|
لبنانان، فلسطينيتان، وثلاث عراقات!
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 11:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل من أمل في خضم هذا التشتت والانهيار الشامل؟ هل من مخرج لهذه الصراعات والانشقاقات في الجسم الواحد؟ من هو المسؤول ولماذا السقوط في المصائد ؟ هل أصاب العمى الضمائر والقلوب والعقول؟ ألم تعد الأوطان تشكل هاجساً و مصلحتها تشكل حيزا في أجندة القائمين عليها؟. نلقي على أنفسنا كل يوم مئات الأسئلة ونصاب حيال الأحداث ووقائع القتل والخراب والدمار والإرهاب المنتشر كالهشيم في قش أصابه الجفاف الاجتماعي والثقافي والنضوب الفكري، وأتت عليه أيدي العبث السلطوي والمصالح الضيقة والغايات الخاصة لتجعل منا ومن حياتنا وقوداً يغذي وجودها وبقاءها مع بقاء الاحتلال والتقسيم والموت سيد الموقف ، نصاب بالإحباط ونحس بالعجز ويعترينا الخوف بعد كل غروب ونحاول الاستعداد للأسوأ في غد يحمل صوراً أبشع وأخبارا أردأ ..فهل ستستمر الحال على ما هي عليه؟ أم علينا أن نترك مصائرنا بأيدي من سَلَّطتهم الأقدار والظروف العالمية والعربية والداخلية ، ناهيك عن قصورنا جميعا ...في المعارضة وكمثقفين وكسياسيين عن اتخاذ موقف موحد ..أو القيام بعمل يمكنه أن يكون فاعلا...ويتيح مجالا للشعب أن يلتف من حوله ، وذلك كوننا نفتقر لخطة عمل وبرنامج سياسي أو مشروع ثقافي ...فكل يغرد في بستانه وكل يناشد بصوته الضعيف وقلمه المرعوب والمراقب والمهدد ...فما العمل؟
ـــ يستمر الموت في نهر البارد ومنذ 44 يوماً ، جيش لبنان يقاتل مجموعة سَمَت نفسها فتح الإسلام، لم يَنجُ بيت من بيوت المخيم ، أو مدرسة أو مشفى، شُرد أهله وقتل الكثير منهم، كما قتل العديد من أبناء الجيش اللبناني، وحتى اللحظة لم تتم السيطرة الكاملة على المخيم، ولم يُقضَ على فلول فتح الإسلام ...ودون أن ننسى الوضع اللبناني المتأزم في وسط بيروت والمأزق الذي تعيشه الحكومة منذ العام الماضي ولم تُنتج الحوارات والمحاولات لعمرو موسى أو لغيره عن مخرج للمعضلة السياسية، ولم يتم الاتفاق على نقاط يمكنها إنقاذ لبنان من محنته، وذلك لتعنت الأطراف وتَمركز كل منها وتشدده في مواقعه..بل ارتباط بعضها بتعليمات خارجية وخضوعها لأهداف غير لبنانية ، فهاهو حزب الله يعلن عن مشروع قيام حكومة ثانية ، رغم اعتراض حتى الأطراف المتحالفة معه...تبذل اليوم محاولات فرنسية لعقد مؤتمر حوار ومصالحة ،من أجل قيام حكومة وحدة وطنية توافقية، كما أنه يمكننا ألا نفقد الأمل لاقتراب الانتخابات الرئاسية، وهناك الكثير من الأطماع المعولة على الانتخابات والاختيارات، تدفع ببعضها سورية للمواجهة وتلسع بعض الأطراف ببعضها الآخر للمضاربة في سوق البورصة السياسية...فهل نأمل ؟ أم أننا سنرى حكومتين لدولتين كما هي الحال في غزة والضفة الغربية ؟!، وباعتقادي أن الأصابع التي تملي هنا تملي هناك!!.
