أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لطيف السماوي - الشكل الوفاقي لدولة الرسول واثرها على الفدرالية















المزيد.....

الشكل الوفاقي لدولة الرسول واثرها على الفدرالية


لطيف السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 1967 - 2007 / 7 / 5 - 13:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن دستور المدينة وثيقة هامة تحتوي على الخطوط الرئيسة التي سار عليها الرسول ( ص ) في بناء وحدة الأمة وفي سياستها الداخلية مع كل طائفة من العرب والخارجية مع غير المسلمين .

وقد أجمع الرواة المسلمون على أنها وقعت بمجرد قدوم الرسول ( ص ) على المدينة . وفي ذلك يقول السيد محمد حميد الله في مقدمة مجموعة الوثائق السياسية ( لمّا هاجر رسول الله ( ص ) إلى المدينة وجد هناك عدة قبائل يهودية فعاهدهم فدخلوا في دولة وفاقية Federation (1) تحت رئاسة محمد ( ص ) ... ) .

وقد أكد ذلك عدد من المستشرقين ومنهم ويلهاوزن الذي نشر البابين المشتملين على كتب الرسول ( ص ) .

من هنا نلاحظ أن إعلان النبي لهذا الدستور أراد منه تكوين أمة غير مبنية على الدم والقرابة ولكن على العقيدة من جهة والتحالف والتضامن من جهة أخرى .

إن شكل هذه الأمة هو وفاقي على أرض يثرب وأعلن الرسول وحده هذا الإعلان وهذا ما تبينه المادتين الأولى والثانية من دستور المدينة .

إن هذه الدولة قلبت الوضع الأساسي للمجتمع العربي ذات الطابع القبلي حيث لا توجد إلا رابطة الدم . وجعل هناك رابطة أقوى وهي رابطة الأمة ذات الأرض الواحدة وإن اختلفت عقائدها وأنسابها وتوجهاتها ، والدليل على ذلك أن الرسول ذكر الوحدات القبلية باعتبارها اتحاديات ولم يذكر بعض القبائل على شكل رابطة الدم مثل بنو قينقاع والنظير وبنو قريضة اليهودية وعدها مع القبائل العربية التي تسكن هي في أرضها . أي أن القبائل اليهودية كانت متحدة مع قبائل بني عبد الأشهل العربية .

تكوين الأمة والوفاقية

تتكون الأمة والوفاقية من ثلاث مجموعات :-
أولا : المؤمنون بمحمد من المهاجرين والأنصار .
ثانيا : القبائل العربية المتساكنة كل على ربعته ومواليه ، ومن هاجر إليهم من قريش .
ثالثا : اليهود المتساكنون مع القبائل العربية ومواليهم .

ومن خلال التقسيم الثلاثي السابق للمجتمع المدني بعد إعلان الدستور نلاحظ من هذا التقسيم أن دستور المدينة قد ضمن النظام الخاص والتقاليد حيث بقي كل على ربعته ومن جهة الدين تمايز المؤمنون عن غيرهم ولكن الجميع يتحد في تضامن تام لبناء صرح الأمة والدفاع عنها برعاية الرسول الكريم .

كما ضمن الدستور للمهاجرين من قريش أن يبقوا على أمرهم الذي كانوا عليه أي كفل حرية معتقدهم يجرون على ما تعارفوا عليه في العقل والفداء بشرط أن لا يتجاوز حدود المعروف والقصد مع عدم المساس في تلك التقاليد لكل مجموعة .

ونلاحظ أن المواد من الثالثة حتى الحادية عشر تؤكد على وجود إتحادات من مختلف العشائر ولكل اتحاد خصوصيته والذي يرتبط بوفاقية الأمة الإسلامية .

وقد أكد الدستور أن ( ... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ... ) أي ضمن لكل طائفة خصوصيتها الدينية .

أما النواحي المالية للدولة الوفاقية فقد فرق الدستور بين حالة الحرب وحالة السلم ففي حالة الحرب يتكفل الجميع النفقات . أما في حالة السلم فكل يتكفل بنفقاته الخاصة أي أن الدستور أعطى نوع من الذاتية المالية لكل طائفة فيما يخصها في تنظيم الزكاة والخراج بقوانين خاصة بها .

ومن كل ما تقدم نلاحظ أن محتويات الدستور الذي تبلور في شكل تعاهدي بين الرسول والمؤمنين به من جهة وبين مختلف الطوائف المتساكنة معهم من جهة أخرى .

