أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الكريم مصطفى - التحولات الاقتصادية/ أمل بنهضة ذات أبعاد إنسانية أم عقاب للشعب العراقي؟















المزيد.....

التحولات الاقتصادية/ أمل بنهضة ذات أبعاد إنسانية أم عقاب للشعب العراقي؟


عبد الكريم مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 600 - 2003 / 9 / 23 - 03:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

منذ انتهاء العمليات العسكرية وسقوط النظام الدكتاتوري في 20 نيسان 2003، برزت إلى السطح الأسئلة المهمة التي يجمعها العنوان الشهير، ما العمل؟ وفي غمرة انهيار مؤسسات الدولة والانشغال في جدل تركيبة السلطة الوطنية الجديدة على مستوى مجلس الحكم والمجلس الوزاري، بدا أن هناك اتفاقا عاما على ضرورة التحول إلى اقتصاد السوق بالضد في نظام رأسمالية الدولة المفرطة في المركزية، والتي طبقت تحت مسمى الاشتراكية.
من هنا يبدأ الخلاف والتساؤل، أية رأسمالية نحن مقبلون عليها؟ وهل هناك إجماع وطني على قضية التحول والبناء الاقتصادي؟ بكل أسف نحن في وضع عدم الدراية بما يخطط لنا، وعدم الدراية بما نريد. وكل ما ترسخ هو عناوين عامة تخفي خلفها ألف سؤال وألف نية تدعو إلى الحذر، أو على أقل تقدير نحتاج إلى تفسيرات ملموسة ومحددة. فنوايا الخصخصة وفتح الباب للاستثمارات الأجنبية وإشاعة الليبرالية الاقتصادية وتطوير القطاع المصرفي واستقلالية البنك المركزي، تحتمل أكثر من سيناريو وتأويل، والخطط تحتمل أكثر من اجتهاد.
ولا شك أن جملة القضايا المطروحة هي من القضايا السيادية التي يجب أن تقر من قبل الهيئات التمثيلية المنتخبة ديمقراطيا، والتي يفترض أن نجد لها أسانيد ومسوغات في الدستور الدائم المرتقب. وفي ظل غياب ذلك يصبح القرار بيد سلطات التحالف ومجموعة مستشاريها المعينين في كافة الوزارات والدوائر. وهؤلاء المستشارون، وكأي موظف يحترم عمله، أمناء على كتمان ما يدور، وما يخططون له على المستوى التفصيلي باستثناء العناوين العامة.
وفي ظل هذا التعتيم (وكأننا في العهد البائد الذي كان يفكر لنا ويخطط لنا ويأمرنا بعبقريته الفذة، وما علينا سوى التسبيح بفضائله وقدراته الفذة، والبحث في الإذاعات الأجنبية عن الحقيقة).
أعد المستشار الأقدم المعين في البنك المركزي العراقي الدكتور أحمد السامرائي محاضرة أفصح فيها عما يدور في أذهان خبراء التحالف، مفترضا أن تجربة شيلي – بينوشيت، قد تكون المثال الذي يحتذى به، مجملا الطبيعة الدكتاتورية الدموية لهذا الجنرال بأنه (كان يسعى إلى تحقيق النفع العام)
وبعيدا عن الديمقراطية والدكتاتورية، فإن المبادئ التي طبقت في شيلي، والتي يروج لها المستشار هي:
- إعادة المؤسسات التي تم الاستيلاء عليها أو تأميمها إلى مالكيها الأصليين.
- بيع كافة المؤسسات الحكومية غير الكفوءة إلى شركات كبيرة وبأسعار متدنية وبدفعات أولية منخفضة.
- مقايضة الديْن بالأسهم والسماح لحاملي الديْن الخارجي باستخدام ديونهم لشراء مؤسسات حكومية.
- الحرية الكاملة للاستثمار الأجنبي
- تخفيض الموظفين الحكوميين وفصل العمال غير الكفوئين.
- إجراءات أخرى مفرزة لهذه التوجهات.