ـــ في غزستان دويلة تحكمها حماس وتسيطر على أهل القطاع ، معتبرة ما وصلت إليه انتصارا!..ولا أدري انتصرت فيه على مَن سوى أنها خسرت القضية برمتها وسارت بها نحو الانحلال والتفريط ووضعتها في بوتقة اللاعودة واللاحل ، سوى ما يرضي أولمرت ومن يقف معه وفي صفه، هذه الحماس التي وصلت للسلطة بعد أن حصلت على ثقة الشعب الفلسطيني الهارب من الفساد والذي ضاقت به السبل فلم يجد أمامه سوى المخرج الديني ساعيا وراء نزاهة بعض الوجوه الحماسية، التي سرقتها اليوم أضواء الحكم والسلطة كما سقطت في براثن الدعم والتلقين الإيراني السوري، وبهذا باتت تغامر بالقضية والوحدة الوطنية من أجل تمرير أجندة أبعد ما تكون عن مصلحة الوطن ومستقبل القضية الفلسطينية ، وإمكانية حلها، وذلك باستمرارها أيضا في التعنت وعدم قراءة الواقع بعيون أكثر عقلانية وموضوعيه واستراتيجية تقرأ التوازنات والتحالفات الدولية والعربية والمصلحة الفلسطينية من خلالها ومع تقاطعاتها، دون أن تقع في خطأ استراتيجي تعتقد أنها بسلاحها البسيط يمكنها أن تنتصر على إسرائيل وتحرر فلسطين بكامل ترابها!، ويبدو أن طعم السلطة ومذاقها أدار الرأس الحماسي فصار الحماس مقتصرا على الكرسي والتشبث به وناسيا مصلحة الشعب الذي وضع ثقته واختار الحماسيين، وهاهي تعزل وتفصل القطاع وتمارس القتل بالضبط كما تفعل إسرائيل، دون أن نعفي السلطة العباسية والفتحاوية من دورها في ممارسة التفتيت والقتل والاغتيالات المتبادلة ومحاولة إقامة دويلة أخرى في الضفة الغربيةـــ مع أن كلا الدويلتين محكومتين إسرائيلياً ــ فخسارة فتح في الانتخابات التشريعية لم تعلمها درسأً فتراجع حساباتها السياسية وأخطاءها الفادحة المرتكبة خلال حقبة طويلة تصدرت بها وتسيدت وتسلمت مفاتيح القرار والنهي ، بل استمرت في اتباع نفس الطرق والوسائل والاعتماد على نفس الرؤوس التي ساهمت في الفساد والنهب والتدمير والمحسوبيات، كما تابعت مسيرتها في المفاوضات مع إسرائيل بتراجع واضح في المواقف وتنازل أكبر في المواقع ومنح الثقة لحكومة إسرائيلية هي الأكثر بعدا ضمن التاريخ الإسرائيلي عن إمكانية إقامة سلام والبناء أو التعويل عليها وعلى الدعم الأمريكي لها دون تحفظ ، وهاهي اليوم تفرك يديها بفرحة عارمة لما يجري من تقسيم وشرذمة للبيت الفلسطيني وتدعي الحرص على فتح وتدعمها معتبرة أن عدوها الأول هو حماس!..ولم ينس بعد الشعب الفلسطيني ما فعلته بأبي عمار ولا كيف تم التعامل معه وإلصاق كل تهم التآمر به وأنه سيد الإرهاب ورافض السلام، بينما تمد يد العون الناعمة والخبيثة لعباس ولفتح من ورائه وغايتها الأساس قبر القضية ونعيها إلى الأبد، فعباس الأضعف بمرات من أبي عمار يلقى الدعم أمريكيا وإسرائيليا وعربياً!!، فإلى أين تسير خطواتكم الميمونة؟ وماذا سنرى بعد أيام على أرض فلسطين ؟ ولماذا ترفض الأطراف الحوار ؟ هل من حل في الأفق؟ أم ننتظر الحل على اليد الإسرائيلية الرحيمة؟!!. لن تخرج الأزمة من خندقها العميق، إلا إذا التقى الطرفان أولا ( حماس وفتح)، بالإضافة لكل الأطراف المعنية من الفلسطينيين دون استثناء، لأننا لا نستطيع تصنيف الشعب الفلسطيني على أساس انتمائه لحماس أو لفتح فقط! .ويجب أن يستفتى الشعب بما يرغب ويريد ويختار ، ويكفيهم تجاهلا لإرادته، وأعتقد أنه يحلم بخلاصه من كلا الطرفين...