتمثل بتحسين صوره الأردن أمام الغرب ، وتقديمه كنموذج يحتذى به ، فالأردن لا يستطيع تجاهل الوضع الدولي الذي يشكل عاملاً ضاغطاً لمواصلة السير في النهج الديمقراطي . ولقد حاولت في الجزء الثاني من هذه الدراسه ، أن أوضح الحاله الأردنيه التي كانت تمر بأزمه حقيقيه من الناحيه الإقتصاديه ومن الناحيه السياسيه ، بسبب السياسات الحكوميه الرديئة القائمةعلى الفساد والرشوه والترهل الاداري ومصادرة الحقوق والحريات ، الأمر الذي ادى إلى تفجر الأوضاع على شكل ثورة الخبز ، هذه الثوره التي ايقظت نظام الحكم من غفوته ، بعد أن هزت الأسس السياسيه والإجتماعيه الداخليه لشرعيه النظام ، مما أجبره على إتخاذ بعض التغييرات والتحولات السياسيه التي لم تكن اكثر من مجرد مخدر ينتهي أثره بإنتهاء احداث الشغب ، وهو ما حاولت إثباته في الجزء الثالث من هذه الدراسه . فهذه التغييرات والتحولات التي قام بها نظام الحكم – إجراء الإنتخابات البرلمانيه ، الميثاق الوطني ، حريه الصحافه والتعبير ، الاحزاب السياسيه ، مؤسسات المجتمع المدني – ، جاءت نتيجه متطلبات آنيه متمثله بثورة الخبز ولفتره معينه ، ما أن تم تجاوزها حتى انتهى مفعولها وصلاحيتها ، فهذه التغييرات وإن كانت قد بدأت بالشكل المطلوب لتحقيق الإصلاح الديمقراطي ، إلا أن جزءاً منها لم يستمر بهذا النهج الديمقراطي ، والجزء الآخر تراجع إلى الوراء ، وفي كل الاحوال بقيت هذه التغييرات والتحولات محكومه ومسيطر عليها من قبل نظام الحكم القائم ، وهو ما ينطبق مع الاطار النظري الذي كنت قد بينت فيه ، بأن الإصلاحات الليبراليه إذا ما وصلت إلى مرحله من التوقعات بقرب حدوث تغييرات أكبر قد تؤدي إلى تغييرات في بنيه النظام الحاكم ، فإن ذلك قد يؤدي إلى رده فعل عكسيه من قبل النظام ، بإنهاء هذا التحول الليبرالي والعوده من جديد إلى النظام التسلطي ، وهو ما حدث في الأردن . فعلى صعيد الإنتخابات النيابيه ، قامت الحكومه بإقرار نظام الصوت الواحد ، واستطاع نظام الحكم من خلاله ، بالتحكم بنتائج الانتخابات بشكل أثر على المنافسه والمشاركه ، وذلك من خلال إعادة تقسيم المملكه إلى دوائر إنتخابيه جديده بحسب التركيبه العشائريه ، التي أفرزت قوى محافظه تقليديه مواليه للنظام ، وعلى صعيد الميثاق الوطني الذي كاد أن يكون دستور ديمقراطي يحكم البلاد ، إلا أن ذلك لم يتم بسبب النظام الحاكم الذي لم يعمل على إضفاء الصفه الإلزاميه عليه بالمصادقه عليه من قبل المجلس النيابي ، مما ادى إلى اهماله ، وعلى صعيد حريه الصحافه والتعبير تراجع النظام الحاكم عن ذلك ،من خلال إقراره لقانون المطبوعات والنشر المؤقت لعام 1997 ، والذي بموجبه صودرت حريات الصحافه والتفكير والتعبير عن الرأي ، وعلى صعيد الإحزاب السياسيه إستطاع نظام الحكم ان يقوم بفرض سياسة ( تكميم الأفواه ) على هذه الإحزاب ، التي كان قد سمح بإنشائها بموجب قانون الاحزاب السياسيه ، إلا أنه ونتيجة إقراره للقوانين المؤقته وتجميد الميثاق الوطني وسيطرته على الاعلام ، إستطاع أن يجمد الحياه الحزبيه ويشتت ويضعف فاعلية هذه الأحزاب ، بعد تكريسه للمفهوم العشائري بداخل المجتمع الأردني ، وعلى صعيد مؤسسات المجتمع المدني ، إستطاع نظام الحكم أن يفرض هيمنته ورقابته وإشرافه على هذه