أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاخر السلطان - الفقه.. والحرية والحداثة















المزيد.....

الفقه.. والحرية والحداثة


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 11:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإيمان بحرية الاعتقاد والتعبير لدى الإنسان انطلاقا من حقه كإنسان، وليس انطلاقا من الفهم الديني والجواز الشرعي، يدلل على مركزية الحداثة ومفاهيمها في حياتنا الراهنة، فهي الحَكَم في تنظيم تلك الحرية لا الفقه التاريخي العاجز عن مجاراة المشاكل والأسئلة الراهنة. فالحداثة وثقافتها هي التي يجب أن تقرر نوع حرية التعبير وحدودها، لأنها هي التي تتحكم الآن في حياة البشر، واتفاق العقلاء لا الفقهاء هو الذي يجب أن يكون المرجع في إصدار القوانين المنظمة لتلك الحرية. أما الإيمان بالحرية انطلاقا من التفسير الديني الفقهي التقليدي والتاريخي فإنه يدلل على أن الخطاب الديني، وليس الخطاب الحداثي، هو البوصلة في تأييد أو رفض حدود تلك الحرية ومجمل الحريات الإنسانية الأخرى، وأن الفقه التاريخي ورجل الدين الفقيه التابع له يحددان، وفق فهم رجل الدين غير الحداثي للنص الديني وللحياة بشكل عام، نوع وحدود تلك الحرية. على هذا الأساس نجد أن التفسير الحداثي للحرية عادة ما يتناغم مع شؤون الحياة الراهنة ومتطلباتها وسلوكها وتطوراتها، في حين أن التفسير الديني التقليدي عادة ما يتعاكس مع شؤوننا، ويكون مزعجا ومكبلا للحريات وطاردا للإصلاح والإبداع والتغيير ومتفننا في صنع المطبات المعرقلة لمسيرة التطور.
فالخطاب الديني التقليدي الراهن، بمفسريه وأنصاره وأحزابه وحركاته، لايزال يعتبر "الآخر" الديني وغير الديني المختلف معه في تفسير النص والمخالف له في العقيدة، والذي يمثل أحد التحديات في حياتنا الراهنة، خارج مجال أي اعتراف، ومحل تسفيه وإلغاء. ورغم زعم بعض أنصار هذا الخطاب التزامه بمفاهيم الحداثة، مثل الديموقراطية والتعددية وحرية التعبير، فإن تلك المفاهيم عادة ما تجابه بادعاءات وتصرفات تنقض تلك المزاعم، ناتجة عن فهم تاريخي للنصوص الدينية وللعادات والتقاليد لا يتلاءم مع حياتنا الراهنة، ما تجعلها – أي المفاهيم - خالية من أي مضمون باستثناء الشعار. فالعلماني والملحد في هذا الخطاب كافران، والشيعي والاسماعيلي مرتدان، والسلفي ناصبي، والصوفي مشرك.. إلى آخر هذه الأوصاف والنعوت الدينية التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك ضيق الخطاب وعدم إيمانه بحرية الاعتقاد والتعبير. ومهما كانت درجة التأييد الموجودة في نصوص وروح الدستور الكويتي لأنشطة متعلقة بالاعتقاد والتعبير، فإن محصلة ذلك لدى أنصار الخطاب الديني هي عدم الاعتراف بالتعددية الثقافية والفكرية وعدم الإيمان بحرية الاعتقاد. فبعض أنصار الخطاب الديني التقليدي يتغنى بإيمانه بالديموقراطية والتعددية وبحرية التعبير، ومنهم نواب في مجلس الأمة ممن يطرحون رؤى لتقنين التعددية السياسية، لكنهم يجهلون – أو يتجاهلون – أن التعددية السياسية لا يمكن أن تقوم لها قائمة من دون أن تسبقها التعددية الثقافية والفكرية. بعبارة أخرى فإن نواب مجلس الأمة لا يملكون المقومات في أن يكونوا انعكاسا لمجلس ديموقراطي من دون امتلاك المقومات الرئيسية التي تستند إليها الديموقراطية، ويأتي على رأسها الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وفق النظرة الحداثية لا النظرة الدينية التقليدية. ففهم الإسلاميين قاطبة للدين الإسلامي باعتباره منهج حياة، قائم على "لاهوت التسلط والاستبداد" أو الهيمنة والإلغاء، أي اللاهوت التاريخي الذي لايزال يرفض مفاهيم بديهية تتكئ عليها الديموقراطية وتستند إليها الحداثة. فالآخر الديني أو الليبرالي أو العلماني أو الملحد لايزال مرفوضا في الخطاب الديني التقليدي. والأنثى لا تزال إنسانا من الدرجة الثانية في مقابل الذكر الذي يحتل منصبا وصائيا، بما جعله قيّما عليها ومهيمنا على أمورها ومتسلطا على شؤونها، وبالتالي مهين لدرجتها في الإنسانية، وآخر الأدلة الكويتية على ذلك القانون المعيب الذي أصدره مجلس الأمة بمنع عمل المرأة بعد الساعة الثامنة مساء. فهل تلك الوصاية تتقاطع مع الديموقراطية؟ وهل مثل تلك القوانين تتماشى مع الحداثة؟.