هذا يعني أن أمة الإسلام قائمة وتندمج معها أمم أخرى وطوائف تفضل البقاء على دينها ولا يكرهها الإسلام على تركه فتتمتع بنفس الحقوق الإنسانية والمدنية التي يتمتع بها المؤمنون وهذا التنوع تؤكده الآية الكريمة ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( 2 ) .

ومن خلال هذه الآية نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد صرح بالأخوة البشرية وترجم ذلك رسوله الكريم في هذه الوثيقة .




مقارنة تفاصيل الوثيقة بمقومات الإتحاد الفدرالي للدول الحديثة

بالمقارنة نجد أنما يسمى بالنظام الفدرالي Etat Federal ( 3 ) نجد أن مقومات هذا النظام ينبني على نفس الأسس التي وضعها الرسول الكريم في الشكل الوفاقي للدولة .

حيث أن الإتحاد المركزي ( الفدرالي ) ينشئ بدستور اتحادي مثلما نشأت الدولة الإسلامية في عصر الرسول حيث تكونت بدستور المدينة . كما أن إعطاء بعض الحقوق للسلطات الداخلية للولايات في الاتحاد الفدرالي أكد عليه الرسول بشكل آخر حيث أبقى كل قوم على رابعتهم يتعاقلون بما يرتضون وهذا ما تضمنته المادة الثالثة لغاية المادة الحادية عشر من دستور المدينة على أن تكون هذه النظم الداخلية بما لا يخالف تعاليم الإسلام مثلما لا يراد بالسلطات المحلية بالإتحاد الفدرالي أن تخرق أو تخالف القوانين العليا للاتحاد .

ودائما ما تكفل دساتير الإتحادات الفدرالية المساواة بين الدول الأعضاء وهذا الأمر أكد عليه الرسول في أكثر من موضع في هذه الوثيقة ومنها ضمان الحقوق المدنية بشكل عادل لجميع الفئات وكذلك ما ورد في المادة ( 25 ) من دستور المدينة في ضمان حرية المعتقد لكل طائفة ( ... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم .. ) .

وتوزع الاختصاصات بين دولة الإتحاد والولايات بأشكال متعددة في الفدرالية فقد تحدد اختصاصات الاتحاد ويترك الباقي للولايات وقد يكون العكس وفي دستور المدينة نلاحظ أن الرسول قد حدد اختصاصات الدولة أما باقي الأمور فتكون من اختصاص الإدارات المحلية لكل جماعة أما القانون الأعلى فهو القرآن والأمة مقيدة بما أنزل الله .

إن الدستور الفدرالي يضمن وجود تشريعات خاصة لكل ولاية لتنظيم أمورها وهذا ما كان موجودا فعلا في دستور المدينة حيث كفل الرسول الكريم لكل مجموعة أن تنظم أمورها الداخلية بما يكفل الاستقرار كل على أرضه .

وكذلك يحدد الدستور الفدرالي طبيعة إدارة الإتحاد بوجود سلطة فدرالية لإدارة شؤون البلاد وكانت المدينة لها سلطة عليا ممثلة بشخص الرسول الذي كان نبيا ورئيسا إلى تلك الدولة .

ومن كل ما تقدم من مقارنة نلاحظ أن أول من أسس الشكل الفدرالي للدولة هو الرسول ( ص ) في المدينة بشكلها الوفاقي الذي ما هو إلا إتحاد مركزي بشكله الحالي ومع الأسف أن أكثر الباحثين في القانون الدستوري لم يتطرقوا إلى هذا الأمر على الرغم من أهميته بل اعتبروا هذا الشكل من الأتحادات ذات أصول غربية كأن يكون أمريكية أو برازيلية وغيرها وهذا الرأي غير مستند إلى الحقائق التاريخية الثابتة وخصوصا دستور المدينة الذي يثبت ذلك بشكل لا يقبل الشك .

وأعتقد أن الشكل الوفاقي للدولة التي اتخذها الرسول في المدينة هو الحل لكثير من مشاكل الدول متعددة الأجناس والأديان والطوائف لتعيش في أمة واحدة متحابة ومتماسكة تحت قانون واحد مع الاحتفاظ بخصوصيات كل طائفة .

حيث أن ما يجري في العراق هو غياب لهذا التطبيق كونه بلد متعدد الأعراق والأديان والطوائف فالحل لكل المشاكل التي تحصل في اعتقادي هو الرجوع إلى الأسس التي وضعها الرسول في الدولة الوفاقية .



#لطيف_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث النهرين ... هدر المال العام


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لطيف السماوي - الشكل الوفاقي لدولة الرسول واثرها على الفدرالية