كما عليهم قبل كل شيء إلغاء كل الميليشيات المسلحة وكل مظاهر التسلح الموجودة في الشارع ، والاقتصار على القوات الرسمية والعمل على استيعابها داخل جيش للدولة الفلسطينية المستقبلية. أي ترميم البيت الفلسطيني فلسطينيا مع دعم عربي بعيد عن المصالح الضيقة والتقسيمات الإقليمية للمصالح السياسية..هذا يتعلق أصلاً بالإرادة الفلسطينية ، والتي يمكنها أن تتخلص بعد استتباب الأمر والأمن وعودة السكينة والسلام للحياة العامة ، من الوجوه المرتبطة إقليميا والفاسدة محليا. ومن ثم تسعى بشكل جدي وواعي لإقامة السلام العادل والدائم من خلال وحدة الصف الفلسطيني، التي تستطيع آنذاك أن تفرض سلامها على إسرائيل. ـــ الوضع العراقي يصيبني بالإحباط واليأس يوماً بعد يوم، فعمليات القتل والتدمير والانتحار الوطني المستمر ، ناهيك عن عبث الأصابع الخارجية بعقول قياديين وميليشيات تنفذ وترتبط وتمارس كل صنوف الفتك والإرهاب والتفرقة المذهبية، واختلاط الحابل بالنابل ، بين مقاومة لا قيادة واضحة لها، ولا برنامج أو مخطط معين تنفذه ويربط بين أطرافها، أو تمثل كافة أطياف وشرائح الشعب العراقي، بالإضافة لتقسيمات وسلطات موجودة فعلا على أرض الواقع وبات المواطن العراقي يقبل بها كواقع مفروض! .. ترتفع بين الفينة والأخرى بعض الأصوات الصادقة، لكنها لا تلقى صدى أو استجابة ...فلم يعد الرابط الوطني هاجساً لمعظم الفئات المسلحة الموجودة فوق أرض العراق مع الأسف، فهل يعني الواقع أنه علينا أن نتوقع قيام ثلاث عراقات؟ . أم سيصحو الغافلون ويقوم المتعقلون وتتوقف أيدي التدخل ، وتترك العراقيين ينقذون ما يمكن إنقاذه؟ ...هل لنا أن نتشبث ونتسلح بالأمل ...أم نقرأ الفاتحة ونترحم على أنفسنا وعلى العراق؟ ...الحل بأيدي الشعب العراقي ومثقفيه وأبناءه البررة البعيدين عن التطييف والارتباطات الإقليمية...الحل بأيدي الديمقراطيين الذين سعوا وحلموا بإقامة عراق ديمقراطي يمثل كل فئات الشعب ويعيد للمواطن كرامته وحريته...هل من بقعة ضوء في نفق العتمة؟. الحل بإقامة حكومة وحدة منتخبة ديمقراطياً ، تفرض على المحتل الخروج بجدول زمني محدد وقصير وتفرض وتدرب جيشا وقوات أمنية تمثل كل فئات الشعب وشرائحه تضع خطة أمنية تقرأ الواقع بعناية وموضوعية ، وتلغي حواجز الفصل العنصري وتنظف البلاد من الأيدي الغريبة العابثة وممن يرتبط معها، وبالتعاون والحوار مع دول الجوار ..دون السماح بالتدخل في السيادة والقرار...سنأمل ولا مناص لنا من التشبث بالأمل..
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تتزوجي من روبن هود ( أنور البني) يا راغدة؟
-
كيف نقرأ هزيمة حزيران ونأمل في هذه المرحلة؟
-
لا مكان لي بينكم
-
مسرح الدمى السياسي في المشرق العربي
-
العقل العربي في إجازة
-
ما الذي ينتظرك بعد يا وطني؟
-
لماذا ترتفع نسبة الجرائم في وطننا العربي، وما هي أنواعها وأس
...
-
لماذا تعتبر بلداننا بؤرة للإرهاب، ومن يمارس علينا الإرهاب؟
-
ليس دفاعا عن رجاء بن سلامة، ولا انتصاراً لوفاء سلطان، وإنما
...
-
إلى سيف الحق أنور البني
-
من صنع الإرهاب؟ من دعم وأسس الحركات السلفية في العالم العربي
...
-
دعوة
-
بغداد مدينة الأشباح
-
تعال اتفرج يا سلام على الانتخابات السورية...يا حرام !
-
كنت مسلماً ذات يوم!
-
مؤتمرات، انتخابات = مساومات، رهانات، إحباط، ثم فشل!
-
الطاعون العراقي!
-
نعوة بوفاة الفنان التشكيلي السوري - صخر فرزات-
-
حجاب المرأة العربية والمسلمة..هو حجاب سياسي
-
يا أنور البني...سوريتك مشكوك بأمرها!!!
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|