أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عزمي بشارة - لكي لا نتحول إلى قطيع من الغنم















المزيد.....

لكي لا نتحول إلى قطيع من الغنم


عزمي بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 75 - 2002 / 2 / 26 - 20:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


February 24, 2002 بقلم د. عزمي بشارة


نائب في الكنيست / رئيس حزب التجمع الوطني الناصرة - (1948)

لم ترافق الانتفاضة عملية تعبئة وتنظيم جماهيري تقوم به السلطة أو قيادة حركة التحرر الوطني الفلسطيني بحيث تستعيض عن العلاقة السلطوية بالتنظيم الجماهيري الأفقي والعمودي، واللجان الشعبية التي قامت لم تتجاوز المبادرات المحلية، كما لم يتم تطوير لجان التنسيق التي شكلتها الفصائل.

إن اقتراب ساعة الحقيقة تعني ضرورة الاختيار بين خطاب حركة التحرر الوطني وبين لغة أوسلو، لغة الدولة غير القائمة، فقد بات هذا من متطلبات المصداقية السياسية ووضوح الاستراتيجية، إذ لا يمكن اجتراح استراتيجية مقاومة حقيقية، ولو ذات أهداف مرحلية مع استمرار الارتباك والحديث بلغة خرق الاتفاقيات، والعنف من الطرفين، وضمان الواقعين تحت الاحتلال أمن الدولة المحتلة، ولكن لغياب استراتيجية التحرر الوطني الواضحة في ظل معركة وطنية مع محتل أجنبي إسقاطات أخرى أبعد أثراً وأكثر أهمية على المدى البعيد. فالاختيار بين مسلك الدولة الافتراضية ومسلك حركة التحرر الوطني الفعلية لا يطرح نفسه خارجياً على المستوى السياسي فحسب، بل هو إشكال اجتماعي داخلي أيضاً يطرح نفسه إلحاحاً. لقد عجزت السلطة الوطنية الفلسطينية عن التحول إلى دولة تحكمها سيادة القانون نحو الداخل، الوجه الآخر للسيادة الوطنية نحو الخارج، بحيث يقوم نظامها القانوني الذي ينظم العلاقة بين الفرد والسلطة على أساس مبدأ المواطنة.
وكان من المفترض أن تطور السلطة الوطنية الفلسطينية مؤسساتها القانونية والتشريعية والقضائية ولو في حدود وضمن شروط مجحفة، ظروف احتلال واستيطان وانعدام الحدود السياسية التي تحوي في داخلها مبدأ المواطنة نحو الداخل كما تمثل السيادة نحو الخارج، ولكن ذلك لم يحدث، ولا مجال لبحث معيقات هذا المرغوب، الذاتية والموضوعية، ونكتفي هنا بالتنويه إلى أن الآراء والمصالح في هذا السياق لم تتوزع سياسياً بموجب الموقف من اتفاقيات أوسلو: فلا شك أنه كان بين مؤيدي الاتفاقيات من أعاق عملية تبلور مؤسسات السلطة، كما وجد بين معارضيها من أيد عملية بناء المؤسسات وسيادة القانون وكانت له مصلحة بها، فقد تدخلت عناصر حقوقية ومصالح اجتماعية في تقرير مسلك الفئات السياسية المختلفة تجاه مؤسسات السلطة.
ولكن مع تفجر الانتفاضة وديمومتها أصبح التعامل مع هذه المسألة أكثر إلحاحاً. فقد تعرضت مؤسسات السلطة إلى هجمة إسرائيلية عسكرية واقتصادية وإلى حصار حقيقي أضعف وأربك تلك المؤسسات والأدوات التي قام قسم منها في إطار وظروف التعاون والتنسيق مع إسرائيل، وهي كثيرة، بدءاً بحرية الحركة والتنقل للبشر والبضائع ونهاية بالتنسيق الأمني.
ومع ضعف مؤسسات السلطة في ظروف المد السياسي كان من المفترض أن يستعاض عن المؤسسات التي ضعفت وعن تنظيمها ووظائفها وقدرتها على الفرض بهيمنة منطق حركة التحرر الوطني ومؤسساتها المتشابكة طبعاً مع مؤسسات السلطة وقيمها بل وبهيمنة مزاجها الاجتماعي والسياسي.
ويبدو من مراقبة الحركة الاجتماعية على الأرض أن المأزق الحقيقي يكمن هنا، فالمسألة لا تنحصر بالمصداقية السياسية إلى خيار سياسي واستراتيجية نضال محددين، بل تطال سلامة المجتمع الفلسطيني.
لم ترافق الانتفاضة عملية تعبئة وتنظيم جماهيري تقوم به السلطة، أو قيادة حركة التحرر الوطني الفلسطيني، بحيث تستعيض عن العلاقة السلطوية بالتنظيم الجماهيري الأفقي والعمودي، واللجان الشعبية التي قامت لم تتجاوز المبادرات المحلية، كما لم يتم تطوير لجان التنسيق التي شكلتها الفصائل.