ولو تمعنّا في الرؤية الدينية، وبالذات السلفية، للحقوق السياسية للمرأة في الكويت، سنجد أنها رؤية سماوية جازمة مرتبطة باحتكار تفسير "الحقيقة الدينية" من خلال استنادها إلى صريح النقل، حيث ترفض أي رؤية تفسيرية (دينية أو غير دينية) مغايرة لها، لأن تلك الرؤية المغايرة تسير في الضد لما جاء في تفسير "الحقيقة" وطرح النقل، وبالتالي سيصبح الأخذ بها معصية دينية ومخالفة صريحة لأوامر الباري. فهل يمكن إيجاد تفسير مناهض للديموقراطية والتعددية أكثر من هذا التفسير، الذي لايزال أنصاره يستحوذون على كراسيهم في مجلس الأمة، حيث لو كنت مكانهم لقدمت استقالتي من المجلس خوفا مما يسمى بـ"المعصية".
إن موقف أنصار الخطاب الديني التقليدي من قضايا عديدة من ضمنها الموقف من حقوق المرأة السياسية والاجتماعية، دليل على عدم إيمانهم بالمفهوم الحديث لحقوق الإنسان، وعدم اهتمامهم به إلا في الحالات التي تتحقق لهم مصلحة من ورائها. فالعلاقة الوحيدة التي تربط الخطاب الديني التقليدي بمفهوم حقوق الإنسان هي علاقة فعل ورد فعل. أي أن الخطاب، بسبب استناد فقهه إلى الثقافة التاريخية التي لم تكن تعرف المفهوم وفق صورته الراهنة، لا يستطيع أن يخلق ثقافة عامة وحديثة لحقوق الإنسان. لذا من الطبيعي ألاّ نجد في مشاريع الخطاب الديني اهتماما رئيسيا بقضايا حقوق الإنسان، وإنما اهتمام ثانوي تقتضيه المصلحة أكثر من المبدأ. فلا نجد من تنظيمات ذلك الخطاب ومن أفراده المستقلين اهتماما بخلق وإنشاء مؤسسات للدفاع عن حقوق عامة البشر وفي مختلف مجالات الحياة. كذلك لا نجد نائبا إسلاميا في مجلس الأمة ومن المنتمين إلى لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان قد قام بتبني قضية إنسانية مجردة من صفتها الإسلامية أو الطائفية، بما لا ترتبط بمصالح خاصة أو تتعارض مع فتوى منبثقة عن الفقه، وهو ما يترتب عليه كم كبير من التناقضات في مواقف هؤلاء النواب. فالخطاب الديني التقليدي لايزال في خصومة معه، ومن غير المعقول ادعاءه احترام مفهوم حقوق الإنسان ودفاعه عن قضاياه، في حين أنه لا يزال ينتهك حقوق الفكر والتفكير تحت مسمى الارتداد، وحقوق المرأة تحت مسمى قوامة الرجل وولايته، وحقوق غير المسلم تحت مسمى الذمي والكافر، ويمارس الإرهاب وقتل المدنيين تحت مسمى الجهاد. فإلى حين إعادة النظر في ذلك الخطاب والسعي إلى إصلاحه وتغييره لا يمكن التوصل إلى صلح مع الحداثة.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القانون المعيب لعمل المرأة.. كيف نغيّره؟
- بين المقدس.. وفهم المقدس
- مفاهيم دينية لا تتوافق مع الديموقراطية
- الدين.. والحداثة
- هل انتهت معركة المرأة؟
- الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع
- الحجاب الإسلامي.. من عرضيات الدين
- الدبلوماسية تؤتي أكلها بين طهران وواشنطن
- من أجل دين يرفض الوصاية على العقل
- حول انفتاح الديمقراطيين على طهران ودمشق
- الدين ضحية لصراع -الهوية- السني الشيعي
- تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته
- تأشيرة نجاد تزيد عزلة ايران
- عصر البدعة.. لا التبعية والتقليد
- الحداثة والتفسير الغيبي.. والتقليد
- . الفقهاء ورجال الدين مساهمون نشطون في تخلف المجتمعات
- لماذا يعارض الفقهاء التجدد؟
- الحب العنيف.. المتطرف
- الدين حينما يكون غير إنساني
- الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاخر السلطان - الفقه.. والحرية والحداثة