|
الكونفدرالية؟ لا نريد الحديث حولها، ونرفضها للأسباب التالية!
باتر محمد علي وردم
الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 09:40
المحور:
القضية الفلسطينية
إتتشرت في الأيام الأخيرة التعليقات والكتابات حول إعادة إحياء "الخيار الأردني" والكونفدرالية مع الضفة الغربية إستجابة إلى الإنقلاب الذي قامت به حماس وتم بموجبه فصل الضفة الغربية عن غزة وتناقص احتمالات قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وقد جاءت بعض المؤشرات لتدعم هذا الموقف ومنها تقارير من الضفة الغربية تتحدث عن واقعية الحل الأردني بديلا عن فوضى السلاح والحصار الإسرائيلي إضافة إلى النشاط الذي يقوم به رئيس الوزراء السابق عبد السلام المجالي لجمع شخصيات فلسطينية وأردنية وإسرائيلية للحوار حول الكونفدرالية. ولكن في الواقع فأن الدولة الأردنية قد حسمت موقفها في هذه القضايا منذ فترة طويلة من خلال عدة تصريحات للملك ترفض الكونفدرالية رفضا مطلقا في الوقت الحالي وقبل قيام الدولة الفلسطينية، ولكن البعض لا يزال يريد إستعادة أشباح الخيار الأردني. لا يحتاج الأمر إلا إلى عودة بحثية سريعة لأرشيف اللقاءات والتصريحات والخطابات التي ألقاها الملك عبد الله في السنوات الست الماضية على الأخص ليعرف المرء أن الموقف محسوم بالفعل ولكن الذاكرة الضعيفة والمحاولات المستمرة للضغط على الأردن لاتخاذ موقف مؤيد للكونفدرالية والوطن البديل تجعل بعض القوى الداخلية والخارجية تحاول طرح هذه الأوهام من جديد. ما قاله الملك عدة هو أنه لا حديث حول الكونفدرالية قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي هي أيضا هدف إستراتيجي أردني، وبعد ذلك يصبح القرار المستقبلي مرهونا بخيار الشعبين الأردني والفلسطيني. رؤية واضحة وبسيطة وصريحة تؤيدها الغالبية العظمى من الشعبين الأردني والفلسطيني وتؤكد صحتها كل المؤشرات والمرتكزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبالنسبة لكل شخص يحمل على رأسه أذنين وعينين وفي داخل رأسه عقل قابل للاستخدام فإن هذا الموقف الأردني غير قابل للتأويل أو إساءة التفسير ولا يمكن إعتبار أية محاولة للتشويش على هذا الموقف سواء من ناحية إفتعال تصريحات سرية أو العمل على نشر فكرة الكونفدرالية بمبررات سياسية مثالية إلا نوعا من التضليل غير المقبول. وبالنسبة للاجئين كان الملك ايضا صريحا في موقفه المتعلق بالحق الشرعي الدولي للاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض معا، وهذا حق فلسطيني وهدف استراتيجي أردني لا يمكن التخلي عنه خاصة أن الجنسية الأردنية لا تلغي اي حق في العودة والتعويض. رئيس الوزراء قدم في مخيم الوحدات قبل أسبوعين تفاصيل تنفيذية أخرى وبالغة الأهمية حيث أكد بأن حق المواطن الأردني حامل الجنسية سيبقى مصانا حتى يحدد بنفسه رغبته في البقاء مواطنا أردنيا أو في الدولة الفلسطينية القادمة مع احتفاظه بكامل حقوقه الاقتصادية. البخيت أكد بأن حق التعويض هو حق فردي لكل شخص ولكن الدولة سوف تتمسك به ولن تتخلى عنه، وأنه لا تراجع عن قرار فك الإرتباط ولا مجال للحديث عن الكونفدرالية بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. مرة أخرى موقف أردني واضح معلن من رئيس الحكومة وهو لا يختلف أبدا عن كل الممارسات العملية التي تحدث مما يؤكد جدية هذا الموقف، خاصة أن الرئيس أعلن ايضا في الوحدات أن الحالة الخصوصية لوضع المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني تحتم إحداث التوازن ما بين الحفاظ على حقوق المواطنة الكاملة وفي المقابل الحفاظ على "الوضع الإستثنائي" في عدم إمكانية التوطين الذي سيلغي كافة الحقوق التاريخية في فلسطين، وهذه معادلة معقدة وصعبة وقد خلقت ظروفا قد تكون قاهرة للبعض ولكن من الضروري التعايش معها من خلال ضمان كافة حقوق المواطنة من جهة وضمان الأوضاع القانونية المناسبة للعودة والتعويض عندما يحين الأوان. الرفض شبه التام للكونفدرالية في الأوساط الأردنية والفلسطينية العامة له دوافعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخاصة التي تتعلق بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ولا يوجد في الواقع إلا بعض الشخصيات السياسية البعيدة عن الهم اليومي وبعض التنظيمات الحزبية التي تعتبر أن الأردن هو "أرض حشد ورباط" وليس دولة مستقلة التي تدعو إلى الكونفدرالية سواء بشكل واضح أو مستتر. ولكن من المفيد التذكير بخمسة اسباب رئيسية لرفض الكونفدرالية:
1- الكونفدرالية قبل إقامة الدولة الفلسطينية هي مصادرة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وربما تؤدي إلى الإنهاء التام لفكرة الدولة الفلسطينية وهذا ليس ابدا في صالح الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني كما يتعارض ذلك مع كل القرارات الدولية وقرارات الجامعة العربية ويلغي حق العودة والتعويض نهائيا. 2- الكونفدرالية هي مدخل لمساعدة إسرائيل على التنصل من التزاماتها الدولية ويحمل الأردن عبء حل القضية الفلسطينية ما يؤدي في النهاية إلى دعم الوطن البديل والحل الأردني كما يريده متطرفو اليمين الإسرائيلي. 3- الكونفدرالية ستؤدي إلى تجميد تام لمسيرة التنمية السياسية والاقتصادية في الأردن إذ ستجعل الأولوية لدمج الأرض والشعب الفلسطيني في نظام سياسي موحد يسوده الهاجس الأمني وضعف التنمية وسوف يعطل من نمو الحركات والأحزاب الوطنية الأردنية وبرامجها الموجهة للتنمية السياسية في الأردن، لأن "دولة الكونفدرالية" من الصعب جدا أن تكون ديمقراطية. 4- لا زالت التيارات السياسية في فلسطين منقسمة حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية. القيادة السياسية في فتح وبعض الشخصيات المستقلة تؤمن بحل الدولتين، بينما بعض التنظيمات العسكرية في فتح والجبهات اليسارية وحماس والجهاد الإسلامي لا تزال غير واضحة في مدى قناعتها بهذا الحل ورغبتها الحقيقية في تجاوز هذا الإطار إلى التحرير الكامل للأراضي المحتلة في العام 1948. وإذا كانت الدولة الأردنية تتناسق في رؤيتها مع قيادة فتح فإن هناك اختلافات هائلة وجوهرية مع التنظيمات الأخرى مما يجعل الدولة الأردنية في حالة صدام مع تنظيمات سياسية فلسطينية لها رؤيتها المختلفة ستكون جزءا من دولة الكونفدرالية 5- بعد قرار فك الإرتباط في العام 1988 وبعد الإنتفاضتين الفلسطينيتين نشأ جيل جديد في الشعب الفلسطيني يتميز بالحس العالي للمقاومة والطموحات والآمال الهائلة في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وقدم هذا الجيل الكثير من التضحيات من أجل تحقيق هذا الطموح ولن يرضي بكونفدرالية مع الأردن لأن هدفه الرئيسي هو الدولة الفلسطينية. كما أن هذا الجيل إضطر وبسبب العدوان الإسرائيلي المستمر إلى الإحتكام للسلاح وتم إنشاء العديد من التنظيمات والفصائل المسلحة المختلفة والمتباينة في توجهاتها إلى درجة المواجهات المسلحة وهذا ما قد يجعلها في حالة مواجهة تشبه الكابوس مع الأجهزة الأمنية الأردنية في حال تمت الكونفدرالية وأصبحت أجهزة الأمن الأردنية مطالبة بتحقيق الاستقرار الأمني، وهذا السيناريو واقعي جدا ولكنه وصفة للكارثة ولا يمكن أبدا القبول به أو الترويج لحدوثه تحت اي مبرر. فليكن موقفنا واضحا: لا نريد الحديث في الكونفدرالية الآن، والدعم كله موجه للقيادة والشعب الفلسطيني في إقامة الدولة المستقلة، وحق اللاجئين لا يمكن التنازل عنه. هذه ثلاث أسس للموقف الأردني تجاه الحل النهائي وهي واضحة تماما وغير قابلة لإساءة التفسير، إلا لمن يحمل موقفا مسبقا يريد إساءة التفسير أو دفع الشعبين الأردني والفلسطيني إلى حالة صراع لن تستفيد منه إلا إسرائيل.
#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تغطي قناة الجزيرة حدثا في الأردن
-
جدل الديمقراطية والإرهاب في الأردن: ما هي حدود حرية التعبير؟
-
امتحان لجدية الدولة الأردنية في الالتزام بحقوق الإنسان
-
الإعلامي الأردني...رهين الخمسة محابس!
-
قراءة في استطلاع الرأي العام اللبناني حول الحرب
-
مناهضة منتدى المستقبل بلغة الماضي في الأردن
-
الديمقراطية الاجتماعية: فكر يجمع الليبرالية السياسية مع العد
...
-
متى يصبح الأردن جاهزا لمحاربة إسرائيل؟
-
ساحة حرية في الأردن: هل نضحك على أنفسنا؟
-
مبادئ وأفكار حول -الجهاد المدني- ضد إسرائيل والإدارة الأميرك
...
-
بعد قانا: نهاية الإنسان العربي المعتدل!
-
أنا في حالة حرب مع إسرائيل
-
لماذا لا يتعلم حزب الله والشارع العربي الحكمة من سوريا؟
-
بروتوكولات حكماء الأخوان المسلمين
-
حكايتان من -التجربة الدنمركية-!
-
عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة
-
أسلحة العولمة في المواجهة الإسلامية- الدنمركية
-
السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!
-
ما هي السيناريوهات الأردنية بعد فوز حماس؟
-
التصويت لعجائب الدنيا السبع الجديدة: ثقافة أم تجارة؟
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|