المؤسسات من خلال القوانين التي تنظم عمل هذه المؤسسات وتفرض رقابه على مواردها الماليه ، هذه القوانين التي تعود في معظمها إلى فتره ما قبل عام 1989 ، وهي في الأساس غير ديمقراطيه وتحد من مشاركه المؤسسات في صنع القرار والتأثير في السياسات الحكوميه ، الأمر الذي أدى إلى عدم تمتع هذه المؤسسات بالإستقلاليه المطلوبه،والحد من قدرتها وقوتها المطلوبه لتغيير السياسات الحكوميه بإتجاه الإصلاح الديمقراطي . مما تقدم من تحليل موضوعي ، للأحداث والظواهر والتغييرات والتحولات السياسيه التي حدثت على الساحه الأردنيه ، استطيع الخروج بنتيجه مفادها ، أن طبيعه نظام الحكم الأردني وما قام به من تغييرات وتحولات سياسيه ، لا تتناسب بل تتناقض مع الإصلاح الديمقراطي الذي يمثل إحدى آليات التحول الديمقراطي ، فهذه التغييرات لا تتعدى أن تكون أكثر من سلسله من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتهدئه الأوضاع الداخليه ، وذلك على شكل سياسة حكوميه جديده يمكن تسميتها إصلاحات ليبراليه أو إنفتاحيه ، الهدف منها تثبيت شرعيه النظام ، وبالتالي طالما أن آليه التحول الديمقراطي لم تتحقق ، فهذا يقودنا إلى استنتاج بأن ما جرى في الأردن لايمكن توصيفه بالتحول الديمقراطي ، وإن كان يمكن إعتباره تحولاً سياسياً أو انفتاحاً ليبرالياً ، ولكن بدون ديمقراطيه .
قائمـه الهوامـش :- (1) صامويل هانتنجتون ، الموجه الثالثه : التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين ، ص208 (2) صامويل هانتنجتون ، مرجع سبق ذكره ، ص179 . (3) انظر في ذلك المواد (28-40) ، من الدستور الاردني . (4) أمين بني حسن ، التحديث والاستقرار السياسي في الأردن ، ص63 (5) موسى البديري ، الدوله ونظام الحكم في الأردن ، مجله المستقبل العربي ، ص163 (6) محمد الشرعه ، التجربه الديمقراطية في الأردن ، مجله المستقبل العربي ، ص184 (7) هاني الحوراني ، إشكاليات تعثر التحول الديمقراطي في الوطن العربي ، ص209 (8) صامويل هانتنجتون ، مرجع سبق ذكره ، ص209 (9) أمين بني حسن ، مرجع سابق ذكره ، ص56 (10) هاني الحوراني ، مرجع سبق ذكره ، ص209 (11) علي المحافظه ، الديمقراطية المقيده ، ص51 (12) احمد ابو ذياب ، إنتفاضه الخبز والديمقراطية في الأردن ، مجله الفكر الديمقراطي ، ص112 (13) علي محافظه ، الأردن … إلى أين ؟ مجله المستقبل العربي ، ص30 (14) علي محافظه ، الديمقراطية المقيده ، ص62 (15) علي محافظه ، مرجع سابق ، ص69 (16) أحمد ابو ذياب ، مرجع سابق ، ص114 (17) محمد الشرعه ، التجربه الديمقراطية في الأردن ، مجله المستقبل العربي ، ص183 (18) مصطفى الحمارنه ، الأردن ، ص61 (19) محمد الشرعه ، مرجع سابق ، ص184. (20) مصطفى الحمارنه ، مرجع سابق ، ص62 (21) هاني الحوارني ، مرجع سابق ، ص200 (22) علي محافظه ، الأردن … إلى أين ؟ ، المستقبل العربي ، ص28 (23) محمد الشرعه ، مرجع سابق ، ص187 (24) احمد ابو ذياب ، مرجع سابق ، ص109 (25) علي محافظه ، الديمقراطية المقيده ، ص43 (26) احمد ابو ذياب ، مرجع سابق ، ص111 (27) طالب عوض ، التحولات الديمقراطية في الأردن ، ص12 (28) هاني الحوراني ، مرجع سابق ، ص202 (29) طاهر المصري ، عقد من الديمقراطية في الأردن ، ص33 22
