أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ماجد رشيد العويد - الحر وأشياء أخرى في سوريا الحديثة














المزيد.....

الحر وأشياء أخرى في سوريا الحديثة


ماجد رشيد العويد

الحوار المتمدن-العدد: 1968 - 2007 / 7 / 6 - 04:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في مقال للصديق عزت القمحاوي مدير تحرير أخبار الأدب المصرية نشر في القدس العربي 30 ـ 6 ـ 2007 تحدث فيه عن موجة الحر التي تجتاح القاهرة هذه الأيام. وفيه عرّج الصديق العزيز على رواية "الغريب" لمؤلفها "كامي"، ويحمد اللهَ أنه ليس بحوزته مسدس "الغريب" وإلا كان ارتكب جريمة العصر. على أن في الرواية وعبر التحقيق يسأل القاضي "الغريب" عن الدافع وراء قتله رجلاً من العامة فيجيبه الغريب بأن الحر كان شديداً وقاسياً. وبالطبع لست أذهب في هذا المقال إلى حدّ موافقة غريب "كامي" على القتل لمجرد أن الدنيا كانت تلتهب وأثارت دماغه وشجعته على القتل، وإن كنت أقف موقفاً محايداً في الحد الأدنى فلا أتهمه مثلاً بالجنون، ولا أذهب إلى حدّ تبرئته من الجريمة، وأقف ربما لوهلة موقف المعجب من لحظة القتل ذات الطابع الوجودي.
غير أنه في سوريا الحديثة لا ينفع "الغريب" ولا القريب، والسبب، أن حرّها من النوع الذي حوّل أدمغة الناس فيها إلى كتلة مائعة غير قادرة على فعل شيء ولا حتى على نزق "الغريب" فيحمل الواحد منهم مسدسه ويطلق منه رصاصة الرحمة على روح القطيع التي تملأه وتسيطر عليه. ومن ميزات الحرّ في سوريا، وربما في الوطن العربي كله، أنه يشعر المصاب به بالقدرة على أذية القريب منه مثل زوجته وأخيه وأمه وأبيه في نوع من ترويض النفس على الابتعاد ما أمكن عن القائمين على انقطاع التيار الكهربائي، فكيف له أن يقوم على نقد، حتى لا نقول أذية، وزير الكهرباء مثلاً أو رئيس الحكومة وقد يتسبب نقده لهما بإيداعه سجناً لا يرحم فيكتفي والحالة على نحوها هذا بتحمل الحريق الذي يكتنف سوريا هذه الأيام ويتحمل لهيبه، بل وربما يقول شعراً فيما ينساب من عرق مالح يحرق العيون والجفون والشفاه والبطون والظهور. ولعل الأطرف أن البعض يعلّق قائلاً أن التقنين في الكهرباء يأتي في صالحه على أساس أن أسعار الكهرباء غالية جداً والرواتب تافهة جداً. وهذا البعض الذي يسعى إلى جلب العزاء لنفسه ينسى كثيراً أنه لن يتمكن أبداً من سلوى بؤسه في سورية الحديثة، وأن تعاسته وهو بين ظهرانيها باتت علامة فارقة له تميزه عن أضرابه في العالم كله.
وما دمنا في معرض الحديث عن الحر في سوريا الحديثة، فلا بأس من الحديث مقدماً عن شتائها ووحولها. ففي الرقة مثلاً وهي المدينة الأشد تخلفاً في بنيتها التحتية، وحيث لا يوجد فيها شارع واحد معبد حديثاً، وهي المدينة التي وصفها أحد أبناء السلطة الحاكمة يوم جاءها ليرصد لها المليارات التي لم تصلها، وفي جولة له فيها قال الدكتور عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن هذه ليست مدينة، وإن كانت كذلك فهي مدينة من الستينيات. ولا زلت أذكر أن الأديب الدكتور عبد السلام العجيلي رحمة الله عليه كان يلبس في الليالي المطيرة "جزمة" ينتهي عنقها من أعلى إلى ما فوق ركبته عندما يذهب إلى بيت أحدهم معالجاً له ومداوياً. وليس بعيداً في الزمن ففي شتائنا الراحل وكذلك في شتائنا القادم، خضنا وسنظل نخوض في وحول لا يدرك طبيعتها سوى من عاش في كنف الحكومات البعثية المتعاقبة.
إلى جانب وحول الشتاء وفي الرقة أيضاً لا يزال العمل جارياً في شبكة الصرف الصحي ومنذ ما يزيد على العشر سنوات من دون أن تنتهي.
وبعد فما المقصود بسوريا الحديثة؟ وبِمَ هي حديثة؟ أهي حديثة بشوارعها التالفة، أم تراها حديثة بتعليمها شديد الرداءة، أهي حديثة بدخل المواطن الذي لا يكفيه ثمناً لما يستهلكه من كهرباء ينقطع تيارها بشكل مستمر حوالي ساعتين يومياً، أم هي حديثة في أن إحدى مدنها، الرقة، تعوم على بحيرة ماء بفعل قِدَم وربما انهيار شبكة الصرف الصحي القديمة؟ أما أنا فأراها حديثة في إنسانها البائس، وحديثة في انتشار روح القطيع التي عادت بالسوري إلى مرتبة أقل بكثير من حيوان داجن.



#ماجد_رشيد_العويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نعي مجلس الشعب
- مجلس الشعب في لافتات
- وقفة مع مهرجان العجيلي الثاني للرواية العربية
- حوار مع الروائي العربي حنا مينه
- حوار مع الأديب والناقد الدكتور نضال الصالح
- حوار مع القاص والروائي المصري سمير الفيل
- لبنان بين فتاوى بائسة وحزب ظنّ أنه الدولة
- مدن الطلل
- السور
- اعتذار
- رائحة في الذاكرة
- كلمة في وداع الرجل الكبير
- تحية إلى سمر يزبك
- هل يجبّ انشقاق عبد الحليم خدام ما قبله؟
- المطلوب محاكمة حزب البعث قبل خدام
- الوهق
- بانتظارهم
- هل كانت الرقة رافداً من روافد العجيلي
- ثقة مستعادة
- صمت المثّال


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ماجد رشيد العويد - الحر وأشياء أخرى في سوريا الحديثة