يضمن التنظيم الجماهيري كوعاء للتعددية السياسية الفلسطينية ضبط إيقاع النضال وانسجامه مع الاستراتيجية السياسية والأهداف المرحلية، والأهم من ذلك أن بناءه وفاعليته الجماهيرية تستند إلى تعبئة إيديولوجية قيمية، إلى نشر أخلاق نضالية بين الجماهير، هي أخلاق التحرر الوطني بدءاً من تعاضد وتكافل المجتمع الواحد وتفضيل مصلحة مجمل الحركة الوطنية على المصالح الخاصة ونهاية بمنع الفوضى وسيطرة العصابات المسلحة وتحول سيادة القانون إلى سيادة أصحاب المسدسات.
يسمع المواطنون الفلسطينيون التقارير عن نضالهم وأحوالهم بعد أن تقولب في كليشيهات الفضائيات وسوقها ودراماها الإعلامية بدلاً من التواصل الجماهيري التنظيمي وبحجمها الصحيح، وهذا لا يصلح إطاراً قيمياً إيديولوجياً لنشر وهيمنة قيم حركة التحرر. وبين استهلاك الذات إعلامياً بموازاة وتعايش مع تجمد وهيمنة القيم التقليدية والعشائرية المحافظة، وبين متابعة السياسة كتحرك دبلوماسي مربك لا يعرف أوله من آخره وبين عنف الاحتلال لا ينشأ وضع اجتماعي ودود لتطوير قيم حركة التحرر الوطني، وفي غياب الترشيد النضالي العقلاني المنظم لا يلبث العنف النفسي والجسدي الاحتلالي أن يتحول إلى عنف داخلي ينهش الجسد الاجتماعي من داخله. يحدد خطاب التحرر الوطني مقاومة الاحتلال كاستراتيجية تحتمل تكتيكات عديدة من ضمنها التفاوض، ووقف إطلاق النار إذا تطلب الأمر، ولكنه يتجاوز ذلك أيضاً إلى نشر الوعي بضرورات التنظيم بقوى المجتمع الذاتية، وهذا يتطلب هيمنة قيم التحرر الوطني على المجتمع وهي نقيض القيم الفئوية والطائفية والعشائرية وغيرها.
ومع تآكل مؤسسات السلطة وبغياب التنظيم الجماهيري المتضامن من القاعدة إلى القمة بالإجماع الوطني وقيم التحرر تبـرز مظاهر تفتت اجتماعي خطير يتخذ غالباً شكل تسيب أمني يتحول فيه الجاني والمجني عليه في تجاوزات إلى أطراف متساوية في صراع تحشد من أجل حسمه مصادر القوة الاجتماعية المتوفرة. ولابد لهذه الحالة أن تخترق الحركات السياسية والمؤسسات ذاتها تتخذ فيها الخلافات شكل صراعات يحشد لها من خارج المؤسسة. وهذا وضع اجتماعي سياسي متناقض مع منطق المؤسسة، إن كانت دولة أو سلطة، كما يجافي منطق حركة التحرر الوطني.
وما يلبث هذا التسيب أن يلج حياة الأفراد وتفاصيلها اليومية العادية بحيث يتحول المعتدي والمعتدى عليه إلى أطراف متساوية القيمة الحقوقية في صراع تسخر فيه العلاقات الاجتماعية والسياسية داخل الأجهزة والمؤسسات فيغيب الحق المدني وحتى العشائري ليدخل المجتمع في حالة فوضى ما قبل العقد الاجتماعي.
تحمل هذه الأوضاع الأفراد المناضلين وغير المناضلين عبئاً إضافياً على عبء الاحتلال مما يحط من عزيمتهم الكفاحية وقدرتهم على الصمود. ويتجاوز وزر هذا العبء نفسياً عبء الاحتلال ويزيد من ارتباك الناس، ومن قدرة الاحتلال على أحداث اختراقات، ولكن الأخطر من ذلك هو اسقاطات هذه الظواهر الاجتماعية البعيدة المدى.
تحقق حركة التحرر الوطني المرحلة الأولى من عملية بناء الأمة بصنع الإرادة الوطنية الموحدة في عملية التحرر، وتنجز مؤسسات الدولة والمواطنة المرحلة الثانية، وقد فشلت حركات تحرر عديدة في العالم الثالث في إنجاز هذه المهمة المعقدة، الأمر الذي أدى إلى انتكاسات عديدة بما فيها حروب أهلية على طريق تطورها، فبعد تحررها من الاستعمار الأجنبي لم تستطيع هذه الدول أن تتحرر من تخلفها. في هذه المرحلة التي يعيش فيها الشعب العربي الفلسطيني حالة صمود بطولية بين سياسات «راعي البقر» الأميركي وراعي الغنم الإسرائيلي، وهذا هو الفرق بين غيابها ووجودها. أحداث درجت العادة الفلسطينية والعربية على تسميتها مؤلمة في لغة تصطنع الحياد وتكنس الأوساخ تحت سجادة اللغة وقعت مؤخراً في رام اللـه «فئوية مصطنعة ومقصودة كأسلوب لاستمداد القوة» وفي جنين «غياب سيادة القانون» والخليل «تفتيت المؤسسات بالاستعانة بالتخلف الاجتماعي من خارجها» تفرض حالة طوارئ على قوى التحرر، حالة طوارئ لا أكثر ولا أقل. فهل تدرك قوى التحرر وجودها قبل أن تتحول إلى مجرد طارئ في التاريخ الفلسطيني





#عزمي_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عزمي بشارة - لكي لا نتحول إلى قطيع من الغنم