(30) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص40 (31) علي محافظه ، الأردن … إلى أين؟ ، مجله المستقبل العربي ، ص24 (32) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص45 (33) طاهر المصري ، مرجع سابق ، ص34 (34) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص95 (35) محمد الشرعه ، مرجع سابق ، ص193 (36) طالب عوض ، المراة والانتخابات ...في ضوء نتائج الكوتا النسائية في الاردن ، مجلة افاق برلمانية ، ص25 (37) امين المشاقبة ، نجاح العشائرية وفشل الاحزاب ، المرصد الاعلامي للانتخابات النيابية لعام 2003-12-22 ، http://www.al-hadath.com (38) محمد الشرعه ، مرجع سابق ، ص189 (39) هناك العديد من المبادئ والأسس والضوابط التي إحتوى عليها الميثاق الوطني الأردني حيث اشتملت على جميع نواحي الحياه السياسيه والمدنيه والإقتصادية والإجتماعيه والثقافيه . (40) الميثاق الوطني الأردني ، الفصل الأول . أخذ من كتاب المدخل إلى النظام السياسي الأردني ، د. محمد ومنذر الدجاني ، ص484 (41) طاهر المصري ، الميثاق الوطني والتحول الديمقراطي في الأردن ، ص24 (42) هاني الحوراني ، الميثاق الوطني والتحول الديمقراطي في الأردن ، ص16 (43) أحمد حسن ، التعديل الوزاري في الأردن ، مجله السياسه الدوليه ، ص108 (44) محمد ومنذر الدجاني ، المدخل الى النظام السياسي الاردني ، ص276 (45) محمد ومنذر الدجاني ، مرجع سابق ، ص277 (46) طالب عوض ، التحولات الديمقراطية في الاردن ، مرجع سابق ، ص59 (47) محمد الشرعه ، مرجع سابق ، ص196 (48) علي محافظه ، الأردن … إلى أين ؟ مجله المستقبل العربي ، ص31 (49) محمد ومنذر الدجاني ، مرجع سابق ، ص310-312 (50) انظر في ذلك إلى نصوص المواد (4،11،15،17،18،21)، من قانون الأحزاب السياسيه الأردني رقم 32 لسنه 1992. (51) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص36 (52) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص36 (53) علي محافظه ، مرجع سابق ، مجله المستقبل العربي ، ص28 (54) طالب عوض ، مرجع سابق ، ص67 (55) هاني الحوراني ، دليل منظمات المجتمع المدني الأردني ، ص15 (56) عزمي بشاره ، إشكاليات تعثر التحول الديمقراطي في الوطن العربي ، ص392. (57) هاني الحوراني ، دليل منظمات المجتمع المدني الأردني ، ص16-18
#ليث_زيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعداد نقدي لرسالة ماجستير
-
حوارات ممنوعة
-
أنتي .. هي
-
مراجعة نقدية تحليلية مقارنة لقراءات ثلاث حول موضوع - الشورى
...
-
المنظمات غير الحكومية وحقوق الإنسان
-
حرية الرأي في الدساتير العربية
-
تقنين حقوق الإنسان وطنياً
-
أثر خطة خارطة الطريق على عملية تحول ديمقراطي في فلسطين
-
في جلساتهم السرية يستغفرون
-
يا نساء العالم
-
تأثير - سيطرة العسكر على السياسة - على شكل المشاركة السياسية
...
-
إعادة تشكيل بناء العراق .. إلى أين ؟
-
الإفراج بالكفالة بين مطرقة الشارع وسندان القانون
-
إنفلات أمني أم إنفلات سياسي وإجتماعي !
-
ماذا نقصد بالسلام الديمقراطي ؟
-
ماذا نريد من العقد الإجتماعي ؟
-
عندما تتصارع الفيلة ، العشب يدفع الثمن
-
حبيبتي .. وحدتي
-
مساءلة الحكام في الإسلام
-
مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|