إن خطة العمل هذه استندت إلى تنظيرات الاقتصادي الشهير ميلتون فريدمان الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، ولكن وأيضا بعيدا عن المعطيات المختلفة بين العراق وشيلي من حيث حجم الموارد الطبيعية والبشرية والواقع الجيوبوليتيكي والفارق الزمني والاختلافات الحضارية والثقافية، والفارق في طبيعة التحول السياسي (حيث تم التحول في شيلي من نظام ديمقراطي تعددي، ورئيس وبرلمان منتخبين، إلى نظام دكتاتوري دموي. وفي العراق يتم التحول من نظام دكتاتوري دموي إلى نظام ديمقراطي تعددي)، فإن الخطة المقترحة من المرجح أن تعني عند ترجمتها إلى معطيات ملموسة ما يلي:
- إعادة الصناعة النفطية إلى مالكيها من الشركات متعددة الجنسية، وهذا هو المهم، حيث إن الصناعات الأخرى المؤممة لا تعدو أن تكون صناعات صغيرة بالمقاييس الحالية.
- التخلي عن كافة المنشآت الصناعية التي أسست بعرق وجهود وأموال العراقيين على مدى العهود السابقة لا بقيمتها الحقيقية بل بأسعار بخسة وبشروط متساهلة جدا (ولا ندري أين هي قوانين السوق التي تنص على بيع الأشياء بأسعارها الحقيقية). وبدون التحري والدراسة المعمقة لمعرفة هل إن عدم كفاءة هذه المنشآت ناتج عن طبيعة الملكية الحكومية أم لأسباب أخرى، وهل إن البيع يستهدف استدراج الأموال للخزينة العامة أم لزيادة المنافسة أم لزيادة الكفاءة حيث لكل حالة أسلوب معين في العلاج.
- معاقبة الشعب العراقي على جرائم دكتاتور انخرط في تنفيذ سيناريوهات ذات أبعاد دولية بتحميله وزر الديون الخارجية المستخدمة لتمويل هذه السيناريوهات عن طريق بيع أصوله وممتلكاته وصناعاته مقابل هذه الديون. وفي مقابل ذلك تتعالى الأصوات الوطنية لمعاملة الديون الخارجية وفق مبدأ الديون الكريهة أو القذرة ومطالبة الدول التي ساندت النظام السابق بتحمل وزر مساندتها له ( لنتذكر أن أول الداعين إلى إلغاء الديون العراقية أو تخفيفها هي الولايات المتحدة الأمريكية)
- على الضد من كل توصيات المجموعة الدولية الداعية إلى التدرج في فتح الأسواق أمام الشركات متعددة الجنسية، وعلى الضد من المدونات القانونية الدولية المتعلقة بذلك، وعلى الضد من التجارب الناجحة في استقطاب الاستثمار الأجنبي في المجالات المرغوب بها (الصين، فيتنام، كوريا الجنوبية، ماليزيا) نجد المستشار يروج للحرية الكاملة دون إعطاء التبريرات النظرية والعملية والتأريخية المقنعة.
- وعقابا للمواطنين الذين أجبروا على العمل في القطاع الحكومي نجد مستشارنا يدعو إلى (فصلهم) دون الاهتمام الكافي بإيجاد هيكل للرعاية الاجتماعية وقانون إعانة البطالة وهيكل مؤسسي لإعادة التأهيل والتوظيف. علما أن رمي العمال منخفضي الإنتاجية إلى سوق العاطلين لن يضيف أي زيادة إلى الدخل القومي، كما يقول الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز الحاصل على نوبل 2001.
إن تنظيرات فريدمان التي كانت الأساس لهذه المقترحات، وجدت معارضة شديدة من قبل أنصار المدرسة الكينزية الداعية إلى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، وكذلك وجدت معارضة أشد من قبل اقتصاديي العالم الثالث. وكذلك تعرضت طروحات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى انتقادات حادة أجبرتهما على إيلاء اهتمام أكبر لموضوع معالجة الفقر وزيادة دخل الفئات الدنيا بالتوازي والتزامن مع إجراء الإصلاحات الاقتصادية بالضد من الطروحات الداعية إلى تطبيق الإصلاحات فورا دون النظر إلى الأعباء الاجتماعية والدعوة إلى الصبر وانتظار تساقط الخير كتساقط حبات المطر، ولكن بعد حين قد يطول أجله.
وكما يقول ستيغلتز فإن الخصخصة تحتاج أن تكون جزءا من برنامج شامل وليس من المفيد النظر إليها من زاوية أيديولوجية ضيقة فقط، حيث لا تكون مردوداتها الاقتصادية بالمستوى الذي بشر بها ملمحا إلى مثال صناعة الحديد في كوريا وتايوان التي أسست وأديرت قبل الحكومة، والتي تعتبر من أكثر الصناعات كفاءة في العالم (ولو أن ذلك يعتبر استثناء).
ولذلك، ولكون الموضوع يمس مستقبل بلد بأكمله، ويتعلق بحياة ملايين البشر الذين ما عادوا يمتلكون القدرة على تحمل وزر سياسة تجريبية، قد تحمل في طياتها الكثير من العواقب الاقتصادية والاجتماعية فإننا ندعو إلى:
- توفير كافة السبل أمام مؤسسات الدولة الصناعية للاشتغال بكامل طاقاتها الإنتاجية، ويشمل ذلك توفير المواد الأولية والأدوات الاحتياطية ومعالجة الاختناقات التكنولوجية، واتباع سياسات تجارية ملائمة، وإرساء أسس عمل لهذه المؤسسات تنص على استقلاليتها وعملها وفقا لقوانين السوق وتأثر مداخيل مدرائها وعمالها بما تحققه من مستويات إنتاجية وأرباح. ويكون هذا الإجراء سابقا لأي عملية خصخصة.
- إقرار قانون عصري للاستثمار الأجنبي بالاستفادة من التجارب المميزة في العالم الثالث لكي يكون هذا الاستثمار رافدا جديدا يعزز الاستثمارات المحلية ويضيف طاقات إنتاجية وتكنولوجية جديدة في المجالات الحيوية والمرغوبة في الاقتصاد العراقي بدلا من أن تكون العملية مجرد تبديل المالكين للطاقات الإنتاجية الحالية (أي بدلا من بيع الأصول الصناعية للمستثمرين الأجانب)
- دراسة طرق التحول إلى اقتصاد السوق والاستفادة من إيجابياتها وتفادي سلبياتها، وتحديد أي رأسمالية نحن سائرون باتجاهها. ونقترح عقد اجتماع يضم نخبة مختارة من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع والسياسة لصياغة (عقد اقتصادي – اجتماعي) يحظى أولا بموافقة الطيف السياسي الواسع للشعب العراقي ممثلا بمجلس الحكم وأحزاب المعارضة، وطرحه للنقاش العام ومن ثم الاستفتاء العام لكي يكون الشعب الذي غيب دوره طيلة العقود الماضية مسؤولا عن خياراته وقراراته.
وأخيرا إذا كان دوبتشك قد نادى باشتراكية إنسانية، فإننا نأمل بـ (رأسمالية إنسانية) تحترم أمال الشعب وحقه في حياة حرة وكريمة.

 

 



#عبد_الكريم_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الكريم مصطفى - التحولات الاقتصادية/ أمل بنهضة ذات أبعاد إنسانية أم عقاب للشعب العراقي؟